لافروف: زيادة فعالية مكافحة الإرهاب مرتبط بوجود الأسد
اعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن مطالبة الرئيس السوري بشار الأسد بالرحيل كشرط مسبق للشروع في مكافحة الإرهاب، أمر ضار وغير واقعي.
ودعا في في خطاب ألقاه يوم الثلاثاء 1 سبتمبر/أيلول أمام طلاب وأساتذة معهد موسكو للعلاقات الدولية التابع لوزارة الخارجية الروسية إلى التخلي عن هذه المطالب (التي ما زال بعض شركاء روسيا متمسكين بها)، باعتبار أن ذلك سيسمح بزيادة فعالية مكافحة الإرهاب، مؤكدا أن هذا هو الهدف الذي ترمي مبادرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى إحرازه.
وشدد لافروف على أن بشار الأسد ما زال رئيسا شرعيا تماما على الرغم من التصريحات الغربية.
وأردف قائلا: "إنهم يحاولون اليوم ربط كافة الخطوات التي يجب اتخاذها للتسوية في سوريا برحيل بشار الأسد باعتبار أنه لم يعد شرعيا، وهو نفس النهج الذي اعتمدوه للقضاء على صدام حسين ومعمر القذافي. لكن الأسد شرعي تماما".
وتابع أن هذه المبادرة التي قدمها بوتين في يونيو/حزيران الماضي خلال استقباله وزير الخارجية السوري وليد المعلم، تتعلق بتوحيد جهود جميع الأطراف التي تدرك الخطر الكبير الذي يمثله تنظيم "الدولة الإسلامية" والجماعات الإرهابية الأخرى.
وأوضح أن هذه المبادرة موجهة، بالدرجة الأولى إلى الجيشين السوري والعراقي والقوات الكردية، أي إلى كافة القوات التي تواجه "داعش" بالسلاح على الأرض.
واعتبر الوزير الروسي أن الجيش السوري يمثل اليوم القوة الأكثر فعالية التي تواجه "داعش" على الأرض.
وتابع: "من المستحيل أن يكون الأسد شرعيا فيما يخص أغراض تدمير الأسلحة الكيميائية، في الوقت الذي ليست له شرعية لمكافحة الإرهاب. يبدو أن المنطق ناقص هناك".
كما أعرب لافروف عن أمله في أن تحظي مبادرة بوتين الخاصة بمكافحة الإرهاب بإقبال واسع، مضيفا أن ردود الأفعال التي تلقتها موسكو حتى الآن من الولايات المتحدة وأوروبا ودول الخليج ودول المنطقة الأخرى، تدل على أن الجميع بدأوا يدركون أولوية الجهود المشتركة لمكافحة الشر الذي يهدد الجميع".
هذا وحذر لافروف من عواقب الأزمات في الشرق الأوسط على أوروبا نفسها. وحمل التدخل الخارجي مسؤولية أزمة المهاجرين التي تواجهها أوروبا في الأشهر الأخيرة.
وقال: "أزمة اللاجئين وهذه الأفواج لم تسقط من السماء، وهي نتيجة لتحركات معينة قامت بها بشكل أساس هذه الدول التي يتوجه إليها المهاجرون، وأقصد ما حدث ويحدث في العراق وليبيا وأيضا في سوريا".
ودان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف تدمير معابد مدينة تدمر الأثرية السورية من قبل إرهابيي "داعش"، معتبرا أن هذه الأعمال تستهدف زعزعة قاعدة الثقافة العالمية.
وتابع: "يظهر تدمير الآثار الثقافية والتاريخية في العراق، وعمليات التدمير الأخيرة في تدمر السورية، إن هؤلاء الأشخاص لن يكتفوا ببسط سلطتهم على مساحات شاسعة من الأراضي، بل يسعون عمدا إلى زعزعة قاعدة الثقافة البشرية المشتركة".
وأضاف الوزير أنه في هذا السياق تزداد مهمة حماية الآثار الثقافية إلحاحا، وذلك مع مراعاة الاتفاقية الأممية المعنية، ودعا إلى وضع خطوات معينة من أجل صياغة موقف حاسم للمجتمع الدولي من جرائم "داعش".
هذا واعتبر وزير الخارجية الروسي أن أعمال العنف التي شهدتها كييف الاثنين 31 أغسطس/آب، أظهرت بوضوح خطورة "مغازلة المتطرفين".
وأعاد لافروف إلى الأذهان الأحداث الدامية التي سبقت الانقلاب على السلطة في أوكرانيا في فبراير/شباط عام 2014، إذ قادها نفس المتطرفين القوميين.
وتابع أن موسكو حذرت آنذاك الاتحاد الأوروبي من مغازلة هؤلاء المتطرفين، وبينهم عناصر حزب "سفوبودا" القومي المتشدد، علما بأنه سبق للبرلمان الأوروبي أن دعا القوى السياسية الأوكرانية إلى عدم التعاون معه، بعد دخول الحزب المتشدد البرلمان الأوكراني في عام 2014. لكن في عام 2014، قال وزير الخارجية الفرنسي لنظيره الروسي إن "كل شيء على ما يرام" وإن "حزب "سفوبودا" يتحرك نحو التيار السياسي الأساسي"، حسبما نقله لافروف عنه.
وكانت الحكومة الأوكرانية قد حملت نشطاء حزب "سفوبودا" مسؤولية إشعال الاشتباكات العنيفة أمام مقر البرلمان الأوكراني يوم الاثنين، والتي أسفرت عن مقتل جنديين من القوات الداخلية وإصابة نحو 140 من عناصر الأمن. وحسب السلطات، انفجرت رمانة قتالية في أثناء الاشتباكات، ما أدى إلى سقوط العشرات بين قتيل وجريح، كما أصيب العشرات باعتداءات شنها القوميون الذين احتجوا على تعديلات دستورية وافق عليها البرلمان يوم الاثنين في القراءة الأولى.
هذا وقال لافروف إن روسيا خلال فترة رئاستها في مجلس الأمن في شهر سبتمبر/أيلول الجاري، تنوي طرح موضوع التطرف للنقاش، لكي يتفق الجميع على الطابع المرفوض لـ"مغازلة المتطرفين" وضرورة تجنب التعاون معهم.
قال لافروف إن فرص تطبيق اتفاقات مينسك السلمية بالكامل لتسوية الأزمة في أوكرانيا ما زالت قائمة، داعيا كييف إلى تنفيذ الاتفاقات دون حذف أجزاء منها أو اللجوء إلى حيل.
وأكد الوزير على استعداد موسكو لتقديم المساعدات الضرورية لدعم عملية مينسك السلمية، لكي تبقى دونيتسك ولوغانسك وراء طاولة المفاوضات. لكنه شدد على أن كييف ملزمة، وفق اتفاقات "مينسك-2" بإدراج بنود متعلقة بمنح منطقة دونباس وضعا خاصا، في الدستور الأوكراني، بالإضافة إلى إصلاحات أخرى تتعلق بتخفيف مركزية السلطة في البلاد، وتعزيز وضع اللغة الروسية، وإمكانية اقتصادية وإدارية مميزة للمناطقة الشرقية. وشدد على أن التعديلات التي اقترحها الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو في الدستور لا تتناسب مع هذه المطالب على الإطلاق، وليس فيها سوى تلميح غامض إلى منح دونباس نظاما خاصا للحكم الذاتي.
وفي سياق دفع العمليات السياسية في شرق أوكرانيا إلى الأمام، كشف لافروف أن الجانب الروسي اقترح عقد اجتماع لوزراء خارجية دول "رباعية النورماندي" (أوكرانيا وروسيا وفرنسا وألمانيا) خلال الأسبوعين المقبلين.
أكد لافروف على استعداد روسيا لتطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة، مضيفا أن موسكو تدعو واشنطن إلى العودة إلى الحوار المتكافئ متبادل الاحترام.
وحول شروط استمرار تطور العلاقات بين روسيا ودول الغرب، أشار الوزير إلى ضرورة أن يتوفر هناك الاحترام المتبادل للمواقف، مع الأخذ يعين الاعتبار مصالح الطرف الآخر.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد