ما هو مصير التحالف البريطاني- الأمريكي بعد تنحي بلير؟

13-05-2007

ما هو مصير التحالف البريطاني- الأمريكي بعد تنحي بلير؟

الجمل:  بإعلان رئيس الوزراء البريطاني عن تحديد موعد تنحيه عن منصبه خلال هذا الأسبوع، تكون علاقات عبر الأطلنطي بين أمريكا وأوروبا قد دخلت في منعطف جديد.
الهجمات غير المسبوقة التي حدثت ضد أبراج التجارة العالمية في الحادي عشر من أيلول 2001م، أدت إلى إحدى النتائج الهامة في علاقات عبر الأطلنطي، تمثلت في إنجاز المملكة البريطانية بالكامل لجانب أمريكا، وقبولها القيام بدور جيوبوليتيكي جديد في النظام الدولي على النحو الذي يمكن أن تتمسك وتنحاز فيه بريطانيا بالكامل إلى جانب أمريكا وتترك بقية أوروبا جانباً، إذا حدث ما يتطلب الخيار بين مساندة أمريكا ومساندة أوروبا.
كذلك، لم يكتف رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير بالوقوف إلى جانب أمريكا ظالمة أو مظلومة، بل عمل على تسويق نمط جديد من الفلسفة العولمية.. عندما هرع إلى واشنطن بعد وقوع هجمات أيلول وخطب أمام الأمريكيين، وعلى مسمع العالم قائلا: (إن الإرهاب يمثل الشر الجديد الذي يواجه عالمنا.. وإن معركة الحرب ضد الإرهاب ليست معركة أمريكا وحدها، وإنما هي معركة بين العالم الحر الديمقراطي، والإرهاب..).
يقول تقرير مركز القوة والمصلحة، إن علاقة لندن الوثيقة بواشنطن، قد أعطت أمريكا الدور القيادي النافذ في تشكيل وصياغة العديد من السياسات الأوروبية:
- عسكرياً: استطاعت أمريكا فرض مشروعها الخاص بتوسيع حلف الناتو وتوسيع القواعد العسكرية الأمريكية، ونشر المزيد من شبكات الدفاع الصاروخي، ومنصات الصواريخ البالستية، وتوريط قوات الناتو في الحرب ضد الإرهاب في أفغانستان والعراق.
- اقتصادياً: استطاعت أمريكا فرض توجهاتها المالية والنقدية على بورصات الأسواق المالية والمؤسسات المالية والنقدية الأوروبية، وعلى استخدام النظام النقدي للعملة الأوروبية الموحدة (اليورو) بما يحقق الدعم والمساندة للنظام النقدي الخاص بالدولار الأمريكي.
- سياسياً: استطاعت أمريكا أن تستخدم السياسات الأوروبية بما يدعم توجهاتها السياسية العالمية، وبالذات السياسية الخارجية الأمريكية الخاصة بمنطقة الشرق الأوسط، كما حدث عندما قاطع الاتحاد الأوروبي السلطة الفلسطينية، وتباطأ في حملة وقف العداء الإسرائيلي ضد لبنان، وأيضاً في مساندة القرارات الدولية الخاص بالمحكمة الدولية الخاصة باغتيال الحريري.
الأمثلة كثيرة على الطريقة التي وظفت بها الإدارة الأمريكية علاقات عبر الأطلنطي لخدمة ودعم مصالحها وتوجهاتها الاقتصادية والسياسية.
كان رئيس الوزراء البريطاني اللاعب الرئيسي في تسيير دفة العلاقات الأمريكية الأوروبية، وقد استطاع النجاح في ذلك عن طريق:
- إقناع البريطانيين بأهمية وأولوية التحالف مع أمريكا حتى لو كان ذلك خصماً من حساب علاقات بريطانيا بأوروبا.
- الضغط على الأوروبيين عن طريق تجميع بعض دول الاتحاد الأوروبي الداعمة لأمريكا مثل إيطاليا واسبانيا والبرتغال وبولندا، على النحو الذي أصبح يشكل معسكراً لـ(لوبي) أمريكي قوي يعمل داخل الاتحاد الأوروبي.
لقد كان نجاح طوني بلير في دعم أمريكا خصماً من حساب شعبيته في أوساط الرأي العام البريطاني وأيضاً داخل حزب العمال.
تنحى طوني بلير الذي أصبح مؤكداً يتوقع أن تكون يكون له التأثير والتداعيات السياسية الآتية:
• داخل بريطانيا: أكدت الاستطلاعات أن شعبية حزب العمال سوف ترتفع طالما أن طوني بلير سوف لن يكون مرشحاً للحزب في الانتخابات القادمة، وسوف ترتفع أيضاً شعبية براون، المرشح لخلافة طوني بلير.. أما بالنسبة لحزب المحافظين فسوف تنخفض شعبيته بنسبة 3 إلى 4%، وهو أمر سوف يؤدي إلى تزايد حدة المنافسة بين المحافظين والعمال.
• في الاتحاد الأوروبي: يتوقع الأوروبيون أن يؤدي تنحي طوني بلير إلى تقارب بريطاني مع الاتحاد الأوروبي، وأن تقل الخلافات الأوروبية- البريطانية، بما يدعم نزعة الاستقلالية الأوروبية.
• بالنسبة لأمريكا: غياب طوني بلير عن رئاسة الوزراء البريطانية سوف تترتب عليه مصاعب كثيرة بالنسبة للبيت الأبيض في إدارة دفة علاقات عبر الأطلنطي، خاصة أن طوني بلير كان يلعب في الماضي دور المايسترو الذي كان يقوم بتنسيق وترتيب أجندة هذه العلاقات.
وعموماً، بعض الخبراء في علاقات عبر الأطلنطي يقولون بأن غياب طوني بلير، وقدوم براون (خليفه في حزب العمال) كان سيؤدي في حالة فوز حزب العمال في الانتخابات القادمة إلى خسارة كبيرة بالنسبة لأمريكا.. لكن بفوز حليف أمريكا نيكولاس ساركوزي برئاسة فرنسا، فإن أمريكا تكون قد حصلت على حليف أوروبي أكثر وزناً من طوني بلير، وذلك لأن فرنسا تعتبر من كافة الجوانب أكثر قوة ونفوذاً عن بريطانيا داخل وخارج أوروبا، كذلك سوف يكون الأمر أكثر سوءاً بالنسبة للأوروبيين إذا عمل من يأتي خلفاً لطوني بلير من أجل التحالف مع أمريكا والاستمرار في نفس توجهات طوني بلير.. وفي هذه الحالة سوف تكون أمريكا قد وضعت يدها بالكامل على فرنسا وبريطانيا ولم يبق لها سوى ألمانيا والتي أصبحت بالأساس تحت قبضة المستشارة أنجيلا ميركل التي تؤيد أمريكا في السر، وتتحفظ في تأييدها في العلن.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...