لا مثيل لعشق الممثل السوري للسينما

19-07-2007

لا مثيل لعشق الممثل السوري للسينما

أنهت المخرجة المصرية جيهان الأعصر تصوير فيلم من إنتاج «المؤسسة العامة للسينما» في دمشق بعنوان «صورنا»، يتناول حكاية زوجين، حيث ألهتْ لقمة العيش الزوج عن امرأته وأنستْه تفاصيل شاعرية ورومانسية كانت بينهما. مشهد من الفيلمثم يحدث أن تصادف الزوجة في مؤتمر علمي شخصاً تميل إليه، فتهزّها لحظة الإعجاب وتكشف عن بلادة حياتها الزوجية. ومع أنه إعجاب لحظة، ومع أنها لا تقع في خطيئة من أي نوع، ولا حتى خطيئة الحب، تروح تلوم نفسها وتصارعها. اللافت للانتباه أن «المؤسسة العامة للسينما» تستضيف المخرجة المصرية، بعد عقود طويلة كفّت فيها عن استضافة مخرجين عرب، كان من أبرزهم المصري توفيق صالح واللبناني برهان علوية والعراقي قيس الزبيدي والأردني عدنان مدانات، وبعد الهجرة الجديدة للسوريين، مخرجين وممثلين، إلى مصر، إلى حد بدا وجود مخرجة مصرية في دمشق نوعاً من هجرة معاكسة. لكن المخرجة الأعصر ردّت على سؤال «الهجرة المعاكسة» بالقول: «هي صدفة لا أكثر. والتلاقي بيني وبين صاحبة النص ديانا جبور لا تخضعه جنسية. لا أحد يفكر حين يلتقي أحداً أنه من بلد آخر».
اختيار المخرجة يعود إذاً إلى الناقدة السينمائية ديانا جبور، لكن مرورها إلى مؤسسة السينما، كما تشي اعتراضات السينمائيين، جاء كنوع من تبادل الخدمات بين مدير المؤسسة محمد الأحمد ومديرة التلفزيون ديانا جبور؛ هذا يحتفظ ببرنامجه التلفزيوني هناك، وهذه تمرّر السيناريو مع مخرجته (نقول بالعامية «العصفور وخيطه»). لكن المخرجة تؤكد أن الأحمد وافق على اسمها كمخرجة لأنه سبق أن منحها «الجائزة الذهبية» حين كان عضواً في لجنة تحكيم «مهرجان الفيلم العربي في روتردام» في دورة العام 2003 عن فيلمها «الثلاثاء 29 نوفمبر».
على الرغم من أن العاملين في الفيلم أنفسهم ضاقوا ذرعاً بالسيناريو المكتوب، وعلى الرغم من أن فكرة العمل توحي بأنه مكرور، فإن المخرجة تقول: «قد يكون الجديد فيه أنا وديانا». كما أنهم يعوّلون على المعالجة السينمائية كما يقول الممثل نضال نجم، الذي رأى أن المخرجة تطلب من الممثل مجموعة من ردود الأفعال، وهي بذلك تقدّم تجربة ممتعة له. تجد المخرجة أن مسوغ وجود مخرج مصري في العمل «في كونه يتحدث عن تجربة إنسانية لا تجربة محلية سورية. أنا أحب السينما الإنسانية، لأنها تتخطّى فكرة الإقليمية. ثم إن اللهجة السورية ليست غريبة على المصريين. غير أن ما يعطي الانطباع عن الفيلم هو المخرج، فقد يكون الفيلم بعناصره كلّها سورياً، لكن بسبب المخرج تكون روحه مصرية. أعتقد أن الفيلم سيكون فيه ملمح من تقاليد السينما المصرية التي أنا ابنتها وتشبّعت منها وجدانياً».
خدعة المؤسسة
إذا وجد السوريون في مصر ظروف إنتاج لا تناسبهم، فإن المخرجة الأعصر تنفي ما قيل عن مساوئ الإنتاج، وتجد هنا آلية عمل لا تناسبها، لناحية ساعات التصوير التي تجدها في مصر أكثر عدداً، كما أنها تجد توزيع الوظائف والأدوار في موقع التصوير غير مضبوط تماماً. لكن هذا الاختلاف الذي تعرّضت له في التجربة، على الرغم من أنه أشعرها بالغربة، إلا أنه منحها خبرة جديدة كما تقول. وإذا كان بعض المطلعين على التجربة من داخلها قد أكدوا أن المخرجة تعرّضت لخدعة في المؤسسة، التي بذلت كل جهدها وإمكاناتها لفيلم عبد اللطيف عبد الحميد «أيام الضجر»، الذي يُصوَّر في الوقت نفسه، ومنحت فيلم الأعصر أقل الإمكانات، فإن المخرجة تقول: «حاولت المواءمة بين التصوير والإمكانات المتاحة، فقناعتي أن كل فيلم هو مجموعة من المشاكل التي يجب على المخرج أن يتحمّلها ويحلّها. لكن، لا شك في أن الإمكانات المُقَدَّمة ستظهر في نتيجة العمل». وعن رأيها بالسينما السورية قالت: «أحب هذه السينما وأقدّرها. أحب أسامة محمد ومحمد ملص الذي كان واحداً ممن ساهموا بتكويني السينمائي، كما أنه واحد من القيم الفنية، وهو كذلك على المستوى الإنساني. هذه السينما قيّمة على الرغم من إنتاجها القليل، ولديكم مخرجون وممثلون رائعون، وأعمدة تتأسس عليها سينما قوية من حقها أن تتأسس خارج الجدران. لكن، لديّ حزن على السينما السورية التي لا تستطيع أن تتخطّى الحواجز، ولا أفهم لماذا تقف مثلاً خلف السينما المغاربية. نشاهد هذه السينما في المهرجانات، ونستغرب لماذا لا تنزل إلى الشارع. هي تستطيع، والدليل أن الدراما التلفزيونية دخلت كل بيت». وعمّا لاحظته من فوارق بين الممثل السوري والمصري (عمل معها غسان مسعود ويارا صبري ونضال نجم) قالت: «الفرق كبير. مع احترامي للممثل المصري، فإنه لا يوجد ممثل مصري لديه هذا الكَمّ من العشق للسينما بقدر ما رأيت عند الممثل السوري. الممثلون المصريون نادراً ما تجد فيهم من يؤمن بنص ويتحمس لتجربة فنية. الممثل المصري أصبح ينظر إلى كماليات المهنة من دعاية وفلوس قبل أن ينظر إلى المهنة نفسها. هناك استثناءات بالطبع، لكنها قليلة جداً».

راشد عيسى

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...