طهـران تفقـد عالماً نـووياً رابعـاً في عام واحد

12-01-2012

طهـران تفقـد عالماً نـووياً رابعـاً في عام واحد

خرج الصراع حول برنامج إيران النووي من إطار التهديدات المتبادلة مرة أخرى أمس، مع عملية اغتيال للعالم الكيميائي المشارك في الصناعة النووية الايرانية مصطفى احمدي روشن، في اعتداء هو الرابع من نوعه خلال عام واحد، حمًلت إيران اسرائيل وأميركا المسؤولية عنه مؤكدة أنه لن يثنيها عن جهودها في المجال النووي. وفيما نفت واشطن علاقتها بالجريمة وأدانتها، وأكدت اسرائيل أنها «لن تذرف دمعة» على روح روشن، كان الصحافي والكاتب الفرنسي جورج مالبرونو يلمّح إلى إمكانية وقوف الموساد وراء التفجير، موضحا أن الاستخبارات الاسرائيلية قد عززت تواجدها في المنطقة الكردية في شمالي العراق، حيث تجند أكراداً إيرانيين لإرسالهم في مهمات داخل ايران. الجريمة والموساد وقتل العالم مصطفى احمدي روشن إثر انفجار قنبلة لاصقة وضعت على السيارة التي كان بداخلها فيما كانت تسير قرب جامعة العلامة الطباطبائي شرقي طهران. وقال نائب حاكم طهران سفر علي براتلو بحسب ما نقلت وكالة الانباء العمالية الايرانية «هذا الصباح قام رجل على دراجة نارية بلصق قنبلة بسيارة بيجو 405 ما لبثت ان انفجرت». وقتل احمدي روشن الذي يبلغ 32 عاما من العمر وسائق السيارة بينما أصيب حارسه الشخصي بجروح نقل على اثرها الى احد المستشفيات بحسب هذا المسؤول. واتهم نائب الرئيس الايراني محمد رضا رحيمي الولايات المتحدة وإسرائيل بالوقوف وراء الاعتداء الذي استهدف العالم النووي، مؤكدا ان هذا النوع من الهجمات لن يوقف «التقدم» في هذا المجال. وقال رحيمي «اليوم استهدف الذين يزعمون محاربة الارهاب علماءنا، لكن عليهم ان يعلموا ان هؤلاء مصممون اكثر من اي وقت مضى... على الذهاب قدما على طريق التقدم العلمي». وقالت المنظمة الايرانية للطاقة الذرية في بيان ان «الشهيد كان من الذين يخدمون الصناعة الذرية». وأضافت ان «الطريق الذي اختاره الشعب الايراني لا رجعة عنه والاعمال الباطلة التي تقوم بها الولايات المتحدة وإسرائيل لن تؤثر على الطريق المختار». وأفادت وكالة مهر للانباء ان «المهندس مصطفى احمدي روشن الذي حصل قبل تسع سنوات على شهادة في الكيمياء من جامعة شريف كان نائب مدير تجاري في موقع نتانز»، لتخصيب اليورانيوم. ونقلت وكالة «فارس» الايرانية للأنباء عن احد زملائه قوله ان احمدي روشن كان يعمل على مشروع أغشية مكثفة تستخدم لفصل الغاز. واتهم نائب حاكم طهران على الفور اسرائيل بالوقوف وراء الاعتداء. وقال كما نقلت عنه قناة «العالم» الايرانية التي تبث باللغة العربية، «ان الكيان الاسرائيلي يقف وراء الانفجار، انه شبيه بهجمات استهدفت اكثر من عالم نووي (ايراني)». وفي مجلس الشورى (البرلمان) هتف النواب بعد الاعلان عن الاعتداء «الموت لإسرائيل» و«الموت لأميركا». من جهته، قال قائد الباسيج الجنرال محمد رضا نقدي ان «الشهيد احمدي روشان كان عضوا في منظمة الباسيج الطلابية ثم في هيئة الباسيج لأساتذة جامعة شريف». وأضاف انه «كان لديه دائما هدفان هما النضال ضد اسرائيل والشهادة». وأفاد مراسل وكالة «مهر» الايرانية للأنباء ان مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد التقوا مؤخرا مع احمدي روشن. وكانت تقارير اعلامية قد ذكرت ان اسماء العلماء النوويين الايرانيين الذين قتلوا في العام الأخير كانوا ضمن الاشخاص الذين فرضت عليهم عقوبات من قبل مجلس الامن الدولي، وأن نشر قائمة بأسماء هؤلاء من قبل المصادر الغربية كانت افضل «هدية استخباراتية للجماعات الارهابية للتعرف على العلماء الايرانيين واقتفاء اثرهم». وأضافت الوكالة «ان نشر هذه القائمة وكذلك لقاء مفتشي الوكالة مع الشهيد احمدي روشن يعزز الشكوك اكثر من السابق حول التنسيق او تسريب المعلومات بشكل متعمد من قبل المنظمات الدولية مثل الوكالة الدولية للطاقة الذرية». ونفى البيت الابيض اي تورط اميركي في الاعتداء بعدما حملت طهران الولايات المتحدة وإسرائيل المسؤولية عن هذا «العمل الارهابي». وقال المتحدث باسم مجلس الامن القومي الذي يعنى بالسياسة الخارجية للرئيس باراك اوباما تومي فيوتر «لا علاقة للولايات المتحدة على الاطلاق بهذا العمل». وأضاف «ندين بشدة كل اعمال العنف بما فيها اعمال العنف المماثلة». وفي اسرائيل، كتب المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي البريغادير جنرال يواف موردخاي على صفحته الرسمية على موقع «فيسبوك»: «لا اعرف من انتقم من العالم الايراني، الا انني لا أذرف أي دمعة عليه». من جهته، نقل مالبرونو عن مصدر فرنسي مطلع في المنطقة قوله إن الموساد الاسرائيلي قد عزز تواجده في المناطق الكردية في شمال العراق خلال الأشهر الأخيرة، استعدادا للانسحاب الأميركي من العراق، وإن الاستخبارات الفرنسية في العراق قد اطلعت على هذا التعزيز لانتشار العملاء الاسرائيليين بين الأكراد. وأضاف مالبرونو أنه «من الصعب» التأكد من أن روشن قد قتل نتيجة معلومات نقلها أحد العملاء الأكراد التابعين لاسرائيل الذين اخترقوا الحدود الايرانية. ويوضح أن التعاون بين الموساد والأجهزة الاستخباراتية لأكراد العراق ليس جديدا، بل كان قويا في زمن الشاه قبل أن يشهد تراجعا مع انتصار الثورة الإسلامية في العام 1979، «ولكن مع الاستفادة من الغزو الأميركي للعراق في العام 2003، اخترق العملاء الاسرائيليون مجددا المناطق الكردية في شمال العراق، بتغطية السلطات المحلية، وخاصة مسعود البرزاني». ويوضح مالبرونو أن «عملاء الموساد وعسكريين إسرائيليين سابقين يقومون بتدريب سري لقوى الامن الكردية... لكن الدولة العبرية قد استخدمت كردستان خلال الأعوام الأخيرة، كقاعدة خلفية يتمكن عملاؤها انطلاقا منها من أن يجندوا معارضين أكرادا ايرانيين لاجئين في الاقليم، قبل ارسالهم في مهام داخل ايران». العقوبات في المقابل، أعلن نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف أنه «بمعزل عن كل الظروف المحيطة بهذه المسألة، وتطوير الايرانيين انشطة تخصيب (اليورانيوم) او ظروف اخرى، نعارض استخدام هذه العقوبات ضد ايران». وحذر ريابكوف من أن أي عمل عسكري ضد ايران سيكون «خطأ خطيرا وفادحا»، مضيفا أنه «سيهز أسس النظام الدولي». وحث ريابكوف إيران والغرب على «تفادي التصريحات والاعمال التي قد تؤدي إلى مزيد من التصعيد للمواجهة». ويأتي ذلك، فيما أكدت الدنمارك التي تتولى حاليا رئاسة الاتحاد الأوروبي أن سلسلة جديدة من العقوبات الأوروبية المشددة ستتخذ بحق ايران في 23 كانون الثاني الحالي، ولا تقتصر على استهداف القطاع النفطي فحسب بل تشمل مصرفها المركزي أيضاً. وفي لقاء مع الصحافيين الأجانب صرح وزير الخارجية الدنماركي فيلي سوفندال بأن مسألة العقوبات الجديدة بحق إيران «ستبحث في 23 كانون الثاني الحالي» خلال اجتماع وزراء الخارجية الاوروبيين المقبل الذي كان مقررا في الثلاثين من كانون الثاني وتم تقديم موعده. ورداً على سؤال حول ما اذا سيخضع البنك المركزي الايراني ايضا الى عقوبات، قال الوزير الدنماركي «سنذهب الى أبعد من قبل بشأن العقوبات النفطية والهيئات المالية». ورأى ان التطورات الاخيرة في البرنامج النووي الايراني اثر البدء في عملية انتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المئة في موقع فوردو «تدفع أكثر الى الاعتقاد بأنهم لا يريدون احترام القواعد الدولية». وقال «يجب علينا تشديد الضغط كي يعودوا الى طاولة المفاوضات». وتبحث بعض الدول الاوروبية مثل اليونان وايطاليا واسبانيا التي تواجه تبعية جزئية لايرادات النفط الايراني، عن مصادر بديلة للتزود بالنفط وتأمل ارجاء دخول العقوبات حيز التطبيق اقصى ما يمكن. وحاول وزير الخارجية الدنماركي الطمأنة حول هذه النقطة الاخيرة. فقال إن «من مصلحة بعض دول الخليج مثل السعودية والكويت ان تزيد انتاجها في مثل هذا الوضع» مؤكدا «اننا نعلم ايضا ان ليبيا في طور الزيادة في انتاجها» النفطي الامر الذي سيوفر مصدرا بديلا اضافيا. وأكد سوفندال ان «المجتمع الدولي يعمل حثيثا في هذا الشأن». ويجري رئيس البرلمان الايراني علي لاريجاني اليوم مباحثات في انقرة مع المسؤولين الاتراك تتناول بالخصوص البرنامج النووي الايراني المثير للجدل، بحسب ما افاد مصدر رسمي تركي. ومن المقرر ان يلتقي لاريجاني المفاوض السابق في الملف النووي الايراني، نظيره التركي جميل جيجيك ووزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو، بحسب ما اوضح المصدر ذاته. وقد يتم استقباله ايضا من قبل الرئيس عبد الله غول ورئيس الوزراء رجب طيب اردوغان. من جانبها، قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إن تهديدات إيران بإغلاق مضيق هرمز استفزازية وخطيرة وكررت نفي البيت الأبيض القاطع لأي دور أميركي في قتل أحمدي روشن. وقالت كلينتون في مؤتمر صحافي مع نظيرها القطري إن «التصريحات الاستفزازية التي صدرت من إيران في الاسبوع الاخير مقلقة للغاية. وقد دفعتنا مثل كثير من شركائنا في المنطقة وفي أنحاء العالم إلى التواصل مع إيران كي نوضح لها الطبيعة الاستفزازية والخطيرة للتهديدات بإغلاق مضيق هرمز». إلى ذلك، وصل الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد مساء أمس إلى كوبا في المحطة الثالثة من جولته في أميركا اللاتينية التي شملت أيضا فنزويلا ونيكاراغوا. 

المصدر: السفير+ وكالات 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...