حماس تفقد نصف جمهورها بعد سيطرتها على قطاع غزة
الجمل: تقول المعلومات المتداولة في الصحافة الغربية حالياً، بأن حركة حماس قد فقدت الكثير من شعبيتها، وفي استطلاع للرأي تم إجراؤه مؤخراً بواسطة إحدى جامعات الضفة الغربية، فقد تبين أن حركة حماس قد فقدت 47% من شعبيتها في الفترة بين لحظة السيطرة على قطاع غزة وحتى الآن.
· حماس وإشكالية برنامج الحكم والإدارة:
خلال الفترة بين فوز حماس بالانتخابات التشريعية الفلسطينية، وعشية سيطرتها على قطاع غزة، كانت حركة حماس تنتهج أسلوباً متنامياً باتجاه الاندماج ضمن هياكل السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية، ولكن حركة حماس، بعد سيطرتها على قطاع غزة وحتى الآن أصبحت تنتهج أسلوباً أكثر استقلالية وتباعداً عن السلطة الفلسطينية.
ماتزال حتى الآن الكثير من الأسئلة بلا إجابة: ما الذي تريد حركة حماس أن تفعله في قطاع غزة؟ وما هو الأسلوب الذي سوف تستخدمه في عملية الإدارة والحكم، وفي تسيير شؤون القطاع، وكيف سوف تقوم حركة حماس بإدارة توجيه شؤون قطاع غزة السياسية الداخلية والسياسية الخارجية.
وعلى المستوى المؤسساتي، ما هي طبيعة مؤسسات الإدارة والحكم التي سوف تقوم حركة حماس ببنائها في قطاع غزة؟ ولما كان برنامج حركة حماس هو بالأساس برنامج (إحيائي إسلاموي) يركز على ضرورة قيام الدولة الدينية الإسلامية، فهل سوف تقوم حركة حماس ببناء هذه الدولة في قطاع غزة، وبالتالي تكون قيادتها قد التزمت بما وعدت به جماهير المسلمين الذي يؤيدونها؟ أم أن حركة حماس سوف تلتزم بالمؤسسات العلمانية السياسية، وتتخلى عن توجهاتها الرئيسية الإسلامية، على النحو الذي يؤدي إلى إفقاد حركة حماس لمصداقيتها أمام الإسلاميين كحركة إسلامية؟.
· أجندة حماس السياسية:
منذ سيطرة حركة حماس على قطاع غزة، برزت بشكل أقوى الثنائية السياسية كأمر واقع في الساحة الفلسطينية:
- رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس قال بأنه لن يتفاوض مطلقاً مع حركة حماس إلا إذا تم إرجاع الأمور في قطاع غزة إلى ما كانت عليه قبل شهر حزيران الماضي (أي قبل سيطرة حركة حماس على القطاع) إضافة إلى قيام حركة حماس بتقديم اعتذارها الرسمي للسلطة الفلسطينية عن اللجوء لاستخدام العنف.
- حركة حماس ركزت على نزع صفة الشرعية عن محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية، وسلام فياض رئيس وزراء السلطة الفلسطينية، وذلك على أساس اعتبارات أن الشرعية التي يجب الاستناد إليها هي حصراً تتمثل في المجلس التشريعي الفلسطيني الذي انتخبه الشعب الفلسطيني، والذي يملك وحدة سلطة التقرير نيابة عن الشعب الفلسطيني.
· تحدي حركة حماس وأجندة المنافسة:
- سياسياً: على حركة حماس التصدي لمواجهة التصعيدات السياسية التي يقوم بها محور سلام فياض- محمود عباس، وهو محور يتمتع بمساحة كبيرة من هامش الحركة المتاح أمامه بسبب الدعم الأمريكي والأوروبي الغربي، والمساندة والمؤازرة الإسرائيلية، إضافة إلى دعم النظامين الأردني والمصري.
- اقتصادياً: على حماس أن تعمل لمواجهة تحدي التمايز الاقتصادي الذي سوف يكون واضحاً بين قطاع غزة المحاصر والخاضع للضغوط والعقوبات الاقتصادية، والضفة الغربية التي تجد الدعم والمساندة والإمدادات.
- الإصلاح: على حركة حماس أن لا تتوقع بأن حركة فتح سوف تظل كما هي قبل حزيران، وذلك لأن هزيمة حركة فتح وإخراجها من قطاع غزة قد أدت إلى حدوث زلزال كبير داخل حركة فتح، ومازال هذا الزلزال نشطاً.. وسوف يطيح بالكثير من رموز فتح، بما في ذلك محمود عباس نفسه، وبالتالي فإن على حركة حماس القيام بالمزيد من الإصلاحات بين صفوفها والقيام بتطوير برنامجها السياسي لكي يكون أكثر عصرية بدلاً من مجرد الاعتماد على (البرامج السياسية الجهادية) التي تركز على التعبئة والحشد من أجل الجهاد، ولكنها لا تقدم شيئاً في مجالات ترقية سبل الإدارة والحكم.
وعموماً، لقد هبطت شعبية حماس، ولكن بالمقابل لم ترتفع شعبية حركة فتح، وعلى ما يبدو فإن الرأي العام الفلسطيني أصبح يقف في المنطقة الوسطى الفاصلة بين خيار (الدولة الدينية التي تسعى لإقامتها حركة حماس) و(الدولة الفاسدة التي تخضع لجماعات حركة فتح).. وسوف ينعكس هذا الموقف بقدر كبير على الانتخابات الرئاسية الفلسطينية القادمة في عام 2009م، وعلى الانتخابات التشريعية الفلسطينية التي سوف تعقبها في عام 2010م.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد