كيري يعود مجدداً إلى الأراضي المحتلة: جهود أميركية أخيرة لتمديد المفاوضات
في إطار مساعي اللحظة الأخيرة لمنع انهيار المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، وصل وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى القدس، أمس، بعدما قرر تغيير جدول أعماله. ويأتي هذا التطور بعدما بلغت المساومات ذروتها بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية إثر امتناع الأولى عن الالتزام بالإفراج عن الدفعة الرابعة من معتقلي ما قبل أوسلو واشتراطها الاتفاق على تمديد مهلة المفاوضات حتى نهاية العام، والتي كانت مقررة أصلاً حتى 29 نيسان الحالي. ولكن بعض الأوساط أشارت إلى أن وصول كيري تم لإثبات الحضور عند إعلان اتفاق تمديد المفاوضات أو لوضع اللمسات الأخيرة عليه.
وقد وصل كيري من العاصمة الفرنسية باريس حيث كان يشرف عن كثب على الاتصالات التي يديرها طاقم المفاوضات الأميركي برئاسة مارتين إينديك مع طاقمي المفاوضات الإسرائيلي برئاسة وزيرة العدل تسيبي ليفني والفلسطيني برئاسة صائب عريقات. وتحدثت أوساط أميركية عن أن الاتصالات بلغت مرحلة حاسمة وهو ما دعا كيري للإعلان عن أن "الوضع يتطلب اتخاذ عدد من القرارات". وقد قصد أن الاتصالات باتت تتطلب أن تجري على أعلى المستويات بينه وبين كل من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس.
ولكيري جدول أعمال مكثف، حيث التقى، مساء، نتنياهو وكان من المفترض أن يلتقي الرئيس الفلسطيني بعد ذلك. وكانت القيادة الفلسطينية قد استبقت حضور كيري بعقد اجتماع طارئ عرض فيه عباس على المجتمعين الاقتراح الذي تلقاه من أميركا وإسرائيل بشأن تمديد المفاوضات. ومعروف أنّ الاقتراح الإسرائيلي تضمن الاستعداد للإفراج عن الدفعة الرابعة من معتقلي ما قبل أوسلو إضافة إلى 400 معتقل آخر تحدد إسرائيل بنفسها أسماءهم ويكونون من النساء والأطفال والمرضى. وبرغم عدم وجود أحاديث من جانب الإسرائيليين عن أي تجميد للاستيطان، إلا أن مصادر إسرائيلية كانت قد تحدثت عن اقتراح أميركي لتقليص الاستيطان من دون الإعلان عن ذلك. ولكن المصادر الفلسطينية تحدثت عن أنّ الرئيس عباس طلب إضافة إلى تجميد الاستيطان تسليم أجزاء من المنطقة "ج" الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية إلى السلطة والإفراج عن 1000-1200 معتقل بينهم عدد من القادة البارزين.
وكان مسؤول فلسطيني في رام الله قد أعلن أمس أنّ الفلسطينيين يرفضون الاقتراح الإسرائيلي بتمديد "مفاوضات السلام" ويعتبرون هذا الأمر "ابتزازا" لهم. وقال المسؤول الذي رفض كشف هويته لوكالة الصحافة الفرنسية إنّ "إسرائيل تمارس سياسة الابتزاز وتربط قبولها إطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى مقابل إعلان الجانب الفلسطيني قبوله بتمديد المفاوضات".
وليس مستبعداً أن تحاول أميركا التجسير على الاقتراحات الإسرائيلية والفلسطينية المتبادلة ما دام الطرفان يبديان استعداداً من حيث المبدأ لتمديد المفاوضات وأن الخلاف يدور حول الثمن.
وفي كل حال، رفض كيري الرد على أسئلة المرافقين له من الصحافيين حول جوهر الاقتراحات المتعلقة بالإفراج عن المعتقلين. لكنه قال "أعتقد أنه ليس مناسباً الحديث عما يستطيع رئيس الحكومة نتنياهو فعله. إنه يعمل على الموضوع من دون توقف. ورئيس طاقمنا للمفاوضات موجود في الميدان مع كل طاقمه، وهم يعملون طوال الوقت وأنا على اتصال دائم معهم. وسوف نرى أين نقف غدا حيث يتطلب الأمر اتخاذ قرارات".
ومعروف أن كيري، إلى جانب اتصالاته بطواقم المفاوضات، أدار من باريس اتصالات هاتفية مكثفة مع كل من نتنياهو وعباس. ويمارس الأميركيون ضغطاً شديداً على كل من الإسرائيليين والفلسطينيين لتليين مواقفهم والوصول إلى حلول وسط. ويأمل الأميركيون أن يتوصلوا خلال اليومين القريبين إلى اتفاق حول تمديد المفاوضات بهدف العودة بعد ذلك إلى التفاوض على اتفاقية الإطار على أمل إنجازها في الشهور القريبة.
عموماً، كانت "هآرتس" قد نقلت عن مسؤول إسرائيلي كبير مشارك في المحادثات قوله "نحاول إيجاد حل لأنّ أحداً ليس معنياً بالانفجار". وسبق لرئيس الحكومة الإسرائيلية أن أعلن أن المحادثات "على حافة الانفجار"، مشيرا إلى أن الأمور ستتضح خلال بضعة أيام. أما الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز فأكد أنه في غضون يوم أو يومين سيتبين إذا كان قد توافر حل يسمح باستمرار المحادثات. وحذر بيريز من أنه إذا انهارت المحادثات، فسيكون من الصعب، حتى متعذراً، استئنافها مرة أخرى.
وفي كل حال، أثيرت في إسرائيل ضجة كبيرة، خصوصا من جانب قادة "البيت اليهودي" المتشدد و"إسرائيل بيتنا" الشريكين في الائتلاف الحكومي واللذين أعلنا أن وزراءهما لن يصوتوا البتة إلى جانب الإفراج عن معتقلين فلسطينيين. وهدد عدد من وزرائهما بالانسحاب من الحكومة. لكن مشكلة نتنياهو الأساسية هي داخل حزبه "الليكود" الذي فيه معارضة جدية للإفراج عن المعتقلين أو تجميد الاستيطان، والأهم أنهم يرفضون من حيث المبدأ استمرار المفاوضات.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد