فرنسا تعرض تسوية مع البشير

07-03-2009

فرنسا تعرض تسوية مع البشير

سلكت قضية ملاحقة المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي للرئيس السوداني عمر البشير، أمس، منعطفاً جديداً، مع عرض فرنسا التوصل إلى تسوية إذا قام البشير بما «هو مطلوب منه»، في وقت تواترت فيه المواقف الدولية المساندة للرئيس السوداني، وعلت الضجة التي رافقت طرد منظمات الإغاثة الأجنبية الأساسية من إقليم دارفور الذي يزوره الرئيس السوداني غدا.
وفي موقف ينمّ عن احتمالات للتسوية، أعلنت فرنسا بلسان المتحدث باسم وزارة الخارجية اريك شوفالييه، أن «البشير يعلم ما هو مطلوب منه، حيث سبق أن طالبه المجتمع الدولي بإحداث تغيير جذري في سياسته، وهذا لم يحدث، أما إذا ما غيّر من سياسته بشكل جذري، فيمكن النظر في ما يمكن فعله في هذه الحالة، ولكن أيضا في إطار من احترام العدالة الدولية».
وفي نيويورك، ينتظر صدور نتائج اجتماع لمجلس الأمن الدولي، لمناقشة الوضع في السودان، بدعوة من ليبيا التي ترأس المجلس في الشهر الحالي. وأعلن سفير كوستاريكا جورجي اوربينا للصحافيين ان «اي نص (مشروع قرار او إعلان) لم يطرح للتداول». من جهتها، أعربت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة سوزان رايس عن «قلق بالغ إزاء القرار المتهور للحكومة السودانية، بطرد منظمات مساعدة دولية تعمل لتخفيف معاناة مواطني السودان».
وفي بكين، دعا المبعوث الصيني الخاص إلى دارفور ليو قوي جين، مجلس الأمن إلى أن «يحترم وينصت للالتماس المقدم من الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية والدول الأعضاء في حركة عدم الانحياز»، لتأجيل قرار ملاحقة البشير. وحذر من أن قرار اعتقال البشير «لا شك بعث بإشارة خاطئة لحركات التمرد»، مضيفاً «رغم أهمية العدالة القضائية في منطقة دارفور، فإنه لا يجب تحقيقها على حساب عملية السلام».
إلى ذلك، دعت روسيا، بلسان نائب وزير خارجيتها ألكسندر سلطانوف، إلى إيجاد حلّ لمشكلة دارفور عبر المحادثات، معلنة أنها «تشاطر البلدان الأفريقية والعربية قلقها من احتمال انعكاس قرار المحكمة الجنائية الدولية... سلبا على الوضع في السودان».
ومن المقرر أن يزور الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى الخرطوم اليوم، ليبحث مع الرئيس السوداني سبل التعامل قانونيا مع قرار المحكمة الجنائية؛ وذلك في وقت أعلن فيه الاتحاد الأفريقي تعيين رئيس جنوب أفريقيا السابق ثابو مبيكي، رئيسا للجنة ستحقق في أي انتهاكات محتملة لحقوق الإنسان في دارفور، بحيث يكون مبيكي وسيطاً بين المحكمة الجنائية الدولية والسودان.
وتواصلت مواقف الإدانة العربية والإسلامية ضد قرار لاهاي. وتلقى الرئيس الليبي معمر القذافي، الذي يرأس حالياً الاتحاد الافريقي، اتصالا هاتفيا من بان كي مون، دعاه الأخير فيه إلى التوسط لدى البشير لإبقاء منظمات الإغاثة في دارفور. وندد القذافي بمذكرة لاهاي، مؤكداً أنها «سابقة خطيرة للنيل من استقلال الدول الصغيرة وسيادتها وخياراتها السياسية... وفقاً لسياسة المعايير المزدوجة التي تستهدف الدول الأفريقية ودول العالم الثالث».
وفي تطور جديد، كشف سفير السودان في لندن عمر صديق، أن بلاده تدرس «مقارعة قرار المحكمة... بدعوى قضائية أمام محكمة العدل الدولية». ولم يستبعد صديق «إمكانية القرصنة في الجو على طائرة الرئيس السوداني، بعدما أعلن (المدعي العام لمحكمة لاهاي) لويس مورينو ـ أوكامبو إمكانية اعتراض طائرة البشير في الجو في حال خروجه بطائرة من بلاده».. محذرا من أن هذا «ينتهك القانون الدولي».
في هذه الأثناء، أكد البشير في تصريحات نشرت أمس أن «قرارات المحكمة الجنائية الدولية لن تغير شيئاً من برامج الحكومة»، مضيفاً «الحكومة ستمضي قدما في تنفيذ كل الخطوات من أجل السلام... وستنظم انتخابات حرة ونزيهة».
تزامن ذلك مع زيارة قام بها وفد رفيع المستوى من «البرلمان الإسلامي» إلى الخرطوم لمناصرة الرئيس السوداني، ضمّ 52 شخصا بينهم رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني، ورئيس مجلس الشعب السوري محمود الابرش، ونائب رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» موسى أبو مرزوق. ووصف لاريجاني مذكرة الاعتقال بأنها «إهانة» لسيادة الدول. وكانت «حماس» نظمت تظاهرة حاشدة في غزة دعماً للبشير.
ومن المقرر أن يزور البشير دارفور غداً، في ما يشكل تحديا لقرار توقيفه بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في هذا الإقليم، بحق قبائل الفور التي تعرض أفرادها للتهجير القسري والقتل والاغتصاب من قبل جماعات مسلحة يتهم نظام البشير بدعمها.
لوّحت الأمم المتحدة بورقة تهديد جديدة، أمس، حيث قال مسؤولون إنها تبحث في ما إذا كان قرار البشير طرد المنظمات الأجنبية الرئيسية لعمليات الإغاثة الإنسانية في البلاد يمثّل «جريمة حرب». ودعا بان كي مون البشير الى إعادة النظر في قرار الطرد، قائلا ان المنظمات غير الحكومية تساعد 4.7 ملايين شخص بينهم 2.7 مليون لاجئ في مخيمات تستند إلى مساعدات هذه المنظمات.
وأعلنت المتحدثة باسم مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية، إليزابيث بايرز، أن الخرطوم طردت، من أصل 76 منظمة غير حكومية تعمل مع الأمم المتحدة في دارفور، 13 منظمة تقدم نصف المساعدات أهمها منظمة «أوكسفام» البريطانية و»أطباء بلا حدود» الفرنسية و»كير» الأميركية؛ ما يترك 1,1 مليون شخص بلا غذاء، و1,5 مليون شخص بلا رعاية طبية، وأكثر من مليون شخص بلا مياه شرب.
وردّت الحكومة السودانية بإرسال 100 طبيب إلى دارفور، معلنة أنها ستسيّر جسراً جوياً لنقل 100 طن من الأدوية للنازحين «كدفعة أولى، يليها إرسال عدد من الكوادر الطبية في مختلف المجالات خلال الاسبوع الحالي».

المصدر: وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...