حكومة التناقضات في إسرائيل: تهدئة.. وتآمر مستمر

18-11-2014

حكومة التناقضات في إسرائيل: تهدئة.. وتآمر مستمر

بعدما بلغ التوتر ذروته بين مكونات الائتلاف الحكومي الإسرائيلي وارتفاع حدة الحديث عن انتخابات جديدة أو ائتلاف جديد، شرعت أطراف الخلاف في «النزول عن الشجرة» وإشاعة أجواء تهدئة. وقد تزايدت الخلافات مؤخرًا تقريبًا بين مكونات الحكومة المختلفة وداخل بعضها وخصوصًا «الليكود»، على خلفية سياسية واقتصادية واجتماعية.
وزاد قانون «القومية» الطين بلة، بعد ظهور ما يمكن اعتباره ائتلافات داخل الائتلاف تحاول مناكفة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أو عرقلة تحركاته.فلسطينيون يشيعون يوسف الرموني في الضفة الغربية أمس (رويترز)
وكانت الأيام الثلاثة الأخيرة قد شهدت ارتفاع نبرة التهديدات بالانسحاب من الائتلاف أو تقديم موعد الانتخابات أو تشكيل ائتلاف جديد يرتكز إلى الحريديم. وأمس الأول، كان ذروة الألاعيب والتهديدات، ولكن أمس، بدأت محاولات خفض اللهيب من جانب كل من وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان ووزير المالية يائير لبيد ووزيرة العدل تسيبي ليفني. وبدا واضحًا للجميع أن أيًّا من أطراف الائتلاف غير معني حاليًّا بخوض انتخابات مبكرة، كما أن نتنياهو لا يملك ترف تفكيك الائتلاف الحالي وتشكيل بديل له.
وتحدث كل من ليبرمان ولبيد وليفني بأشكال مختلفة حول عدم وجود ائتلاف مناهض لنتنياهو داخل الحكومة، وأنه ليس في الوسع إيجاد ائتلاف جديد ولا خوض انتخابات مبكرة.

وأشار ليبرمان في اجتماع لكتلة «إسرائيل بيتنا» في الكنيست إلى وجود خيارين لا ثالث لهما أمام الائتلاف: البقاء كما هو أو انتخابات جديدة. وقال: «نحن نأمل أن يتمكن رئيس الحكومة والائتلاف من تدبر الأمر، وإيجاد حلول وسط، لأن التصعيد في التصريحات لا يفيد».

وفي نظره «فإنه في ضوء التحديات الأمنية والاقتصادية عندنا وفي المنطقة بأسرها، فإنني لا أوصي، من أجل مكاسب انتخابية، بإدخال الدولة في دوامة الانتخابات».

ومعروف أن بين أبرز الخلافات في الحكومة، قضايا الميزانية العامة وبعض القوانين مثل قانون «القومية»؛ فالخلاف حول الميزانية يتضمن في أساسه خلافات حادة حول ميزانية الدفاع إذ قادت الحرب الأخيرة على غزة إلى تراجع نسبة النمو لتغدو سلبية لأول مرة منذ خمس سنوات. كما أن الخلاف حول الميزانية يشمل مسألة تمويل الاستيطان على حساب الناخب الإسرائيلي في باقي المناطق.

ويثير قانون «القومية» خلافًا شديدًا بين الأحزاب اليمينية وتلك الليبرالية والعلمانية التي تخشى أن يمنح القانون أولوية لـ«يهودية الدولة» على حساب ديموقراطيتها، ما سيقود إلى الفاشية الداخلية في نظرهم.

وكانت مسألة القوانين قد خلقت ائتلافات غريبة في الحكومة، حيث مثلًا أفشل ائتلاف ضم «إسرائيل بيتنا» ليبرمان و«هناك مستقبل» لبيد و«حركة» ليفني مشروع قانون كان نتنياهو يريده وبشدة بالتضامن مع اليمين المتطرف. وهذا دفع معلقين إلى الحديث عن ائتلاف شَكَّلَه نتنياهو داخل حكومته ويضم إلى جانب «الليكود» حزب «البيت اليهودي» اليميني المتطرف برئاسة نفتالي بينيت الذي كان أحد أبرز مناوئيه.

وكان وزير البيئة من «الحركة»، عمير بيرتس قد قدم استقالته من حكومة نتنياهو قبل أيام، داعيًا إلى إسقاط نتنياهو لاعتبارات: سياسية تتعلق بالتسوية مع الفلسطينيين، واجتماعية لوقوفه إلى جانب الأغنياء ضد الفقراء. كما حاول يائير لبيد في جلسة كتلته أمس، إطلاق رسائل تهدئة، وقال إن الحديث عن تغيير نتنياهو عبر إنشاء ائتلاف بديل هو «هراء».

وأبدى لبيد تقديره أنه «بالإمكان حل الأزمة القائمة خلال ساعتين»، مشيراً إلى أن «هذا ليس وقت الانتخابات». وانتقد أداء نتنياهو الذي أكدت مصادر عديدة أنه عرض على الحريديم دخول حكومته قائلاً: «هذا ليس وقت الألاعيب الائتلافية، وليس ثمة سبب حقيقي لتقديم موعد الانتخابات».

أما زعيمة «الحركة» تسيبي ليفني فتحدثت في جلسة كتلتها عن قرارها بفض النقاش حول «قانون القومية»، فقالت إن «وثيقة الاستقلال قررت أن إسرائيل هي دولة الشعب اليهودي، التي يجسد فيها مطامحه القومية، ودولة إسرائيل، دولة الشعب اليهودي، وهي دولة فيها مساواة لكل مواطنيها».

وأضافت: لذلك «أنا أعارض، وكلنا نعارض دولة ديموقراطية بلا اليهودية ودولة يهودية بلا الديموقراطية».

وتُبْذَل جهودُ التهدئة هذه التي تتضمن إضافة إلى التصريحات عقد اجتماعات بين أطراف الخلاف أو ممثليهم بعد أيام من التوتر ظل فيها الخلاف المتصاعد سيد الموقف حتى ظهر أمس.

فقد منعت كتلة «إسرائيل بيتنا» التصويت في لجنة المالية في الكنيست على «قانون صفر ضريبة قيمة مضافة». كما دعا نتنياهو قادة «الليكود» إلى اجتماع طارئ في ديوانه رداً على ما وصفه بمؤامرات لبيد «الذي يريد إنشاء ائتلاف بديل».

ويرى المعلقون أنه برغم كل محاولات التهدئة، فإن منسوب الشكوك بين أطراف الائتلاف الإسرائيلي عالٍ جداً. وإذا كان الجميع خائفًا الآن من الانتخابات المبكرة، فليس ثمة ما يمنع استمرار التآمر داخل الائتلاف بقصد تمرير سياسات إلى حين توفر الفرصة لإجراء انتخابات مبكرة في موعد آخر. وفي كل الأحوال، فإن حكومة التناقضات هذه كانت حكومة المستحيل في البداية، وهي تواصل عملها أساسًا بسبب عدم توفر بديل فعلي لها.

حلمي موسى

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...