فلسطينيون يطالبون بسحب المبادرة العربية وإسرائيل تهدّد بنسف المفاوضات ولا حل أميركياً
مع ازدياد التشاؤم الأميركي من احتمالات منع انهيار مفاوضات التسوية بين إسرائيل والفلسطينيين، التقت وزيرة العدل الإسرائيلية تسيبي ليفني بالطاقم الأميركي المشرف على المفاوضات. وفي هذه الأثناء ترتفع أصوات فلسطينية تطالب القمة العربية المرتقبة في الكويت بسحب المبادرة العربية للسلام كنوع من الاحتجاج على جمود الوضع
وتهدد إسرائيل أنه إذا لم تضمن الولايات المتحدة تمديد المفاوضات، فإن إسرائيل لن تفرج عن الدفعة الرابعة من معتقلي ما قبل أوسلو، ما خلق اقتراحاً بإجراء تبادل تفرج فيه واشنطن عن الجاسوس جوناثان بولارد في مقابل الفلسطينيين.
وضمن محاولات إحياء العملية السياسية ومنع انهيارها، عقد مساء أمس الأول، في القدس المحتلة لقاء بين وفدي المفاوضات الإسرائيلي برئاسة تسيبي ليفني والأميركي برئاسة مارتن إنديك. وكان الوفد الأميركي قد اجتمع أيضاً في رام الله مع الوفد الفلسطيني برئاسة صائب عريقات.
وأشارت مصادر أميركية لم تخفِ تشاؤمها إلى أن هذه الاجتماعات تتم في محاولة لتربيع الدائرة ومنع انهيار المفاوضات.
ويأتي تكثيف الوفد الأميركي لاتصالاته مع الطرفين قبل أسبوع من الموعد المقرر للإفراج عن الدفعة الرابعة من المعتقلين الفلسطينيين. ولا يبدو في الأفق حتى الآن أي نجاح في بلورة ورقة أميركية يمكن عرضها كاتفاق إطار، كما لا يبدو أن الأيام المقبلة ستنجز ورقة كهذه. إذ ترفض السلطة الفلسطينية أي اتفاق إطار لا يشير صراحة إلى القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية المستقبلية، في حين ترفض إسرائيل أي إشارة إلى القدس.
ومع ذلك، تتحدث مصادر متعددة عن استمرار الجهد الأميركي لبلورة مثل هذه الورقة في الأيام القليلة المقبلة، بالرغم من التركيز حالياً على تمديد المفاوضات. ومعروف أن السلطة الفلسطينية تشترط لتمديد المفاوضات تجميد الاستيطان وتحرير المزيد من الأسرى وهو ما ترفضه إسرائيل.
وتضغط جهات يمينية عدة، داخل الحكومة وخارجها، هذه الأيام لمنع الإفراج عن الدفعة الرابعة من المعتقلين الفلسطينيين. وقد هدّد عدد من الوزراء بالاستقالة من الحكومة في حال الإقدام على هذه الخطوة أو الإفراج عن معتقلين من فلسطينيي الـ48.
ومن المقرر أن تنظم جمعية «ألماغور»، التي تمثل المتضررين من الإرهاب، تظاهرة ضد الإفراج عن المعتقلين، كما ستنصب خيمة احتجاج أمام مقر رئاسة الحكومة الإسرائيلية.
من جانبها، كتبت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، أن محافل سياسية إسرائيلية أطلقت في نهاية الأسبوع رسالة لا لبس فيها: «إذا لم يضمن الأميركيون تمديد المفاوضات سنة أخرى، فلن يحرر من الأسر ولا حتى معتقل واحد آخر».
ونقلت عن مصدر إسرائيلي قوله إنه «لا يحتمل أن تحرّر إسرائيل مخربين، وبعد أسبوعين من ذلك يحطم الرئيس الفلسطيني محمود عباس الأدوات ويتوجّه إلى الأمم المتحدة، إذا كان عباس يريد السجناء، فليدفع ثمن الجدية».
وتحدثت «يديعوت» عن أن العقبة الفعلية هي الإفراج عن 14 من معتقلي مناطق الـ48 والقدس. وقد تعهدت الولايات المتحدة أمام الفلسطينيين بتحرير هؤلاء المعتقلين، لكن إسرائيل تصرّ على عدم وجود اتفاق كهذا مع الأميركيين، وأن وعد وزير الخارجية الأميركي جون كيري كان على عاتقه، وهو لا يلزم إسرائيل.
وأوضحت أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعرف أنه إذا ما جلب إلى الحكومة اقتراحاً بتحرير «عرب إسرائيليين»، فإنه سيواجه معارضة قاطعة من جانب الوزراء، هكذا بحيث أنه حتى لو نفذت النبضة في نهاية المطاف في أثناء نيسان المقبل، من دون أن تتضمن «عرباً إسرائيليين»، فمن شأن ذلك إحداث أزمة حادة مع الفلسطينيين.
واستعداداً لاحتمال الإفراج عن معتقلين فلسطينيين، وفي إطار ما يعرف بمبدأ «مستوطنات في مقابل معتقلين» الذي انتهجته إسرائيل، أعدّ رئيس الحكومة ووزير الإسكان أوري أرئيل قائمة عطاءات بناء استيطاني في القدس والضفة الغربية.
وسبق لإسرائيل أن انتهجت هذا المبدأ في المراحل الثلاث السابقة للإفراج عن المعتقلين، حيث كانت تنشر عطاءات استيطانية في أوقات قريبة من موعد الإفراج عن المعتقلين. ونشر موقع «معاريف» أن نشر العطاءات مشكوك فيه بسبب الخلاف حول الإفراج عن المعتقلين، لكن القائمة باتت جاهزة.
ومن جهة أخرى، أشارت مصادر فلسطينية إلى أن جدول أعمال القمة العربية في الكويت يتضمن اقتراحاً يتحدث عن سحب المبادرة العربية التي كانت أعدت ونشرت في العام 2002.
وهذه ليست المرة الأولى التي تطرح فيها جهات عربية سحب المبادرة، لكن ثمة من يطالب بذلك كنوع من الضغط على الإدارة الأميركية التي كانت حثت عليها وشجعت إقرارها.
ومعروف أن المبادرة العربية تحظى بضريبة كلامية من الإدارة الأميركية، ولكن الموقف الإسرائيلي إزاءها تراوح رسمياً بين الرفض في عهد أرييل شارون والاستعداد لمناقشتها في عهد إيهود أولمرت، لكن استمرار الاستيطان كان يعني رفضها عملياً.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد