جامعة الفرات نحو التعافي
لم تكتمل فرحة إسماعيل محمد الحسن بقبوله طالباً في كلية العلوم في جامعة الفرات (دير الزور) في العام 2013. يستذكر إسماعيل كيف حاصر تنظيم «داعش» المدينة، فقسّمها إلى قسمين، ومنع طلاب الأحياء الخاضعة لسيطرته من الوصول إلى كلياتهم. يقول الشاب لـ«الأخبار» إن «المرسوم (رقم 253) الذي اعتبر فترة انقطاع الطلاب بين عامي 2011 و2017 غير محسوبة من الحياة الجامعية، كان بمثابة العودة إلى الحياة من جديد».
حرب ضد الجامعة!
تتوزع كليات جامعة الفرات على رقعة تقارب ثلث مساحة سوريا (25 كلية موزعة على الحسكة والرقة ودير الزور)، ويزيد الأمر صعوبة تناثر المدن والبلدات في تلك المحافظات، ما ضاعف معاناة الطلاب والكادر العلمي والتدريسي. كذلك، دفعت ظروف الحرب إدارة الجامعة إلى إيقاف التسجيل في كليات الطب البشري، والأسنان، والصيدلة، وقسم الآثار في كلية الآداب بالحسكة، بسبب تعثر وصول الكادر العلمي إليها لإتمام التعليم. وأدت الحرب إلى تعثر وصول أكثر من 80% من أعضاء الكادر التدريسي إلى كلياتهم، بسبب خروج مدينة الرقة عن سيطرة الدولة السورية، ومحاصرة دير الزور، مع استحالة الوصول براً إلى مدينة الحسكة.
شهدت أعداد الطلاب انخفاضاً تدريجياً، منذ بداية الحرب. وبحسب إحصاءات شبه رسمية، فإن عدد الطلاب في العام 2011 تجاوز 50 ألفاً، قبل أن ينخفض إلى ما دون 35 ألفاً، في العام 2015. في العام الحالي ارتفع عدد الطلاب المسجلين في «الجامعة» إلى أكثر من 40 ألف طالب، وتقدم إلى امتحانات الفصل الأول في دير الزور 7481 طالباً، بعد أن كان الرقم 2418 طالباً فقط، في العام الماضي. يؤكد رئيس الجامعة، جاك مارديني، أن «الجامعة استندت إلى المرسوم لتسوية أوضاع الطلاب المنقطعين، وأعادت أكثر من تسعة آلاف طالب إلى مقاعد الدراسة، والأعداد في تزايد مستمر».
يتحدث مارديني عن خطة شاملة تتضمن «إعادة افتتاح الكليات والأقسام التي أغلقت بسبب الحرب، بشكل تدريجي، مع ترميم الكادر التدريسي والإداري، من خلال مسابقات سيتم الإعلان عنها قريباً، لتوفير الكوادر العلمية المناسبة للجامعة».
يؤكد مارديني أن الجامعة تعمل على «تحسين واقع مبانيها والتوسع فيها، مع ترميم المقار والمخابر العلمية والمكتبات». ويكشف عن «مساعٍ للاستفادة من خبرات جامعات الدول الصديقة، لتطوير العلاقات معها، بما ينعكس علمياً على الجامعة وطلابها».
كليات دير الزور... موت مع وقف التنفيذ
كان الوصول إلى مبنى كليتي التربية والآداب في دير الزور، خلال الحصار، مغامرة خطرة. تموضع الكليتين على بعد 10 كلم عن مركز المدينة، بملاصقة منطقة البانوراما (مدخل المدينة من جهة دمشق)، جعلهما هدفين دائمين لقذائف «داعش» ورصاصه، وأدى إلى عزوف بعض الطلاب المحاصرين في المدينة عن تقديم امتحاناتهم الجامعية في تلك الظروف. تروي مؤمنة، الطالبة في كلية التربية، أن تعرض الكلية لقصف المسلحين، خلال تقديمها الامتحان في العام 2016، أدخل الخوف إلى قلبها. وتقول «هجرت الجامعة، حتى تحررت المدينة، وانتهى كابوس الإرهاب».
الرقة... الغائبة الحاضرة
بعد سقوط مدينة الرقة في أيدي المسلحين (عام 2013)، أغلقت الجامعة كل الكليات التابعة لها في المدينة، وأتاحت أمام الطلاب فرصة إتمام تعليمهم في أي كلية مماثلة لاختصاصهم، في أقرب مدينة يمكن الوصول إليها. لم يستسلم الكثير من طلاب الرقة للواقع الجديد، والتحقوا بكليات حماة والحسكة ودمشق وحلب، مع صعوبة وصول آخرين إلى تلك الكليات. تقول الطالبة في كلية الهندسة المدنية، ابتسام، «لم أستسلم، تقدمت إلى الامتحانات في دير الزور ومن ثم دمشق فالحسكة، وأصبحت الآن طالبة في السنة الخامسة»، فيما تؤكد ريم سليمان الجاسم، الطالبة في كلية الهندسة المدنية بالرقة، أن «كل محاولات الوصول إلى الحسكة لتقديم الامتحانات خلال فترة سيطرة داعش على الرقة فشلت، بسبب محاربتهم التعليم»، وتشبّه الوضع الراهن بـ«مطاردة حلم كاد يتلاشى، لكنه يقترب اليوم من التحقق بعد طرد الإرهاب من مدينتنا الرقة».
الأخبار -أيهم مرعي
إضافة تعليق جديد