حوار يمني في جنيف.. بمشاركة «أنصار الله»
تجاهلت الأمم المتحدة «مؤتمر إنقاذ اليمن»، الذي استضافته السعودية خلال اليومين الماضيين، بإعلانها عن الخطوط العريضة لمؤتمر الحوار الوطني الذي سترعاه في جنيف الأسبوع المقبل، بهدف التوصل الى حل سياسي يوقف حمام الدم المستمر منذ أكثر من 50 يوماً، والذي خلّف ما يقرب من ألفي قتيل وآلاف الجرحى ونصف مليون مشرّد.
وبدا التجاهل الاممي لمؤتمر الرياض في جانبين، سواء لجهة مرجعيته، المتمثلة بعودة الحوار الوطني بين مختلف القوى السياسية اليمنية، أو لجهة الإصرار على مشاركة «أنصار الله» فيه، وهو ما استقبله السيد عبد الملك الحوثي، في كلمته المتلفزة مساء امس، بإيجابية، حين أكد استعداده للمشاركة في أي حوار يعقد في بلد محايد.
وبدا أن حيادية البلد المستضيف للحوار هو الجانب الأساس في فكرة عقد مؤتمر جنيف في 28 أيار الحالي، وبالتالي تجاهل مؤتمر الرياض، خصوصاً ان السعودية باتت طرفاً أساسياً في الصراع الدامي في اليمن، سواء بدعمها السياسي للرئيس المتراجع عن استقالته عبد ربه منصور هادي، أو بمشاركتها العسكرية في هذا الصراع، من خلال عمليتي «عاصفة الحزم» و «إعادة الأمل».
وإزاء هذا الواقع، فإن ردود الفعل الأولية من قبل حلفاء السعودية في اليمن على المؤتمر الاممي قد تشي برغبة الرياض في تعطيل الحراك الديبلوماسي من قبل الاسرة الدولية، أو على الاقل إفراغه من مضمونه، وهو ما تبدى يوم امس في ربط حكومة عبد ربه منصور هادي مشاركتها في اجتماع جنيف بانسحاب الحوثيين من بعض المدن.
ولا يبدو ايضاً ان السعودية راغبة في تهيئة المناخ الميداني الملائم لإنجاح المؤتمر الأممي، وهو ما تبدّى في استمرار القصف المكثف على صنعاء يوم امس، واشتداد المعارك على أكثر من جبهة، بدءًا من عدن وصولاً الى الحدود الشمالية.
وفي المقابل، يبدو أن أزمة سفينة المساعدات الايرانية في طريقها الى الحل، بعدما صدرت مؤشرات من طهران بشأن الموافقة على تفتيش حمولتها في جيبوتي.
وفي ما يتعلق بمؤتمر جنيف، قال الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون ان المنظمة الدولية سترعى هذه المفاوضات بين الأطراف اليمنية المتحاربة يوم الثامن والعشرين من أيار.
ويهدف هذا الحراك الاممي إلى إنهاء الحرب المشتعلة في اليمن، والتي أسفرت، منذ بدء غارات «عاصفة الحزم» في أواخر آذار، الى مقتل ما يقرب من 1850 شخصاً، وإصابة نحو 5 آلاف شخص، وتشريد حوالي نصف مليون آخرين، بحسب ما أفادت المنظمات الدولية امس الاول.
وأشار بيان الامم المتحدة الى ان مفاوضات جنيف تهدف الى «إعادة الزخم لعملية الانتقال السياسي بقيادة يمنية»، مضيفاً ان هذه المبادرة التي ستجمع الحكومة اليمنية والأطراف الأخرى، ومن بينها الحوثيون، وانها تأتي في أعقاب مشاورات مكثفة أجراها المبعوث الخاص للأمين العام إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد.
وكان ولد الشيخ أحمد قد زار اليمن والسعودية ومصر ومن المقرر أن يسافر إلى إيران في سعيه إلى إنهاء المعارك.
وبدا وزير خارجية الحكومة اليمنية الموجودة في السعودية مندهشاً بالإعلان عن المحادثات، اذ شدد على أنه يجب أولا نزع سلاح الحوثيين وأن يغادروا المدن التي استولوا عليها منذ أيلول الماضي.
وقال الوزير رياض ياسين عبد الله «لن نذهب (الى جنيف) ما لم يحصل شيء على الارض».
وذكّر ياسين بأن الحكومة اليمنية لم تدع رسميا الى محادثات جنيف. وأضاف انه حتى لو دعيت الحكومة التي ينتمي اليها لحضور المؤتمر الأممي، فإنها لن تشارك من دون تطبيق ما في قرار مجلس الامن الرقم 2216 كبادرة «حسن نية».
وكان القرار 2216 قد فرض حظرا على تسليح الحوثيين وطالب بانسحابهم من الاراضي التي سيطروا عليها.
وقال ياسين «لن نشارك اذا لم يطبق (القرار) أو على الاقل جزء منه، اذا لم يكن هناك انسحاب من عدن على الاقل أو تعز».
غير ان سفير اليمن لدى الأمم المتحدة خالد اليمني أكد أن جميع الأطراف اليمنية، ومن ضمنها الحوثيون سيحضرون مؤتمر جنيف، موضحاً «سيكون الرئيس هادي ممثلا في جنيف وقد يرسل نائب الرئيس ورئيس الوزراء (خالد) بحاح وقد يوفد شخصا آخر».
وفي اول رد فعل من قبل «أنصار الله» على الحراك الاممي، أعرب السيد عبد الملك الحوثي، في كلمة بثتها قناة «المسيرة» مساء امس، عن قبوله بالحوار في أي بلد محايد على أساس مخرجات الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة.
وقال الحوثي «كنا جاهزين وما زلنا، للحل السياسي، شريطة وقف العدوان»، مؤكدا ان «معركتنا معركة شرف ضد الطغاة والفاسدين، ونفسنا طويل، وخياراتنا المتاحة كثيرة جداً».
وانتقد الحوثي مؤتمر الرياض، معتبراً ان ما حدث هو اجتماع طرف سياسي محدد، وان «المشاركين خرجوا بما أملي عليهم من مقررات».
واتهم الحوثي السعودية بالسعي لاستنساخ تجربة «الجيش الحر» في اليمن، في اشارة الى المجموعات المسلحة المعارضة للرئيس السوري بشار الاسد، وذلك عبر الحديث عن إعادة تشكيل «الجيش الشرعي»، قائلاً ان هذا الجيش سيتم تشكيله من مقاتلي تنظيم «القاعدة».
في هذا الوقت، تواصلت غارات «التحالف» السعودي على اليمن. وقال سكان في العاصمة صنعاء إن طائرات حربية من هذا «التحالف» نفذت منذ مساء امس الاول أشد حملات القصف على المدينة وأكثرها استدامة، مستهدفة قواعد للجيش ومخازن أسلحة.
وقال السكان إن هذه هي المرة الأولى التي تستمر فيها الضربات الجوية من الصباح وحتى بعد منتصف الليل منذ بدء «عاصفة الحزم» في 26 آذار.
وقالت مصادر قبلية على الحدود بين السعودية واليمن أيضا ان ضابطاً سعودياً و15 مقاتلاً من «انصار الله» قتلوا في اشتباكات ضارية عبر الحدود المشتركة قرب مدينة نجران السعودية.
وقصفت الطائرات السعودية كذلك معسكرا للجيش اليمني في محافظة حجة بشمال اليمن، فيما أفادت مصادر ميدانية في جنوب اليمن، ان مدينة عدن شهدت يوم امس أشرس المعارك.
وفي مقابل اشتعال المعارك على ارض اليمن، قالت ايران انها ستسمح بتفتيش دولي لسفينة المساعدات المتجهة إلى اليمن في جيبوتي قبل أن تواصل رحلتها متجهة إلى ميناء الحديدة اليمني الذي يخضع لسيطرة الحوثيين.
وتقلل هذه الخطوة من احتمالات وقوع مواجهة بين السفينة التي كانت ترافقها سفن حربية إيرانية وقوات «التحالف» السعودي.
ونقلت وكالة الطلبة الإيرانية للأنباء عن نائب وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان: «قررنا أن ترسو سفينتنا في جيبوتي حتى يتسنى تطبيق بروتوكول الأمم المتحدة للتفتيش».
(«السفير»)
إضافة تعليق جديد