غطاء أميركي ـ سعودي لانتهاك «الهدنة» السورية
عرقلت واشنطن وباريس ولندن، محاولة موسكو إدراج حركتي «أحرار الشام» و«جيش الإسلام» المتطرفتين على لائحة الأمم المتحدة للمنظمات الإرهابية، ما كان سيعني حظر التعامل معهما، وذلك بحجة أنهما يشاركان في مفاوضات جنيف، وذلك على الرغم من ارتباط التنظيمين بدرجة كبيرة عسكريا وايديولوجيا بجماعات مصنفة إرهابية كـ «جبهة النصرة»، ومشاركة قواتهما مؤخرا في انتهاكات الهدنة المعلنة أميركياً وروسياً.
في هذا الوقت، أعلن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أن الرياض تعتزم تصعيد تسليحها لجماعات المسلحين في سوريا، في ما يبدو تجاهلا لإعلان واشنطن وموسكو قبل يومين عن تفاهم بينهما لترسيخ الهدنة السورية وتوسيعها. وفيما قال الوزير السعودي إن بلاده لن ترسل قوات برية إلى سوريا إلا بعد قيام الولايات المتحدة بذلك، كرر القول إن الرئيس السوري بشار الأسد سيرحل بالسياسة أو بالقوة.
وأحبطت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وأوكرانيا محاولة قامت بها روسيا في مجلس الأمن الدولي لإدراج فصيلين مسلحين على قائمة المنظمات «الإرهابية» واستبعادهما بالتالي من مفاوضات جنيف.
وقالت مصادر ديبلوماسية إن موسكو طلبت إضافة «أحرار الشام» و«جيش الإسلام» الى قائمة المنظمات الإرهابية لارتباطهما بتنظيمي «القاعدة» و«داعش»، إلا أن طلبها جوبه برفض الدول الأربع.
وعزا متحدث باسم البعثة الأميركية في الأمم المتحدة سبب رفض الطلب الروسي إلى أن الفصيلين «هما طرفان مشاركان في وقف إطلاق النار»، مشددا على أن إدراجهما على القائمة السوداء يمكن أن يؤدي إلى «تداعيات سيئة على الهدنة في وقت نحاول فيه تهدئة الوضع». وأضاف «ليس هذا الوقت لتغيير منحى الأمور، على العكس من ذلك يجب مضاعفة الجهود لخفض وتيرة العنف».
الى ذلك، تعرضت أحياء عدة في مدينة حلب لقصف متبادل بين القوات السورية والفصائل المسلحة، رغم تمديد الهدنة، فيما ذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، في بيان، أن تنظيم «داعش» قطع طريق إمداد رئيسياً للقوات السورية بين مدينتي حمص وتدمر، حيث تدور اشتباكات عنيفة بين الطرفين في محيط مطار «تي فور» العسكري، لكن مصدراً أمنياً سورياً نفى، لوكالة «فرانس برس»، سيطرة التنظيم على الطريق الواصلة بين حمص وتدمر، متحدثاً عن «عمليات عسكرية مستمرة في حقل الشاعر».
وفي خطاب موجه خصوصاً إلى أوروبا، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن «ما تقوم به تركيا في مواجهة داعش لا تفعله أي دولة أخرى في العالم، والخسائر التي لحقت بنا في تلك المواجهة لم تتعرض لها أي دولة أخرى، وبالطبع نحن أيضاً ألحقنا خسائر كبيرة بداعش».
وأضاف أردوغان، في افتتاح المؤتمر العاشر لرؤساء أركان دول البلقان في إسطنبول، «استضفنا ثلاثة ملايين سوري وعراقي فارين من الظلم والحرب، استضافة ليس لها مثيل في العالم. ما أنفقناه من ميزانيتنا القومية 10 مليارات دولار، وإذا أضفنا ما أنفقته منظماتنا الأهلية وبلدياتنا يصل المبلغ إلى حوالي 20 مليار دولار».
وزعم أردوغان، الذي اتصل بالملك السعودي سلمان، أن القوات التركية «قتلت ثلاثة آلاف من عناصر داعش في سوريا والعراق»، معتبراً أنه «لا يوجد بلد آخر يقاتل هذا التنظيم كتركيا»، متسائلا «كيف يمكن لدولة تقوم بتلك المواجهة أن تدعم داعش؟».
وفي انتقاد مبطن للولايات المتحدة، قال أردوغان «نعرف جيداً من أي الدول الغربية جاءت الأسلحة التي بيد داعش. وقد قلنا للعديد من أصدقائنا إنهم يرتكبون خطأ، وطلبنا منهم ألا يقوموا بإلقاء مساعدات من الطائرات في بعض المناطق، لكنهم قالوا إنهم مجبرون على فعل ذلك، لأن بعض المناطق على وشك السقوط، وكانت النتيجة أن ذهب نصف المساعدات التي ألقوا بها إلى داعش، والنصف الآخر إلى منظمة «حزب الاتحاد الديموقراطي (السوري) الإرهابية».
وأضاف أن «المسألة السورية لم تعد مجرد أزمة محلية أو إقليمية، بل أصبحت تشكّل تهديداً عالمياً، بالنظر إلى نتائجها وانعكاساتها». وتابع «لن يحل السلام في المنطقة ولا في مناطق العالم الأخرى، من دون التوصل لحل في سوريا يقوم على المطالب المشروعة للشعب». وحذر من أن تركيا مصممة على اتخاذ الخطوات اللازمة، من أجل إنهاء استخدام المنظمات الإرهابية للطرف المقابل لحدودها، وذلك لضمان أمن مواطنيها في المقام الأول».
وقال الجبير، في مقابلة مع قناة «فرانس 24» الفرنسية بثت أمس، «إذا أرسلت الولايات المتحدة قواتها البرية إلى سوريا لمحاربة داعش، فستكون السعودية مستعدة لتوجيه قواتها الخاصة مع الوحدات الأميركية، لكننا لن نقوم بذلك من جانب واحد».
وأعلن الجبير أن «السعودية ستواصل الضغط من أجل زيادة الدعم العسكري للمعارضة. علينا تزويد المعارضة بأسلحة أكثر قوة وفتكاً، ضمنها صواريخ مضادة للطائرات والمزيد من الأسلحة المضادة للدبابات من أجل تغيير توازن القوى على الأرض».
وكرر أن الخيار عائد للأسد لتحديد كيف تتم «إزاحته»، إما بالحل العسكري أو السياسي. وقال «الأسد سيرحل، لا شك في ذلك، إما بحل عسكري أو سياسي، الخيار له». واعتبر أن «حل الأزمة السورية قد يستغرق 3 أشهر أو 3 سنوات، ولا أحد يعلم. المهم أن الأسد لن يكون ضمن هذا الحل».
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال ترؤسه اجتماعاً عسكرياً في سوتشي، «تستحق نتائج عمل الطائرات الحديثة، مثل سوخوي 30 إس إم، وسوخوي 34 وسوخوي 35 ومروحيات مي 28 وكا 52، تقييما عاليا جدا».
وأشار إلى أن روسيا استخدمت خلال مشاركتها في الحرب ضد الإرهاب في سوريا، للمرة الأولى، في ظروف القتال الفعلي، أسلحتها الجديدة العالية الدقة والبعيدة المدى، بما في ذلك صواريخ تطلق من الطائرات ومن السفن. وشدد على «ضرورة التحليل الشامل لخبرة استخدام الأسلحة الروسية الحديثة في ظروف القتال، واستخلاص الاستنتاجات، ومن ثم تحديد الخطوات المناسبة لمواصلة تحسين مواصفات منظومات الأسلحة وزيادة قدرات الجيش والأسطول الروسيين».
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد