لندن تلتحق بالانعطافة الأوروبية بشأن سوريا وموسكو تنتقد «هستيريا الغرب» حول تسليح دمشق
انضمت لندن ضمنياً الى دائرة الانعطافة الأوروبية بشأن المشهد السوري. فأن يعلن وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند أن بلاده تقبل بفكرة دور الرئيس السوري بشار الأسد، بعد أكثر من أربعة أعوام من التعنت البريطاني بشأن المخارج السياسية الممكنة، يعني ذلك أن حكومة ديفيد كاميرون، تحاول الاقتراب أكثر من لهجة أوروبية تزايدت وتيرتها في الأيام الماضية، وصدرت بشكل خاص من باريس ومدريد وفيينا.
وفي هذه الأثناء، كانت موسكو تسجل تحولاً من جهتها في مسألة تسليح الجيش السوري عندما اعلنت امس أنها لم تخفِ أبداً دعمها الجيش السوري بالعديد والعتاد لمحاربة الإرهاب، موضحة أنها مستعدة للنظر بشكل لائق في مسألة اتخاذ خطوات إضافية من جانبها عند الضرورة لمصلحة تعزيز دعم الكفاح ضد الإرهاب، وهو موقف أثار استياء كل من واشنطن وباريس، المعروفتين بانحيازهما الواضح الى فصائل معارضة مسلحة عدة.
الى ذلك، خرجت محافظة إدلب من سيطرة السلطة السورية بالكامل، مع انسحاب القوات السورية من مطار أبو الضهور في ريف إدلب، بعد هجوم كبير شنته «جبهة النصرة».
واعتبر وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند أن الصراع في سوريا لن يُحلّ إلا إذا مارست روسيا وإيران نفوذهما على الرئيس السوري بشار الأسد للمساعدة في التوصل إلى حل سياسي.
وشدد هاموند، أمام لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني، على أن أي حل يجب أن يكون سياسياً لا عسكرياً، لكنه ذكر أن بريطانيا لم تكن قادرة على تحقيق هذا من خلال «الحديث بلطف» إلى مختلف اللاعبين في سوريا. وقال «لا نقول إنه ينبغي أن يرحل الأسد وأصدقاؤه منذ اليوم الأول. إذا كانت هناك عملية تم الاتفاق بشأنها، وتشمل الروس والإيرانيين وتستغرق شهوراً، وكان هناك انتقال خلال فترة الشهور، فيمكننا مناقشة هذا».
وقال مسؤولون أميركيون، لوكالة «رويترز»، إن روسيا أرسلت سفينتي إنزال بري وطائرات إضافية إلى سوريا، أمس الأول، وأرسلت عدداً صغيراً من قوات مشاة البحرية في أحدث المؤشرات على حشد عسكري جعل واشنطن تقف في حالة تأهب.
وقال مسؤولان أميركيان إن «قصد روسيا من التحركات العسكرية في سوريا ما زال غير واضح». وأضاف أحدهما أن المؤشرات الأولية تفيد بأن تركيز التحركات هو إعداد مطار قريب من مدينة اللاذقية».
ونقلت الوكالة عن 3 مصادر لبنانية أن قوات روسية تشارك في المعارك في سوريا، فيما كانت دمشق وموسكو نفتا هذا الأمر. ونقلت «رويترز» عن مسؤول عسكري سوري قوله «الخبراء الروس موجودون دائماً، لكنهم كانوا موجودين بدرجة أكبر خلال العام الماضي. يتم تطوير كل نواحي العلاقة في الوقت الحالي بما في ذلك الشق العسكري».
وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية ذكرت، السبت الماضي، أن روسيا نشرت قوة ونقلت معدات لإقامة قاعدة جوية في اللاذقية. وقال مسؤولون أميركيون، أمس، إن الروس أقاموا مؤخراً منازل جاهزة الصنع، قادرة على استقبال «مئات الأشخاص» وبرج مراقبة جوية نقالاً. وحطت ثلاث طائرات شحن عسكرية على الأقل في الأيام الأخيرة في مطار اللاذقية. وأضافوا «كل ذلك يشير إلى إقامة قاعدة جوية»، موضحين أنه «ليس لديهم معلومات» عن احتمال وجود أسلحة روسية على الأرض.
ونفت موسكو أي تعزيز لوجودها العسكري في سوريا. وأكدت وزارة الخارجية الروسية أنها لم تخفِ أبداً دعمها الجيش السوري بالعديد والعتاد «لمحاربة الإرهاب».
وانتقدت المتحدثة باسم الوزارة ماريا زاخاروفا «الهستيريا الغربية»، موضحة أن «توريدات الأسلحة والمعدات العسكرية الروسية إلى سوريا مخصصة لمواجهة التهديدات الإرهابية غير المسبوقة في سوريا والعراق المجاور».
وأشارت إلى أن «موسكو تنطلق من أن تنسيق العمليات مع القوات المسلحة السورية يجب أن يصبح عنصراً مهماً في توحيد الجهود على صعيد مكافحة الإرهاب، في إطار تحالف واسع دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى تشكيله».
وأكدت زاخاروفا وجود خبراء عسكريين روس في سوريا، وكشفت أن مهمتهم تتمثل في تدريب العسكريين السوريين على استخدام المعدات الروسية الجديدة. وتابعت أن «موسكو مستعدة للنظر بشكل لائق في مسألة اتخاذ خطوات إضافية من جانبها، عند الضرورة، لمصلحة تعزيز دعم الكفاح ضد الإرهاب، ولكن في أي حال من الأحوال على أساس القانون الدولي والتشريعات الداخلية الروسية».
وأعلنت بلغاريا، أمس الأول، رفضها السماح لطائرات روسية متجهة إلى سوريا عبور مجالها الجوي، لكنها عادت وأعلنت أنها مستعدة للسماح للطائرات بعبور مجالها الجوي شرط أن تقبل موسكو تفتيش حمولتها. وأعلنت اليونان أنه ليست لديها مشكلة مع روسيا بشأن عبور الطائرات أجواءها، فيما أعلنت إيران فتح أجوائها أمام الطائرات الروسية.
وللمرة الثانية في غضون أيام، أجرى وزير الخارجية الأميركي جون كيري اتصالاً هاتفياً بنظيره الروسي سيرغي لافروف. وذكرت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، أن لافروف شدد على «إقامة حوار بين السلطات السورية والمعارضة»، وضرورة تعزيز «الحرب ضد المجموعات الإرهابية التي سيطرت على مساحات شاسعة من الأراضي السورية وتشكل تهديداً للأمن العالمي، ويتحمل الجيش السوري العبء الأكبر في التصدي لها».
وذكرت وزارة الخارجية الأميركية، من جهتها، أن كيري عبَّر للافروف عن قلقه إزاء تقارير عن أنشطة عسكرية روسية في سوريا. وقال المتحدث باسم الخارجية جون كيربي إن كيري أوضح لنظيره الروسي أنه إذا كانت تلك التقارير صحيحة فإن ذلك «قد يؤدي إلى مزيد من العنف ولا يساعد على الإطلاق» الجهود التي يبذلها المجتمع الدولي لإنهاء الصراع.
كما ذكر البيت الأبيض أنه يشعر «بقلق بالغ» إزاء تقرير بأن روسيا نشرت طائرات عسكرية وجنوداً في سوريا. وقال المتحدث باسمه اريك شولتز «موقفنا هو أننا سنرحب بالمساهمات الروسية البناءة في التصدي لمحاولات الدولة الإسلامية، لكننا كنا واضحين في انه سيكون عملا غير معقول من جانب أي طرف، بمن فيهم الروس، تقديم أي دعم لنظام الأسد».
واعتبر وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أن التقارير التي أفادت بأن روسيا أرسلت قوات لدعم القوات السورية تجعل التوصل إلى حل سياسي للأزمة أكثر تعقيداً.
وقال فابيوس، أمام طلبة الجامعات في باريس، «الجمعية العامة للأمم المتحدة في نهاية أيلول يمكن أن تكون المكان (لمناقشة الانتقال السياسي)، لكن الأمر بات أكثر تعقيداً، بسبب احتمال أن تكون روسيا قد أرسلت قوات جديدة إلى هناك». وأضاف «ستضاعف فرنسا جهودها الديبلوماسية لوضع نهاية للأزمة السورية، وهي واحدة من أكبر مآسي بدايات هذا القرن».
واعتبر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي يانس شتولتنبرغ أن التقارير عن تزايد النشاط العسكري الروسي في سوريا مصدر قلق.
وقال «يساورني القلق بشأن التقارير عن تزايد الوجود العسكري الروسي في سوريا. هذا لن يسهم في حل الصراع»، مضيفاً «أعتقد أن من المهم دعم كل الجهود للتوصل إلى حل سياسي للصراع في سوريا».
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد