كيف تغلبت القاعدة على الاستخبارات الأميركية-الإسرائيلية-الأردنية
الجمل: استمر صدور العديد من التقارير والتسريبات الإعلامية المتواترة, لجهة محاولة الكشف طوال السبعة أيام الماضية عن حقيقة العملية المخابراتية السرية المرتبطة بالتفجير الانتحاري الذي استهدف محطة وكالة المخابرات المركزية الأميركية في خوست الأفغانية, وأدى بحياة العديد من عناصرها: فما هي حقيقة هذه العملية؟ وما هي خلفياتها؟ وما هي السيناريوهات التي كان مخططا لحدوثها؟
من هو منفذ العملية؟
بعد الإعلان رسميا أميركيا وأفغانستانيا وباكستانيا عن وقوع التفجير الانتحاري الذي استهدف محطة وكالة المخابرات المركزية الأميركية, ومقتل سبعة من عناصرها, بحسب الرواية الرسمية الأولى, فقد تسارعت تقارير المراسلين الصحفيين, وهي تحاول تقديم المعلومات والتحليلات التي تسعى لتفسير حقيقة ما حدث فعلا.
تضاربت المعلومات في أول الأمر, فمن جهة أشارت إلى قيام عنصر انتحاري يتبع حركة طالبان الباكستانية بتنفيذ هذه العملية، ومن جهة أخرى أشارت إلى قيام عنصر انتحاري عربي أردني الجنسية بتنفيذ هذه العملية, هذا وتجدر الإشارة إلى صدور بيان أردني سعى إلى التأكيد إلى أن الدكتور الأردني همام خليل البلوى قد مات في أفغانستان خلال قيامه بأداء واجبه الإنساني كطبيب يقدم المساعدة للمواطنين, ولكن, وبعد بضعة ساعات انهمرت التقارير والمعلومات بواسطة الصحافة والإعلام الأميركي, وهي تؤكد بأن الدكتور الأردني همام خليل البلوى هو الانتحاري الذي تسلل إلى محطة وكالة المخابرات المركزية الأميركية, ونفذ العملية.
تقول السردية, بأن همام خليل البلوى من أبناء مدينة الزرقاء الأردنية, وبأنه درس الطب في تركيا وباكستان, وأكدت المعلومات بأنه كان من الأصدقاء المقربين لزعيم القاعدة أبو مصعب الزرقاوي الذي ينتمي إلى نفس مدينة الزرقاء الأردنية.
اللعبة المخابراتية حول همام البلوى:
تقول المعلومات والتسريبات, بأن همام البلوى, ظل خلال فترة وجوده خارج الأردن, يداوم كتابة المقالات في موقع "الحسبة" الالكتروني الوثيق الصلة بتنظيم القاعدة, وكانت كل مقالاته تظهر باسمه الحقيقي ومعها صورته.
وضعت المخابرات الأردنية اسم همام خليل البلوى ضمن قوائم المطلوبين, وبالفعل, عندما وصل همام البلوى إلى الأردن تم اعتقاله, وتقول التسريبات, بأن عشيرة البلاونة الأردنية الطويلة اليد قد تدخلت, عن طريق ابن عمه اللواء الركن كنيعان عطا الكنيعان البلوى, القائد السابق لسلاح الجو الأردني, والسفير الأردني لدى المملكة العربية السعودية, والمقرب من البلاط الملكي ودوائر صنع واتخاذ القرار الأردني.
تضمنت الصفقة إطلاق سراح الدكتور همام البلوى مقابل أن يعمل لصالح المخابرات الأردنية, وأكدت المعلومات بان الدكتور همام البلوى قد أقنع المخابرات الأردنية بقدرته على العمل في المسرح الأفغاني-الباكستاني, ورصد أنشطة حركة طالبان بشقيها الأفغاني والباكستاني, إضافة إلى تنظيم القاعدة, وذلك من واقع علاقاته وروابطه الوثيقة بزعيم القاعدة الدكتور أيمن الظواهري نائب زعيم القاعدة أسامة بن لادن.
تقول التسريبات, بان جهاز المخابرات الأردنية, أبدى قناعته ورغبته الشديدة في الاعتماد على الدكتور همام البلوى, وقد سبق لجهاز المخابرات الأردنية أن حققت نجاحا كبيرا في عملية تعقب زعيم القاعدة أبو مصعب الزرقاوي وتصفيته بالتعاون مع المخابرات الأميركية, والآن, وفي حالة نجاح همام البلوى في تعقب زعيم القاعدة أيمن الظواهري وتصفيته بالتعاون مع المخابرات الأميركية, فإن جهاز المخابرات الأردنية سوف يكون قد اكتسب مكانة أكبر في مشروع الحرب ضد الإرهاب.
أكدت التسريبات, بأن المخابرات الأردنية قد عقدت صفقة مع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية حول تنفيذ مخطط تعقب زعيم القاعدة أيمن الظواهري باستخدام عميل المخابرات الأردنية الشريف علي بن زيد (ابن عم ملك الأردن) شخصيا وبرفقته همام البلوى إلى باكستان, حيث تم توصيل همام البلوى إلى المنطقة, ومن ثم البدء في العملية السرية, وتقول المعلومات بان هذه العملية السرية كانت بين وكالة المخابرات المركزية الأميركية وجهات المخابرات الأردنية, وبأن الشريف علي بن زيد كان يقوم بدور ضابط الارتباط في هذه العملية.
ما هي أبعاد العملية السرية التي كانت تجري:
تقول المعلومات والتسريبات, بان أطراف هذه العملية كانت تسعى إلى الآتي:
• المخابرات الأردنية: سعت إلى استخدام همام البلوى من أجل تجميع المزيد من المعلومات ذات القيمة الاستخبارية العالية, بما يتيح لها, القيام بدور اللاعب المخابراتي الشرق أوسطي الأساسي في الحرب ضد الإرهاب, إضافة إلى تعزيز مصداقيتها أمام أجهزة المخابرات الأميركية والغربية, ومنافسة المخابرات الإسرائيلية بما يدفع الأطراف الأخرى إلى الحصول على مساندة المخابرات الأردنية كشريك مخابراتي شرق أوسطي لابد منه لتحقيق النجاح.
• التغلغل في دوائر تنظيم القاعدة وحلقاته السرية داخل وخارج باكستان وأفغانستان, وتصفية زعماء تنظيم القاعدة, بما يتيح الحصول على الدعم والسند الأميركي الكامل, ويجعل من المخابرات الأردنية الشريك الرئيسي للمخابرات الأميركية في الشرق الأوسط.
• العملية من جانب وكالة المخابرات المركزية الأميركية: كانت واثقة من نجاح عملية استخدام همام البلوى في متابعة زعيم القاعدة أيمن الظواهري وتصفيته, ولكن, هذه المرة, كانت المخابرات الأميركية لا تفكر في مجرد تنفيذ سيناريو العملية السرية على غرار سيناريو عملية تصفية أبو مصعب الزرقاوي, وإنما تسعى أيضا إلى زيادة المنافع والمزايا هذه المرة, حيث كانت تسعى إلى استخدام البلوى لجهة تنفيذ عمليتين في وقت واحد, الأولى مع المخابرات الأردنية, والثانية مع المخابرات الإسرائيلية, وفي هذا الخصوص يمكن الإشارة إلى الآتي:
- بالنسبة لعملية وكالة المخابرات المركزية الأميركية السرية مع المخابرات الأردنية فقد كانت تتضمن متابعة وملاحقة زعيم القاعدة أيمن الظواهري وتصفيته ثم الكشف عن هوية همام البلوى بما يثير حفيظة تنظيم القاعدة والحركات الأصولية الإسلامية ضد النظام الملكي الأردني وأجهزة مخابراته ورموزه, إضافة إلى جمع المزيد من المعلومات.
- بالنسبة لعملية وكالة المخابرات المركزية الأميركية السرية مع المخابرات الإسرائيلية: وهي أكثر تعقيدا لأنها كانت تتم وراء ظهر المخابرات الأردنية, وكانت تتضمن الآتي:
* تزويد المخابرات الإسرائيلية بالمعلومات التي يتم الحصول عليها بواسطة همام البلوى.
* التنسيق مع المخابرات الإسرائيلية في تنفيذ عمليات سرية على خلفية ردود أفعال تنظيم القاعدة بعد تصفية أيمن الظواهري.
كماتتضمن العمليات السرية التي تم التخطيط الأميركي-الإسرائيلي لتنفيذها الخطوط والعناصر الآتية:
• تنفيذ عمليات سرية ضد بعض عناصر البلاط الملكي الأردني ثم إلقاء اللوم على تنظيم القاعدة, باعتبار أنه قام بالانتقام لتصفية قائده.
• استغلال حالة الغضب في أوساط البلاط الملكي الأردني لجهة دفع المخابرات الأردنية من أجل تنفيذ العمليات ضد المزيد من العناصر ذات التوجهات الإسلامية في المنطقة.
ولكن, وبرغم التخطيط المخابراتي الشديد الإتقان, فقد جاءت المفاجأة عندما أبلغ العميل الأردني همام البلوى محطة المخابرات الأميركية بان لديه معلومات هامة, الأمر الذي مكنه منالدخول إلى القاعدة الأمريكية لمقابلة ضابط الارتباط الأميركي وعناصره, وعندما وصل إلى غرفة اللقاء انتزع الدكتور الأردني همام خليل البلوى حزامه الناسف وفجر المكان, وبعد ذلك لم تتطاير الأشلاء وحسب, وإنما تطايرت التقارير والمعلومات, واليوم, جاء الخبر اليقين, عندما بثت الفضائيات شريطا مسجلا ظهر فيه الدكتور الأردني همام خليل البلوى, وهو يجلس بجوار حكيم الله محسود زعيم حركة طالبان الباكستانية, الذي تولى القيادة خلفا لزعيمها السابق بيت الله محسود, الذي اغتالته صواريخ الغارات الأميركية.
تحدث الدكتور الأردني همام البلوى عن زعيمه وقائده الراحل بيت الله محسود, وأكد بأنه سوف يظل سائرا على درب الجهاد, وهكذا ظهر المشهد النهائي للمسلسل والذي مد فيه تنظيم القاعدة وحركة طالبان والدكتور الأردني همام البلوى لسانه لجهاز المخابرات الأردنية ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركية والمخابرات الباكستانية وجهاز الموساد الإسرائيلي.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد