خلافات الإدارة الأمريكية وأسباب التوتر بين أولمرت ورايس

29-12-2007

خلافات الإدارة الأمريكية وأسباب التوتر بين أولمرت ورايس

الجمل: دائرة الخلافات داخل الإدارة الأمريكية بين معسكر وزيرة الخارجية كزندوليزا رايس ووزير الدفاع روبرت غيتز ومعسكر ديك تشيني وجماعة المحافظين الجدد، حول توجهات السياسة الخارجية الأمريكية إزاء الملفات النووية الخاصة بإيران وكوريا الشمالية والملف النووي السوري (المفترض) اتسعت لتشمل توجهات السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط، وذلك على خلفية تسريبات صحيفة هاآرتس الإسرائيلية حول خلافات رايس – أولمرت المتعلقة بعملية السلام في الشرق الأوسط ومؤتمر أنابوليس. كذلك تجدر الإشارة إلى أن رموز وزعماء جماعة المحافظين الجدد، وعلى وجه الخصوص جون بولتون وغيره من خبراء معهد المسعى الأمريكي قد بدأوا الأسبوع الماضي بشن حملة شعواء ضد كوندوليزا رايس.
* التسريبات الإسرائيلية:
نشرت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية تقريراً إخبارياً تحت عنوان «لمَ العجلة؟» أعده الصحفي الإسرائيلي ألوف بين ومراسل هاآرتس في واشنطن شموئيل روزنر.
يقول التقرير بأن قمة أنابوليس وجهود إحياء عملية السلام قد أدت إلى تزايد التوتر الذي كان بالأساس موجوداً بين رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت ووزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس.
* مؤشرات توتر علاقة أولمرت – رايس:
تقول التسريبات الإسرائيلية بأن أبرز المؤشرات تتمثل في الوقائع الآتية:
• الملامح الجافة التي ظل يقابل بها أولمرت كوندوليزا رايس خلال الفترة الماضية التي أعقبت تدهور علاقة أولمرت مع وزيرة خارجيته تسيبي ليفني عند نشر الخطوط العامة لتقرير لجنة فينوغراد المتعلقة بتاريخ تدهور أداء الجيش الإسرائيلي في حربه ضد حزب الله اللبناني في حرب صيف العام 2006م.
• توتر وقلق مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أولمرت وملاحظاته حول "تسرع" رايس في إجراءات عملية سلام الشرق الأوسط.
• إلغاء رايس لزيارتها إلى إسرائيل والتي كان مقرراً لها أن تتم بعد انتهاء اجتماع مؤتمر باريس الأخير للمانحين، وبدلاً من أن تتوجه رايس إلى إسرائيل غيرت رأيها فجأة وعادت إلى الولايات المتحدة.
• تسريب بعض أحاديث وتعليقات رايس الخاصة جداً إلى الإسرائيليين وعلى وجه الخصوص تعليقها الذي وصفت فيه الأوضاع في الأراضي الفلسطينية بأنها تشبه الأوضاع التي كانت سائدة في جنوب أمريكا بين البيض والسود، وذلك على أساس اعتبارات أن الإسرائيليين يستخدمون نفس الأساليب التي كانت سائدة في ولايات جنوب أمريكا.
• تزايد عداء زعماء المنظمات اليهودية الأمريكية لكوندليزا رايس.
• عدم ارتياح الإسرائيليين لعدم الرضا الذي قابلت به رايس قيام الإسرائيليين في حرب لبنان الماضية بقصف «قانا» وقتل المدنيين والأطفال، في الوقت الذي كانت فيه رايس تستعد للبدء في ترتيبات التوصل إلى اتفاق وقف لإطلاق النار بين الإسرائيليين وحزب الله اللبناني، وقد ترتب على ذلك إلغاء زيارة رايس واستمرار الحرب لأكثر من عشرة أيام أخرى.
• قيام كوندوليزا رايس بتغيير عنوان مؤتمر أنابوليس الذي حدد له الإسرائيليون أن يكون تحت عنوان «اجتماع دولي» وبرغم اعتراض الإسرائيليين أصرّت رايس على تسمية «قمّة».
• تأييد رايس لموقف الطرف الفلسطيني المطالب بأن يكون إنشاء الدولة الفلسطينية (المفترضة) متزامناً مع تنفيذ خارطة الطريق ومعارضة الفكرة الإسرائيلي المطالبة بأن يتم تطبيق خارطة الطريق ضمن تسلسل معين يبدأ بـ"الحرب ضد الإرهاب" أولاً، ثم إقامة الدولة الفلسطينية ثانياً.
• في اللحظات التي سبقت انعقاد مؤتمر أنابوليس صرح أولمرت قائلاً بأنه "إذا حدثت أي خلافات بيني وبين رايس فإنني سأتوجه فوراً إلى الرئيس بوش"، وعندها ردت عليه رايس عليه قائلة "سوف تحصل على نفس الإجابة".
• تحدث أولمرت إلى بوش بحضور رايس مطالباً بحقه في اللجوء إلى البيت الأبيض الأمريكي مباشرة ومناقشة الرئيس الأمريكي جورج بوش، وبعد انتهاء أولمرت من حديثه اكتفى بوش بالصمت ولم يرد –على غير العادة- على طلب رئيس الوزراء الإسرائيلي.
• يحاول الإسرائيليون التأثير على أجندة زيارة بوش المتوقعة إلى إسرائيل يوم 9 كانون الثاني القادم ويقول ستيف هادلي مستشار الأمن القومي الأمريكي الحالي بأن على الإسرائيليين الحصول على "قناة غير رسمية" للاتصال مع البيت الأبيض الأمريكي، تحقق لهم ميزة تخطي كوندوليزا رايس. بكلمات أخرى، يحاول الإسرائيليون دفع أجندة زيارة بوش بحيث تتطرق إلى مناقشة بعض التفاصيل الميدانية المرتبطة بالحواجز والمعابر ونقاط التفتيش الإسرائيلية الموجودة في الأراضي الفلسطينية، وهي المواضيع التي تندرج حالياً ضمن ملفات عملية سلام الشرق الأوسط الموجودة لدى رايس.
* أبرز التفسيرات:
يقول تقرير هاآرتس بأن خلافات أولمرت – رايس هي بسبب الفجوة بين التوقعات والنتائج، ويشير التقرير إلى أن إدراك رايس يتمثل في أن الإسرائيليين حصلوا على الكثير ولكنهم لم يقدموا شيئاً بالمقابل، وتحديداً فقد قدمت إدارة بوش لهم هدية كبيرة ضمن الخطاب الذي أرسله جورج بوش في نيسان 2004م إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إرييل شارون الذي أشار فيه ضمناً إلى:
• موافقة الإدارة الأمريكية الضمنية التي تعترف بالكتل الاستيطانية.
• إدراك الإدارة الأمريكية بأن تكون عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى الأراضي الفلسطينية وليس إلى إسرائيل.
كذلك يشير التقرير بأن الإسرائيليين ينظرون إلى رايس على أساس اعتبارات أن تتحلى بالصبر وعدم الاستعجال وبأن ما حدث حتى الآن يعتبره الإسرائيليون كافياً لكي لا تقوم رايس بطلب المزيد فقد ذهب الإسرائيليون إلى مؤتمر أنابوليس الذي دعت إليه الإدارة الأمريكية وشاركوا فيه وأيضاً وافق الإسرائيليون على مؤتمر باريس للمانحين.
كذلك يرى الإسرائيليون بأن إحدى نقاط خلاف أولمرت – رايس البارزة تتمثل في رغبة رايس في وضع وتضمين قضايا الوضع النهائي ضمن أجندة بنود وتوصيات المؤتمر ولكن الإسرائيليين رفضوا قبول ذلك.
ونقطة أخرى في خلافات رايس – أولمرت، تتمثل في محاولة رايس التأكيد على أن السلطة الفلسطينية قد أحرزت تقدماً في عملية إصلاح قوات الأمن الفلسطينية بينما يرى الإسرائيليون بأن ما حدث على الجانب الفلسطيني لا يعني شيئاً بالنسبة للإسرائيليين حتى الآن.
عموماً، يضيف تقرير هاآرتس خلافات أولمرت – رايس مشبهاً الأمر بـ"العربة والفرامل"، فمحمود عباس ورئيس وزرائه سلام فياض يريدون العمل من أجل إنجاز الاتفاق ورايس تريد دفع التحركات لتتم بسرعة، ولكن أولمرت يقوم بدور جهاز الفرامل الذي يقوم بكبح وإعاقة الحركة، وعلى ما يبدو فإن عملية الكبح والإعاقة سوف تستمر ولن تنتهي إلا بإبعاد رايس عن ملفات الشرق الأوسط وهو أمر لن يتم إلا بانتهاء ولاية إدارة بوش أو إقالة بوش لرايس أو تقديم رايس لاستقالتها من منصب وزير الخارجية، أو بإقناع اليمين الإسرائيلي الديني على النحو الذي يشجع أولمرت على المضي في عملية السلام دون خوف من احتمالات مواجهة اليمين الديني داخل تحالف كاديما، على النحو الذي سوف يؤدي حدوثه بلا شك إلى إسقاط حكومة أولمرت بواسطة الكنيست الإسرائيلي.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...