تطورات أزمة أولمرت في اسرائيل

14-06-2008

تطورات أزمة أولمرت في اسرائيل

الجمل: حتى الآن ما زال رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت يصارع الضغوط المتزايدة التي أصبحت تأتيه من كل جانب بما في ذلك مساعدوه وأصدقاؤه المقربون وحلفاؤه السياسيون، وحالياً تشبه حالة أولمرت حالة قبطان السفينة التي تكاثرت فيها الثقوب وباتت المياه تدل إليها من كل صوب، فهل يستطيع أولمرت الحصول على قارب النجاة أم أنه يفضل البقاء والغرق مغرقاً معه سفينة كاديما؟
* أولمرت وورطة الوقوع في الشبكة:
يقول المحلل السياسي سمير صالحا البروفيسور في جامعة كوشاييلي بأن أولمرت الذي ولج عالم السياسة عندما عين في العام 1993م في منصب عمدة أورشليم (القدس)، ثم تم بعد ذلك انتخابه وزيراً للتجارة والصناعة بواسطة حزب الليكود الإسرائيلي بعد أن قضى عشر سنوات في العمل في مجال البلديات والمحافظات وبعدها انتقل إلى منصب رئيس الوزراء الإسرائيلي عندما داهم المرض إرييل شارون.
تورط أولمرت كغيره من المسؤولين الإسرائيليين في قضايا الرشاوى وغسيل الأموال والفساد والمحسوبية وغيرها من الجرائم التي تقع تحت طائلة القانون الجنائي العام. وبعد انكشاف هذه الجرائم بدأت الضغوط والعواصف التي وضعت أولمرت في مهب الريح بعد أن أصبح هدفاً مكشوفاً أمام تحقيقات الشرطة الإسرائيلية وتقارير الإدعاء العام، وبالمقابل ما زال أولمرت يرفض الانصياع وسيستمر في منصبه. هذا، وتشير التحليلات إلى أن أولمرت سيواجه على الأقل الإدعاءات والتهم التالية:
• استغلال منصب وزير التجارة والصناعة بتقديم الدعم لشريكه التجاري المحامي عوري ميزنر خلال الفترة من عام 2003م إلى 2005م.
• استغلال نفوذه السياسي عندما كان وزيراً للمالية في العام 2005م والدفع باتجاه دعم أصدقاءه في صفقة بيع أسهم الأغلبية في بنك «لاعومي» بما أدى إلى وقوع ثاني أكبر بنك إسرائيلي في قبضة أصدقاء أولمرت.
• المسؤولية عن سوء الممارسات في العمليات التي تعلقت بشراء أحد المنازل في شارع سريميو الذي يعتبر الشارع الأكثر شهرة في القدس بما أدى إلى استحواذ أولمرت خلال فترة توليه منصب عمدة القدس على المنزل مقابل مبلغ ضئيل جداًَ.
• ممارسة أولمرت للتحيز والمحاباة في تعيين المقربين له من أجل تمديد سيطرته على المناصب الهامة في مؤسسات الضرائب معتمداً في ذلك على دفع مستشارته السابقة سولا زاكين واستخدامها كغطاء لتحركاته، وقد ترتب على ذلك أن استطاع أولمرت أن يدير شبكة من العناصر داخل أجهزة ومؤسسات الضرائب بما مكنه من تشكيل "خلايا سرية" تعمل على غرار جماعة المافيا لجهة ابتزاز التجار وأصحاب العمل ومنشآت القطاع الخاص الإسرائيلي.
* أولمرت: استراتيجية الأمل في الخروج من الشبكة:
نجح بنيامين نتينياهو وبقية ذئاب الليكود في الإيقاع بإيهود أولمرت الذي سبق أن كان في الليكود ولكنه تنكر له بعد أن صعد للمناصب العليا وحاول أن يركب الموجة. وتنظر الأوساط السياسية الإسرائيلية والعالمية بالكثير من الدهشة والاستغراب لمحاولات أولمرت الإبقاء على مكانته السياسية كرئيس للوزراء ورئيس لحزب كاديما.
تكتيكات أولمرت تضمنت حتى الآن التحركات والمناورات الآتية:
• اللجوء إلى أنقرة لتحريك ملف المحادثات الإسرائيلية – السورية لرفع شعبيته في أوساط المؤسسة العسكرية التي يؤيد ضباطها وعناصرها المحادثات والتفاوض مع سوريا.
• الذهاب إلى الولايات المتحدة ومطالبة صقور الإدارة الأمريكية بضرورة التحرك لوضع حد حاسم للبرنامج النووي الإيراني من أجل رفع شعبيته في أوساط اليمين الإسرائيلي الذي تتزعمه المؤسسة الدينية الإسرائيلية التي يتزعمها الليكود الإسرائيلية والأحزاب الإسرائيلية الصغيرة.
• دعم عملية توسيع المستوطنات بما يؤدي إلى رفع شعبيته في أوساط المستوطنين الإسرائيليين.
• محاولة الحفاظ على زخم عملية السلام مع الفلسطينيين بالدفع باتجاه عدم انهيارها لرفع شعبيته في أوساط اليسار الإسرائيلي وأنصار حلم أنابوليس.
• التلميح بإمكانية إحياء محادثات السلام مع لبنان لرفع شعبيته في أوساط المؤسسة السياسية الإسرائيلية.
• محاولة إقناع زعيم حزب العمل وزير الدفاع إيهود باراك بأنه سيسانده في الوصول إلى منصب الرئيس الإسرائيلي في الانتخابات الرئاسية القادمة ويهدف أولمرت من وراء ذلك إلى قطع الطريق على احتمالات نشوء أي تحالف بين باراك وليفني أو بين باراك وموفاز.
وتقول التحليلات بأن أولمرت إذا نجح في استقطاب إيهود باراك إلى جانبه فإنه يكون قد قطع الطريق على صعود خصميه تسيبي ليفني وشاؤول موفاز لأن حزب كاديما يهمّه الآن أمر استمرار التحالف مع حزب العمل وهو التحالف الذي سيؤدي انهياره إلى انهيار حكومة كاديما.
عموماً تشير المعلومات والتحليلات إلى أن الأزمة السياسية الإسرائيلية لم تعد أزمة داخلية فقط وذلك بسبب تفاعل البنية السياسية الإسرائيلية الداخلية مع البنية السياسية الإسرائيلية الخارجية:
• البيئة السياسية الخارجية لن يستطيع أولمرت السيطرة عليها وبالذات في أمريكا، لأن بنيامين نتينياهو حليف المحافظين الجدد واللوبي الإسرائيلي المفضل هو اللاعب الأكثر تأثيراً.
• البيئة السياسية الداخلية، مصير سيطرة أولمرت عليها يتوقف على عاملين:
* السيطرة على الإعلام الإسرائيلي إضافةً إلى ضرورة المحافظة على تحالفه مع حزب العمل.
* السيطرة على البنية المؤسسية الإسرائيلية عن طريق شبكات الفساد المتغلغلة داخل الأجهزة الإسرائيلية.
وعلى هذه الخلفية فإن أولمرت ما زال يبدو واثقاً من نفسه، وعلى ما يبدو فإن مصدر هذه الثقة يتمثل في "دولة الظل" التي استطاع أولمرت بنائها داخل الأجهزة الإسرائيلية لأن كل مافيات إسرائيل تتجمع خيوطها عند أولمرت وهو يعرف كيف يديرها لإنقاذ نفسه وجعل هذه الشبكات تفهم بأنه وطالما أنها متورطة معه فهو لن يسمح بأن يكون الضحية الوحيدة!!

 


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...