عن الانقلاب التركي المقبل

20-07-2016

عن الانقلاب التركي المقبل

محمد صالح الفتيح: يقول محبو أردوغان أنه قد قام، لسنوات، باستئصال كل من يشكل خطراً عليه وعلى حزبه. ولكننا هذا الأسبوع وجدنا أن عقداً كاملاً من الاستئصال لم ينفع أردوغان، الذي اضطر، في بضعة أيام، إلى استئصال ما بين 50 و70 ألفاً من الأتراك، من عسكر وشرطة وجندرمة وقضاة ومعلمين ومدرسي جامعات وموظفين في مختلف القطاعات.
حملة الاستئصال هذه ليست سوى مؤشر على أن حملات الاستئصال السابقة قد فشلت في تحقيق المطلوب، ولاسيما أن أعداد من اطيح بهم اليوم تفوق بأضعاف أعداد من أطيح بهم خلال أكثر من عقد من الزمن. كما أنه من البديهي أن هؤلاء الألوف الذين فقدوا وظائفهم ووجدوا أنفسهم في الشارع بسبب تهمة التآمر للانقلاب على أردوغان لن يخنعوا أو يتحولوا إلى مؤيدين لأردوغان بل سيكونون خلايا انقلابية جديدة. هذا على الأقل ما تقوله تجربة صدام حسين، فكل من عزله النظام العراقي السابق في حملات التطهير الواسعة تحول إلى نواة لخلية معادية للنظام ولم تحتج هذه الخلايا للكثير من الوقت لتجد من يرعاها، في مختلف جهات الأرض، وكان الخاسر الأكبر هو العراق كوطن والعراقيين كأمة. وبماذا يختلف الدفن في مقابر جماعية بلا شواهد، في زمن صدام، عن الدفن بدون إقامة الشعائر الإسلامية في زمن أردوغان؟
الانقلاب التركي مقبل ليس لهذه الأسباب فقط بل لأن أردوغان لن يتوقف هنا بل سيتابع خطاه ومع كل خطوة سيخلق المزيد من الأعداء. أحد الاختبارات المهمة المقبلة هو التفاوض مع الأكراد. فعلى عكس ما يعتقد الكثير من حولنا، فأردوغان يسعى منذ سنوات لعقد اتفاق مع الأكراد، والأكراد من جانبهم يدركون جيداً أن أردوغان، بالرغم من كل مساوئه يبقى أرحم بكثير من الجيش التركي المعارض لأي اتفاق مع الأكراد. وفي السابق كان الجيش التركي قد مضى إلى مدى غير مسبوق لمنع حصول اتفاق بين الحكومة التركية والأكراد. ففي العام 1993 كانت المفاوضات بين الرئيس التركي تورغوت أوزال والأكراد قد وصلت مرحلة متقدمة وكان الطرفان على وشك توقيع اتفاق تاريخي، بعد أن توصل الطرفان إلى اتفاق وقف إطلاق نار في آذار 1993، ولكن أوزال مرض فجأة وتوفي في الشهر التالي وأظهرت التحقيقات بعد عشرين عاماً أنه قد قضى بسبب السم ويُحاكم الآن أحد الجنرالات بتهمة اغتياله.
هل سيستطيع أردوغان تمرير كل هذا؟ طرد الألوف من وظائفهم وإضعاف الجيش التركي وعقد اتفاق مع الأكراد؟ لننتظر ونرى.

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...