قصة مليونيرات خرجن من العدم
الجمل: خمس سنوات من شحن نفايات الورق إلى الصين جعلت من تسانغ ين المقيمة في هونغ كونغ سيدة الأعمال الأكثر ثراء في العالم.
فمن رأسمال قدرة 3500 دولار أمريكي استطاعت أن تجمع ثروة بلغت 7 مليارات دولار، الأمر الذي جعلها حالة نموذجية ومثلاً أعلى يحاول أن يحتذي به أولئك الساعون من أجل تحويل الحطام إلى ثروة.
بدأت تسانغ ين المتاجرة بنفايات الورق في هونغ كونغ في عام 1985، وحوّلت أعمالها إلى لوس أنجلوس في عام 1990، واستمرت في شحن نفايات الورق إلى الصين.
أسست شركة تحمل اسم التنانين التسعة المختصة بأعمال الورق، وتعتبر اليوم من أكبر الشركات الصناعية في مجال استخدامات الورق في أعمال التعبئة. وتجدر الإشارة إلى أن أعمال وأنشطة السيدة تسانغ ين وثروتها لا تواجه أي مخاطر فقد سجلت اقتصاديات الصين نمواً قدرة 10،7% في عام 2006م، وهو المعدل الأكبر في العالم منذ عام 1995، كذلك صادرات واستثمارات الصين أصبحت أكثر رواجاً وازدهاراً برغم الكوابح والعراقيل الحكومية الهادفة لإبطاء نمو الاقتصاد.
لقد انعكس نجاح السيدة تسانغ ين في سائر أنحاء القارة الآسيوية ففي مدينة نويدا الواقعة على مقربة من العاصمة الهندية نيودلهي برزت أيضاً السيدة مانيك زابار التي تعمل أيضاً في مجال تجارة نفايات الورق، وقد استثمرت العمل في منشأتها برأسمال بلغ حجمه 120 ألف دولار جمعتها من أفراد أسرتها بالإضافة إلى قروض مصرفية، الأمر الذي مهد السبيل امامها لكي تصبح من بين أكبر أثرياء الهند، وحالياً تسيطر شركة هذه السيدة على 90% من تجارة نفايات الورق في الهند.
الذي ساعد السيدة مانيك زابار هو مجانية الحصول على عقد يسمح ويتيح بجمع القمامة بالمجان، ووفقاً لذلك فقد كانت تحصل دون أن تدفع أي ثمن على أربعمئة طن يومياً من نفايات الورق بمدينة نويدا.
وإذا عدنا للسيدة تسانغ نجد أن الجبال والتلال الهائلة من نفايات الورق والكرتون بالمدن الصينية والأمريكية ظلت تمثل حقولاً خصبة ومناجم لا تنضب للمال. وأكثر ما يهدد أعمال السيدة تسانغ يتمثل في ضغوط الشركات المتعددة الجنسية التي أصبحت تنافسها في ذلك، والمؤسسات المالية الحكومية التي أصبحت تفرض الكثير من الشروط على أعمالها، وأيضاً وكالات المعونة التي أصبحت تعمل من أجل التصرف بالقمامة واستخدامها لمصلحتها الذاتية.
الباحثون في الأمم المتحدة، وأيضاً بعض الخبراء الآخرين توصلوا إلى تكهنات تقول: بحلول العام القادم، ولأول مرة في التاريخ سوف يكون العدد الإجمالي لسكان المدن في العالم أكبر من العدد الإجمالي لسكان الأرياف، وهذا التحول الديمغرافي سوف يحدث بشكل واضح في قارتي آسيا وافريقيا، ومن ثم فإن المدن الكبيرة التي سوف تنشأ من المتوقع لها أن تخلق تحديات ومصاعب إزاء عمليات جمع القمامة والنفايات والتي حتى الآن لم يهتم لا المسؤولون ولا أصحاب الصناعات بإيلائها الاهتمام الجاد الكافي.
في الوقت الحالي، أصبحت عملية جمع واستغلال وتوظيف النفايات تشكل صناعة قائمة بذاتها لها مدخلاتها، ونظم تشغيلها، ومخرجاتها. كذلك أصبحت صناعة النفايات –إن جاز لنا التعبير- تخضع لكل شروط ومستلزمات الإنتاج الصناعي، مثل: رأس المال، العمال... الخ. وقد بدأت الأنظار تتركز في مدن البلدان الكبرى والمتقدمة، مثل: الصين، أمريكا، بريطانيا، فرنسا.. على الفرصة الهائلة التي توجد في الجدوى الاقتصادية لهذه الصناعة، وقد استطاع كثير من الناس الحصول على مبالغ طائلة وكونوا ثروات هائلة من جراء عمليات جمع القمامة وفرزها وتصنيفها، ثم إعادة استخدام كل صنف منها في المجالات المناسبة. وقد انتبهت الكثير من الشركات إلى مزايا ومكاسب وفوائد عمليات جمع القمامة، وفي الدول الغربية والمتقدمة تم تكوين العديد من الشركات المختصة بجمع القمامة وأصبحت هذه الشركات تملك مناطق واسعة مخصصة لعملياتها الميدانية.
تقول سونيا فيرناندز من مدينة بومباي الهندية: قبل القيام بإعادة تدوير النفايات التي يتم جمعها فإن المشكلة الأساسية تتمثل في عملية إدارة جمع القمامة التي يصعب أن تكون عملية مركزية وبالتالي فإن اللامركزية التي تتسم بها هذه العملية تترتب عليها الكثير من الصعوبات العملية، كذلك تواجهنا مشكلة أخرى تتمثل في كيفية فرز القمامة الجافة عن القمامة الرطبة، وكيفية تجفيف القمامة الرطبة نفسها.
أصبحت الشركات النسائية العاملة في مجال صناعة القمامة أكثر رواجاً في مدن جنوب شرق آسيا وبالذات في الفلبين وتايوان وسنغافورة وهونغ كونغ، وكوريا الجنوبية. وعلى ما يبدو فإن عدوى انتشار هذا النوع من الشركات قد انتشرت في هذه المنطقة بدءاً من استراليا ونيوزيلندا الواقعتان على مقربة من جنوب شرق آسيا، واللتان توجد بهما شركات متقدمة ومتطورة تعمل في صناعة القمامة.
وعموماً نقول: الاهتمام الأكبر بصناعة القمامة ظهر حالياً في اليابان، وذلك لأن وكالة التعاون الدولي اليابانية تقوم حالياً بتمويل مشروع ضخم (إن لم يكن الأضخم في العالم) مجال اختصاصه صناعة القمامة، وذلك عن طريق نظام مركزي واسع النطاق يختص بعملية جمع القمامة من كل مدينة ثم تجميعها وفرزها وإعادة استغلالها، على نحو تستخدم فيه التكنولوجيا المتطورة بقدر كبير.. وبكلمات أخرى: فإن جهاز الكمبيوتر سوف يشرف على عمليات جمع وفرز وتدوير وإعادة توظيف واستغلال القمامة، أي سوف يجعل اليابانيون من الكمبيوتر زبالاً.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد