رايس قادمة وفي حقيبة يدها قوات حلف الناتو

24-07-2006

رايس قادمة وفي حقيبة يدها قوات حلف الناتو

الجمل:  في خبر عاجل تناقلته الفضائيات، وبثته قناة الجزيرة، أفاد بأن وزير الدفاع الإسرائيلي قد صرّح بأن حكومته قد توافق على نشر قوات دولية من حلف الناتو على الجانب اللبناني من الحدود الإسرائيلية.
إن صحّ هذا الخبر وتحقق، فإن أبرز التداعيات لعملية نشر حلف الناتو، يمكن الحديث عنها على النحو الأتي:
أولاً: إن حلف الناتو، يمثل ذراعاً عسكرياً للولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين، وهي تسيطر عليه بالكامل، وقد تم إنشاء هذا الحلف من أجل مواجهة التوسع الشيوعي، أو بالأحرى من أجل صد العدوان العسكري الشيوعي –إن حدث- ضد أوروبا، خلال فترة الحرب الباردة، هذا وقد كانت السيطرة الأمريكية على هذا الحلف سبباً للكثير من الخلافات بين الدول الأوروبية، خاصة فرنسا التي قامت بسحب قواتها من حلف الناتو، وأبقت على وجودها السياسي فقط في مجلس الحلف..
كذلك، بعد انهيار المعسكر الاشتراكي الشيوعي، ارتفعت الأصوات الأوروبية المطالبة بإنهاء الحلف، وسحب للشبكات وترسانات الأسلحة النووية الأمريكية إلى خارج أوروبا..
ثانياً: كان موقف أمريكا ضعيفاً في إقناع الأوروبيين بضرورة استمرار الحلف، ولكنها وجدت فرصة أكبر في حرب يوغسلافيا عندما دفعت الحلف إلى التورط في حرب يوغسلافيا تحت دعاوى ومبررات تحقيق الأمن والاستقرار في الجزء الجنوبي الشرقي من القارة الأوروبية، ثم جاءت هجمات الحادي عشر من أيلول.. والتي استغلتها أمريكا في إقناع الرأي العام الأوروبي بضرورة استمرار وجود الحلف من أجل الحرب ضد الإرهاب..
كذلك، قامت الحكومة الأمريكية بدعم حملة توسيع حلف الناتو شرقاً بحيث يضم جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق في البلطيق، وذلك تحت دعاوى مختلفة أبرزها دفع وتحريك خط المواجهة شرقاً بما يبعده عن حدود غرب أوروبا التقليدية، إضافة إلى حماية المصالح الأوروبية والأمريكية، وأيضاً اعتبارات أن انضمام دول شرق أوروبا السابق إلى عضوية حلف الناتو سوف تغلق الباب نهائياً أمام احتمالات عودة الشيوعية إلى هذه البلدان.. وبالذات بولندا، وتشيكيا، وبلغاريا، ولاتفيا واستونيا.. وغيرها..
ثالثاً:  هناك عملية جارية، يقوم بها حلف الناتو حالياً وتهدف إلى توسيع حلف الناتو جنوباً/ بحيث يضم إسرائيل والدول العربية التي لها اتفاقيات سلام مع إسرائيل، إضافة إلى بعض دول الخليج العربي..
ومن أبرز التحركات التي تشير إلى ذلك، اجتماع قمة الناتو السابق في مدينة اسطنبول التركية، والاجتماع التنسيقي الذي تم في العاصمة المغربية- الرباط، والذي ضم ممثلين عن المغرب والجزائر ومصر وتونس، إضافة إلى إسرائيل ومسؤولي حلف الناتو، وأقر القيام بتنفيذ وإجراء مناورات بحرية في جنوب المتوسط تشترك فيها هذه الدول العربية إضافة لإسرائيل وتركيا..
كذلك، هناك اتصالات مكثفة بين حلف الناتو والنظام الملكي الأردني، وقد قام الملك عبد الله ملك الأردن بزيارة رسمية لمقر قيادة حلف الناتو..
رابعاً: إن القبول بنشر قوات حلف الناتو، على الجانب اللبناني من الحدود اللبنانية- الإسرائيلية، يشير إلى الأتي:
- سوف لن تستطيع المقاومة اللبنانية الاستمرار في عملياتها من أجل استكمال تحرير الأراضي اللبنانية، (مزارع شبعا)، وإطلاق سراح السجناء والأسرى من السجون الإسرائيلية.. لأن القيام بأي عملية سوف يجعل المقاومة اللبنانية في مواجهة مع حلف الناتو..
- الوحدات العسكرية للحلف والتي تتضمن بالضرورة وحدات عسكرية استخباراتية، تساهم فيها أمريكا وبريطانيا والدول الأوروبية الأخرى، سوف يؤدي بالضرورة إلى وجود الكثير من العناصر الأمريكية والبريطانية المزدوجة الولاء.. والمعروفة بتحيزها لإسرائيل.. على نحو قد يكرر تجربة فريق التفتيش الدولي في العراق خلال فترة صدام حسين، وبالتالي تتم كتابة الكثير من التقارير المشبوهة والخاطئة والمتحيزة، والتي لن تكون بأي حال من الأحوال سوى التعبير عن مصلحة الجانب الإسرائيلي في الصراع، هذا إذا لم يكن المسؤولون عن قوات الناتو نفسهم من الأوروبيين الحاملين لجنسيات مزدوجة (بلجيكية/ إسرائيلية)، (بريطانية/ إسرائيلية)، (أمريكية/ إسرائيلية).. وما شابه ذلك..
إن نشر قوات الناتو معناه، إخراج لبنان نهائياً من دائرة الصراع الذي يهدده بالأساس، ويفتح المجال أمامه من أوسع أبوابه لأجهزة المخابرات الإسرائيلية والأمريكية للتلاعب باستقرار لبنان، وإجراء المزيد من الاغتيالات السياسية.
إن نشر قوات الناتو على الجانب اللبناني، معناه خروج جنوب لبنان بالكامل عن سيادة لبنان ووقوعه ضمن سيادة الناتو باعتراف أمريكي- بريطاني- بلجيكي- كندي... ولن تكتفي قيادة الناتو بالبقاء في جنوب لبنان، بل سوف تعطي نفسها الحق بالتغلغل إلى كامل الأراضي اللبنانية وربما دول المنطقة الأخرى تحت دواعي متابعة وتعقب الإرهاب والإرهابيين.
- حالياً، قوات الناتو متورطة في غزو أفغانستان ومتورطة في يوغسلافيا.. وهناك الكثير من الأصوات التي تطالب بسحب هذه القوات والتحقيق في الجرائم التي ارتكبها أفرادها.
- خلال العام الماضي، تم اقتراح نشر قوات الناتو في إقليم دارفور لوقف الحرب الأهلية الدائرة هناك، وقد رفضت الحكومة السودانية ذلك بشدة، وأعلنت بريطانيا عن تخصيص ثلاثة آلاف جندي من قواتها بكامل عتادهم العسكري للمشاركة ضمن الناتو في دارفور.. ولكن بسبب الرفض الشعبي، وإصرار زعماء القبائل والميليشيات في دارفور.. إلى الحد الذي قال فيه بعضهم بأنهم سوف يقاتلون قوات الناتو.. وسوف يقاتلون الحكومة السودانية نفسها إن سمحت بدخول هذه القوات.. وبالفعل تم العدول عن الفكرة..
- يعتقد الأوروبيون والأمريكيون أن الهجوم على إيران يؤدي إلى هجوم حزب الله على إسرائيل.. وبالتالي فإن وجود قوات الناتو.. قد يكون بمثابة محاولة لحماية إسرائيل من أي هجوم ضدها من داخل لبنان.. في حالة ضرب إيران..
وعموماً يمكن القول:
- إن إسرائيل بكل تأكيد سوف تستفيد بقدر كبير من وجود قوات الناتو على الأراضي اللبنانية، وسوف تعمل بمساعدة أمريكا وبريطانيا وغيرها من أجل توجيه تقارير قوات الناتو إلى رئاستها على النحو الذي يجرّم خصوم إسرائيل في المنطقة.. ولما كانت تقارير حلف الناتو يتم رفعها إلى البرلمان الأوروبي وغيره من مؤسسات الاتحاد الأوروبي، فإن هذه التقارير المشوهة على خلفية اتفاقية الدفاع والأمن والسياسة الخارجية الموحدة الأوروبية سوف تؤدي إلى أضعاف موقف الكثير من الأطراف الأوروبية الداعمة للحق العربي.
- كذلك ربما –إن لم يكن من المؤكد أن تقدم الأجهزة الإسرائيلية بالتنسيق مع بعض شبكاتها العاملة ضمن الأراضي اللبنانية.. بتخطيط وتنفيذ بعض العمليات السرية ضد قوات الناتو.. على النحو الذي يشكل ذريعة للناتو من أجل المزيد من التصعيد والتدخل العسكري في المنطقة..
- لبنانياً، يتوقع أن تحاول الأطراف اللبنانية التي ظلت تستقوي بأمريكا وفرنسا الدخول في تحالف غير معلن مع الناتو على النحو الذي يتم فيه دفع الناتو إلى تبني الكثير من الأجندة اللبنانية الداخلية الفائقة الحساسية، (مثل نزع سلاح حزب الله).. واستكمال تنفيذ القرار 1559. وغير ذلك مما ستطبخه الأفعى كوندي في جولتها على دول المنطقة.

تحليل الجمل

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...