شرق الفرات: دمشق تجدّد دعوة الحوار... وخطط أنقرة العسكرية جاهزة!
بينما تنتظر دمشق الزيارة الأولى للمبعوث الأممي الجديد، غير بيدرسن، إليها، تحافظ على وتيرة لافتة من التصريحات «الإيجابية»، التي تدعو إلى «الحوار» و«التوحّد» في وجه التهديدات التركية المتنامية، تجاه القوى المحلية المسيطرة في شمال شرق سوريا.
هذا الجهد الحكومي المُعلن يتوازى مع استمرار نشاط قنوات التواصل بين الطرفين، على رغم بقاء تفاصيل هذا النشاط خارج إطار التداول الإعلامي، في وقت لم تُترجم فيه تلك المحادثات إلى إجراءات فعلية حتى الآن، سوى ما جرى من نشر لقوات الجيش السوري في محيط مدينة منبج، وتسيير دوريات روسية مشتركة مع قوات «مجلس منبج العسكري» هناك.
مسار التفاوض الذي ترعاه روسيا يتوازى مع نقاش أميركي ــــ تركي مفتوح، تتخلّله عقبات عديدة يجري العمل على تذليلها وفق تصريحات الطرفين. وينتظر أن يحلّ مبعوث وزير الخارجية الأميركي إلى سوريا، جايمس جيفري، مجدداً، ضيفاً على المسؤولين في أنقرة، بعد زيارته شمال شرق سوريا. الدبلوماسي الأميركي لم يعلن مسبقاً عن تلك الزيارة، لكن وزير الخارجية، مايك بومبيو، كشف عنها ــــ رسمياً ــــ في حديث صحافي أول من أمس. وتناقلت أوساط كردية أن لقاءات جيفري حملت تطمينات للقوى الناشطة في شرقي الفرات، بوجود «تغيير إيجابي» الشهر المقبل، وطلباً بـ«التمهّل في مسار المحادثات» مع دمشق، من دون صدور أي تصريح رسمي يؤكّد ما سبق. وعلى رغم ضبابية المعلومات حول هذا النشاط الأميركي، إلا أنه يتساوق مع تأكيد مسؤولي واشنطن تواصل التنسيق مع أنقرة لاجتراح «حلول وسطية» تراعي الحساسيات التركية، وتحمي «الشركاء في الحرب ضد داعش». وهو ما أشار إليه وزير الخارجية بومبيو، بالقول إن بلاده «تعترف بحق الشعب التركي وحق الرئيس (رجب طيب) إردوغان في حماية بلدهم من الإرهابيين، وتعلم أيضاً أن أولئك غير الإرهابيين، الذين كانوا يقاتلون إلى جانبنا طوال هذا الوقت، يستحقون الحماية كذلك».
في المقابل، تحاول دمشق تعزيز الحوار مع «مجلس سوريا الديموقراطية» والقوى العاملة معه، مؤكدة أن وحدة أرض سوريا وشعبها هي أساس التفاهمات بين الطرفين. ومجدداً، أكدت وزارة الخارجية في تصريحات لمعاون الوزير أيمن سوسان، أن «الحوار لم ينقطع مع الأكراد»، من دون الخوض في تفاصيل الخلافات التي تعيق الوصول إلى توافق سريع. وفي معرض الرد على أحد الأسئلة حول موقف دمشق من مشاركة «مجلس سوريا الديموقراطية» في المسار السياسي، لمح سوسان إلى عدم الاعتراض على مشاركة أي طرف سوري في إطار «اللجنة الدستورية». وشدد على أن بلاده سوف تعلّق على الانسحاب المفترض الذي أعلن عنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بعد جلاء التخبّط في مواقف مسؤولي الإدارة الأميركية وتصريحاتها. ووجّه سوسان انتقاداً لاذعاً لفرنسا التي «تقلّد» الولايات المتحدة بعدما «ارتضت أداء دور الكومبارس».
وعلى رغم تصريحات واشنطن التي تحمل طابعاً «توفيقياً» بين حلفائها، تمضي تركيا في استعراض الخيارات العسكرية والخطط «الجاهزة» للتدخل شرقي نهر الفرات وفي منبج. إذ نشرت صحيفة «صباح» المقرّبة من السلطات التركية، تقريراً يشرح الخطة التي أعدتها وزارة الدفاع للمعارك المفترضة في شمال سوريا. ووفق التقرير، ستعبر القوات التركية الحدود بين منطقتي تل أبيض وعين العرب (كوباني)، وصولاً إلى القاعدة الأميركية في محيط بلدة عين عيسى في ريف الرقة الشمالي؛ ومن ثم ستعمل تلك القوات على التوجه باتجاه موقع «ضريح سليمان شاه»، وبعده نحو منبج غربي نهر الفرات. وقالت الصحيفة إن اختيار خط العبور نحو قاعدة عين عيسى، يعود إلى عدم وجود مناطق مأهولة في محيطه، ما يسهّل إحكام السيطرة عليه.
وتأتي تلك التسريبات في وقت تنفّذ فيه القوات التركية تدريبات عسكرية في مناطق لواء إسكندرون قرب حدود إدلب، بعدما حشدت تعزيزات عسكرية هناك خلال الأسبوع الماضي. وعقد كبار المسؤولين في وزارة الدفاع وجهاز الاستخبارات التركي اجتماعاً لافتاً قرب حدود الجيب الذي سيطرت عليه «هيئة تحرير الشام» أخيراً. وفي موازاة ذلك، نقلت أوساط معارضة أن عدداً كبيراً من مقاتلي الفصائل التي حاربت «تحرير الشام» سابقاً يجري ترحيلهم نحو عفرين. وأفاد موقع «عنب بلدي» بأن ألفاً من عناصر «حركة أحرار الشام الإسلامية»، وآخرين من «جيش النصر»، نقلوا من ريف حماة إلى عفرين، موضحاً أن هؤلاء يشكلون دفعة من أصل 2700 عنصر يستعدون للمغادرة، وفق اتفاق مع «تحرير الشام».
الأخبار
إضافة تعليق جديد