لحمٌ فاسد وآخرُ صالح وهامش الربح سيّد الموقف
على ذمّة الراوي، قامت ضابطة تموينية بمصادرة مباشرة لكميات من اللحم الأحمر غير الصالح للاستهلاك البشري، في محال أحد اللّحامين، وإتلافها من خلال حرقها في حاوية القمامة.. والحاصل، أنه وبعد مغادرة الدورية، سارع اللحَّام إلى إطفاء الحريق وانتشال اللحم، طبعاً لا لبيعه مرة أخرى لحماً طازجاً، إنما لتسويقه لأحد أصحاب النفوس الضعيفة من أصحاب المطاعم أو محال الشاورما.. وهنا مربط الفرس؟!.
مع الارتفاع الكبير الذي طال اللحم الأحمر منذ العام 2004، وعجز القوة الشرائية عن تأمين حاجتها منه والبحث عن بديل آخر؛ على التوازي، وفي المقابل، ازداد عدد أصحاب النفوس الضعيفة ممن أرادوا تنشيط تجارتهم وتحقيق هامش ربحي كبير من خلال بيع لحوم غير نظامية مجهولة بأسعار زهيدة ومشجِّعة. ونؤكِّد هنا على عبارة «غير نظامية» التي لا تعني بالضرورة أنها فاسدة، إنما مجهولة الهوية وغير مؤكَّدة صحياً.
وعليه، ومع غياب الخيار الثالث، لم يبقَ أمام المستهلك إلا شراء هذا اللحم بفارق سعري يصل إلى 400 ليرة، وهو فارق أفرغ سلاح المقاطعة التي نادت بها مديريات التموين من فعاليته. فأيُّ لحم نأكل؟!.
حال أسواق اللحوم، حال لعبة القط والفأر، فرغم صرامة الإجراءات القانونية التي تنظَّم في حقِّ المخالفين من اللحَّامين وتجار اللحوم، والتي تتنوَّع بين مصادرة الكميات، والغرامة المالية، والإغلاق بالشمع الأحمر، إضافة إلى عقوبة السجن أحياناً.. رغم كلِّ هذه الإجراءات، بقي أصحاب النفوس الضعيفة من العاملين في أسواق اللحوم يتجاوزون القانون في موضوع الذبح العشوائي خارج المسالخ، وتزوير الأختام، ومن ثم بيع اللحوم من دون رقابة صحية، والاتجار باللحوم الفاسدة المهرَّبة من دول الجوار، وخاصة لبنان والعراق، إضافة إلى ذلك، إعادة دمج عدد من الأنواع مع بقايا العظام واللحوم المختلفة وتسويقها إلى محال الشاورما والمطاعم من عدمي الضمير، لتقديمها للمستهلك وجبة ساخنة حارةّ مطعّمة بالتوابل. وهنا تحديداً، أسرَّ لي صديق يعمل «شيفاً» في أحد مطاعم الوجبات السريعة في باب توما، أنَّ صلصات بعض الوجبات التي تحوي مادة اللحم تفسد خلال ثلاثة أيام.. وهنا يتوجَّب إتلافها مباشرة.. ولكن الحاصل أنهم يقومون بتحضير صلصلة بديلة مدعَّمة بالتوابل، ومن ثم غسل لحم الصلصة السابقة بالماء الفاتر.. وخلطه مع الصلصة الجديدة ليباع من جديد؟!. إذاً اللحم (غالي علينا) ولا يجوز رميه مجاناً.
والسؤال الواجب طرحه هنا: مَن أوصل أسواق اللحوم إلى هذه الحال؛ المستهلك الذي يحتاج إلى هذه المادة ولم يُترك له خيار آخر سوى شراء اللحم المثلج الرخيص (200 ليرة)، أو الطازج بخيس الثمن بحدود (125 ليرة)، مقابل لحم غنم أحمر وصل سعره مذبوحاً إلى 900 ليرة، واللحم البقري البلدي إلى 675 ليرة، أم مديريات حماية المستهلك التي تعمل بكادر متواضع عاجز- وسواه- عن متابعة حركة الأسواق وضبطها، فما كان منها إلا المناداة بمقاطعة هذه اللحوم والتوجُّه إلى مؤسسة الخزن والتسويق.. أم أنَّ المسؤولية تقع على وزارة الاقتصاد والتجارة، وإلى صفِّها وزارة الزراعة، ومن خلفهما المجلس الاقتصادي الأعلى، التي فتحت أبواب التصدير لفائض ثروة حيوانية قادر على سدِّ احتياجات السوق المحلية، إضافة إلى تذبذب قرارات هذه الجهات وعدم استقرارها، والنظر إلى موضوع القطع الأجنبي بوصفه مطلباً مهماً وتبرير السعي إليه.. بحديث هذه الجهات عن واقع الثروة الحيوانية العام الفائت والخسارات التي مني بها المربُّون، ووجوب السماح لهم بالتصدير لتقليل حجم خساراتهم، متناسية هذه الجهات، وتحديداً وزارة الزراعة، أنَّ من يحقِّق الربح الفعلي من وراء تصدير الثروة الحيوانية، وخاصة لحم العواس، هي شركات التصدير، والمصدِّرون الأفراد؟!.
وإنَّ مَن ينقذ المربِّي من الخسارة هو موضوع تأمين احتياجاته من المادة العلفية بسعر مدعوم وتشجيعي. طبعاً، وقبل الولوج في صلب الموضوع، لاضيم من المرور على واقع أسواق اللحوم، وما وصلت إليه.
يقول علي الخطيب، معاون مدير تموين ريف دمشق: «يوجد عدد من المسالخ النظامية الرئيسة في الريف، وهي في: دوما، ببيلا، عربين، وكل بلدية مسؤولة عن تأمين مسلخ ضمن الشروط الفنية والصحية المطلوبة. وعلى الطرف النقيض، هناك مسالخ غير نظامية واللحم الصادر عنها يعدُّ غير نظامي، وغير صالح للاستهلاك البشري، طالما أنه لم يخضع للرقابة الصحية، حتى لو ثبت العكس، وقد حرصنا على مصادرته وقمعه، استناداً إلى توجيهات رئاسة مجلس الوزراء لإتلاف هذا النوع من اللحم مباشرة دون إخضاعه للرقابة الصحية.. ومن جانب آخر، ورغم الاستيراد النظامي للمادة، إلا أنَّ حركة تهريب اللحوم مستمرَّة لكونها أرخص سعراً».
ومن جانبه، يقول عماد الأصيل، مدير حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد والتجارة: «استطاعت مديرية تموين ريف دمشق منذ بداية شهر رمضان الفائت، مصادرة 8 أطنان من اللحم غير النظامي، فموضوع اللحوم والأسماك المهربة بكميات كبيرة واللحوم المجهولة غير النظامية، أضحت مشكلة قائمة، لجهة وجود أشخاص يقتنصون «دوماً» الفرص في ذبح لحوم خارج المسلخ بشكل غير نظامي، لأسباب تتعلَّق بإصابتها بمرض أو علة، فتُشترى بربع ثمنها.. ومن ثم تدمج مع لحم آخر غير معروف.. ويقومون بهذا العمل ضمن مستودعات مخفيّة أو مسالخ غير مرخصة.. ومع ذلك نصل إليهم.
طبعاً، هذا النوع من اللحوم صالح للاستهلاك البشري.. يباع لأصحاب النفوس الضعيفة من المطاعم ومحال الشاورما وغيرها، ويصعب على الزبون معرفته وتمييزه بعد شيِّه ومعالجته بالتوابل.. وأحياناً يفرم ويوضع تحت الطاولة في محال اللحَّامين ويغشُّ بها الزبون، علماً بأنَّ القانون نصَّ على عدم فرم أكثر من 200 غ، في حين وجدنا بعض اللحَّامين قد فرموا أكثر من 20 كغ.. وهؤلاء يقمعون مباشرة وأصولاً».
يبدو أنَّ الجشع والرغبة في تحقيق هامش ربحي أكبر، يشكِّلان دافعاً رئيسياً لدى المخالفين لارتكابهم المحظور، يقول الأصيل: «السبب الرئيسي لبيع اللحوم غير النظامية.. هو تحقيق هامش ربح أكبر جراء التهرب من أجور المسالخ النظامية ومن إجراءات الرقابة الصحية».. ويضيف الأصيل: «نتابع موضوع السلع المقلَّدة.. والمزوَّرة.. والمغشوشة.. ونبذل جهداً كبيراً في قمع الغش والتدليس.. وخلال شهر رمضان تجاوزت ضبوطنا الـ512 ما بين محل غير نظامي ومخالفات مختلفة، وفي موضوع المسالخ لا نترك شيئاً إلا وندقِّق فيه؛ ندقِّق في الأختام لوجود العديد من حالات التزوير.. ندقِّق في الإيصالات الخارجة من المسلخ .. ومع الوحدات الإدارية في موضوع عدد الأغنام ونوعيتها والمسالخ التي ذبحت فيها. وقد شاركنا الجمارك وضاعفنا من العقوبة بفرض غرامة مالية تصل إلى ثلاثة أضعاف السعر».
وإلى جانب هذا الدور المهم لمديريات التموين، كما تحدَّث عنه الأصيل، يبرز دور مهم أيضاً يقع على عاتق المستهلك، يقول الأصيل: «طالما أنَّ المستهلك يدفع.. فالمفروض أن يحصل على منتج جيد بمواصفات جيدة وأن يرفض شراء شيء غير نظامي.. فهو شريكنا الأكثر فعالية في ضبط الأسواق من خلال المقاطعة والامتناع عن المادة المخالفة .. طالما أنَّ البدائل موجودة». وهنا بيت القصيد؛ فبدائل لحم العواس البالغ سعره 900 ليرة ولحم العجل البلدي وسعره 675 ليرة، هي إما اللحم المستورد وسعره 200 ليرة، أو اللحم غير النظامي الصالح للاستهلاك بسعر 125، أو اللحم المهرب الذي يقدَّم للمستهلك بطريقة الغش والتدليس.. إذاً عن أية بدائل نتحدَّث؟!.
الواقع يشير إلى أنَّ نسبة محال اللحوم غير المرخصة ازدادت مع إرجاء مسؤولية منح التراخيص إلى الوحدات الإدارية، لتبلغ اليوم ما نسبته 60 %، وخاصة في الريف، وبالتالي العناصر التموينية البالغ عددها على مستوى سورية 700 عنصر .. والتي لا تملك رقماً إحصائياً عن عدد محال اللحوم الواجب مراقبتها، بالكاد تستطيع بهذا العدد متابعة حركة أسواق اللحوم وغيرها؟!. فما المطلوب؟.
يجد خبراء الاقتصاد أنَّ الحل في ضبط عملية التصدير وضخّ الفائض الإنتاجي الذي يصل إلى 2.3 مليون رأس غنم في الأسواق المحلية، وهذا الإجراء كافٍ لخفض الأسعار إلى النصف، وكافٍ أيضاً للقضاء على عمليات التهريب وبيع اللحوم الفاسدة.. لجهة أنَّ التصدير كان سبباً مباشراً في حصول ماذكر.
فالسوق المحلية أهم بكثير من التصدير وتأمين القطع الأجنبي الذي لن يتوقَّف تأمينه عند حدود الثروة الحيوانية، فسابقاً قامت الهند خلال الأزمة المالية العالمية بوقف تصدير الرز رغم أنه محصول تصديري استيراتيجي .. وضخّه بكثافة إلى المستهلك المحلي بسعر مقبول.. فلماذا لا نستفيد من تجارب الآخرين؟!.
- ضبطت الجهات المعنية كمية 7.5 طن من اللحوم الفاسدة مع العظام في مستودع في منطقة يلدا- ريف دمشق، حيث يتمُّ طحنها وبيعها لإحدى شركات صناعة اللحوم وبعض محال الشاورما. وقد أثبتت الجهة المختصّة ومديرية التموين، أنها غير صالحة للاستهلاك البشري، لذا قامت بإتلاف 6 أطنان منها وإرسال 1.5 طن منها إلى حديقة الحيوانات في دوما. ولاحقاً، أشار عماد الأصيل، مدير حماية المستهلك، إلى أنَّ مديرية التموين في محافظة ريف دمشق ضبطت مؤخراً كمية وقدرها 4,5 طن من اللحوم الفاسدة في منطقة الحجر الأسود، وشملت هذه اللحوم أصنافاً من لحم العجل واللحوم الحمراء وأصنافاً غير معروفة من اللحوم المستوردة. أيضاً، قالت مصادر في إدارة الجمارك العامة، إنها أحبطت دخول كمية من اللحوم الفاسدة ضمن سيارة شاحنة قادمة من لبنان إلى الأراضي السورية عبر منطقة قارة، تُقدَّر كميتها بحوالي 4 أطنان، وقيمتها مع غراماتها أكثر من 4 ملايين ليرة. كما تمَّ ضبط ستة مستودعات تحتوي على كميات كبيرة من اللحوم الفاسدة في منطقة بيت سحم في ريف دمشق، مهرَّبة من البرازيل، وهي فاسدة، وأخرى هندية مستوردة، لكنها منتهية الصلاحية، وتمَّ إرسالها إلى مكبِّ النفايات في الغزلانية لحرقها. ويمكن الإشارة إلى أنَّ عدد الضبوط التي نظَّمتها وزارة التجارة في النصف الأول من العام 2009، بلغ 44202 ضبط في حقِّ المخالفات المرتكبة في أسواقنا، ومن بينها الترويج للحوم الفاسدة والمخالفة للمواصفات القياسية السورية بصلاحيتها للاستهلاك الآدمي. وكما هو واضح، تعدُّ محافظة ريف دمشق المورد الرئيس لتجّار اللحوم وبائعيها، فمن أين يشتري المواطن وبمَن يثق، بعد أن تحوَّل البيع بـ«ضمير» إلى حالة استثنائية لا العكس؟!.
- يقول زياد هزاع: «هناك لحم نظامي وآخر غير نظامي، وليس بالضرورة أن يكون فاسداً.. إنما غير خاضع لشروط ومواصفات اللحم المستورد وتحديداً الرقابة الصحية، ومدى صلاحيته للاستهلاك البشري، وموضوع تبريده وطرق نقله. وفي هذه الحالة، ومن وجهة النظر القانونية، يعتبر مخالفاً، إضافة إلى حرمان الخزينة العامة من العوائد المالية.
أما اللحم الفاسد فهو المخالف لمواصفات مادة اللحم، من حيث اللون، وعدم صلاحيته للاستهلاك البشري. وحالاته في دمشق قليلة جداً. فعلى مدار الشهر الماضي، تمَّ تنظيم ضبطين بحق محال بيع لحم غير صالح للاستخدام البشري. وأما غير النظامي، حيث هامش ربحه أكبر، فقد نظمنا في بداية شهر رمضان 50 ضبطاً عدلياً تشمل بيع لحم مفروم مسبقاً، وحيازة لحوم مجهولة المصدر، والجمع بين نوعين من اللحم ما بين الجيد والأقل جودة. وبلغت عدد الإغلاقات 26 إغلاقاً.
إذاً كما تلاحظون، عدم الإعلان ومنح الفواتير، وموضوع السلامة الصحية.. قضايا ذات طابع تنظيمي في التجارة الداخلية. أما فيما يتعلق بمخالفات الغش، فهنا أخذ القانون الجانب الأشد في تطبيقه مترافقاً مع الإغلاق وعقوبة السجن وحجز المادة ومصادرتها أصولاً. وتتمّ عملية الإتلاف مباشرة إذا كانت المادة مجهول المصدر. الجانب الآخر، في مدينة دمشق وحدها يوجد أكثر من ألف محل لحمة، فإذا وجد 10 % مخالفين، فهذه الظاهرة لا تعتبر عامة».
- تذبذبت قرارات وزارة الاقتصاد، فانعكس الأمر في عدم استقرار الأسواق؛ فتارة وزارة الاقتصاد تسمح بالتصدير، وتارة أخرى تجعله مشروطاً بالاستيراد، ثم تحدّد الكميات والوزن وتعاود لتجعل الباب مفتوحاً على مصراعيه، ومن بعد تعود للحديث عن تخفيض نسب التصدير المعمول بها. فمثلاً خلال 3 أشهر من عام 2006 أصدرت عدة قرارات، منها القرار 11 تاريخ 5/1/2006، الذي ينصّ على وقف تصدير الأغنام وذكور الماعز الجبلي (الجدايا) اعتباراً من 5/1/2006 ولغاية 1/3/2006؛ ثم يأتي القرار 732 تاريخ 19/3/2006 الذي ينصّ على تعديل المادة 1 من قرار وزارة الاقتصاد والتجارة رقم 589 تاريخ 27/2/2006 لتصبح على النحو التالي: «يستمرّ العمل بوقف تصدير ذكور الأغنام وذكور الماعز الجبلي (الجدايا) المحددة بقرار وزارة الاقتصاد والتجارة رقم 11 تاريخ 5/1/2006 وذلك حتى إشعار آخر». ويأتي القرار 1056 تاريخ 25/4/2006:
مادة1- ينهى العمل بمضون قرار وزارة الاقتصاد والتجارة رقم 732 تاريخ 19/3/2006 القاضي بوقف تصدير ذكور الأغنام وذكور الماعز الجبلي (الجدايا) حتى إشعار آخر.
مادة2- يسمح بتصدير ذكور الأغنام وذكور الماعز الجبلي (الجدايا) حتى إشعار آخر ووفق الأنظمة والشروط التي كان معمولاً بها قبل 5/1/2006.
ولاحقاً، وفي عام 2003 وبموجب التعليمات الصادرة عن وزارة الاقتصاد وبناء على محضر اجتماع رئاسة مجلس الوزراء رقم 5449/1، تمَّ السماح للمؤسسة العامة للخزن والتسويق واتحاد الفلاحين وجمعية المربين وللمربين من القطاع الخاص والمشترك بتصدير ذكور الأغنام والسماح بتصديرها من قبل المصدرين دون تحديد أيّ كمية، شريطة إعادة القطع الأجنبي الناجم عن التصدير إلى المصرف التجاري السوري. واستمرَّ العمل بهذا القرار حتى عام 2004، حيث شهدت أسعار اللحوم زيادة كبيرة في الأسواق المحلية، نتيجة زيادة الصادرات وقلة الواردات. وعليه قامت الحكومة بفرض ضريبة على التصدير تعادل 100 ليرة على الرأس.
وبموجب ذلك، ونتيجة ارتفاع أسعار اللحوم، أصدرت وزارة الاقتصاد القرار 866 تاريخ 12-4 - 2005 القاضي بربط تصدير الأغنام بالاستيراد. ووصل العام الفائت عدد رؤوس الأغنام والماعز المصدرة من سورية إلى الأردن ودول الخليج العربي عبر مركز نصيب الحدودي قرابة مليون رأس غنم وماعز، في حين بلغت كميات لحوم الجاموس المجمدة والمستوردة من الهند والداخلة إلى سورية خلال العام ذاته 2420 طناً.
وقد عبَّر وزير الاقتصاد عن استغرابه من القول إنَّ سبب ارتفاع الأسعار هو التصدير؛ بدليل بقاء الأسعار مرتفعة رغم تخفيض نسب التصدير.. يقول: «ارتفعت أسعار اللحوم ولكن ليس بكل أنواعها. وكان لحم العواس أكثرها ارتفاعاً.. وهذا مرتبط بعدة عوامل تمَّت مناقشتها مع الجهات المعنية، في مقدمتها -حسب الأقاويل- السماح بتصدير المادة، على الرغم من عدم تأييدي لذلك؛ بدليل أننا أصدرنا قراراً بتخفيض الكمية المصدرة إلى النصف، فوجدنا الأسعار ما زالت مرتفعة، فأصدرنا قراراً آخر بتخفيض النصف المتبقي إلى النصف أيضاً. ولكنَّ الأسعار لم تنخفض، وهذا يشير إلى الطلب الكبير.. والسبب الآخر الأهم الظروف التي مرَّ بها المربون خلال السنوات الماضية ومشكلات تأمين الأعلاف وغيرها وتحقيق خسارات كبيرة؛ ما جعل المربين يتخلصون من قسم كبير من الثروة إضافة إلى ورود بعض المعلومات التي تشير إلى ذبح إناث العواس. وهذه مسألة خطرة والوزارة جادة في معاقبة الفاعلين وردعهم من العبث بهذه الثروة الوطنية.. إضافة إلى الخروج غير النظامي لهذه السلعة خارج القطر، ولاسيما إلى العراق، حيث تجاوز عدد الرؤوس المهربة عشرات الآلاف».
- يشكّل لحم الغنم المصدرَ الأول للحوم الحمراء المخصصة للاستهلاك المحلي، ويسهم بنسبة 75 % من إجمالي اللحوم الحمراء. وقد بلغت نسبة صادرات الأغنام من إجمالي قيمة الصادرات الزراعية نحو 16 % عام 2005. والسوق المستهدفة هي دول الخليج بشكل عام والسعودية بشكل خاص. ويقدّر فائض التصدير بحدود 2 مليون رأس سنوياً، دون أن يتأثر السوق ويبقى محافظاً على توازنه.. والضريبة التي يدفعها المصدر ضئيلة، وهو يحقق أعلى نسبة ربح مقارنة بالمربي المنتج غير المحمي والذي يحقق ربحاً متوقعاً يصل إلى 30 ليرة في 1كغ مسمن. وحسب إحصاءات عام 2005 أسهم قطاع الزراعة بنسبة 24 % من إجمالي الناتج المحلي، والحيواني 36 % من إجمالي قيمة الإنتاج الزراعي. وتشكل اللحوم نسبة 52 % من قيمة الإنتاج الحيواني. ويتمثل الهدف الحكومي الاستيراتيجي في مجال تطوير الثروة الحيوانية في تحقيق زيادة سنوية بنسبة 5 % في إنتاج اللحم الأحمر والأبيض. وعليه، فقد تطوَّر عدد الأغنام في سورية بمعدل نمو سنوي 4.1 % عام 2005. ويعمل نحو 20 % من القوى الزراعية في هذا المجال. ويمثل قطيع الأغنام 89 % من إجمالي الثروة المنتجة للحم الأحمر، والماعز 6 %، والأبقار 5 %، وعدد قطيع الأغنام حسب آخر إحصائية (2005) 23 مليون رأس، يُذبح قرابة مليون رأس، مع فائض يصل إلى 2.3 مليون. وبالنسبة لقطيع الأبقار يبلغ مليون رأس.
- تجارة الأغنام السورية ثنائية الاتجاه؛ حيث تصدّر سورية العواس إلى السوق السعودي وباقي دول الخليج وتستورد الأغنام الرومانية والأسترالية. ففي عام 2005 بلغت قيمة الأغنام المستوردة نحو 1.8 مليون دولار، والصادرات 195.4 مليون دولار، وبلغت الذروة التصديرية عام 2002 (326.7 مليون دولار)، والوجهة الرئيسة إلى السعودية 76 %، تليها قطر 10 %، ثم الكويت 9 %، ثم لبنان 3.3 %. وعلى مستوى الوطن العربي، تحتلّ سورية المرتبة الثانية من حيث عدد قطيع الأغنام بعد السودان، وهي الدولة الأولى من بين الدول العربية المصدرة للأغنام؛ ففي عام 2004 شكلت نسبة 67 %، تليها السودان 26.4 %. وتحتلّ المرتبة 15 من بين دول العالم في إنتاج لحم الغنم.
-ارتفعت أسعار اللحوم، أم تمَّ رفعها.. أمرٌ لم يعد مهماً. ما يهمّ المستهلك اليوم هو قيام الجهات المختصة المعنية مباشرة بمناقشة ودراسة واقع أسواق اللحوم وإيجاد الحلول لها.. فمن غير المنطقي أن تبقى الأسواق منفلتة وغير مستقرة، وأن يبقى المستهلك في احتياجه إلى مادة اللحم رهينة موضوع التصدير وموضوع التهريب ومشاكل المربين وما شابه.
وهل علينا أن نذكّر بدخول ذوي الدخل المحدود، أم بات موضوعاً معروفاً لدى الجميع؟..
رياض إبراهيم أحمد
المصدر: بلدنا
إضافة تعليق جديد