فشل ديبلوماسية واشنطن تجاه إيران وتداعياته على علاقاتها مع تل أبيب

07-03-2010

فشل ديبلوماسية واشنطن تجاه إيران وتداعياته على علاقاتها مع تل أبيب

الجمل: تقول المعلومات والتسريبات، بأن المزيد من الخلافات بدأت تظهر على خط واشنطن- تل أبيب، وذلك على خلفية ازدواج تداعيات ملف اجتماع دمشق، وملف البرنامج النووي الإيراني، فما هي التطورات والمستجدات الجديدة الجارية على خط واشنطن- تل أبيب؟
• ملف العقوبات الجديدة ضد إيران: الانتقادات الإسرائيلية ضد أمريكا؟
تشير المعطيات الجارية في المسرح الدبلوماسي الدولي والإقليمي إلى أن ردود الأفعال الدولية والإقليمية إزاء بنود مشروع العقوبات الجديدة كانت على النحو الآتي: /iran-nuclear-program
- بند مقاطعة النظام المصرفي الإيراني: رفضت روسيا والصين الموافقة على هذا البند، وطالبت بضرورة استبداله بصيغة تطالب بتشديد الرقابة على حركة التحويلات المصرفية، وشددت روسيا والصين على ضرورة عدم فرض أي عقوبات أو مقاطعة ضد البنك المركزي الإيراني.
وأشارت المعلومات الإسرائيلية بأن مقدمي مشروع العقوبات (أمريكا وفرنسا) قد وافقوا على إسقاط وحذف هذا البند.
- بند فرض الحظر على واردات إيران من الجازولين، ومقاطعة الغاز الإيراني: رفضت روسيا والصين الالتزام بهذا البند.
- بند تنفيذ وفرض الحظر الكامل والشامل على تزويد إيران بالأسلحة والعتاد العسكري، وقد رفضت روسيا الالتزام بمبدأ الحظر الكامل والشامل، وأكدت على إمكانية القبول بالحظر الجزئي المحدود فقط.
هذا، وتقول المعلومات والتسريبات، بأن واشنطن تدرس بالتعاون مع فرنسا وبعض حلفاءها الغريبين، إمكانية التوصل إلى صيغة جديدة للعقوبات تتضمن الآتي:
. امتناع أمريكا وحلفاءها الغربيين عن تزويد منشآت النفط والغاز الإيرانية بقطع الغيار والأجهزة والعتاد، بما يؤدي إلى إلحاق الأضرار بصناعة النفط والغاز الإيرانية.
. إلزام دول الخليج والسعودية، لجهة القيام بإغلاق خدمات الموانئ والمطارات والمصارف والبنوك، في وجه المعاملات التجارية والمالية الإيرانية، إضافة إلى وقف التعامل مع رجال الأعمال الإيرانيين ومنشآت دوائر الأعمال الإيرانية.
. تشديد العقوبات ضد الحرس الثوري الإيراني، بما يستهدف إلحاق الأضرار بالمنشآت والشركات ومنها المجمع الصناعي العسكري التابعة له، إضافة إلى استهداف تحركات قياداته.
تقول التسريبات الإسرائيلية بأن الخبراء والمسئولين الإسرائيليين، أصبحوا أكثر قناعة بأن العقوبات الدولية الجديدة ضد إيران، قد أصبحت عقوبات بلا أسنان، وبالتالي فإنه لا فائدة منها، وأضافت المعلومات والتسريبات، بأن الإسرائيليين يعتقدون، بأن السبب في إفشال جولة العقوبات الجديدة ضد إيران يعود إلى الأسباب الآتية:
- تباطأت واشنطن في الالتزام بتنفيذ وفرض العقوبات المتشددة ضد إيران، وقد سبق وأن قدم الرئيس الأمريكي أوباما في مطلع عام 2009م الماضي وعداً لرئيس الوزراء الإسرائيلي نتياهو بأن أمريكا سوف تسعى لفرض هذه العقوبات.
- التباطؤ الأمريكي، وكثرة تردد واشنطن، وسعي واشنطن إلى الإفراط والإكثار من المشاورات، قد أدت إلى أن تفقد جولة العقوبات الجديدة زخم الاندفاع الذي كانت تتمتع به في مطلع العام الماضي.. وعلى وجه الخصوص في بلدان الاتحاد الأوروبي.
- تزايد أخطاء دبلوماسية وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، وعلى سبيل المثال لا الحصر،صورة لأحدى المنشآت النووية الإيرانية تحت الأرض سبق أن أعلنت الإدارة الأمريكية والوزيرة كلينتون، بأن شهر آذار /مارس/ 2010 الحالي سيشهد تنفيذ جولة العقوبات الرابعة الجديدة ضد إيران، ولكن الوزيرة هيلاري كلينتون عادت وصرحت تصريحاً مختلفاً، أشارت فيه إلى أن إكمال فرض جولة العقوبات ضد إيران، يحتاج إلى بضعة أشهر، وليس بالضرورة أن يتم الأمر في شهر آذار /مارس/ 2010م
- تردد أمريكا وتباطؤ الرئيس أوباما وإدارته، أديا إلى تردد دول  الإتحاد الأوروبي، وأيضاً إلى إتاحة المجال أمام روسيا والصين لاستغلال الفرصة من أجل المماطلة في الموافقة على مشروع العقوبات.
- فشلت الإدارة الأمريكية في حسم أزمة البرنامج النووي الكوري الشمالي، وقد أغرى ذلك إيران بالرفض والعناد، إضافة إلى أن استمرار كوريا الشمالية كدولة نووية، قد أتاح لها  أن تقدم الدعم النووي لإيران، إضافة إلى دعم القدرات الصاروخية الإيرانية.
هذا، وأضافت التسريبات والتقارير، بأن تحركات دبلوماسية الرئيس الأمريكي أوباما في الساحة الأوروبية والروسية والصينية، إضافة إلى تحركات دبلوماسية وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون والتي شملت منطقة الخليج والسعودية، والمنطقة الأوروبية، والصين والبرازيل والأرجنتين، لم تكن تحركات كان حصادها هو الفشل وحسب، وإنما ساعدت في إفشال تحركات الدبلوماسية الإسرائيلية، والتي تضمنت قيام رئيس الوزراء نتياهو بجولات زار فيها العديد من العواصم الأوروبية إضافة إلى موسكو، وأيضاً قيام وزير الشؤون الإستراتيجية الجنرال موشي إيالون وحاكم البنك المركزي الإسرائيلي ستانلي فيسر بزيارة العاصمة الصينية بكين.
• ماذا تقول آخر التخمينات الإسرائيلية:
برزت العديد من وجهات النظر الإسرائيلية التي حاول الخبراء الإسرائيليين من خلالها مقاربة ملف أزمة البرنامج النووي الإسرائيلي، وتعتبر مقاربة الخبير الإسرائيلي إيميلي بي لانداو، مدير برنامج ضبط التسلح والأمن الإقليمي في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي التابع لجامعة تل أبيب، الأكثر أهمية، هذا ويمكن الإشارة إلى ما أوردته هذه المقاربة ضمن النقاط الآتية:
- توجد دلائل متزايدة بأن إيران تمضي قدماً وبشكل حثيث لجهة إنقاذ برنامجها النووي.
- أدركت بعض الأطراف الدولية، حقيقة الخطر النووي الإيراني، وبدأت هذه الأطراف في رفع أصواتها من أجل تشديد العقوبات ضد إيران.
- الموقف الدولي أصبح في غير صالح فرض جولة العقوبات الجديدة ضد إيران، فالصين أصبحت ترفض مجرد فكرة فرض العقوبات، وروسيا أصبحت غير متحمسة، أما مفوضية الاتحاد الأوروبي، فهي ما تزال تتصرف بشكل يؤكد بأن هذه المفوضية أصبحت تجهل تماماً حقيقة أن جولة العقوبات قد فشلت بسبب إفراغ بنود العقوبات من محتواها.
هذا، وإضافة لذلك فقد أشارت مقاربة الخبير الإسرائيلي لانداو، إلى أن الإدراك الدولي، قد بدأ ينظر إلى أزمة الملف النووي الإيراني، بشكل أصبح أكثر تأكيداً  لجهة أن البرنامج النووي الإيراني برغم المخاطر والتهديدات المترتبة عليه، فإنه من الصعب إيقافه لأنه وصل إلى نقطة اللارجعة، وفي هذا الخصوص، أشار الخبير الإسرائيلي لانداو إلى الإدراك الدولي والإقليمي والرسمي وغير الرسمي، الذي أصبحت تسيطر عليه الأطروحات الآتية:
- الأطروحة الأولى: سعى العديد من الخبراء والمسئولين في الماضي إلى القول بأنه لا داعي لاستهداف إيران، لأنه لا يوجد أي دليل مادي يؤكد بأن إيران تسعى من أجل الحصول على القدرات العسكرية النووية، وطالبوا بضرورة الحصول على الدليل والبرهان المادي قبل الإقدام على استهداف إيران.. والآن، أصبح هؤلاء الخبراء والمسؤولين ذاتهم بعد اقتناعهم بأن إيران تسعى من أجل الحصول على القدرات العسكرية النووية، يقولون بأنه لا داعي لاستهداف إيران، طالما أن من الممكن معالجة الملف النووي الإيراني بالطريقة نفسها التي تمت بها معالجة الملف النووي الهندي والملف النووي الباكستاني، وذلك عن طريق استخدام لعبة توازن القوى، بحيث تقوم أمريكا وحلفاؤها بنشر المزيد من القدرات النووية بما يحقق التوازن مع القدرات الإيرانية.. ويردع الخطر النووي الإيراني.
- الأطروحة الثانية: ظل بعض "كبار" المسئولين في "العواصم الكبرى والعظمى" يقولون في الماضي، بأن "من غير المسموح لإسرائيل أن توجه أي ضربة عسكرية إستباقية ضد إيران إلا بعد حصول تل أبيب على موافقتهم المسبقة".. والآن بعد أن أدرك هؤلاء المسئولين الكبار حقيقة البرنامج النووي الإيراني، فقد أصبحوا يستخدمون لهجة جديدة، تقول بأن إسرائيل يمكنها أن تقوم بتوجيه الضربة العسكرية ضد إيران، ولكن في هذه الحالة على تل أبيب أن تدرك بأنه من غير الممكن لإسرائيل أن تتفادى ضربات خصومها الانتقامية..
يقول الخبير الإسرائيلي لانداو، بأن فشل دبلوماسية واشنطن إزاء ملف أزمة البرنامج النووي الإيراني، قد بدا واضحاً منذ خطوات الدبلوماسية الأمريكية الأولى، وذلك لجهة أن واشنطن لم تكن قادرة على تحديد إجابة واضحة للسؤال القائل: ما هو الخيار البديل إذا فشل خيار العقوبات في إنهاء البرنامج النووي الإيراني؟.. ويضيف الخبير الإسرائيلي لانداو قائلاً، بأن الدبلوماسية الأمريكية كانت مترددة وملتبسة إزاء تحديد الإجابة الواضحة، وبأن الطرف الوحيد الذي كان يملك الإجابة الواضحة هو إسرائيل، والتي كانت تقول بكل وضوح: إذا فشل خيار العقوبات.. فإن الخيار العسكري هو البديل.
سعى الخبير الإسرائيلي لانداو إلى توضيح وجهة نظره التي تفضل اللجوء إلى الخيار العسكري.. وتحديداً الخيار العسكري الإسرائيلي ضد إيران، وفي هذا الخصوص أشار الخبير لانداو، إلى أن الضربة الإسرائيلية ضد إيران، برغم عدم رغبة أمريكا والغرب، هي ضربة يمكن أن تتيح لأمريكا والغرب الحصول على المزيد من المنافع والمزايا، والتي من أبرزها:
- إبعاد شبح المسئولية عن أمريكا والغرب، وطالما أن إسرائيل هي التي سوف تقوم بتنفيذ الضربة، فإن الرأي العام الدولي سوف يفهم أن إسرائيل قد قامت بذلك من أجل الدفاع عن النفس.
- توجيه الضربة الإسرائيلية ضد إيران، سوف يترتب عليه تقويض القدرات الإيرانية، ومن ثم خروج إيران من حسابات معادلة الصراع في المنطقة، وهذا في حد ذاته سوف يتيح لأمريكا أن تتفرغ بهدوء لمعالجة حساباتها ومصالحها في المنطقة دون إعطاء أي اعتبار لتأثير العامل الإيراني.. طالما أن تأثيره بعد الضربة الإسرائيلية سوف يصبح صفراً.
من الواضح أن مقاربة الخبير الإسرائيلي لانداو تفضل خيار الضربة العسكرية الإسرائيلية، وبرغم أن لانداو قد سعى إلى توضيح الإيجابيات والمزايا التي ستحصل أمريكا على منافعها قد حدوث هذه الضربة، فإن نقطة الضعف الكبيرة في مقاربة الخبير العسكري لانداو تتمثل في أنه لم يشير إلى الأضرار والخسائر التي لن تلحق بإسرائيل وحسب.. وإنما بأمريكا أيضاً.. ومن الواضح أن الخبير لانداو يدرك هذه الخسائر جيداً، خاصة وأنه أشار في معرض مقاربته إلى أنه لا توجد وسيلة تتيح لإسرائيل تفادي الضربة الانتقامية الثانية إذا أقدمت تل أبيب ووجهت الضربة الأولى!!!.


الجمل قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...