خطة دي ميستورا الجديدة: تراكم يفرض مواجهة «المحظور»
تعترض مساعد المبعوث الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا السفير رمزي رمزي مهمة صعبة، في إقناع الجانب الرسمي بنقل اقتراح اللجنة الأممية، المدعومة ببيان لمجلس الأمن، من مستوى قبوله النظري إلى المستوى العملي.
من جهتها، ستتخذ الحكومة السورية بعض الوقت، قبل أن تقرر كيفية تعاطيها اللوجستي مع إرسال شخصيات رسمية لإشراكها في حوارات اللجان الأربع التي تقترحها الخطة الأممية الجديدة.
ووفقاً للآراء المتداولة رسمياً، أو على مستوى الخبراء، ستبدي الخارجية السورية تجاوبها الايجابي على المستوى النظري مع المقترح الجديد، مع طلب فرصة من الوقت لتقييمه، وتداول جملة من الشكوك الدائمة حيال عمل المبعوث وفريقه، ومواقف الدول اتجاه المقترح الجديد، سواء كانت صديقة أو عدوة.
وفي لقائه مع مجموعة من الصحافيين المصريين، عبر نائب رئيس الوزراء السوري وزير الخارجية وليد المعلم عن اعتقاده بأن «دي ميستورا يريد استهلاك الوقت حتى تشرين الأول، لأنه يعتقد أنه سيتم إقرار الاتفاق النووي مع إيران في الكونغرس الأميركي وفي مجلس الشورى الإيراني، وعندها سيكون مطلوباً من إيران أن تكون أكثر فاعلية في حل أزمات المنطقة».
وانتقد المعلم حينها دي ميستورا، واصفاً إياه بـ «غير الحيادي». ولم يصدر بعد اللقاء الإعلامي أو قبله أي بيان رسمي يحدّد نظرة الخارجية السورية لبيان الرئاسة الأممية بشكل مختلف.
وبالطبع ثمّة قلق، كما دوماً، من أن يكون المقترح المتداول يهدف إلى «تحقيق انخراط لا فكاك منه يؤدي لعزلة النظام» حتى عن بعض حلفائه، الأمر الذي يجعل قرار المشاركة بشخصيات سورية في اللجان، يحتاج لمراجعات، وحذر في الاختيار.
ومعروفة محظورات الجانب السوري، وهي متعلقة بمنع فرض أي قرار خارجي، بما يعنيه ذلك من ترك موضوع الهيئة الانتقالية للسوريين، على أن تظل إمكانية فعاليتها مرهونة باستفتاء شعبي تُصرّ عليه الحكومة رغم الظروف الراهنة.
وتحتل اللجنتان السياسية والأمنية (مكافحة الإرهاب) موقعين متقدمين على مستوى الحذر في التعامل، فيما لا تشكل لجان السلامة والحماية وإعادة الإعمار موضع تحدٍّ.
ووفقاً لمعولمات، تشبه طريقة النظر إلى هذه العملية عمل اللجان التي استحدثتها عملية السلام مع إسرائيل في مراحلها المختلفة، ولا سيما في عهد الرئيسين الأميركيين جورج دبليو بوش وبيل كلينتون، حيث يمكن للجان أن تتقدّم على أخرى بسبب طبيعة النقاش ونتائجه، لكن بشرط أن يسير عمل اللجان بالتوازي، وأن تربط نتائج العمل ببعضها البعض، لتبقى النتيجة النهائية محصورة التقدم بالاستفتاء الذي تشترط دمشق حصوله لاحقاً.
ويستشعر المسؤولون السوريون أن هدف دي ميستورا خلق «تراكم سياسي» شبيه بالذي حصل في مفاوضات السلام مع إسرائيل، لا يسمح بالتراجع عن العتبة التي بلغتها، وهي إذ كانت وديعة رابين في المفاوضات، وبمثابة بيان «جنيف 1» في التسوية المترنحة، فإن الفريق الدولي، وخلفه مجلس الأمن، يسعى إلى خلق عتبة لا يمكن العودة لما قبلها.
وتتشكل عقدة المسار السياسي في إشكالية مستقبل الرئيس السوري بشار الأسد، وهو موضوع لا يقبل الجانب الرسمي بمناقشته، ما يحيله إلى فكرة الهيئة الانتقالية كاملة الصلاحيات، والتي بدورها يُصرُّ الجانب الحكومي على طرح تصورها على استفتاء.
وإن كان موضوع الإرهاب يشكل الأولوية بالنسبة لدمشق وموسكو وطهران على حد سواء، تبقى إشكالية تحديد «نوع وهوية وشكل هذا الإرهاب» وبالتالي طرق مكافحته. ويعتقد مراقبون في دمشق أنه سيتوضّح لاحقاً أن «التعاريف الرسمية» لبعض المصطلحات قد تحتاج إلى ندوات دولية بحدّ ذاتها.
ولم يجرِ بعد مناقشة طبيعة الشخصيات التي يمكن أن تشارك في الاجتماعات المقبلة، ولا طريقة التعاطي مع الشخصيات المستقلة التي ستُدعى بصفتها «مجتمعاً مدنياً» ومدى هامش الحرية الممنوح لكل فرد ضمن كل لجنة.
ويعتقد مسؤولون في دمشق أن تنفيذ الخطة «صعب جداً»، ولا سيما أن «التوافق الإقليمي غائب، وبعيد»، فيما تبدو المظلة الدولية، المتمثلة بدول مجلس الأمن، أكثر انسجاماً.
من جهته أبدى «الائتلاف الوطني» المعارض تحفظه على البيان الرئاسي لمجلس الأمن، منتقداً أولاً «طول المدة الزمنية لمسار العمل المقترح»، معتبراً أنه «يمنح النظام وقتاً لتحقيق مكاسب على الأرض»، ومشيراً إلى أن «مسودة الخطة يضيع في طياتها الهدف المنشود، وهو بيان جنيف وقرار مجلس الأمن 2118، وهو الاتفاق على تشكيل هيئة الحكم الانتقالية كاملة الصلاحيات التي تمكّن من سرعة تبني خطة تنفيذية لبيان جنيف، وتوحّد فرق العمل التي ستستكمل جميع التفاصيل»، مشدداً على أن «المجتمع الدولي ما زال يتهرّب من مواجهة أساس المشكلة، وهو تحقيق الانتقال السياسي الجذري والشامل من دون وجود الأسد وعصبته في المرحلة الانتقالية وما بعدها». كما رفض «الانتقائية» في اختيار الشخصيات التمثيلية، في إشارة إلى رفضه التخلّي عن حصرية التمثيل السياسي على ما يبدو.
زياد حيدر
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد