جديد ثقافة السطو الإسرائيلية: فرقة روك تقرصن أغاني فيروز
كما الأوطان، والتراث، والتاريخ، تسعى "إسرائيل" لالتهام الفن العربي وسرقته، وترويجه للعالم على أنّه صناعة إسرائيليّة. سطوٌ مُنظّم بدأ بفلسطين، مروراً بلبنان، ولم يتوقّف بعد! الجديد في هذا الميدان، ما تقوم به فرقة إسرائيليّة تُدعى "توركيز" ، إذ أنّها تعمل على تحويل بعض أغاني السيّدة فيروز إلى العبريّة، وأدائها في حفلاتها. وطرحت الفرقة بعضاً من تلك الترجمات عبر صفحتها الرسمية على "يوتيوب" ، كما تمّ عرضها على التلفزيونات الإسرائيلية، إلى جانب الترويج لها عبر صفحة "إسرائيل تتكلّم بالعربيّة" التابعة لوزارة خارجيّة العدوّ بحسب الصفحة المذكورة "تطلق فرقة "توركيز" (ومعناها حجر الفيروز) مشروعاً إلكترونياً مميزاً هو الأول من نوعه، يضمّ تسجيلات مترجمة لأغاني الفنانة اللبنانية الأسطورة فيروز. وتتصدّر المشروع أغنية "سألوني الناس" واسمها المترجم للعبرية "شاءلو أوتي".
هذه ليست المرّة الأولى التي يُطلق فيها فنّانون إسرائيليّون العنان لشهيّتهم على سرقة وتشويه الأغاني العربيّة، خصوصاً أعمال فريد الأطرش وأم كلثوم، اللذين أصبحا جزءاً من "الثقافة الموسيقية الإسرائيلية"، من دون إذن ولا دستور. فمنذ السبعينيات حتى اليوم، تتراكم حالات الاستيلاء الإسرائيليّة على الموسيقى العربيّة، إذ أنّها لم تقتصر فقط على كوكب الشرق، بل طالت أغاني أخرى لإليسا ونانسي عجرم وغيرهما، إلى جانب أغانٍ لاقت رواجاً في الأعراس مثل "تيرشرش" و"دقّ الماني". وأحدث السرقات قيام أحد المغنين الإسرائيليين بأداء أغنية "الغربة" لفارس كرم بالعبريّة، وتصويرها على طريقة الفيديو كليب.
الخطير هذه المرّة، أنّ الإسرائيليين لم يعودوا مُجرّد ناقلين للأغاني من العربيّة إلى العبريّة، إذ تُخطط فرقة "توركيز"، لإصدار ألبوم غنائي، يضمّ ترجمتها لأغاني صاحبة "زهرة المدائن". وتعمل الفرقة على إعادة توزيع أغاني فيروز، بأسلوب يدمج الروك مع اللحن الأصلي المسروق.
ألهمت السيّدة فيروز الكثير من الفنّانين حول العالم، ما جعلهم يُجدّدون أعمالها، ويترجمونها لأكثر من لغة. لكن وبالحديث عن الإسرائيليين، فإنّهم يتعمّدون السرقة، خصوصاً أنّه ليس من الوارد حصولهم على حقوق أداء الألحان.
نشأت فرقة "توركيز" العام 2012، علي يد المغنية وعازفة الناي داليت فريدمان، وعازف الغيتار آورن اليعزري، وتضمّ الفرقة في عضويتها عازف الكونترباص عوديد أدار، ولاعب الطبلة وروبي بن عزرا. ذلك ما ورد في تدوينة نشرتها صفحة "إسرائيل تتكلم بالعربية" على موقع "فايسبوك"، تحت عنوان "الثقافة العربية تواصل تغلغلها في الثقافة العبرية"، ولاقت ردود فعل مُتباينة. فمن بين المعلّقين على التدوينة من اتهم "إسرائيل" بسرقة التراث والفن العربي، ومنهم من اعتبر أنّ الأمر مُجرّد "نقل واندماج بين الثقافتين"، وآخرون سخروا من الفرقة، وطالبوها بترجمة أغنيتي "زهرة المدائن" و"الغضب الساطع آت". وكتب أحد المعلّقين: "لا أظن أنّ فيروز ستكون فخورة بأن إسرائيلياً يغني لها، وهي من قدّم لفلسطين أجمل الأغاني". في حين علّق آخر، موجها كلامه للمسؤولين عن الصفحة: "شكراً لأنّكم تحبّون بلدنا، بحبك يا لبنان".
يتوهّم الإسرائيليّون أن ما يُسمونه "التقارب الثقافي" مع العرب، "يُبشّر خيراً للمنطقة"، ويدلّ على استعداد الصهاينة "للاندماج مع الجوار، ولو جزئياً"، كما ورد على صفحة "إسرائيل تتكلّم بالعربيّة". وبالرغم من المحاولات "الفرديّة" للتصدّي للقرصنة الإسرائيليّة للفن العربي، إلّا أنَّها كلّها باءت بالفشل، بسبب غياب الرؤية الواضحة لمواجهتها، واستمرار الإسرائيليين بالسرقة على مرأى من الجميع.
ولا تكتفي "إسرائيل" بسرقة الأغاني العربية الشهيرة فحسب، بل تقوم باستنساخ كافة الأعمال الفنيّة من أغان ومُسلسلات وأفلام، وتُعيد بثّها عبر التلفزيون الإسرائيلي، بقشرة إسرائيليّة زائفة. ودأب الاحتلال منذ سنوات طويلة على سرقة الأعمال الدرامية المصرية وعرضها وإعادة تصدير الكثير منها لأوروبا وأميركا، مع تزويدها بالترجمة باللغة الإنكليزية أو الإسبانية، وتحقيق أرباح مالية عبرها.
جهاد أبو مصطفى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد