"داعش" يمهل أهل الميادين 24 ساعة لـ"التوبة"
تشي البيانات المتبادلة بوتيرة متسارعة بين "جيش الإسلام" من طرف وتنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام"- "داعش" من طرف ثانٍ، أن المواجهة بينهما في الغوطة الشرقية في ريف دمشق باتت على الأبواب، بانتظار إطلاق الرصاصة الأولى، فيما تجددت المفاوضات في دير الزور، حيث عاد وفد بلدة الشحيل للاجتماع مع عمر الشيشاني لدراسة المهلة التي منحها "داعش" لأهالي وكتائب مدينة الميادين لإعلان توبتهم وتسليم سلاحهم قبل صلاة المغرب اليوم.
وكان "مجلس القضاء الموحد"، الذي تأسس منذ أيام بمشاركة "جيش الإسلام" و"أحرار الشام" و"أجناد الشام"، قد أمهل "الدولة الإسلامية" مدة 24 ساعة لتنفيذ بعض الشروط التي طلبها البيان الصادر عن المجلس تحت طائلة محاربته. ومن هذه الشروط حذف كلمة "الدولة" من اسم الفصيل في الغوطة، وتبيان رأيه رسمياً بعناصر وقيادات الفصائل الأخرى، من حيث إسلامهم أو ردتهم، وأخيراً أن يقبل بالنزول على "حكم الله وشريعته".
وبعد مرور المهلة من دون أن يصل أي رد من طرف "الدولة" أصدر المجلس بياناً جديداً طالب فيه جميع أبناء الغوطة بالانشقاق عن "داعش" تمهيداً لإعلان الحرب عليه.
وقد تولّى قائد "جيش الإسلام" ورئيس الهيئة العسكرية في "الجبهة الإسلامية" زهران علوش أمر إعلان الحرب، عندما قال، في مؤتمر صحافي عقده في الغوطة الشرقية، "حتى الآن لم يجد ممانعة من أي فصيل لقتال داعش"، ما يوحي أن ثمة إجماعاً بين الفصائل المعتبرة في الغوطة على قتال "الدولة الإسلامية" والتخلص منه.
من جهته، أصدر "داعش"، وفي مبادرة نادرة بياناً خفيف اللهجة يدعو فيه "جيش الإسلام" إلى التحاكم إلى محكمة مشتركة لحقن الدماء والتفرغ لقتال "النصيرية". وجاء هذا البيان غير المعتاد، رغم أن دماء أحد أشهر "أمراء داعش" في الغوطة الشرقية، وهو قرين الكلاش (عبد المجيد العتيبي) لم تجف بعد، والمتهم بقتله "جيش الإسلام"، الأمر الذي فهمه خصومه على أنه أول الوهن الذي يصيبه، فاستبشروا بقرب القضاء عليه. وقد تكون قلة أعداد مقاتلي "داعش" في الغوطة الشرقية هي ما دفعته إلى المهادنة قليلاً على خلاف عادته، وربما كان البيان من قبيل الحيلة وخدع الحروب.
وتشير المعطيات الميدانية، أن كلا الطرفين يقوم في الواقع بالتحضير وحشد عناصره وآلياته استعداداً للمواجهة المقبلة التي يبدو أنه لا سبيل إلى إيقاف حدوثها، أما البيانات المتبادلة فهي من قبيل ذر الرماد في العيون وبغاية الاستهلاك الإعلامي لتبرير المواجهة أمام أنصار كل منهما.
أما على مقلب مدينة دير الزور، التي يحقق فيها "داعش" تقدماً متواصلاً منذ أسابيع، فقد علمت "السفير" من مصادر مقربة من "الدولة الإسلامية" أن أبا أيمن العراقي، الذي عيّن "والياً" على البادية، ونائبه أبو أسامة الوايلي (سعودي الجنسية) كانا الشخصين اللذين قاما بالدور الأهم في التفاوض مع قادة "جبهة النصرة" في البوكمال لإقناعهم بالانشقاق ومبايعة "أميرهما" أبي بكر البغدادي. ويبدو أن أسلوب التفاوض والتسويات أشعر "داعش" بسهولة السيطرة على المدن من دون أية خسائر بشرية أو مادية، فقرر اتباع هذا الأسلوب بطرق شتى في مدن دير الزور التي لا تزال خارج سيطرته.
ويأتي البيان الذي صدر عنه أمس الأول بخصوص مدينة الميادين في هذا الإطار. حيث طلب البيان، الصادر عن "ولاية البادية"، من أهالي وكتائب مدينة الميادين كافة أن "يعلنوا توبتهم ويسلموا أسلحتهم قبل صلاة المغرب من يوم السبت (اليوم)"، وهو ما يعني أن التنظيم يخطط لدخول المدينة بالطريقة نفسها التي دخل بها البوكمال من دون قتال، وبعد أن يضمن أن أحداً لا يفكر بقتاله.
وقد أثار هذا البيان مخاوف الأهالي والوجهاء، لاسيما أنه ترافق مع مواجهات عنيفة تحدث للمرة الأولى في محيط مدينة الشحيل، التي تعتبر المعقل الأخير والأهم لـ"جبهة النصرة" والتي يعتقد أن كبار قادتها يختبئون فيها.
لذلك شكّل الوجهاء وفداً، غالبيته من مدينة الشحيل، وبرئاسة عمار الحداوي الذي يتفرع من عائلة أحد كبار قادة "النصرة"، لمحاولة التفاوض من جديد مع عمر الشيشاني بهدف التوصل إلى تسوية ترضي الجانبين. وبحسب مصدر مطلع على مجريات التفاوض، فقد تمّ الاتفاق على وقف إطلاق النار بشكل مبدئي، بالتزامن مع بداية شهر رمضان، إلا أن موضوع مدينة الميادين بقي عالقاً ولم يتوصل الطرفان إلى حل بخصوصه، مع إصرار الشيشاني على "التوبة" وتسليم السلاح قبل المهلة المحددة. ولم يعرف هل المقصود وقف إطلاق النار على كامل جبهات دير الزور أم على جبهة الشحيل فقط.
عبد الله سليمان علي
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد