زيارة ديك تشيني للدول العربية الحليفة: الأجندة السرية
الجمل: بدءاً من يوم غد 16 آذار 2008م سيقوم ديك تشيني نائب الرئيس الأمريكي بجولة شرق أوسطية ستشمل سلطنة عمان، السعودية، إسرائيل، الضفة الغربية، وتركيا.
* الخلفيات داخل الإدارة الأمريكية: الشكوك والتساؤلات:
تنطوي الإدارة الأمريكية على خارطة سياسية تتضمن بعض التعقيدات لجهة تبلور بعض الخلافات والمواقف إزاء أجندة السياسة الخارجية الأمريكية الشرق أوسطية. وتشير المعلومات والتسريبات إلى الآتي:
• الجمهوريون منقسمون إلى تيار المحافظين التقليديين الذين أصبحوا يسيطرون على قواعد الحزب، وتيار المحافظين الجدد الذين يسيطرون على مرافق الإدارة الأمريكية.
• الديمقراطيون منقسمون إلى تيار المعارضين لإدارة بوش بقيادة السيناتور هاري ريد رئيس مجلس الشيوخ الحالي، وتيار المتواطئين مع إدارة بوش بزعامة نانسي بيلوزي رئيسة مجلس النواب الحالي والسيناتور الديمقراطي اليهودي الأمريكي جو ليبرمان.
• المحافظون الجدد منقسمون داخل الإدارة الأمريكية بين التيار الذي يراهن على استخدام الوسائل العسكرية الذي يقوده نائب الرئيس ديك تشيني، والتيار الذي يراهن على استخدام الوسائل الدبلوماسية ويقوده تحالف وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس حليفة المحافظين الجدد وروبرت غيتز وزير الدفاع الأمريكي حليف المحافظين التقليديين.
على خلفية التطورات الشرق أوسطية الأخيرة، والتحركات الإسرائيلية والعسكرية الأمريكية للبوارج الحربية، إضافة إلى الخلافات التي تعلقت بانعقاد قمة دمشق، وما حدث في المنطقة الخضراء العراقية من انسحاب الأمريكيين من المفاوضات مع إيران، فإن الكثير من الشكوك والتساؤلات المتزايدة بدأت تبرز حول طبيعة جولة ديك تشيني في المنطقة:
• إلى ماذا تهدف الزيارة؟ إلى النفط أم إلى الضربة العسكرية؟
• لماذا جاءت الزيارة في هذا الوقت بالذات؟ هل للأمر علاقة باستقالة الأدميرال وليام فالون قائد القيادة الوسطى الأمريكية، أم له علاقة بالقمة العربية الوشيكة الانعقاد في دمشق؟
تبدأ المحطة الأولى بسلطنة عمان المطلة على مضيق هرمز، حيث تتواجد بكثافة القواعد والبوارج والغواصات الحربية الأمريكية، فهل زيارة مسقط لها علاقة بترتيبات العمل العسكري المحتمل ضد إيران؟
المحطة الثانية هي المملكة العربية السعودية، وكما هو معروف فإن تفاهم واشنطن – الرياض يتضمن كل الملفات الشرق أوسطية تقريباً، وهي ملفات: ضرب إيران – القمة العربية – الأراضي الفلسطينية – الرئاسة اللبنانية – النفط... فهل ستغطي أجندة الزيارة كل هذه الملفات أم أن هناك بعض الملفات التي سيتم التركيز عليها والتفاهم حولها؟
المحطة الثالثة هي إسرائيل، وبالتأكيد ستكون المحطة الأهم بالنسبة لجولة ديك تشيني لسببين هما:
• خصوصية تفاهم واشنطن – تل أبيب.
• خصوصية علاقة ديك تشيني بالإسرائيليين واللوبي الإسرائيلي وجماعة المحافظين الجدد.
المحطة الرابعة هي الضفة الغربية وتتضمن هذه المحطة ملفات مفاوضات أنابوليس والمواجهة مع حماس والأوضاع في قطاع غزة والسلطة الفلسطينية، وبالتأكيد فإن موقف تشيني في رام الله سيرتبط تماماً بما يتوصل إليه مع الإسرائيليين في تل أبيب.
المحطة الخامسة هي تركيا، وتتضمن هذه المحطة ملف ضرب إيران وملف شمال العراق وربما ملف نشر الدرع الصاروخي الأمريكية في تركيا.
* القراءة في أولويات ديك تشيني:
أجندة ديك تشيني تعطي الأولوية قبل كل شيء لإسرائيل والنفط، وتأسيساً على ذلك ستكون أهدافها متمثلة في الآتي:
• إقناع الرياض بضرب إيران وتخفيض أسعار النفط والموافقة على فرض العقوبات على سوريا إذا لم يترتب على القمة العربية انتخاب الرئيس اللبناني الجديد، والضغوط على الرياض من أجل تبني موقف مشابه لموقفها السابق في حرب صيف العام 2006م إذا قامت إسرائيل بشن الحرب هذه المرة ضد حزب الله اللبناني التي قد تمتد إلى سوريا أو إيران.
• إقناع تركيا بالموافقة على ضرب إيران ونشر الدرع الصاروخي والتعاون مع إسرائيل إذا قررت القيام بعمل عسكري ضد سوريا أو إيران، إضافة إلى السماح لأمريكا باستخدام القواعد العسكرية الأمريكية والأجواء التركية في حالة أي عمل عسكري أمريكي قادم في المنطقة.
• إقناع محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية بالموافقة على:
* استئناف المفاوضات مع إسرائيل دون قيد أو شرط.
* الموافقة على قيام القوات الإسرائيلية بمواصلة عملياتها العسكرية ضد غزة.
* كبح جماح الفلسطينيين في الضفة الغربية في حالة قيام إسرائيل بعمل عسكري في المنطقة ضد سوريا وحزب الله اللبناني.
* اللوبي الإسرائيلي – المحافظين الجدد: ترتيبات جولة تشيني:
أشارت التسريبات الواردة من تل أبيب بأن الأدميرال ويليام فالون قائد القيادة الوسطى الأمريكية قد تمت إقالته من منصبه بعد جهود كبيرة مورست فيها الكثير من أنواع الضغوط ضد الإدارة الأمريكية بواسطة:
• ضغوط جماعة المحافظين الجدد.
• ضغوط اللوبي الإسرائيلي على لجان الأمن والدفاع والعلاقات الخارجية داخل الكونغرس إضافة إلى زعماء الديمقراطيين والجمهوريين.
• ضغوط الإسرائيليين على الرئيس بوش والتي بدأت منذ زيارة بوش الأخيرة إلى تل أبيب.
وتقول التسريبات أيضاً بأن على التحركات المكثفة التي قام بها ثلاثي جماعة المحافظين الجدد – اللوبي الإسرائيلي – تل أبيب لإقصاء الأدميرال فالون ترجع لعد أسباب أبرزها:
• معارضة فالون داخل البنتاغون والجيش الأمريكي لاستخدام الوسائل العسكرية ضد إيران.
• تأثير الأدميرال فالون على أجهزة المخابرات الأمريكية بسبب إشرافه كقائد للقيادة الوسطى الأمريكية على التقارير الاستخبارية العسكرية المتعلقة بإيران، والتي كان يتم إعدادها ورفعها تحت إشرافه لواشنطن، ممارساً نفوذه على هذه التقارير من واقع موقعه كقائد للقيادة الوسطى التي تقع إيران ضمن دائرة اختصاصها.
• لعب دوراً كبيراً في تقرير التخمين الاستخباري الذي سبق أن أصدرته أجهزة المخابرات الأمريكية حول النوايا والقدرات النووية الإيرانية، وتقول المعلومات بأن الأدميرال فالون قد لعب دوراً كبيراً في هذا التقرير.
• كتب تقريراً قوياً عارض فيه:
* إرسال البوارج والقطعات العسكرية الأمريكية إلى السواحل اللبنانية.
* توريط أمريكا في صراع عسكري شرق أوسطي على السواء منفردة أو بالمشاركة مع إسرائيل.
تقول المعلومات والتسريبات الواردة على موقع واشنطن لسياسة الشرق الأدنى وموقع غلوبال ريسيرتش الكندي وموقع آنتي وار الأمريكي بأن إقصاء الأدميرال فالون كان بمثابة المقدمة التي أفسحت المجال لنائب الرئيس الأمريكي تشيني لكي يقوم بجولته هذه لأن إدراك تشيني (والمحافظين الجدد وإسرائيل) بأنه لن يستطيع تحقيق النجاح المطلوب وبالذات ضد إيران طالما أن الأدميرال وليام فالون يتولى منصب قائد القيادة الوسطى الأمريكية.
نشر معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى على موقعه الإليكتروني اليوم ورقة الرصد السياسي رقم 1354 حول زيارة ديك تشيني إلى الشرق الأوسط. أعد الورقة سايمون هندرسون خبير الشؤون النفطية والخليجية بالمعهد، وقد حملت عنوان «زيارة تشيني للشرق الأوسط: إيران على رأس قائمة الأجندة». وقد أشارت الورقة إلى النقاط الآتية:
• زيارة تشيني للشرق الأوسط تجيء بعد أقل من شهرين على زيارة الرئيس بوش للمنطقة.
• أجندة ديك تشيني السرية ستكون حصراً مع حلفاء أمريكا الرئيسيين وستتطرق إلى: عملية السلام – أسعار النفط – العراق – إيران.
• سيكون الملف الإيراني هو الأكثر أهمية بين هذه الأجندة.
• زيارة تشيني تجيء بعد إقالة الأدميرال فالون بسبب خلافاته مع البيت الأبيض حول ملف إيران.
• سيربط ديك تشيني في نقاشه مع حلفاء أمريكا ملف إيران بالعديد من الملفات والقضايا الشرق أوسطية الأخرى.
• سيلفت تشيني انتباه السعوديين إلى ضرورة التفكير جيداً قبل أن يحضروا القمة العربية في دمشق.
• النفط سيكون أحد أبرز بنود الأجندة في جولة تشيني.
• زيارة تشيني إلى سلطنة عمان سببها أن سواحل عمان تقع في مواجهة ممر هرمز الاستراتيجي الذي يمر عبره 20% من النفط العالمي إضافة إلى قيمتها الإستراتيجية في المنطقة.
وخلص الخبير هندرسون قائلاً بأن تشيني ظل يقوم بمهمة الاكتفاء بالقليل من الكلام والحديث، وعلى خلفية الافتراض بأن إيران هي البند الرئيسي لزيارته فإن هذه الزيارة ستحدد خطط الإدارة الأمريكية الحالية للتعامل مع إيران المسلحة نووياً والمزودة بالصواريخ وصانعة المتاعب، وأيضاً ستحدد للإدارة الأمريكية القادمة خطط التعامل مع إيران كذلك.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد