عملية شبعا تحيّر إسرائيل: المقاومة لم تقل كلمتها الأخيرة
شغلت العملية التي نفذها «حزب الله» قرب الوزاني المعلقين الإسرائيليين، نظراً لنتائجها التي بقيت مشوشة. وفيما اعتبرها البعض مجرد فصلٍ هو الأول في مسلسلٍ للرد على اغتيال الشهيد سمير القنطار، ذهب آخرون إلى اعتبارها محاولةً لتبرير موقف، وقد لا تلحقها عمليات أخرى.
وفي هذا السياق، تساجل معلقون في ما بينهم حول مدى رغبة «حزب الله» في نجاح العملية أصلاً، ورد آخرون بالقول إن عبوة من عشرات الكيلوغرامات من المتفجرات لم تكن ترمي فقط لإيصال رسالة.
وأشار موقع «إن آر جي» الإخباري إلى أن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية لا تزال تدرس العملية على الحدود مع لبنان. ونقل مراسل الموقع يوحاي عوفر عن مصدر أمني قوله إنه «من وجهة نظر إسرائيلية، هدف التفجير ليس إعلامياً ودعائياً، ولا حتى تنفيذ عملية استعراضية. والعملية أعدت لجباية ثمن بالأرواح، حيث كانت لديهم نيةٌ واضحة، جبايةُ ثمن، وليس مجرد إثبات أن حزب الله موجود». وأضاف المصدر الأمني أن «هذه ليست لعبة أدمغة، ولا توجد هنا نية للتلميح. فعبوة من عشرات الكيلوغرامات ليست معدة لإرسال رسالة، وإنما لإلحاق الضرر بالقوات».
وفي كل حال، فإن التقديرات التي عرضت في مداولات الجيش تضمنت أن العملية «ليست الكلمة الأخيرة لحزب الله، الذي أخفق في محاولته تقديم نتائج» كرد على اغتيال القنطار.
وهكذا، فإن المعلق العسكري لصحيفة «هآرتس»، عاموس هارئيل، كتب أن «السؤال الآن، هو هل أن حزب الله، الذي أعلن مسؤوليته عن تفجير العبوة التي لم تلحق إصابات، سيكتفي بذلك، أم أنه سيواصل البحث قريباً عن ثأر مناسب من وجهة نظره». وأشار إلى أن رد «حزب الله» كان «متوقعاً»، ولكن الحزب «اختار الرد في حلبة محدودة سلفاً، يمكن فيها احتواء تصعيد عسكري، وهي مزارع شبعا الخالية من السكان الإسرائيليين، والتي تقتصر الحركة فيها على الجيش». وكان الجيش الإسرائيلي قد أطلق في الأيام الماضية قذائف مدفعية على الجانب اللبناني من المزارع سواء للردع أو لإحباط محاولات تسلل.
وأضاف هارئيل أن «ما لم يقله حزب الله هو هل أن العبوة هي الأولى في سلسلة عمليات مخططة أم لا. فالحزب مقيد بتصريحات الأمين العام الحازمة بالثأر، وهي تصريحات رفعت من التوقعات بشأن الرد، وهي ستجعل صعباً تفسير اكتفائه برد لم يلحق إصابات».
ومع ذلك، أمل هارئيل «ألا يقع زعيم حزب الله أسيراً لتصريحاته، وبالتالي يوقف رجاله قبل أن يتدهور الوضع أكثر». وكتب أن الجيش الإسرائيلي «يريد تجنب ارتكاب أخطاء تسمح بالمساس بقواته على طول الحدود مع لبنان وسوريا، ولذلك فإن حالة التأهب المعلنة سوف تستمر، إلى جانب توجيه رسائل التحذير لحزب الله».
ولكن المعلق الأمني في «معاريف»، يوسي ميلمان، رأى أن العملية «تعبر عن الواقع الجديد على الحدود الشمالية، حيث حزب الله متورط في الحرب الأهلية السورية، وفقد الكثير من قوته، ما يخصي قدرته على العمل ضد إسرائيل»، مضيفاً أنه «تقريباً بعد عقد من الزمن على حرب لبنان الثانية، لا يزال الردع الإسرائيلي قائماً». وفي نظره، فإن حزب الله «لا يريد مواجهة مع إسرائيل، وهي جبهة ثانية إضافة للجبهة السورية». وخلص ميلمان إلى أنه «رغم ترسانة الصواريخ لدى حزب الله، فإنه بسبب الحرب في سوريا، صار الحزب ضعيفاً، ويعيش حالة دفاع، وباتت قدراته للرد على إسرائيل محدودة».
وخلافاً للرأي الذي تحدث به البعض حول «ضعف حزب الله»، وأن العملية «جسدت ذلك»، نقل المعلق العسكري في موقع «والا»، أمير بوحبوط، عن أوساط عسكرية قولها إن «تفجير العبوة جاء لخدمة مصالح حزب الله، وبينها محاولته عرض العملية كثأر على اغتيال القنطار». وأشار إلى أن «ما يقلق الجيش أكثر من أي شيء آخر، هو قدرة حزب الله على التعلم»، موضحاً أن «الفرقة 91 بقيادة العميد أمير برعام تستعد لليوم الذي يحاول فيه حزب الله احتلال مستوطنة حدودية ولو لفترة قصيرة، ولذلك فإن الجيش لا يفهم العملية على أنها مجرد تفجير عبوة، وإنما مرحلة في الاستعداد للمعركة المقبلة ضد إسرائيل».
وبحسب بوحبوط، فإن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية «لا تستبعد أن يكون حزب الله قام في الآونة الأخيرة عبر مراكز الرصد والاستخبارات باختبار الجيش الإسرائيلي. ولذلك هناك خشية من أن هدف حزب الله من العملية هو دراسة كيفية رد اسرائيل، ومعرفة الهامش الزمني لوصول القوات البرية والجوية، ومن أين وصلت التعزيزات، وما هي المحاور التي سلكتها».
أما المعلق العسكري لصحيفة «يديعوت»، أليكس فيشمان، فكتب أن «ثمة لدى القيادة الامنية الاسرائيلية احساسا بانه اتخذت الخطوات الصحيحة التي وجهت حزب الله نحو عملية ثأر محدودة يمكنها ان تلبي الحاجة الاعلامية للمنظمة، من دون التورط في مواجهة شاملة».
وأشار فيشمان إلى أنه «في الاسبوعين الماضيين، دارت في الجبهة الشمالية حرب عقول مشوقة من تحت الرادار، بين إسرائيل وحزب الله. فاللاعبان يعرفان الواحد الآخر جيداً: في إسرائيل، اجريت تحليلات تستند الى معرفة قدرات حزب الله، انماط سلوكه، والقيود التي يعيش فيها. وقادت الى سلسلة قرارات اثبتت حالياً نفسها. ضمن أمور اخرى، اختارت اسرائيل ان تبقي في الظل الاستعدادات في الشمال قدر الامكان. فلم تصور قوافل دبابات على طرق الشمال، ولم تطلق اعلانات دراماتيكية عن انتشار القبة الحديدية. العدو لم يرَ خلف الحدود حشوداً للقوات، او تحركات استثنائية في الطرف الاسرائيلي، بحيث ان الجيش الاسرائيلي ليس فقط لم يوفر له اهدافاً، بل ابقاه أيضاً مشوشاً حول نواياه. وأجريت في الجيش الاسرائيلي في الاسابيع الماضية ألعاب حربية تضمنت أوضاعاً وردود فعل».
وعرض فيشمان لواقع الحرب في سوريا، والمشكلات التي ستطول جراء تفاقم النزاع بين السعودية وإيران، ليخلص إلى أنه لم يبق لـ «حزب الله» سوى «تنفيذ عملية كالتي وقعت. فهو يريد عملية مكلفة للإسرائيليين، لكن لا تقود إلى حرب شاملة». وأشار إلى أن «حزب الله يعيش احساساً بأن اسرائيل تستغل وضعه في سوريا، وفي واقع الامر لا تأخذه بالحسبان. وعملية أمس تُحبطه أكثر فأكثر، ما من شأنه أن يشجعه على أن يأخذ مخاطر أعلى في المستقبل».
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد