سوريا: عمليـة شـاملـة يضمنـها الأسـد تتضمـن إصـلاحـات تعلـن خـلال أيـام
أعطت تركيا اكثر الاشارت وضوحا على ان القيادة السورية ستعلن عن مجموعة إجراءات اصلاحية خلال الايام القليلة المقبلة، وانها على ثقة بمصداقيتها في هذا التحرك الجديد، الذي يفترض ان يقود البلاد الى الديموقراطية بـ«ضمانة» الرئيس السوري بشار الاسد، وذلك فيما كشفت واشنطن عن تعزيز اتصالاتها مع شخصيات من المعارضة السورية لم تحددها، لكنها اشارت الى انها من داخل سوريا وخارجها.
في هذا الوقت، أعلن رجل الأعمال السوري رامي مخلوف، انه «سيتفرغ للعمل الخيري» وسيخصص أرباح شركاته وبخاصة شركة الاتصالات «سيرياتل» للأعمال الخيرية، وذلك كي لا يكون «عبئا على سوريا ولا على شعبها ولا على رئيسها بعد اليوم».
وأعلن وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو، بعد اجتماعه مع نائب الرئيس السوري العماد حسن توركماني في أنقرة أمس، انه «يؤمن بصدقية» القيادة السورية، إلا انه أشار إلى ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة فورا لإقناع الشعب السوري والمجتمع الدولي بان مطالبهم ستلبى.
وبعد اجتماع استمر أكثر من 3 ساعات مع توركماني، قال داود اوغلو «أبلغت توركماني بأننا نريد أن نرى في سوريا ما نريده لبلدنا. نعلّق أهمية كبيرة على الازدهار والديموقراطية وحقوق الإنسان. هذه المسائل مهمة أيضاً للشعب السوري».
وأضاف أن تركيا لديها رسالة واضحة لسوريا، موضحا «نريد سوريا مستقرة ومزدهرة. نعتقد أن عملية إصلاح شاملة تتضمن تنفيذ التزامات الأسد يجب أن تطبق من أجل سوريا مستقرة ومزدهرة، لكن أولاً يجب أن يتوقف العنف هناك». وتابع «نعتقد أنهم (السلطات السورية) سيصدرون البيانات اللازمة في ما يتعلق بالقضية في الأيام المقبلة. إذا صدرت هذه البيانات، وأظهرت عزماً كبيراً على تنفيذ الإصلاحات، فإن تركيا ستقوم بكل ما في وسعها لمساعدة سوريا».
وأضاف «لدينا ثقة كاملة بصدق الحكومة السورية». وأعلن أن «على الحكومة السورية أن تظهر للشعب والمجتمع الدولي تصميمها على إجراء إصلاحات والقيام بخطوات ملموسة». ونقل عن توركماني قوله إن «سوريا تقوم بما في وسعها للسيطرة على العنف»، وشكر تركيا على مساعدتها السوريين الذين التجأوا إليها. وأضاف ان المبعوث السوري أكد أن القيادة السورية مصممة على المضي قدما بالإصلاحات الموعودة «مهما كلف الأمر».
وقال داود اوغلو «نحن في حاجة إلى سوريا قوية ومستقرة ومزدهرة. ولتحقيق ذلك نعتقد أن من الضروري تحقيق عملية إصلاح شاملة باتجاه التحول إلى الديموقراطية يضمنها الرئيس بشار الأسد». ووصف المحادثات مع توركماني بأنها ودية ووصف سوريا بأنها «الصديق الأقرب» لتركيا.
وذكرت وكالة «الأناضول» أن التطورات الأخيرة في المنطقة، وسوريا بخاصة، تصدرت مواضيع الاجتماع الذي ترأسه داود أوغلو لسفراء تركيا في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وبرلين ولندن وباريس وواشنطن وموسكو وروما وبروكسل، إضافة إلى ممثليها لدى الأمم المتحدة وحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي.
وقال داود اوغلو، قبل الاجتماع، إن «الموقف التركي ذو وجهين، أولاً، تحتاج منطقتنا إلى عملية إصلاح جدية وملحّة. إن مطالب شعوب المنطقة طبيعية ومحقّة ومشروعة والاستجابة لهذه المطالب ستجعل منطقتنا أكثر استقراراً وديموقراطية وازدهاراً، ونحن نعلق أهمية كبرى على متابعة هذه المطالب حتى تحقيقها. وثانياً، نريد أن تحصل عمليات انتقال السلطة بشكل سلمي».
موسكو
في هذا الوقت، كرر المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية ألكسندر لوكاشيفيتش رفض موسكو اتخاذ قرار بشأن سوريا في مجلس الأمن الدولي. وقال «إننا نؤكد قناعتنا بأن الحوار الذي عرضته السلطات في سوريا هو الطريق الأمثل لتسوية الوضع في هذا البلد»، مشيرا إلى أن «الوضع في سوريا لا يزال متوترا، حيث وردت أنباء تفيد بقيام مسلحين بمحاولات للاستيلاء على بلدات في المناطق الحدودية ما أسفر عن مقتل رجال أمن ومدنيين وتدمير المؤسسات الحكومية وزرع الخوف في نفوس السكان المسالمين، إلى جانب التظاهرات السلمية».
واشنطن
وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن واشنطن تزيد اتصالاتها داخل سوريا وخارجها مع معارضين سوريين. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية فيكتوريا نولاند إن الرئيس الأميركي باراك أوباما سبق وان خير نظيره الأسد بين قيادة الإصلاح السياسي في بلاده أو التخلي عن السلطة، مضيفة إن الأسد وكما يبدو جليا فقد «اختار خيارا سلبيا».
وأدانت المتحدثة الاميركية «القمع المقيت» الذي يشنه النظام ضد المحتجين، مشيرة الى ان واشنطن تسعى مع حلفائها إلى عزل النظام السوري في الامم المتحدة. وقالت «نحن بدأنا أيضا بزيادة اتصالاتنا مع السوريين الشجعان الذين يدافعون عن التغيير وعن حقوقهم العالمية، سواء في داخل سوريا او خارجها».
واشار الامين العام للامم المتحدة بان كي مون، الى انه تحدث مع الاسد عدة مرات، قائلا «ادعو مجددا الرئيس الاسد والسلطات السورية الى وقف قتل الناس والدخول في حوار شامل واتخاذ تدابير جريئة قبل فوات الاوان». وعبر عن أمله في ان تتمكن الأمم المتحدة من التحدث بشكل «متناغم» بشأن سوريا.
وأعلن رجل الأعمال رامي مخلوف، في مؤتمر صحافي، انه سيترك العمل في التجارة ليشارك في الأعمال الخيرية. واعتبر أن «تناول اسمه في الأحداث الأخيرة التي شهدتها سوريا تم من باب قرابته مع الأسد، وليس من باب حقه كمواطن سوري بالعمل في مشاريع اقتصادية وطنية، ولا حتى من باب تسخير العلاقات مع المستثمرين لجلب الاستثمارات وخلق فرص العمل للشباب السوري».
وقال إن «الأعمال التي قام بها ساهمت في دفع القطاع الخاص للمواكبة في مجالات الرواتب والأجور من خلال تقديم آليات عمل أدخلت إلى سوريا أنظمة متطورة وفعالة إدارياً، وعلى أرقى المستويات العالمية، إلى جانب توفيرها ما يقارب 60 ألف فرصة عمل للموظفين، ولـ55 ألف موزع على كافة الأراضي السورية».
وأوضح مخلوف أن «المتآمرين دخلوا على خط الإساءة للسيد الرئيس من خلال رمي الإشاعات الكاذبة، والتي لا دليل عليها، سوى قدرتهم على تسويقها بهدف وحيد هو الإساءة لهذه البلد ولقيادته بغرض نشر الفوضى والبلبلة في ربوعه»، مشيراً إلى أنه «لا يسمح بأن يكون عبئاً على سوريا ولا على شعبها ولا حتى على رئيسها».
وأضاف مخلوف «بما يخص ما طرحناه سابقا من رغبتنا في طرح جزء مما نملك من أسهم شركة سيرياتل لذوي الدخل المحدود فإني أعلن أننا سنطرح قريباً تلك الأسهم للاكتتاب العام لتغطية أكبر شريحة ممكنة من السوريين، وللسوريين فقط»، مشيراً إلى أنه «تم إيجاد آلية لإعطاء حافز أكبر للمساهمين من خلال منحهم فرصة دفع قيمة جزء من الأسهم مع تمويل الجزء الباقي بقرض من البنوك بضمانة الأسهم نفسها».
وعن أسهمه الحصرية في «سيرياتل» والبالغة 40 في المئة من أسهم الشركة، قال مخلوف «سنقوم بتخصيص أرباحها سنوياً لأعمال خيرية وإنسانية وتنموية تغطي كافة الشرائح المحتاجة في سوريا من درعا إلى القامشلي، وإننا سنتعاون كما في الماضي مع كل جمعية خيرية ترغب في خدمة الناس بقدرات نقدمها لهم، ولكن منذ اليوم ستكون تقديماتنا أكبر ولدينا جمعية البستان الخيرية وهي تعمل منذ سنوات بصمت وستتوسع أيضاً في المستقبل بشكل كبير، وأنا أدعو كل جمعية تريد العمل لأجل الأهداف الإنسانية إلى التواصل مع جمعية البستان للحصول على الدعم الذي تحتاجه لتقديم ما تقدمه من خدمات»، موضحاً أنه «قد تم تخصيص جزء من هذا البرنامج لرعاية أهالي كل شهداء سوريا الذين سقطوا في الأحداث الأخيرة».
وأكد مخلوف أن «جميع المشاريع التابعة ملكيتها له سيتم توجيهها لكي تكون مشاريع خدماتية إنمائية». وأعلن انه «لن يدخل في أي مشاريع جديدة يكون لها مكاسب شخصية وسيتفرغ للعمل الخيري والتنموي والإنساني». وقال «الوقت الآن للعطاء لا للأخذ، والوقت للبذل لا للربح، ما أقوم به ليس تضحية بل فخر وهو أمر بسيط أمام ما قدمه رجال مخلصون صادقون بذلوا أرواحهم في سبيل سلامة واستقرار هذا البلد. تحيا سوريا».
وأعلن أسقف دمشق للسريان الكاثوليك المونسنيور الياس طبي، لوكالة الانباء الكاثوليكية «اس اي ار»، ان سوريا «تتعرض لهجوم لا يصدق من الداخل والخارج في آن معا»، مشيرا الى ان المسيحيين السوريين يتخوفون من وقوع بلدهم «في ايدي المتطرفين». وقال ان «طريق الاصلاحات ليس سهلا، انه يتطلب وقتا، وعلى الرغم من هذا، فان الشعب باكثريته الساحقة مع الرئيس بشار الاسد».
ميدانيات
وذكرت «سانا» ان أكثر من 200 ألف مواطن، من مختلف الفعاليات الأهلية والشبابية والشعبية، شاركوا في مسيرة في طرطوس، حملوا فيها علما سوريا بطول 60 مترا، «تأكيدا على الوحدة الوطنية والحفاظ على الأمن والاستقرار، ودعماً لبرنامج الإصلاح الشامل الذي يقوده الأسد ورفضا للتدخل الخارجي في شؤون سوريا الداخلية».
وأصدر شبان وشابات محافظة طرطوس بيانا بعنوان «دعوة من الشعب السوري أحفاد الشيخ صالح العلي»، أكدوا فيه على «التضامن والوقوف صفا واحدا لمتابعة مسيرة الإصلاح تحت راية الأسد». يأتي ذلك فيما جدد ناشطون الدعوة إلى التظاهر اليوم في يوم «جمعة الشيخ صالح العلي» الذي قاد الثورة السورية الأولى.
وقال مصدر عسكري مسؤول، في بيان نقلته وكالة الأنباء السورية (سانا) أن «بعض وحدات الجيش والقوى الأمنية تتابع ملاحقة عناصر التنظيمات الإرهابية المسلحة في القرى والبلدات المحيطة بجسر الشغور، بهدف إعادة الأمن والاستقرار إلى ربوع جميع المناطق التي روعتها جرائم أولئك المسلحين وأرغمت أهلها على ترك مناطقهم حيث تمكنت وحدات الجيش من تطهيرها وإعادة الحياة الآمنة إليها». وأضاف إن «المواطنين استمروا بالعودة إلى منازلهم في جسر الشغور والمناطق المحيطة بها بعد الاطمئنان الذي خلفه دخول الجيش إليها».
وأظهرت صور حصلت وكالة «فرانس برس» عليها امس من وكالة «اي ان ان» التركية والتقطت الأحد الماضي مسلحين، قدمهم صاحب الصور على أنهم من جماعة الإخوان المسلمين، في أول دليل مصور على وجود تمرد مسلح في سوريا.
والتقطت هذه الصور بواسطة هاتف ذكي «آي فون» في مرتفعات جسر الشغور، حيث كان الجيش يشن عملية عسكرية ضخمة لاستعادة المدينة، وهي تظهر متمردين يحرسون نقطة تفتيش. وظهر في الصور مسلحون ببنادق صيد يتحصنون خلف أكياس رمل ويجلسون خلف طاولة على قارعة الطريق.
ونقلت وكالة «فرانس برس» عن مصادر على الحدود السورية-التركية قولها ان «الجيش السوري هاجم قرى قريبة من مدينة جسر الشغور متسببا بنزوح العشرات باتجاه الحدود التركية».
وقال رئيس المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن «انتشرت عشرات الدبابات والمدرعات وناقلات الجنود وحافلات تقل جنودا وعناصر من مكافحة الارهاب على مداخل مدينة خان شيخون التابعة لمحافظة ادلب». وقال ناشط معارض ان «اهالي مدينة خان شيخون احرقوا في الخامس من حزيران مدرعتين تابعتين للجيش السوري».
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد