حوار فتح وحماس اليوم: العامل الإقليمي يضعف الفرص
على خلفية استئناف الحوار الفلسطيني في القاهرة بين حركتي حماس وفتح تبدو الآمال بتحقيق اختراق على هذا الصعيد ضئيلة. فهناك اقتناع لدى العديد من المشاركين في المداولات التي ستبدأ اليوم بأن قوى إقليمية ودولية تمنع التوصل إلى اتفاق داخلي فلسطيني. ويبدو هذا الاقتناع أقوى عند حركة حماس التي لا تخفي موقفها من أن إسرائيل والولايات المتحدة تمنعان السلطة الفلسطينية من التوصل الى حل وسط. غير أن المتحدثين باسم السلطة يرفضون ذلك ويصرون على استقلالية القرار الفلسطيني من جانبهم ويشددون على أن القرار في الجهة المقابلة مصادر من إيران وسوريا. وقد خفت حدة هذا الموقف في الأيام الأخيرة جراء استقبال دمشق للرئيس الفلسطيني محمود عباس.
ورغم ذلك، فقد قالت مصادر أن وفد حماس توجه إلى القاهرة بروحية الساعي للتوصل إلى اتفاق يسهم في حل مشكلة إعادة إعمار غزة ويخفف من معاناة أهلها. ولذلك تسعى حماس لتعديل الاقتراح المصري الذي طرح في الجولة السابقة والقاضي بتشكيل لجنة فصائلية للتنسيق بين حكومتي غزة ورام الله. وترى حماس أن بالوسع القبول بلجنة فصائلية تتعامل مع حكومتي غزة ورام الله وأن تكون مرجعية اللجنة الرئيس عباس سواء بوصفه رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أو رئيس السلطة الفلسطينية. وتشدد حماس على أن الغاية من القبول بالفكرة تسهيل أمور المواطنين الفلسطينيين في مناطق السلطة والتحضير للانتخابات.
وتعترف قوى فلسطينية بأن اللجنة الفصائلية ليست حلا لأي شيء خاصة أنه تم التعامل معها في البداية على أنها فكرة لتكريس الانقسام. كما تشير هذه القوى إلى أن الحوار في القاهرة لن يسفر عن تحقيق اختراق لأن حماس لا تزال تصر على رفض القبول بالاشتراطات التي وضعتها الرباعية الدولية ولم تفلح في إقناع نفسها بأكثر من «احترام» الاتفاقيات المبرمة وليس «الالتزام» بها كما يطلب منها.
وترى فصائل فلسطينية أن الواقع الفلسطيني المعقد لا يدع مجالا كبيرا لحدوث تغييرات سياسية عبر السبل التي يجري الحديث عنها. ويقول البعض بأن حماس التي رسخت نفسها في قطاع غزة كقوة مسيطرة ليست في وارد التخلي عن ذلك قريبا ولأي سبب سواء كان انتخابيا أو توافقيا. غير أن هناك من يقول أن الوضع القائم في غزة يشكل عبئا على حماس تحاول التخلص منه ولذلك فإنها تسعى لإيجاد مخارج تضمن لها بعض المكتسبات. ويشدد القائلون بذلك على أن حماس اليوم تحاول أن تضمن في أي اتفاق لها مع سلطة رام الله أمران أساسيان: حصة من كعكة السلطة والاحترام.
ويشاع أنه يوجد في داخل حماس رأي آخر يحاول بلورة بديل لانسداد أفق التوافق مع فتح بالصيغة المعروضة أعلاه. ويرى هذا الرأي أن بوسع حماس الطلب من أبو مازن تشكيل حكومة جديدة بأي برنامج يريد شرط أن تشارك فيها شخصيات معينة محسوبة عليها وليست ضمن هياكلها التنظيمية. كما يرى هذا الرأي أن هذه الحكومة لا ينبغي لها أن تعرض على المجلس التشريعي حتى لا تضطر حماس الرسمية لإبداء رأيها بها. وتتكفل هذه الحكومة تسيير أعمال الناس والتحضير للانتخابات وفتح أفق إعادة إعمار غزة. ويلحظ هؤلاء «استماتة» حماس في ترسيخ التهدئة في قطاع غزة.
والواقع أن حماس ترى ما يجري في داخل حركة فتح من انقسامات وتشرذم فيتعزز لديها الإحساس بالمفارقة. فحركة فتح الممزقة تنال تعاطفا إقليميا رغم ضعف قيادتها في مواجهة ليس فقط إسرائيل وإنما كذلك التدابير السلطوية. والنموذج الذي رسخته فتح في السلطة لا يسر صديقا ولا يكيد عدوا. غير أن أداء سلطة حماس في غزة ليس كذلك نموذجا يمكن التفاخر به. ومؤخرا فرضت حماس قيودا على نشاطات هيئة العمل الوطني بدعوى أنها ستار لنشاط حركة فتح. وبررت هذا السلوك القمعي بأنه «معاملة بالمثل» ورد على سلوكيات حكومة رام الله ضد نشطاء حماس في الضفة الغربية.
وكان الرئيس عباس الذي يتهمه كثيرون بأنه يتصرف كـ«مدير مدرسة فاشل» قد أكد في اجتماع اللجنة التنفيذية الأخير على تمسكه بالتمثيل النسبي الكامل وهي قضية موضع خلاف شديد مع حركة حماس. وأبلغ عباس أعضاء اللجنة التنفيذية باستعداده لإصدار مرسوم رئاسي يرسخ هذا المبدأ قانونيا في عمل السلطة. ومعلوم أن الرئيس عباس يجد في هذه الأيام معارضة متعاظمة من داخل حركة فتح لمواقفه من عقد المؤتمر العام لفتح. وثمة في فتح من يتهم عباس بأنه يعمل لصالح فريق محمد دحلان. ولكن هناك بين مناصريه من يقول أن كل الخلاف ينبع أساسا من رغبة عباس في عقد المؤتمر في الداخل وبقوام مقلص. ولكنه مع ذلك مستعد لزيادة عديد أعضاء المؤتمر.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد