خطر كامب ديفيد الماثل في أنابوليس اليوم
تتجه انظار العالم الى انابوليس، حيث يفتتح اليوم مؤتمر دولي هو الاكبر منذ مؤتمر مدريد في العام ,1991 لكنه الاخطر منذ مؤتمر كامب ديفيد العام ,1979 من حيث عواقبه على الوضع الداخلي الفلسطيني والوضع العربي العام، والتي لا تقتصر على ما قد يشهد من لقاءات ومصافحات عربية اسرائيلية، او على ما يوفره من مخارج لازمات داخلية يواجهها كل من الرئيسين الاميركي جورج بوش والفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت... ولا سيما ان وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل اختصر موقف المشاركين العرب بقوله انهم يرفضون توقيع شيء مماثل لمعاهدة فرساي المخزية التي فرضت على ألمانيا بعد هزيمتها في الحرب العالمية الأولى، لان ذلك سيكون «مجرد حافز لحروب مستقبلية».
وعشية افتتاح الاجتماع، استشهد خمسة فلسطينيين بنيران الاحتلال الاسرائيلي في غزة حيث جددت فصائل المقاومة، خلال مؤتمر مشترك أمس، رفضها له معتبرة انه يستهدف «ضرب إيران وتقسيم العراق وارتهان لبنان وتطبيع السعودية والخليج وإنهاء المقاومة في فلسطين» فيما اوصى قادة الاجهزة العسكرية والامنية الاسرائيلية، الحكومة بألا ترى في أي اتفاق على الحل النهائي بين إسرائيل والفلسطينيين اكثر من «اتفاق أدراج» يؤجل تطبيقه لسنوات الى أن تثبت السلطة انها «شريك» في عملية سلام، (تفاصيل ص 13).
وقال عباس اثناء لقائه بوش في البيت الابيض «املنا كبير ان نخرج من المؤتمر ببدء مفاوضات موسعة حول القضايا النهائية للوصول الى معاهدة سلام بين اسرائيل والشعب الفلسطيني»، مضيفا «نحن نحتاج الى دعمه (بوش) المستمر والى وقوفه الى جانبنا للوصول الى الهدف الذي نسعى اليه».
وقال بوش، من جهته، «نريد مساعدتكم. نريد أن يحل السلام هناك. نريد أن يكون هناك امل للشعب في الأراضي الفلسطينية. نشكرك على إرادتك للجلوس مع إسرائيل ومناقشة التسوية»، مضيفا «لا يمكن للولايات المتحدة أن تفرض رؤيتنا، لكننا قادرون على المساعدة في تسهيل» التوصل الى تسوية.
وكان بوش قد قال مخاطبا رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت «اتطلع الى مواصلة حوارنا الجاد معك ومع رئيس السلطة الفلسطينية لنرى ما اذا كان السلام ممكنا ام لا. انا متفائل، واعلم انك متفائل وأريد أن أشكرك على شجاعتك وعلى صداقتك. أنا فخور بك».
وقال اولمرت لبوش «هذه المرة مختلفة لانه سيكون لدينا العديد من المشاركين في (المؤتمر) الذي آمل ان يؤدي الى اطلاق عملية مفاوضات جدية بيننا وبين الفلسطينيين. ستكون هذه عملية ثنائية، لكن الدعم الدولي مهم جدا بالنسبة الينا». واعرب عن شكره للجهود التي بذلها بوش ووزيرة الخارجية كوندليسا رايس «من اجل الوصول الى هذه النقطة التي سننطلق منها مع الفلسطينيين للجلوس معا في القدس للعمل على التوصل الى شيء جيد للغاية ونخلق املا عظيما لشعبينا».
وقال اولمرت للصحافيين «نحن ندخل عملية تعترض سبيلها عقبات لا حد لها لكننا نريد المضي قدما». وتابع «نحن لا نميز بين الضفة الغربية وغزة. التزام الفلسطينيين بمكافحة الارهاب يشمل غزة... ان كنا نتكلم عن دولة فلسطينية تضم الضفة وغزة، لا يمكننا ان نستثني غزة من مسألة مكافحة الارهاب» مضيفا «هناك فرق بين رؤية الدولة الفلسطينية وتطبيق اي اتفاق مستقبلي».
وردا على رفض الفيصل مصافحته، نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن اولمرت قوله «أنا أمثل كرامة الشعب الإسرائيلي ومن لا يُرد مد يده ليصافحني فلن أمد يدي وأصافحه».
وقال مستشار الامن القومي الاميركي ستيفن هادلي ان بوش سيفتتح المؤتمر اليوم مشددا على اولوية السلام في الشرق الاوسط، خلال ما تبقى له في منصبه حتى كانون الثاني من العام .2009 لكن الرئيس الاميركي سيخلص الى ان الوقت ليس مناسبا بالنسبة اليه، للدفع بأفكاره الخاصة حول كيفية تحقيق ذلك.
وقلل مسؤول اسرائيلي رفيع المستوى من فرص حدوث محادثات مباشرة أو حتى التصافح بالأيدي بين القادة الإسرائيليين والسعوديين أو السوريين خلال المؤتمر. وقال «هم لن يفعلوها حتى يحصلوا على شيء محدد من إسرائيل».
وأثير كلام كثير امس حول الوثيقة المشتركة بين الفلسطينيين واسرائيل التي لم يتم الاتفاق حولها. وقال عضو الوفد الفلسطيني المفاوض ياسر عبد ربه «سنتوصل اليوم (امس) او غدا (اليوم) الى وثيقة مشتركة... هناك جهد اميركي متواصل لاقرار هذا البيان». أضاف ان «هذه الوثيقة... ستحدد مرجعيات المفاوضات اي خريطة الطريق وقرارات الامم المتحدة، اضافة الى الترتيبات التي ستجرى بموجبها المفاوضات بعد أنابوليس»، موضحا ان «المفاوضات حول الوضع النهائي ستبدأ الاربعاء بحضور الرئيس محمود عباس».
وشدد عبد ربه على انه لا يخشى ان يحول حضور سوريا المؤتمر، الانتباه عن النزاع الفلسطيني الاسرائيلي. وقــال «ابدا نحــن اول من دعونا لمشــاركة سوريا ونرحب بمشاركتها. ونرحب بان يبدأ الانسحاب من الجــولان قبل ان يبدأ من القدس او من الخــليل ونابلس. ليســت لديـنا اي مشكلة في هذا الصدد. كــل انسـحاب من اي ارض عربــية محتلة يخدم القضية الفلســطينية ولا يضعفها».
اما المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية شون ماكورماك، فقال ان الطرفين «يقتربان» من انجاز الوثيقة التي اعتبرها «خطة عمل» للمفاوضات، مضيفا «ان وجودهم نفسه هنا اكبر دلالة من اي تصريح او وثيقة... سنرى ما سيقوله كل وفد وما اذا كانت هناك رغبة بشكل او بآخر في تخليد ذلك. لكنني لست واثقا من ضرورة ذلك في هذه المرحلة».
وكانت وزيرة الخارجية الاميركية كوندليسا رايس قد جمعت امس الاول، حول مائدة عشاء، رئيسي طاقمي التفاوض الفلسطيني احمد قريع والاسرائيلية تسيبي ليفني.
وقال الفيصل إن واشنطن تعهدت، خلال دعوتها بلاده لحضور المؤتمر، «باستخدام كامل نفوذها» من أجل التوصل لاتفاق سلام في نهاية المطاف. وأشار إلى أن ذلك معناه أنه إذا لم يتفق الجانبان «نفترض أن الولايات المتحدة ستأتي بأفكارها الخاصة».
وقبيل توجهه من باريس الى واشنطن، قال الفيصل لمجلة «تايم» الاميركية، ردا على سؤال حول النتائج المحتملة لفشل انابوليس، «اعتقد انه منعطف مهم. وأي نزاع في المســتقبل سيكون بالغ الخطورة ورأينا مؤشرات على ذلك (من قبل)، ويتعين على اسرائيل بصفة خاصة ان تقلق من هذا. فقد ظهرت بعض نقاط الضعف لديها في مغامرة لبنان، وهي ليست غائبة عن اذهان الجميع»، مضيفا «اظن انه يمكن القول انها الفرصــة الاخيرة، وإن لم تكن فإنهــا تؤشــر الى نهــاية اتجاه وبداية اتجــاه جديــد في الشرق الاوسـط، اتجـاه يدعو للانزعاج».
وتابع ان «احد اسباب التفاؤل هو التصميم الذي تبديه الولايات المتحدة»، معيدا تردد السعودية في المشاركة في انابوليس الى انها «كانت تخشى الفشل وتداعيات الاحداث المحتملة بعد الفشل». وقال «بلا شك فإن الفشل سيدفع نحو الراديكالية، ومن دون شك سيتيح للارهابيين وسائل جديدة للتجنيد».
أضاف «على اسرائيل ان تقوم بخيار. لقد عاشوا في السنوات الـ60 الماضية مستندين في سياستهم الى القوة... حان الوقت بالنسبة اليهم لاختبار سياسة مختلفة، سياسة قبول العيش مع الفلسطينيين والعيش في المحيط. لا نحتاج الى (معاهدة) فرساي للعالم العربي، الى سلام سيكون مجرد حافز لحروب مستقبلية».
وكرر الفيصل رفضه مصافحة اولمرت خــلال المؤتمر، مشددا على ان «اليد الممــدودة الينا كانت قبضة حتى الساعة. ما ان تفتح من اجل الســلام، فســتتم مصافحتها»، مشيرا الى انه لن يزور القدس المحتلة سوى بعد «تحريرها».
وشدد الفيصل على ان بلاده «لا تعتقد فقط» ان الملف النووي الايراني «تمكن تسويته سلميا، بل نحن نعمل على تحقيق هذا الهدف ونأمل أن يتم تجنب هذا النزاع. فنزاع في هذه المنطقة سيكون كارثة للمجتمع الدولي ولدولها». اضاف ان «ايران دولة جارة نأمل ان نعــيش في ســلام واستقرار معها، لكن هذا يتطلب التزاما من الجانبين ويتعين ان يكون الايرانيون راغبين في ذلك ايضا، والاختبار بالنسبة لايران سيكون سلوكها في العراق».
قال وكيل وزير الخارجية العراقية للشؤون السياسية لبيد عباوي إن «العراق تسلم دعوة لحضور المؤتمر لكنه لن يشارك فيه لأسباب عديدة من بينها انشغالات المسؤولين المعنيين».
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد