رامبو الإعلام الإسرائيلي يحتل محطة دير الزور الزراعية
فاخر الصحافي الإسرائيلي رون بن يشاي وصحيفة «يديعوت أحرنوت» بوصولهما ليس إلى أقل من المكان الذي «قصفته» الطائرات الإسرائيلية شمال شرق سوريا. وبغية تبرير العنوان الرئيسي الذي احتله نبأ وصول «مبــعوث الصــحيفة إلى سوريا» جرى الحديث عن حفر كبيرة لم يرها «المبــعوث» في منطقة محاجر ومناجم. ولكن قراءة تقرير بن يشاي أظهر للإسرائيليين أن الخبر الوحيد في كل تقريره هو أنه وصل إلى سوريا وعاد منها.
والواقع أن «الخبطة الإعلامية» لبن يشاي تحولت إلى ما يشبه النكتة في الدوائر الإعلامية الإسرائيلية. فبعد تبدد الأثر الأولي لعنوان «يديعوت» وقراءة تقرير بن يشاي بدأت التعليقات في مواقع الانترنت بل وعلى شاشات التلفزيون.
وفي «لسعة» ذكية من جانب القناة العاشرة سأل مقدما برنامج «لوندن إت كريشنباوم» الإخباري المراسل الســياسي للقــناة: هل سيغطي بن يشاي مؤتمر الخـريف في واشنــطن؟ رد المراسل: لا أعتقد ذلك فواشنطن مكان آمن يصعب على بن يشاي الذهاب إليه!
والحال أن عنصر المغامرة أمر مفهوم في عالم الصحافة، وهو ما دفع بن يشاي إلى الإقرار في مقابلة تلفزيونية بأنه كان خائفاً عندما قرر دخول الأراضي السورية. وغطى بن يشاي خوفه هذا بإعلانه أن الخوف ضروري للبقاء من جهة، وأن ما بدده هو امتلاكه جواز سفر وجنسية أخرى غير الجنسية الإسرائيلية.
ويثير بن يشاي وسلوكه ازدراء كثيرين في عائلة الصحافيين الإسرائيليين. وقد كتب عنه أحد مدراء موقع «فريش» على شبكة الانترنت أن «بن يشاي يدخل مرة تلو مرة إلى دول معادية، ولكنه لا يجلب من هناك أية مواد صحافية خاصة سوى ثناء على النفس وصور «كنت هناك»... والحقيقة أنني تسللت لرؤية صورته على خلفية المنطقة التي يجري الحديث عنها. قبل سنوات حاول كثيراً ولكنه لم يكن محبوباً. لقد نام سنوات وبين الفينة والأخرى كان يظهر لينفخ في نبأ نشر هنا أو هناك. ويبدو لي أنه في حرب الخليج عاد إلى الظهور على الشاشة ثم نام بعد ذلك».
وكتب آخر أن زيارة بن يشاي لسوريا هي «مقامرة خطرة كان يمكن أن تنتهي لنا بعلم وشرط: إطلاق ســراح رون مــقابل مـزارع شبعا!»، فيما أوضح آخر «أن المثير للسخرية هو أن الاستخبارات السورية وكل ما لديها لم تفلح في تشخيص أحد كبار المراسلين في إسرائيل عند اقترابه من موقع القصف كمراسل ليديعوت»، مشيراً إلى أن هذا الرجل «عديم المسؤولية ومتغطرس من الدرجة الأولى.
غير أن مدير موقع «عنيان مركزي» رامي يتسهار حمل بشدة على عدم تعرض بن يشاي للعقاب جراء زيارته لسـوريا، في حين تلاحق إسرائيل أعضاء الكنيست العرب إن زاروها. وتساءل يتسهار عن صورة بن يشاي أمام لافتة مركز دراسات الصحراء هل هي «فوتو مونتاج أم صورها بنفسه؟ وأشار إلى بن يشــاي «الصحافي الذي يشيخ يرفض الاعتراف بأن أيامه البــهيجة في كتائب الشبيبة قد ولت فسافر إلى سوريا. وقد عاد من هنـاك من دون أي أمر مثـير للاهتمـام(. ولكن هذا لم يمنـع الصحــيفة ولا موقعها على الانترنت من إثارة ضجة كبيرة فقط لأن «معـاريف» و«هآرتس» لم ترسلا مبعوثين ينتهكون القانون ويعودون خاويي الوفاض».
وتوجه يتسهار لـ«يديعوت» قائلا إن «الإنجاز الصحافي الوحيد الذي كان يمكن وضعه تحت شارة «حصرياً» في العنوان الرئيسي هو صورة بن يشاي قرب لافتة على بعد كيلومترات كثيرة من الموقع. لقد أضحكتموني. إنه جيمس بوند لمحدودي القدرة».
والواقع أن بن يشاي لم يفد الصحافة الإسرائيلية في شيء بزيارته لسوريا، ولكنه أظهر افتقار الأجهزة الأمـنية العربـية لأبسط مبررات تشددها على المواطنين العرب. فإذا كان بن يشاي، وهو ضابط مظليين احتياط برتبة مقدم في الجيش ومراسل عسكري لسنوات طويلة للتلفزيون الإسرائيلي ومعلق يظهر كثيرا على التلفزيون، غير معروف لهذه الأجهزة فكيف حال من ليسوا كذلك ؟
لقد زار بن يشاي العراق مع القوات الأميركية وبعد ذلك مرارا مع قوات البيشمركة في كردستان وأسهب في نشر التقارير من هناك. كما زار اليمن وأرسل تقارير عن ما تبقى من الجالية اليهودية هناك. وزار لبنان مراراً مع القوات الإسرائيلية، وآخرها في حرب لبنان الثانية. لكنه زار بيروت والضاحية الجنوبية بعد الحرب وأرسل تقاريره حتى عن زياراته إلى الجنوب اللبناني. وأخيراً جاءت زيارته لسوريا لتشهد ليس فقط على أن الأجهزة الأمنية في بلادنا لا تقرأ إلا من يخرج عن النص عندنا وأيضاً لا تشاهد إلا ما لا يفيد أحداً.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد