توازنات القوى في انتخابات إقليم كردستان العراقي
الجمل: بدأت صباح اليوم في إقليم كردستان العراقي الجولة الانتخابية الحاسمة لاختيار الرئيس والبرلمان الجديد، وتقول المعلومات أن هذه الانتخابات تشهد إقبالاً متزايداً بسبب العديد من العوامل المحلية والإقليمية والدولية.
* أطراف الصراع الكردستاني:
ظلت الساحة الكردية العراقية مسرحاً تقليدياً للصراع بين الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه حالياً الملا مسعود البرزاني الذي يتولى منصب رئيس إقليم كردستان، والاتحاد الوطني الكردستاني الذي يتزعمه جلال الطالباني الذي يتولى منصب الرئيس العراقي، هذا وتشير التقارير إلى أن الصراع الحالي لم يعد يدور بين هذين الطرفين التقليديين، وإنما يدور بين تحالف البرزاني – طالباني في مواجهة تحالف قائمة التغيير. وتقول المعلومات أن نوشروان مصطفي نائب جلال طالباني رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني قد سعى بعد انشقاقه عن طالباني إلى تجميع تحالف كبير فضفاض، كما استطاع من خلال سيطرته على شركة إعلامية كردية عملاقة من التأثير في توجهات الرأي العام الكردي وتأليبه ضد تحالف الطالباني – البرزاني.
إضافة لقائمة التغيير التي يتزعمها مصطفي، توجد أيضاً أربعة أحزاب كردية صغيرة تسعى من خلال خوض الانتخابات إلى تعزيز موقفها ورفع عدد مقاعدها في البرلمان الجديد، وتضم هذه الأحزاب الأربعة: حزبين إسلاميين هما الاتحاد الإسلامي الكردستاني والجماعة الإسلامية الكردستانية، وحزبين يساريين هما الحزب الاشتراكي الديمقراطي الكردستاني وحزب الكادحين الكردستاني المستقل.
* أجندة الصراع الكردي – الكردي العراقي:
خلال فترة صراع البرزاني – الطالباني كانت الخلافات الكردية تدور بين منظور التيار النخبوي الذي يمثله الاتحاد الوطني الكردستاني (الطالباني) والتيار القبلي الذي يمثله الحزب الديمقراطي الكردستاني (البرزاني)، ولكن الطرفين تحالفا على خلفية غزو العراق وقيام إقليم كردستان والحكومة العراقية التي نصبتها سلطات الاحتلال الأمريكي، وأصبح تحالفهما هو المسيطر الأول حيث نجحا في الوصول إلى صيغة تضمن لهما اقتسام السلطة والثروة، ولاحقاً وبعد تزايد تورط رموز هذا التحالف في الفساد وقمع المعارضة الكردية والتورط في التحالف مع تركيا وترك حزب العمال الكردستاني التركي وحده في مواجهة الآلة العسكرية التركية بدأت تظهر المزيد من المعارضة والسخط والرفض في أوساط الرأي العام الكردي العراقي لممارسات هذا التحالف.
بدأت الخلافات داخل الاتحاد الوطني الكردستاني وواجه زعيمه الرئيس العراقي جلال الطالباني المزيد من المتاعب وترتب على ذلك خروج نائبه مصطفي ومعه العديد من العناصر ولما كان نوشروان مصطفي يملك واحدة من أكبر الشركات الإعلامية في كردستان فقد نجح في شن حملة إعلامية ضد تحالف البرزاني – الطالباني مما عزز نفوذه وأدى إلى سطوع نجمه في الساحة الكردية كمنافس لتحالف البرزاني – الطالباني. أما الخطوط العامة للشعارات التي ترفعها قائمة التغيير التي يتزعمها نوشروان مصطفي فيمكن إجمالها في ثلاثة:
• القضاء على الفساد.
• تحقيق الشفافية الكاملة.
• تحقيق المحاسبة والمساءلة الكاملة.
وتشير التقارير إلى أن تحالف البرزاني – الطالباني يطرح حالياً شعار ضرورة وحدة الرأي العام الكردي العراقي من أجل إنفاذ الدستور الكردستاني الذي يتضمن ضم كركوك والموصل إضافة إلى تحقيق المزيد من الاستقلالية لحكومة الإقليم.
* توازنات القوى في المسرح الكردي العراقي:
تقوم السلطة في إقليم كردستان على وجود برلمان يمثل السلطة التشريعية الإقليمية ويتضمن 111 عضواً، وتشير التوقعات إلى أن توازن القوى سيتغير بشكل طفيف في البرلمان الجديد وبرغم أن تحالف البرزاني – الطالباني سيحصل على الأغلبية فإن عدد مقاعد هذا التحالف ستنخفض وبالمقابل ستزداد مقاعد قائمة التغيير بشكل طفيف لا يتيح لزعيمها مصطفي الحصول على الأغلبية البرلمانية.
أما بالنسبة لمنصب الرئيس فتقول التوقعات بأن مسعود البرزاني سينجح في الحصول على ولاية رئاسية جديدة ولكن بأغلبية أقل نسبياً إضافة لذلك فمن المتوقع أن تحدث المزيد من الخلافات لاحقاً حول توزيع الحقائب الوزارية، وتجدر الإشارة إلى أن مجلس وزراء إقليم كردستان يتضمن 30 حقيبة وزارية وهو عدد كبير مقارنة بحجم الإقليم وحجم موارده السياسية والاقتصادية وعلى ما يبدو فإن الرغبة في توزيع الحقائب الوزارية واقتسام السلطة والنفوذ بين القوى السياسية والعشائر هو السبب الرئيس وراء هذا العدد الكبير من الوزارات.
تشير التوقعات إلى أن الخلاف القادم داخل تحالف الطالباني – البرزاني سيكون حول نسب توزيع الحقائب الوزارية وبسبب التوقعات القائلة أن نسبة أصوات ومقاعد الاتحاد الوطني الكردستاني ستنخفض هذه المرة مقارنة بأصوات ومقاعد الحزب الديمقراطي الكردستاني فإن البرزاني يسعى إلى منح جلال الطالباني عدداً أقل من المقاعد وذلك على خلفية سعي البرزاني المتوقع لإدخال عناصر قائمة التغيير داخل مظلة الائتلاف الحكومي الجديد ومن الواضح أن البرزاني يسعى لضم نوشروان مصطفي وعناصره إلى الائتلاف الحاكم من أجل تحقيق الأهداف الآتية:
• إضعاف نفوذ الطالباني والاتحاد الوطني الكردستاني عن طريق دعم المنشقين عن الطالباني.
• توريط نوشروان مضطفي وعناصر قائمة التغيير في الحكومة الجديدة بما يضم عدم وجود أي قوة معارضة حقيقية في الشارع الكردي.
• تنويع التحالفات داخل حكومة الإقليم وبرلمان الإقليم بما يتيح للبرزاني القيام بالمزيد من المناورات داخل العملية السياسية الكردية.
وتشير الوقائع إلى أن سعي البرزاني إلى توحيد القوى السياسية الكردستانية العراقية تحت قيادته يهدف على المدى البعيد إلى الاستعداد لاحتمالات المواجهة الممكنة إذا انسحبت القوات الأمريكية من العراق وبالتالي فإن توحيد هذه القوى السياسية من وجهة نظر مسعود البرزاني هو السبيل الوحيد لإبقاء قوات البشمركة موحدة تحت قيادته خلال الفترة القادمة التي ستشهد احتمالات النزاع المسلح مع الأطراف العراقية الرافضة لضم كركوك والموصل إلى إقليم كردستان العراق.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد