حوار الأديان بين الشروط الغائبة والأهداف المرجوة
اكتسبت الدعوة إلى حوار الأديان انتشارا ملحوظا هذه الأيام، وأصبحت شعارا يجري تداوله من حين لآخر، فقد أقامت قطر مركزا لحوار الأديان منذ سنوات وهو يعقد مؤتمرا سنويا يحمل العنوان نفسه.
وأطلقت السعودية على لسان الملك عبد الله بن عبد العزيز دعوة للحوار بين أتباع الديانات الإبراهيمية من مسلمين ومسيحيين ويهود.
وفي الزيارة التي يقوم بها حاليا وفد من مجلس الكنائس العالمي إلى سوريا، تطرق الأمين العام للمجلس صامؤيل كوبيا إلى الموضوع نفسه قائلا إنه منذ انعقد في منطقة برناما بلبنان عام 1972 لم ينعقد مؤتمر عالمي للحوار بين الأديان.
وفي تقييمه لهذه الدعوات، يرى أستاذ الإعلام السياسي المشارك بجامعة الملك سعود بالرياض الدكتور أحمد بن راشد بن سعيد أن مبدأ الحوار والدعوة إليه ثابت بالقرآن والسنة. لكنه ينبه إلى ضرورة توفر ضوابط ومعايير لا ينجح الحوار بدونها، أبرزها شرط التكافؤ والندية.
ويقول إنه "في ظل غياب هذا الشرط تسيء دعوى الحوار للمسلمين أكثر مما تنفعهم، كما هو الحال في طرح في مجال التسوية مع إسرائيل حيث تطرح مبادرات بلا ثمن أو مقابل حقيقي".
من واقع خبرته العملية ومشاركته في العديد من المؤتمرات والندوات الداعية للحوار، يرصد أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم الدكتور الطيب زين العابدين ثلاث ملاحظات أساسية لفهم وتقييم الدعوة للحوار هي جدول أعمال الحوار، وأهدافه، ومن يشاركون فيه.
وينبه زين العابدين إلى أن الشكوى في العالم الإسلامي ليست من رجال الدين المسيحيين أو اليهود، لكنها من السياسيين الغربيين وسياستهم المتحيزة، وهذا التحيز -في رأيه- لا يحله الحوار مع رجال الدين المسيحي واليهودي.
أما ما يشكو منه الغربيون في العالم الإسلامي -والحديث لزين العابدين- فهو جماعات محدودة وصغيرة لا تدعى للحوار مثل القاعدة.
وبخصوص أعمال تلك المؤتمرات والموضوعات التي تناقشها، يقول زين العابدين إنها نظرية عقيدية لا تقدم ولا تؤخر مثل مفهوم النبوة والشريعة والعبادة.
وفي تصوره لإمكانية إقامة حوار ناجح، يرى أنه يجب أن يراعي تلك العناصر المتعلقة بالأجندة وطبيعة المشاركين ليناقش الأسس التي يتم التعايش على أساسها وما هي المظالم التي نشكو منها ثم دعوة المعنيين الحقيقيين للمشاركة في الحوار.
أما أستاذ العلوم السياسية بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية بمصر الدكتور إبراهيم البيومي غانم فيرى أن عنوان حوار الأديان غير دقيق من ناحية صياغته لأن "الأديان فيما عدا الإسلام لا تتحاور، فالإسلام هو الذي يقبل الحوار".
ويرى غانم "أن من اختار هذا العنوان تعمد تركه مجردا لضمان أكبر قدر من الضبابية توفرها الألفاظ المطاطة التي تبدو أنها تحمل كل شيء وهي في الواقع لا تحمل أي شيء".
ويضيف أن العنوان يجافي قواعد الاجتماع السياسي، لأن الحوار له شروط وهي غير متوافرة في هذا الحوار لأن الأقوياء لا يقبون بمحاوراتهم، وإذا حدث فلن يتجاوز شعارات كبيرة ومطاطة.
ويرى غانم أن توقيت وصياغة الدعوة لحوار الأديان من قبل بعض السياسيين العرب "تأتي من واقع الضعف وتعكس معاني الهوان ولا تعدو مجرد ذر للرماد في العيون، لأن قانون القوة ثابت ولن يتغير".
مجدي مصطفى
المصدر: الجزيرة
إضافة تعليق جديد