رغم الجولات البروتوكولية تراجع في انتاج القطن
لم يكن محصول القطن هذا العام طبيعياً في القطر، فبالإضافة لما تعرض له الموسم من ظروف جوية تمثلت في موجات الحرارة المرتفعة أو الأمطار التي أجلت موعد الزراعة والأمطار الخريفية التي هطلت في الأسبوع الأخير من أيلول وتشرين الأول وأدت إلى أضرار كبيرة، فقد تعرض المحصول للإصابة الشديدة بديدان اللوز المختلفة ووصلت الإصابة في بعض الحقول في محافظة الرقة إلى نسب مرتفعة تجاوزت النسب المقررة في مؤتمر القطن دون اتخاذ أي إجراءات للمعالجة حسب اتحاد فلاحي الرقة.
وكما هي العادة فإن كل جهة قذفت التقصير الحاصل الى الجهة الأخرى والكل يتهم الجهة الثانية بالنسبة لتدني الإنتاج سواء الفلاحين أم وقاية المزروعات أو البحوث الزراعية وهذا ليس بجديد ولكن الواضح أن جميع الجهات اعترفت أن هناك أضراراً أصابت محصول القطن لذا فإن حساب الحقل لم يتطابق مع حساب البيدر فبعد أن قدر الإنتاج لهذا العام بحدود 881 ألف طن تراجعت التوقعات حسب إدارة بحوث القطن إلى 700 - 750 ألف طن نتيجة الأسباب آنفة الذكر.
- بالعودة إلى التفاصيل فقد تم في 27/9 القيام بجولة حقلية في حقول القطن في الرقة من مديرية وقاية المزروعات وإدارة بحوث القطن وممثل اتحاد الفلاحين في المحافظة وتبين لهذه اللجنة وجود إصابة قديمة وتساقط حراري، وقدرت إنتاجية الحقول المبكرة بحوالى ٣00/كغ دونم والحقول المتوسطة التبكير بـ 250/كغ بالدونم والحقول المتأخرة التي تطبق المكافحة الكيميائية ظهرت فيها إصابة بالذبابة البيضاء وإنتاجها لا يتعدى 200/كغ دونم وخلصت اللجنة حسب محضر وقاية المزروعات إلى أن تدني الإنتاج يعود إلى تأخر بعض الفلاحين بزراعة القطن وتعرض النبات للصدمة الحرارية عند أوج الأزهار والعقد، وارتفاع درجات الحرارة ما بين منتصف تموز وأواخر آب وإعطاء النبات ريات غزيرة ولاسيما أثناء ارتفاع درجات الحرارة الذي يؤدي إلى ما يسمى التسمم الحراري للبراعم والأزهار والثمار الصغيرة مما يسبب تساقطها وزيادة كمية الأسمدة الآزوتية المضافة (يوريا) من قبل بعض الفلاحين التي تؤدي إلى النمو الخضري الزائد على حساب الثمار وارتفاع مستوى الماء الأرضي في بعض الحقول والكثافة النباتية مما يشجع على الإصابة الحشرية، وقيام بعض الفلاحين بالمكافحة العشوائية مما يسبب الإصابة بالذبابة البيضاء في بعض الحقول.
- ممثل اتحاد الفلاحين في الرقة تحفظ على ما جاء في محضر الجولة المذكورة وخاطب اتحاد الفلاحين في دمشق، وبعد دراسة محضر الجولة الميدانية للجنة والمعلومات الواردة من الرقة والحسكة بيّن الاتحاد العام للفلاحين أنه من الضروري أن يشارك ممثل الفلاحين في أي لجنة مركزية لأن انتشار الإصابة هذا العام بالديدان لم يكن في الرقة فقط وإنما كان في محافظتي الحسكة ودير الزور وهناك أضرار كبيرة وعندما ذهبت اللجنة كانت معظم الحقول قد قطفت ولم تستطع تحديد نسب الإصابة وهذا يؤكد وجود إهمال وعدم متابعة من الوقاية والمكافحة والإرشاد الذين تأخروا عن تحديد العتبة الاقتصادية في الوقت المناسب رغم شكاوى الفلاحين المتكررة كما لم يوافق الاتحاد على تقديرات اللجنة بمتوسط إنتاج وحدة المساحة وبيّن أن التأخر في الزراعة في الرقة يعود إلى إعادة الزراعة بسبب الظروف المناخية.
- الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية من خلال إدارة بحوث القطن كان لها رأيها فيما أصاب محصول القطن لهذا العام حيث بينت انخفاض المساحة المزروعة عن الموسم السابق بمقدار /27128/ هكتاراً وكذلك ارتفاع درجات الحرارة وتساقط الحمل الثمري بنسبة 15 - 20٪ وخروج مساحات من الإنتاج بسبب جفاف الآبار وعدم انتظام وصول مياه الري لحقول القطن وتضرر مساحات بسبب الظروف الجوية غير المستقرة خلال أيار، وكذلك ما حدث في خريف هذا الموسم الماطر والبارد وهطول الأمطار الغزيرة في الأسبوع الأخير من أيلول وتشرين الأول أدى إلى أضرار قدرت في حلب بنسبة 15 - 20٪ وكذلك في الرقة ودير الزور كما أقرت إدارة بحوث القطن بحدوث إصابات حشرية في بعض مناطق الزراعة لكنها دون العتبة الاقتصادية وتمت السيطرة عليها وفق برنامج المكافحة المتكاملة لآفات القطن ومقررات وتوصيات مؤتمر القطن كما أن الأسمدة المعدنية لم تكن متوفرة بسهولة وبشكل اقتصادي وحين توفرها أضافها بعض الفلاحين دفعة واحدة والأصل أن تضاف على دفعات ونتيجة كل هذه الأسباب توقعت الإدارة أن يتراوح إنتاج القطن لهذا الموسم ما بين 700 - 750 ألف طن، وبين د.محمد نايف السلتي مدير إدارة بحوث القطن مرور الإنتاج في جميع الدول المجاورة لهذا الموسم بالحالة نفسها علماً أن بعض هذه الدول تزرع أكثر من 50 صنفاً.
أخيراً ومهما يكن فإن الجميع أقر بوجود موسم قطن غير عادي هذا العام نتيجة تضافر مجموعة الأسباب الواردة ولا فائدة بالطبع من تقاذف الاتهامات بالتقصير لهذه الجهة أو تلك. فبالنهاية الخسارة تصيب الاقتصاد الوطني بشكل عام والأفضل أن يتم التعاون منذ البداية لتجنب ما يمكن أن يصيب مثل هذا المحصول الاستراتيجي المهم لا أن ننتظر وقوع الخسارة.
قاسم الشريف
المصدر: البعث
إضافة تعليق جديد