كيـري فـي الـريـاض ضمن جولته العالمية لتطويق الأزمة السورية والجيش يتقدم
حذر الرئيس بشار الأسد، أمس، من ان «سوريا هي بمثابة خط تماس جغرافياً وسياسياً، واجتماعياً، وأيديولوجياً، لذلك فإن اللعب بهذا الخط ستكون له تداعيات خطيرة في سائر أنحاء الشرق الأوسط»، وشن هجوماً على تركيا وقطر والسعودية وبريطانيا والولايات المتحدة لدعمهم «الإرهابيين»، مؤكداً استعداد الدولة للتحاور مع المعارضين، بمن في ذلك من «يسلمون سلاحهم».
في هذا الوقت، كانت القوات السورية تحرز تقدماً ميدانياً مهماً على الأرض، وسيطرت بشكل كامل على الطريق الدولية من حماه إلى حلب، وهو أمر يتيح لقوى الجيش وقواعده في مدينة حلب الحصول على تعزيزات مباشرة وسريعة، في المعركة المستمرة منذ ثمانية أشهر.
وفي طهران، أعلن الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد، خلال لقائه وزير الخارجية وليد المعلم أمس الأول، أن «الحوار والتوافق الوطني للشعب السوري هما السبيل الوحيد لتحقيق عزته وكرامته وإنهاء محنته»، وذلك بعد ساعات من تأكيد وزير الخارجية الإيراني علي اكبر صالحي أن الأسد «سيشارك» في الانتخابات الرئاسية المقبلة المقررة العام 2014.
وقبل ساعات من اجتماعهم مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري، الذي استقبله وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل في الرياض امس، طالب وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، في بيان في ختام اجتماعهم، «الأطراف في سوريا والمجتمع الدولي التعاطي مع مبادرة رئيس «الائتلاف» المعارض احمد معاذ الخطيب «الهادفة إلى الاتفاق مع أطراف النظام الذين لم تتلطخ أيديهم بالدماء على خطوات لنقل سريع للسلطة». وطالب مجلس الأمن بإصدار «قرار ملزم يحدد منهجية واضحة وإطاراً زمنياً للمحادثات». واعتبر ان «ما يقوم به النظام السوري من اعتداء وحشي وصل الى استخدام صواريخ سكود المدمرة ضد المدنيين العزل، يتطلب تمكين الشعب السوري من الدفاع عن نفسه».
وقال وزير خارجية البحرين الشيخ خالد آل خليفة، الذي تترأس بلاده المجلس الوزاري الخليجي، إن «تسليح المعارضة السورية أمر يخص الجامعة العربية، والموضوع ليس مطروحاً أمام مجلس التعاون، ونحن جزء من الجامعة». وأضاف «نعاني من التدخلات الإيرانية والتدريب والتسليح وليس فقط من البرنامج النووي. قدمت للمجلس تقريراً واضحاً أعدته وزارة الداخلية مرفق بأدلة وصور حول تورط إيران مع جماعات مثل حزب الله».
وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والمبعوث العربي والدولي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي أكدا، في بيان مشترك في لوزان أمس الأول، أن «الأمم المتحدة سترحب وتكون مستعدة لتسهيل الحوار بين وفد قوي يمثل المعارضة ووفد للحكومة السورية يتمتع بمصداقية ولديه تفويض منه». وأعربا عن «خيبة أمل شديدة لفشل المجتمع الدولي في القيام بتحرك موحد» لوضع حد للنزاع في سوريا.
واستقبل رئيس الحكومة وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني في الدوحة الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، قبل انعقاد اجتماع وزراء الخارجية العرب في العاصمة القطرية الأربعاء المقبل.
واعتبر الأسد، في مقابلة مع صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية نشرت أمس، انه ليس صحيحاً أن تنحيه عن السلطة يحل الأزمة في البلاد كما يقول بعض المسؤولين الغربيين، موضحاً «لو كانت هذه المقولة صحيحة فمعنى ذلك أن رحيلي سيوقف القتال»، مضيفاً «من الواضح انه تفكير سخيف، والسوابق الأخرى الأخيرة في ليبيا واليمن ومصر تشهد على ذلك». وأعلن «وحدهم السوريون يمكنهم أن يقولوا للرئيس ابقَ أو ارحل، تعالَ أو اذهب، ولا احد غيرهم»، مضيفاً «ما من مواطن أو شخص وطني يمكن أن يفكر بالعيش خارج بلاده. وأنا حالي كحال أي سوري وطني».
وجدد الأسد استعداده لمحاورة المعارضين غير المسلحين. وقال «نحن مستعدون للتفاوض مع أي كان، بمن في ذلك المقاتلون الذين يسلمون سلاحهم»، مضيفاً «يمكننا بدء حوار مع المعارضة، لكن لا يمكننا إقامة حوار مع الإرهابيين». وانتقد الرئيس السوري الدول الغربية، لا سيما بريطانيا والولايات المتحدة لتسليحهم المعارضين. وقال «بصراحة بريطانيا معروفة بلعب دور غير بناء في منطقتنا في عدد من القضايا منذ عقود، والبعض يقول منذ قرون. أنا أتحدث عن الانطباع السائد في منطقتنا». وأكد أن «المشكلة مع هذه الحكومة (البريطانية)، هي أن خطابها السطحي وغير الناضج يبرز فقط هذا الإرث من الهيمنة والعدائية».
وطالب كل من يريد وقف العنف في سوريا أن يضغط على تركيا وقطر والسعودية «للتوقف عن تزويد الإرهابيين بالمال والسلاح». وقال «إذا كان احد يريد بصدق، وأشدد على كلمة بصدق، أن يساعد سوريا وأن يساعد في وقف العنف في بلدنا يمكنه القيام بأمر واحد هو الذهاب إلى تركيا والجلوس مع (رئيس وزرائها رجب طيب) اردوغان ويقول له: توقف عن تهريب الإرهابيين إلى سوريا، توقف عن إرسال الأسلحة وتأمين الدعم اللوجستي لأولئك الإرهابيين. وأن يذهب إلى قطر والسعودية ويقول لهما توقفا عن تمويل الإرهابيين في سوريا».
وجدد تحذيره من تداعيات استمرار الأزمة السورية على المنطقة والعالم. وأوضح أن «الجريمة لا تتعلق فقط بالضحية والمجرم، بل بالمتواطئ والشريك الذي يقدم الدعم، سواء كان الدعم معنوياً أو لوجستياً. لقد قلت مراراً إن سوريا هي بمثابة خط تماس جغرافياً وسياسياً، واجتماعياً، وأيديولوجياً، ولذلك فإن اللعب بهذا الخط سيكون له تداعيات خطيرة في سائر أنحاء الشرق الأوسط. وفي الوقت ذاته، هل الوضع أفضل في ليبيا اليوم، في مالي، وتونس ومصر؟ إن أي تدخل لن يجعل الأمور أفضل، بل سيجعلها أسوأ. وعندما يتزعزع استقرار هذه المنطقة، فإن أوروبا والولايات المتحدة والمتواطئين الآخرين سيدفعون الثمن عاجلاً أو آجلاً. إنهم لا يستشرفون ما سيحدث في المستقبل». وأعلن الأسد انه لا يستبعد رد سوريا على الغارة التي شنتها إسرائيل على مركز للبحوث قرب دمشق في كانون الثاني الماضي. وقال «لقد ردت سوريا في كل مرة، لكن بطريقتها، وليس بالمثل، والإسرائيليون وحدهم يعرفون ما نقصده، أي كيف كان ردنا. الرد لا يعني صاروخاً بصاروخ أو رصاصة برصاصة. لا ينبغي أن يكون ردنا معلناً بالضرورة، والإسرائيليون وحدهم يعرفون ما أعنيه».
وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ، في مقابلة مع قناة «بي بي سي» إنه «سيعلن هذا الأسبوع عن تقديم المزيد من المساعدات للمعارضة السورية على شكل معدات غير قتالية»، رافضاً استبعاد احتمال تسليح مقاتلي المعارضة في المستقبل.
ميدانياً أعلنت قيادة الجيش السوري، للمرة الأولى منذ أشهر، تمكنها من السيطرة على كامل الطريق الممتد لمطار حلب الدولي، وذلك بعد معارك استمرت عدة أسابيع، وتركزت في القرى الأقرب للمطار وعلى الطريق الدولي كالسفيرة. وتقع القرى والبلدات على ما يعرف بـ«طريق البادية» الذي يصل السلمية في حماه بمطار حلب الدولي. ورغم أن عملية استعادة الطريق الدولي استغرقت وقتاً طويلا، إلا أنها تعتبر تغيراً مهماً في المجرى الميداني، باعتبار أن تشتت السيطرة على الطريق كانت تعيق وصول إمدادات لوجستية لقوى الجيش التي تقاتل في حلب، الأمر الذي كان يتطلب الاستعانة بسلاح الطيران بشكل دائم.
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد