دمشق وموسكو: موقف مشترك اليوم من خطة أنان وسبل تنفيذها
يتوقع أن يصدر من موسكو اليوم موقف روسي سوري مشترك يحسم الالتزام بخطة مبعوث الامم المتحدة والجامعة العربية الى سوريا كوفي انان وسبل تنفيذها، بالاضافة الى الجداول الزمنية التي كان قد أعلن عنها سابقا والتي يبدو أنها سقطت في اليومين الماضيين نتيجة التمسك بالشروط المتبادلة من مختلف أطراف الازمة السورية.
ومع وصول وزير الخارجية السوري وليد المعلم الى موسكو، حيث يلتقي نظيره الروسي سيرغي لافروف اليوم، أعلن نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف ان موسكو تعمل مع السلطات السورية من أجل إنهاء العنف وبدء محادثات مع المعارضين، لكنه شدد على ان «محاولات فرض حل من الخارج تؤدي فقط الى تصعيد التوتر».
وفي الوقت الذي عبرت فيه الأزمة السورية الحدود التركية واللبنانية، حيث استشهد المصور في قناة «الجديد» الزميل علي شعبان، نشرت صحيفة «ميللييت» التركية أمس معلومات نقلا عن مصادر مطلعة مدنية وعسكرية تفيد بأن تركيا تخلّت عن اشتراطها قراراً من مجلس الأمن الدولي للتدخل العسكري في سوريا. وقــالت إن عدد اللاجئين السوريين إلى تركيا وصل إلى 25 ألف شــخص، وانه إذا وصل العدد إلى 50 ألفا فستتدخل عسكرياً لإقامة منطقة عازلة وممرات إنسانية. كذلك في حال قيام النظام السوري «بمــجازر» في مديــنة حلب فإن أنقرة ستفــعل الشيء ذاته، لأنـها تعتبر حلب خطاً أحمر.
وكان رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان قد أعلن أن أنقرة تتابع بصبر وصلابة الأحداث السورية، وانه بعد العاشر من نيسان الحالي «سنطبق الخطوات الضرورية»، من دون أن يكشف عن ماهية هذه الخطوات. وأضاف أن انان أعلن تاريخاً هو العاشر من نيسان ويجب تتبع هذه العملية تتبعاً وثيقاً.
ووصل المعلم إلى موسكو، ومن المقرر أن يجتمع مع لافروف اليوم، وهو الموعد المحدد لبدء انسحاب القوات الحكومية السورية من المدن والبلدات بموجب خطة أنان، على أن يتم وقف جميع أنواع العنف بحلول الساعة السادسة صباح الخميس المقبل.
وقال غاتيلوف، خلال مؤتمر في مبنى جامعة العلاقات الدولية في موسكو، إن «روسيا تعمل مع دمشق بنشاط لبدء عملية التسوية السياسية في البلاد بأسرع ما يمكن»، لكنه شدد على أن «محاولات فرض حل من الخارج تؤدي فقط الى تصعيد التوتر. كل شيء يجب أن يسير على أساس احترام السيادة السورية، أما العنف فيجب وقفه».
وأوضح غاتيلوف أن «روسيا تقف ضد التفسيرات الواسعة لقرارات مجلس الأمن الدولي وضد محاولات فرض وصفات خارجية لتسوية النزاعات الداخلية». وتابع «لا يجوز أن يتخذ مجلس الأمن قرارات غير واقعية، أما (القرارات) التي تتخذ أحيانا في ظروف يصعب بها إيجاد حلول وسط فيجب أن تطبق بصرامة من قبل دول الأعضاء ومن دون تفسيرات واسعة»، مذكرا بالأزمة الليبية وكيف تم «تفسير تفويض (مجلس الأمن) تفسيراً غير صحيح».
وأعلن غاتيلوف ان روسيا لا تستبعد إمكانية إرسال ممثلين عنها للعمل ضمن بعثة مراقبي الأمم المتحدة إلى سوريا. وقال «إننا نبحث هذه الامكانية في الوقت الحالي. لا أستطيع بعد أن أقول لكم شيئا محددا بهذا الصدد. القضية جدية إلى حد كبير وتتطلب دراسة إضافية». وأضاف أن مسألة تشكيل بعثة المراقبين الأممية إلى سوريا لم تُقرّ مبدئياً بعد، موضحاً «حاليا تجري عملية التوافق على المعايير التقنية للبعثة، ويجب ان يتم التوافق على مستوى البعثة وقوامها». ولم يستبعد المسؤول الروسي أن يتم هذا الأمر بعد 12 نيسان الحالي. وتابع «لا يعرف الامر بعد. لا أستبعد أن يقدم كوفي أنان تقريرا عن عمله إلى مجلس الامن»، موضحا أنه «يجب ان يتم بتاريخ 12 نيسان وقف العنف في سوريا من قبل جميع الأطراف».
ودعت بكين النظام السوري والمعارضة الى احترام «تعهداتهما» بوقف إطلاق النار والانسحاب العسكري من المدن في إطار خطة انان لتسوية الازمة. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية ليو ويمين ان «الصين تدعو الحكومة السورية والاطراف المعنيين في سوريا الى احترام التعهدات بوقف إطلاق النار وسحب القوات» من المدن. ودعا الاسرة الدولية الى «الصبر»، وطالبها «بإعطاء انان المزيد من الوقت».
وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي قد أعلن، في بيان امس الاول، أن «سوريا قبلت بمهمة وخطة المبعوث الدولي كوفي انان إليها بعد أن أكد خلال لقائه الرئيس بشار الأسد أن مهمته تنطلق من احترام السيادة السورية وأنه سيعمل على وقف العنف بكل أشكاله من أي طرف كان، وصولاً إلى نزع أسلحة المجموعات المسلحة لبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها، وبدء حوار وطني شامل مع أطياف المعارضة في سوريا، وأنه على هذا الأساس قبلت سوريا بمهمة انان وخطته ذات النقاط الست».
وأوضح مقدسي أن «سوريا اتخذت عدة خطوات لإظهار حسن النية تجاه خطة انان، وأعلمته تباعاً هذه الخطوات وما زالت، ولفتت نظره إلى تصاعد عمليات العنف من المجموعات الإرهابية المسلحة بصورة تزامنت مع إعلان سوريا قبولها خطة انان».
وأشار مقدسي إلى أن «مداخلات انان أمام مجلس الأمن والتي صدر على أساسها البيان الرئاسي الأخير فسرت وكأن سوريا أكدت أنها ستسحب قواتها من المدن ومحيطها بتاريخ 10 نيسان، وأن مثل هذا التفسير خاطئ، ولا سيما أن انان لم يقدم للحكومة السورية حتى الآن ضمانات مكتوبة حول قبول المجموعات الإرهابية المسلحة وقف العنف بكل أشكاله واستعدادها لتسليم أسلحتها لبسط سلطة الدولة على كل أراضيها، وكذلك ضمانات بالتزام حكومات كل من قطر والسعودية وتركيا بوقف تمويل المجموعات الإرهابية وتسليحها».
وأكد أن «سوريا لن تكرر ما حدث خلال وجود بعثة المراقبين العرب، عندما التزمت بخروج قواتها المسلحة من المدن ومحيطها، الأمر الذي استغلته المجموعات الإرهابية المسلحة لإعادة تنظيم وتسليح عناصرها وبسط سيطرتها على أحياء بأكملها، وقامت خلالها بكل أشكال الإرهاب من قتل وخطف وتهجير للمواطنين وتخريب الممتلكات العامة والخاصة، الأمر الذي اضطر قواتنا المسلحة للتدخل تلبية لنداءات المواطنين لبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها وتأمين الحماية لمواطنيها وإعادة الحياة الطبيعية الآمنة للمدن السورية».
وقال مقدسي إن «الجمهورية العربية السورية جاهزة لمواصلة التعاون مع انان، وستواصل إعلامه بالخطوات المتخذة لتنفيذ خطته، على أمل الحصول على الضمانات الموثقة كما ذكرنا آنفا، وأي خلل أو سوء تفسير لموقف سوريا لن يسهم في إنجاح مهمة انان».
وأعلن انان، في بيان أمس الأول، انه «صدم بالتقارير الاخيرة التي تفيد عن تصعيد في العنف والفظاعات في العديد من المدن والقرى السورية».
ولم يشر انان للمطالب السورية الجديدة في بيان صادر عن مكتبه في جنيف. ودعا الحكومة السورية والمعارضة الى وقف اعمال العنف بحلول الساعة السادسة بتوقيت دمشق الخميس. وقال «مع الاقتراب من مهلة الثلاثاء أذكّر الحكومة السورية بضرورة التطبيق الكامل لالتزاماتها» مشددا على ان «تصعيد العنف غير مقبول».
وأعلن انه على اتصال مباشر بالحكومة السورية وحث «كل الدول ذات التأثير على الطرفين باستخدام هذا التأثير الآن للمساعدة في إنهاء العنف والبدء في حوار سياسي».
وقال المتحدث باسم المبعوث الدولي أحمد فوزي ان انان سيزور مخيما للاجئين السوريين في تركيا اليوم في طريقه لإجراء محادثات مع كبار المسؤولين في طهران غدا.
ووجه الامين العام للامم المتحدة بان كي مون نداء أخيرا الى النظام السوري «لوقف الهجمات على المدنيين». وقال المتحدث باسم الامم المتحدة مارتن نسيركي ان «الامين العام كرر الطلب من الحكومة السورية أن توقف فورا أعمالها العسكرية التي تستهدف المدنيين واحترام الالتزامات التي وعدت بها المبعوث الخاص كوفي انان».
ودان مجلس الوزراء السعودي، الذي اجتمع برئاسة الملك عبد الله في الرياض، «التصعيد الخطير في أعمال العنف من قبل النظام السوري في العديد من المدن والقرى السورية». وأشار الى ان «عدم الالتزام بخطة انان التي تنتهي مهلتها يوم غد (اليوم) يظهر مدى تعنت النظام السوري وعدم احترامه لالتزاماته العربية والدولية التي سبق أن وعد بها». وحث المجتمع الدولي «على بذل كل الجهد لحماية المدنيين السوريين وإيجاد حلول ناجعة للوضع المتأزم في سوريا».
وقال الملك الاردني عبد الله الثاني، خلال استقباله وفدا من الكونغرس الاميركي امس الاول، ان «الاردن يؤمن بضرورة إيجاد مخرج للأزمة السورية في إطار الإجماع العربي، ويدعم مهمة انان في هذا الصدد، وبما يساعد على تجنيب الشعب السوري المزيد من العنف وإراقة الدماء».
ورفضت واشنطن مطالب سوريا بضمانات مكتوبة بأن يلقي المقاتلون السلاح. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية فيكتوريا نولاند «هذه ليست سوى وسيلة أخرى للمماطلة من أجل كسب الوقت». وقال المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارني «لم نر أي مؤشر بعد على ان نظام الاسد يلتزم بتعهداته» بموجب الاتفاق مع انان.
ودانت باريس «بشدة باستمرار المجازر» في سوريا، واعتبرت «المطالب الجديدة» للنظام السوري «غير مقبولة». وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو «بعد ان أعلن نظام بشار الاسد موافقته على خطة انان واقترح بنفسه مهلة العاشر من نيسان لسحب قواته وأسلحته الثقيلة من المدن، ها هو يتقدم بمطالب جديدة غير مقبولة». وأضاف ان «فرنسا تجدد دعمها وثقتها في انان وهي تعرب عن صدمتها إزاء الفظائع المستمرة في سوريا».
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد