في رحيل الفنان محمود جبر

28-07-2008

في رحيل الفنان محمود جبر

توفي الفنان السوري محمود جبر صباح اليوم عن عمر يناهز ثلاثة وسبعين عاماً بعد معاناImage removed.ة مع المرض.

وقال الفنان ناجي جبر شقيق الفنان الراحل في تصريح لوكالة سانا إن جثمان الفقيد سيشع عند الثالثة من بعد ظهر غد الإثنين من منزله في حي التجارة بدمشق إلى مقبرة الباب الصغير.

وأضاف أن الفنان الراحل أدخل إلى المشفى مرتين خلال الأسابيع الماضية ثم تحسنت حالته الصحية وغادر المشفى قبل عدة أيام ثم ساءت حالته صباح اليوم ليلقى وجه ربه.

وأوضح الفنان ناجي جبر أنه كان يحضر لعمل فني إذاعي يقدم في رمضان القادم مع أخيه الراحل من تأليف محمود جبر وأنهما كانا يستعدان للتسجيل بعد أسبوعين.

يذكر أن الفنان الراحل محمود جبر من مواليد مدينة شهبا في محافظة السويداء عام 1935 وهو فنان مسرحي له بصمته الواضحة في المسرح السوري منذ الستينيات وكان له فرقة مسرحية خاصة قدمت أعمالاً مثل البورجوازي النبيل، أبطال بلدنا، الخروج من الجنة، تحت الرماد، حط بالخرج.

كما قدم الفنان الراحل أعمالاً سينمائية مثل فيلم ساعي البريد، قطط شارع الحمراء، قاهر الفضاء، خياط للسيدات، إضافة إلى العديد من الأعمال الإذاعية والتلفزيونية.

وكان محمود جبر من الأعضاء المؤسسين لنقابة الفنانين ويشكل مع أفراد أسرته عائلة فنية عريقة فأخوه ناجي جبر وزوجته هيفاء واصف وابنتاه ليلى ومرح جبر.

_____________________________________

 

لا يُرثى محمود جبر بالكلمات وحدها ولا بالشعر وهو الغائب اليوم عن مسيرة محمود الفنان المبدع، ولا بالدموع لأن الموت حق والحياة هكذا ولادة ورحيل وما بينهما أسطر من نور أو أسطر من ظلام.

لكن راحلنا الكبير جعل مع النور ابتسامة رسمها بعرقه وجهده. عرفته وهو يستعد للصعود إلى الخشب والعرق يتصبب من جسده، ولم يكن مسرح سينما الفردوس يؤمن احتياجات الفنانين كما هي اليوم في المسارح فعرفت عن كثب معاناة من يصعدوا إلى الخشبة ثم ينسى تلك المعاناة عند أول تصفيق له ما يعني أن الجهد لم يذهب سدى. ‏

يرحل محمود جبر اليوم وقد ملأ الدنيا وشغل الناس وكم انقسمنا أيام الجامعة مع مَن نقف مع فرحة بريئة لا ضرر منها كما يقول فرويد أم مع أخرى ذات قصد أو اتجاه أو غاية تقصدها، والغاية نوعان أيضاً العدم والكشف التحطيم والتعرية والمزحة العدامة تنطوي تحت عناوين مثل السخرية والفضيحة والهجو. ‏

كانت البداية في ثانوية الميدان كان ذلك في أوائل الخمسينيات عندما ألف فرقة هواة من الطلاب أشرف عليها الأستاذ صفوح قصاب حسن. ‏ كان يكتب الفصل الواحد ويقدمه في المناسبات وبسبب حبه للمسرح أهمل دراسته فرسب وترك المدرسة ليتفرغ للمسرح. 
 ‏ وتابع دراسته في مدرسة خاصة ليلاً وبعد أن حاز على الشهادة الثانوية عمل موجهاً في المدرسة ذاتها (العلوم والآداب) والتقى فيها بعدد من الزملاء الذين أصبحوا فيما بعد فنانين معروفين ومنهم وليد مارديني وعلي أسعد ومنذر نفوري والمطرب الراحل محمد ضياء الدين. ‏

في عام 1959 عين خبيراً مسرحياً في وزارة الثقافة مديرية الفنون وكان معه الفنان عبد اللطيف فتحي وعمر حجو، وشارك إضافة إلى عمله كخبير في المسرح مثل مشاركته في «أبطال بلدنا» و«البورجوازي النبيل» و«ثمن الحرية». ‏

في أوائل الستينيات تفرغ للعمل في المسرح العسكري وكان نشاطه كثيفاً بوجود مديره الفنان محمد شاهين وأغلب المسرحيات المسجلة بالأبيض والأسود قدمها في المسرح العسكري. ‏

لم يبتعد كثيراً عن التلفزيون وقد قدم فيه أعمالاً عديدة منها سهرات الإجازة السعيدة مع الفنان دريد لحام وكانت تبث على الهواء مباشرة. ‏

ـ مثّل العديد من السهرات وساعي البريد ومصلح أفندي لكنه لم يستمتع بالعمل التلفزيوني في الوقت ذاته الذي كان يعمل فيه بالمسرح فتركه إلى حيث يحب. ‏

ـ في عام 1967 قدم مسرحية مدام (أميركا) وتجول فيها ببعض المحافظات. ‏

وفي عام 1973 كان يتابع الأحداث ويسمع الأخبار فقدم مسرحية (ليش هيك صار معنا) وكان أول فنان يقدم مسرحية عن حرب تشرين. 
 ‏ ـ خلال وجوده في نقابة الفنانين حاول قدر مستطاعه أن يلبي رغبات الزملاء الفنانين وكان يحس بمشكلاتهم. ‏

ـ انتخب عضواً في مجلس الشعب ويقول عن ذلك إن تجربته السياسية أغنت تجربته الفنية فأصبح أكثر قرباً من مشاكل الناس ومعاناتهم وكان سعيداً لأنه نقل مشكلات المواطنين إلى أعلى هيئة تشريعية في بلدنا. ‏

ـ عن دور المسرح يقول: ‏

إنني أسأل نفسي لماذا لا يأخذ المسرح دوره؟ إنني أطالب زملائي بالعمل الأفضل ولكن استمرار المسرح مسؤولية الجميع الفنانون والهيئات المعنية وهو يحتاج إلى تشجيع ليأخذ دوراً أكبر، صحيح أننا نعاني من أزمة نص لكن يجب ألا نيأس ونحاول أن نسعى نحو الأفضل. ‏

شهادات في الفنان محمود جبر ‏

- الأستاذ نصر الدين البحرة «الكاتب الصحفي»: ‏

عرفت محمود جبر عام 1955 في معهد العلوم والآداب حيث كنت أُدرس اللغة العربية للصفوف الإعدادية وكان محمود موجهاً في هذه المدرسة كنّا نلتقي في الفرص بين الدروس نتبادل الأفكار والآراء وفي هذه السنة كانت بداية محمود جبر ممثلاً كوميدياً فقد أقيمت حفلة على مسرح معهد الحرية «اللاييك» سابقاً لمعونة اللاجئين الفلسطينيين وقد ألقيت فيها قصيدة عن فلسطين وقدم محمود جبر فواصل فكاهية تسخر من اليهود الصهاينة. ‏

ومع الأيام عدنا فالتقينا في النادي الفني حيث كان محمود أحد الأعمدة النشيطة في هذا النادي ولدى تأسيس التلفزيون السوري عام 1960 كان محمود أيضاً بين العناصر الرئيسية في تقديم الكوميديا مع عدد من الفنانين في مقدمتهم دريد لحام ونهاد قلعي. ‏

وكان محمود في هذه الأثناء قد انتسب الى المسرح القومي، حيث شارك في عدد من المسرحيات الهامة. ثم واصل طريقه مع المسرح العسكري. وكانت له نشاطات في المسرح الخاص كان متميزاً فيها بشخصيته الظريفة الضاحكة. ‏

‏ - الشاعر فرحان الخطيب «رئيس المركز الثقافي أشرفية صحنايا» ‏

بفقد الفنان محمود جبر تفقد الحركة الفنية في سورية أحد أعمدتها الباسقة حيث إن الفن كان في مرحلة التأسيس وهذا يعني أن على الفنان أن يبذل الجهد الكبير والعمل الدؤوب لاقناع الآخر بترسيخ فكرة أن الفن هو رسالة اجتماعية وإنسانية والتقيت بالفنان مرات عدة فعرفت فيه الإنسان الشهم الطيب والنبيل. ‏

ويكفيه أنه رعى أسرة فنية كبيرة لعبت دوراً مهماً في الساحة الفنية. ناجي وهيثم ومرح وليلى وغيرهم وقد كان محمود جبر وخاصة في مسرحياته الكوميدية ينقل أحاسيس ومشاعر المواطنين بكل صدق وعفوية ويصوّر المجتمع بكل بساطة مع زملاء له عديدين مثل دريد ونهاد ورفيق السبيعي. ‏

وإذا كانت الدراما السورية تأخذ شكلها اللائق على خارطة الفن العربي فهذا يؤكد على أن المسيرة طويلة وشاقة واستطاع فنانونا أن ينطلقوا من قاعدة أرسى بنيانها الأوائل وهم جيل التأسيس في خمسينيات القرن الماضي. ‏

رحم الله محمود جبر الفنان الكبير الذي سيبقى اسمه في سجل الفنانين الراحلين الكبار ولأسرته الصبر الجميل. ‏

‏ - صباح عبيد /فنان/ ‏

فُقد بوفاة محمود جبر احد الاعمدة الهامة في الدراما. واذ نتقدم بواجب العزاء للأسرة الفنية في سورية والوطن العربي نقول: تبقى الدنيا هكذا ونحن ضيوف عليها فيجب ان يتقبل بعضنا بعضاً، اناس يموتون، وآخرون يتقاعدون ليخلوا الساحة لمن يستحق ذلك. ‏

‏ - عادل أبو شنب (القاص والروائي) ‏

محمودجبر كان رفيقي في المدرسة وكان يبدو عليه انه محب للفكاهة وسرد القصص المسلية وكنا نخمن بأنه ينطوي على شيء ما للمسرح او التمثيل. ‏

ولما كبرنا ازداد يقيننا بأن محمود جبر كان مطابقاً لمخيلاتنا وقد ابدع على المسرح وكان نجماً كوميدياً قل مثيله ويعتمد على اللفظة المضحكة والحركة التي تبعث في النفس القهقهة. ‏

إني اشعر بفراغ كبير عندما يتوفاه الله فمثل هؤلاء الموهوبين قلما يجود الزمان بمثلهم.. رحمه الله. ‏

‏ - المخرجة واحة الراهب: ‏

من المؤسف رحيل هكذا فنان وهو من احد رواد الدراما السورية ومؤسسيها.. ويبدو ان خساراتنا متتالية، فمنذ مدة قصيرة فقدنا فنانة ومخرجة مسرحية كانت بحق نجمة في سماء هي «مها الصالح». ‏

محمود جبر من هذا الجيل الذي أسس للفن الصعب - الدراما ، وفي اصعب الظروف حيث كان الفن في نظر المجتمع محتقرا، وعبر موهبته واجتهاده حول الفن الى شيء محبب وجماهيري. ‏

وللأسف هؤلاء الرواد الراحلين لابديل عنهم بمعنى كان لكل واحد منهم بصمة مستقلة بحد ذاتها. ‏

اقدم عزائي لعائلته وابنتيه مرح وليلى ‏

- الفنان بشار اسماعيل: ‏

محمود جبر كان مدرسة بالكوميديا الشعبية البسيطة التي تعلقنا بها منذ طفولتنا.. كان فناناً مهماً جعلنا نحب المسرح والفن. ‏

كنت كلما اتابع اعماله احس انني معه وحين كنت «طالب ضابط» في الجيش قدم الينا محمود جبر وعرض مسرحية ويومها كان يعمل لصالح المسرح العسكري . آنئذ شعرت انني واحد من هذه الاسرة الى ان تحقق الحلم وصرت ممثلا وصار الراحل من اعز اصدقائي-رحمه الله-. ‏

محمود جبر من الفنانين الذين اناروا لنا طريق الفن الشائك، ولاقوا صعوبات كبيرة حتى عبّدوا لنا هذا الطريق. ‏

‏ - الناقد د.محمد قارصلي ‏

رحيل اي فنان هو خسارة للناس وللوطن. لأنني شخصيا أحببته وتابعته وتربيت على مشاهدة أعماله. ‏

محمود جبر من الفنانين الذين صنعوا انفسهم بأنفسهم واستمروا خلال عشرات السنين رغم كل الظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة. ففي ذلك الزمن الذي عملوا فيه لم تكن هناك نقابات تحميهم ولا إعلام ولا دعاية. ‏

كان جهدهم مضاعفا لأن الفن بمجمله كان طارئا وجديدا على المجتمع. ‏

كان فنانا مجتهدا له حضوره الاجتماعي والثقافي حتى تواجده كضيف في اي عمل كان يعطي شيئا من البهجة. ‏

لو لم يكن امثال محمود جبر موجودين. هذا الجيل الذي عمل في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي لما كنا استطعنا الاحتفال بوجود معهد عال للفنون المسرحية ووجود مؤسسة عامة للسينما. ‏

فهؤلاء الرواد أدخلوا في أذهان المجتمع ان الفن ضرورة وهذا يسجل لهم.. ومن بينهم طبعاً الراحل محمود جبر ‏

رياض طبرة- مصطفى علوش

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...