طبول الحرب تقرع والإصبع على الزناد.. هل سيؤدي قيصر الى حرب أم حل؟
يخطئ الظن من يعتقد أن ” قانون قيصر” سيحقّق الغاية التي من أجلها وضع،ومهما حاولت الإدارة الأميركية تبرير الغاية منه، وتصويره بأنه لا يطاول الشعبين السوري واللبناني، بل الرئيس الأسد، ومؤسساته، لدفعه إلى تغيير سلوكه والقبول بالقراءة الغربية للقرار الصادر عن اجتماعات “جنيف” رقم 2245، أو اطاحته، فان انعكاساته على الارض بدأت قبل أن يصبح ساري المفعول. وهذا ما زاد المشهد سوداوية في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعيشها البلدان، والتي فاقمتها جائحة “الكورونا”. من دون أن ننسى ما سببه الفساد وسوء الإدارة المالية، وتخبط الطبقة السياسية في الموالاة والمعارضة في لبنان وعجزها عن استخراج الحلول التي تكبح التدهور الحاصل.
يصف دبلوماسي غربي في بيروت المشهد الراهن بعد انطلاق “قانون قيصر” بالقول: “انها حرب تجويع تخوضها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب من دون هوادة” والملاحظ انها تترافق مع حصار على التحويلات بالدولار من الخارج، يضيف عقدا على عقد. رهان هذه الإدارة على عدم قدرة لبنان على مقاومة ما تفرضه من عقوبات ينطلق من أن “حزب الله” بات مطوقا بسلسلة من المعوقات والتحديات، ويواجه ضغطا داخليا متعدد الطرف يشغله عن القيام بما يتوجب عليه القيام به في مواجهة ضغطها. وباختصار، فإن واشنطن ترى أن ليس بامكان الحزب في لبنان ولا في سوريا قلب الطاولة وتبديل قواعد اللعبة.
فإلى أي حد يمكن اعتبار الرهانات الأميركية في محلها؟
خبير في شؤون المنطقة واوضاعها، يتلاقى مع تقارير دول أوروبية على دراية بقضايا الشرق الاوسط، وصفت “قانون قيصر” بـ”القنبلة المتدحرجة” بسرعة قياسية نحو “برميل البارود”، وأن مفاعيله ستكون تدميرية، لأن كل المحاولات الدولية ولاسيما الأوروبية أخفقت في لجم اندفاعة ترامب في اتجاه ضرب “الستاتيكو” وفرض قواعد جديدة للاشتباك تكون لمصلحة إسرائيل، في سياق حملته الانتخابية، وتصميمه على العودة ثانية إلى “البيت الابيض”. وذلك إرضاء للوبي اليهودي النافذ في بلاده، وللمحافظين من الناخبين في الوقت الذي يتعرض فيه إلى حملة عنيفة في الداخل.
ويقول هذا الخبير أن المحور المناهض للولايات المتحدة سيجد نفسه أمام طريقين لا ثالث لهما:
‐أما الاستسلام لشروط ترامب واملاءاته.
‐أو مقاومة الضغط الأميركي بكل الوسائل المتاحة، وهي ليست قليلة.
ويتابع الخبير نفسه استنادا إلى معلومات استقاها من دبلوماسي أوروبي واسع الاطلاع، أنه عندما توصد الآفاق في وجه الحلول السياسية، وتتكاثف الغيوم الداكنة، فإن لا مفر من انفجار كبير، يعتبر “تنفيسة لـ”الاحتقان” الجاثم. لكنها “ستكون “تنفيسة” مكلفة مخضوبة بالدم وحمالة دمار وخراب.
إن الأرض أصبحت مهيأة للانفجار، كما يشير الخبير اياه، ولا ينقص إلا عود الثقاب. وهذا ما اكدته تقارير دبلوماسية لفتت إلى أن الحرب إن حصلت، فلن تقتصر على منطقة الجنوب، بل ستمتد إلى الجولان. كما سيشتعل العراق نتيجة هجمات سيقوم بها “الحشد الشعبي” وفصائل أخرى موالية لإيران، على القواعد الأميركية في كل أنحاء بلاد الرافدين، بالتزامن مع تصعيد كبير في وتيرة الحرب في اليمن، ومضيق هرمز. وذكرت التقارير بما سبق ان أعلنه الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، عن “ترابط الجبهات في حال تعرض محور الممانعة لاعتداء أو تهديد، بمعنى أن المنطقة الممتدة من أفغانستان، إلى جنوب لبنان، مرورا بالعراق وسوريا، انعطافا إلى اليمن، فالمضيق، ستكون جبهة واحدة”. وأن وحدة الجبهات، ستجعل مهمة واشنطن صعبة في ترويض المنطقة.
روسيا وأوروبا، ولاسباب مختلفة، تسعيان إلى اجتناب تجرع هذه الكأس. فيما الصين لا ترفض تطورا عسكريا يورط الإدارة الأميركية، من دون أن تسعى إلى حرب. وإيران بدورها لا تحبذ هذا الخيار، فيما تقف على حافته، وفي يدها ورقة تسوية تتناسب مع رؤيتها تنطلق من أولوية رفع الحصار الخانق عنها، أو ورقة مواجهة تمتلك العديد من مفاتيحها، وعلى الرئيس ترامب أن يعلن عن الدرب الذي يريد سلوكه.
أما اسرائيل، فإنها تدرس كل الاحتمالات بكل جد واهتمام، ولا تسقط أيا منها. وفي حساباتها، أن هناك حربا. لكن المسألة تبقى مسألة توقيت، في ضوء ما يجري داخلها على خلفية بدء تطبيق مندرجات “صفقة القرن”.
ويقول الخبير “في مطلق الأحوال، فإن الاتصالات، والمعلومات المتوافرة تسمح بالقول إن أطراف الدول الممانعة لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام، ما يسمونه: التجويع والافقار واستمرار الحصار المالي والتمويني والصحي. “ويستخلص الخبير: “إذن، البراكين تنتشر في المنطقة، وجوفها يستودع كل بذور العنف المكبوت حتى الساعة”.
بقيت مجموعة من الاسئلة:
‐هل للرئيس ترامب مصلحة في حرب مباشرة أو غير مباشرة قبل الانتخابات الرئاسية؟.
‐هل لإيران وحلفائها مصلحة أيضا في الدفع باتجاه الحرب، قبل استحقاق السباق إلى البيت الأبيض أو بعده، على اعتبار إنها صاحبة المصلحة في المواجهة، والأكثر عرضة واستهدافا. ومن هنا يمكن فهم اصرارها أن تكون هي صاحبة المبادرة في تحديد وجهة التطورات ومسارها.
مما لا شك فيه أن المسألة في التوقيت، فيما الإصبع على الزناد.
ولكن هل يكون هذا المشهد المقلق، من قبيل تجميع أوراق القوة لدى اللاعبين على مسرح العمليات في المنطقة للشروع في مفاوضات من تحت الطاولة على وقع طبول المواجهة، تسفر عن تسوية على طريقة “الجميع سيربحون”، خصوصا ان الأحادية التي تنعمت بارباحها واشنطن بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، وسقوط جدار برلين سنوات طويلة، هي على أفول بعد عودة الروس إلى المسرح، والتوسع الصيني العالمي من بوابة الاقتصاد ، عصب السياسات الاستراتيجية؟.
لن يطول الجواب، فالأحداث تتوالى بوتيرة متسارعة حاملة معها ما يضع حدا لكل تأويل وتحليل.
النشرة - جوزف القصيفي
إضافة تعليق جديد