ليبيا: أي تدخل عسكري بعد «حكومة الوفاق»

16-02-2016

ليبيا: أي تدخل عسكري بعد «حكومة الوفاق»

أعلن المجلس الرئاسي الليبي، الذي تشكل بموجب الاتفاق الأممي الموقع في مدينة الصخيرات المغربية، في وقت متأخر من مساء أمس الأول، تشكيلته لـ «حكومة وفاق» مصغرة، كان قد طالب بها برلمان طبرق المعترف به دولياً، بعدما رفض هذا البرلمان إعطاء الثقة لحكومة سابقة مؤلفة من 30 وزيراً، بحجة أن الوضع الاقتصادي في البلاد يوجب اعتماد حكومة أصغر. لكن، بالرغم من التزام المجلس الرئاسي بالمهلة المحددة له لتشكيل الحكومة المصغرة، رفضت طبرق أمس التصويت على هذه الحكومة، داعية السراج للحضور شخصياً إلى طبرق.
وبالرغم من الضغوط الدولية التي تمارس على برلمان طبرق للتصويت على حكومة السراج، ووسط تصاعد مؤشرات اقتراب الغرب من تدخل عسكري في البلاد، لا تزال قلة ثقة الشرق الليبي، المنقسم بين فدراليين وموالين لقائد القوات الليبية المعترف بها خليفة حفتر، بـ «حكومة الوفاق» والاتفاق الأممي، واضحة، أولاً من خلال إرجاء التصويت، وثانياً بعد امتناع العضو في المجلس الرئاسي علي القطراني (إقليم برقة ـ شرق) عن التوقيع على تشكيلة الحكومة، لا سيما بعد أن أبقى السراج المهدي البرغثي وزيراً للدفاع. وقال القطراني إن «مطبخ الإخوان المسلمين كان حاضراً بقوة في لقاءات الصخيرات لتشكيل الحكومة».
من جهته، قال النائب في برلمان طبرق خليفة الدغاري، إن «السراج لم يتواصل بشكل مباشر معنا، ولذا نطالب بحضوره. نريد حلاً سياسياً، لكننا غير مقتنعين. إذ إن أسماء الوزراء ترسل إلينا عند منتصف الليل عبر البريد الالكتروني، ثم يطلب منا التصويت عليها».
وكان المجلس الرئاسي الليبي أعلن التوصل الى اتفاق حول تشكيلة حكومة وفاق مصغرة تضم 18 وزيراً، وذلك بعدما سادت خلافات بين أعضاء المجلس حيال الشخصية التي ستتولى وزارة الدفاع.
وينظر إلى آمر الكتيبة 204 دبابات العقيد المهدي البرغثي على أنه معارض لحفتر، برغم عمله تحت إمرته، الأمر الذي دفع القطراني الى عدم التوقيع على التشكيلة، الى جانب عضو آخر هو عمر الأسود. ويفترض أيضاً أن تعطي طبرق ثقتها لاتفاق السلام الأممي. ورأى الدغاري أن «تضمين الاتفاق السياسي في الإعلان الدستوري هو الخطوة الأصعب»، لا سيما لجهة سلطات المجلس الخاصة بقائد الجيش.
وكان رئيس برلمان طبرق عقيلة صالح تعرض لضغوط قوية خلال مشاركته في مؤتمر ميونيخ للتصويت على الحكومة، كما أشارت مصادر إلى عدم انعقاد لقاء كان محضراً له يجمعه بالسراج ووزير الخارجية الأميركي جون كيري. ولكن صالح قدم وعوداً في ميونيخ بعمل ما في وسعه لمنح الثقة.
وحضرت ليبيا بقوة في الاجتماعات الأخيرة التي توالت في أوروبا، لا سيما اجتماع وزراء دفاع «التحالف الدولي لمحاربة داعش»، لكن التدخل الدولي لا يزال يناقَش في الدوائر المغلقة، وبانتظار أن يقدم البنتاغون خطته للإدارة الأميركية حول ليبيا.
وخرجت وزيرة الدفاع الإيطالية روبرتا بينوتي، امس الاول، بتصريح أكدت فيه أن «فرنسا وبريطانيا لن تقدما على حرب منفردة في ليبيا»، وأن بلادها هي التي «ستقود أي تحرك عسكري»، مشيرة إلى أن هذا القرار «جاء خلال الاجتماع الأخير لوزراء دفاع دول التحالف» في بروكسل.
وأوضحت أن العملية العسكرية، التي لا يزال غامضاً دور «الناتو» فيها، «ستكون أيضاً لحماية الآبار النفطية التي تستثمرها مؤسسة الطاقة الإيطالية إيني»، لافتة إلى أنها «تتحدث عن حرب على الإرهاب تحتاج إلى تمويل إضافي لمبلغ الـ600 مليون يورو، الذي خصصه البرلمان الإيطالي للحرب على داعش في العراق».
وأمس الأول، أدانت قوات «عملية الكرامة» التي يقودها حفتر وصول 180 جندياً فرنسياً إلى قاعدة بنينا الجوية في بنغازي، واصفة إياها بقوات «احتلال».
في المقابل، حذرت دول الجوار الليبي من إمكانية التدخل الغربي في ليبيا، ولا سيما تونس والجزائر، اللتين دعتا إلى اجتماع عاجل لهذه الدول للبحث في السبل الكفيلة للدفع بالبحث السياسي في ليبيا.
وتبدو خيارات التدخل الدولي السريع مطروحة بقوة في حال فشلت طبرق بالتصويت على الحكومة، أما الخيار الثاني فهو انتظار تقديم هذه الحكومة طلباً بحاجاتها الأمنية المستعجلة.
وكانت صحيفة «الوسط» الليبية، قد نشرت تقريراً الأسبوع الماضي عن خطط الحرب في ليبيا، «وسط معلومات تشير إلى تحشيد لقوات مصراتة عند مداخل سرت الغربية والجنوبية»، و «توقعات أن تطرح مصراتة نفسها كقائدة لقوة مشتركة من التشكيلات العسكرية الموجودة في المنطقة الغربية تتولى الهجوم الأرضي المسنود بالقصف الجوي الغربي».
واعتبر الباحث في الشأن الليبي في معهد «كارنيغي» فريديريك ويري في تقرير نشرته «فورين أفيرز» أن «خيارين أمام الدول الغربية للتدخل في ليبيا يجري مناقشتهما، الأول برنامج تدريب بعد خلق وحدة عسكرية جديدة تقدم ولاءها لحكومة الوفاق، وهو أمر صعب، أما الخيار الثاني، فهو الاعتماد على تقديم الدعم لقوات موجودة على الأرض».
وبنظر ويري، فإن أقوى الميليشيات حالياً وأكثرها تجهيزاً هي قوات مصراتة، ولكن ذلك قد يؤدي إلى حمام دم في سرت التي لها تاريخ طويل من المعاناة مع هذه القوات، التي استباحت المدينة وقامت بالكثير من التجاوزات بعد سقوط نظام معمر القذافي. أما التوجه لدعم قوات حماية المنشآت النفطية بقيادة ابراهيم جضران، فمن شأنها أن تدفع هؤلاء إلى توجيه سلاحهم إلى قوات مصراتة في إطار الصراع على النفط.


 («السفير»)

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...