مخرجون عراقيون يصورون أعمالا درامية بسوريا عن معاناة شعبهم
يُصور حاليا في سوريا عدد من الأعمال الدرامية العراقية التي تحكي عن أوضاع العراق بعد الاحتلال عام 2003 والتغيرات التي أصابت المجتمع العراقي، حيث بات العديد من المخرجين العراقيين يعتقدون بأن سوريا أضحت مكاناً ملائماً لإنتاج وإخراج أعمالهم التلفزيونية العراقية والتي في مجملها تعالج الواقع المأساوي العراقي بكل أبعاده.
وانطلاقاً من تواجد ما يزيد على مليون ونصف عراقي في سورية فإن هذه الدراما تجد كل متطلبات النجاح خارج الوطن الأم، فواقع العراقيون المعاشي في الخارج بات يشكل قصصاً ومواد لأعمال تلفزيونية عراقية عديدة تنفذ في سورية من ألفها إلى بائها.
ففي الموسم الماضي قدمت الدراما العراقية ما يزيد عن عشر أعمال تلفزيونية صورت بالكامل في مناطق سورية، تشكل في جغرافيتها وبيئتها مكاناً مناسباً لتنفيذ أعمال تقدم للمشاهد صورة هي الأقرب إلى البيئة العراقية. فمناطق الحسكة وتدمر والميادين والبوكمال هي أشد ما تكون قرباً إلى البيئة العراقية من حيث التشابه العمراني والأزياء الشعبية السائدة فيها.
ومن الجدير ذكره أن سوريا تضم حالياً أكبر عدد من الكُتّاب والمثقفين والفنانين العراقيين حيث باتوا يمارسون إنتاج إبداعاتهم الفكرية والفنية.
ويعتقد المخرج العراقي عدنان إبراهيم، الذي يملك شركة للإنتاج الفني في دمشق، بأن الدراما العراقية قد تجددت وتطورت في سوريا فهي استفادت من التجربة الدرامية السورية الرائدة عربياً.
ويشير ابراهيم، إلى مسلسل (المواطن G) الذي يُصور حالياً في سوريا وقام بكتابته المؤلف المسرحي العراقي المعروف فلاح شاكر.
ويتحدث المسلسل عن الحكومة العراقية الحالية التي أبطلت العمل بالجوازات العراقية السابقة؛ حيث لا يحق للمواطن العراقي مغادرة العراق ما لم يحمل جواز فئة G وحيث أن الدول الأوروبية قاطبة لا تمنح فيزا لأي مواطن عراقي لا يحمل هذا الجواز، والمشكلة أنه في نفس الوقت باتت الدولة العراقية عاجزة عن إصدار هذا النوع من الجوازات أيضاً وبالتالي فالمواطن داخل العراق كما هو معروف مهدد بالقتل وهو في الخارج لا يمتلك الجواز G ولا يمكنه استصداره من السفارات العراقية في الخارج فهو لابد أن يعود إلى العراق، والعودة محفوفة بالمخاطر والتهديدات بالقتل والاختطاف.
ويعتقد عدنان إبراهيم أن في تصرفات الحكومة ما من شأنه تحطيم نفسية المواطن العراقي وتحويله إلى حالة من الضياع والتيهان في بلاد الاغتراب.
كما يتحدث العمل عن قصص واقعية رُصدت في سوريا لأشخاص عراقيين هم ضحية سلطة لا تأبهم بهم، فهم أضحوا فقراء لا يملكون المال ولا يملكون الإثبات الرسمي وليس لهم أي حقوق، بل أن وضع اللاجئين الآخرين بات أفضل منهم بكثير.
ويتحدث العمل أيضا عن قصة "سهير" المرأة العراقية التي تمارس الدعارة في بيتها بدمشق والتي يؤم منزلها يومياً العديد من الرجال من جنسيات عربية مختلفة حيث في هذا البيت يتم تعاطي المخدرات ولعب القمار وممارسة الدعارة.
كما تبرز في المسلسل قصة "عمار" العراقي القادم من استراليا والحاصل على الجنسية الاسترالية والذي يقطن دمشق حيث يذهب بشاحنة لنقل البضائع إلى العراق، فيصطدم بواقع مرير وبالتغييرات التي طرأت على نفسية المواطن العراقي والطائفية التي قد أصبحت رمزاً من رموز العلاقات العراقية العراقية، مما يضطره إلى استصدار هويتين مزورتين إحداهما تحمل اسم عمر لاستخدامها في المناطق السنية والثانية تحمل اسم حسين لاستخدامها في المنطقة الشيعية، ولعدم قدرته على التعايش مع هذا الواقع الجديد للشخصية العراقية يلجأ عمار للسفارة الاسترالية للاستعانة بها لتسفيره خارج العراق من جديد.
كما يصف العمل شخصية يوسف الذي يقطن دمشق منذ ثلاث سنوات بانتظار الحصول على موافقة اللجوء إلى السويد وبعد انتظار طويل تأتي الموافقة ولكن بشرط أن يحمل نسخة من الجواز G فيضطر للذهاب إلى العراق للحصول على هذه النسخة من الجواز فيقتل هناك وتضيع أحلامه.
ويتحدث عدنان إبراهيم عن "عمله الذي يقوم بإخراجه حالياً بأنه يتطرق بشكل مباشر إلى سلطة المرجعيات الدينية السنية والشيعية في العراق ودورها في تأجيج الصراع الطائفي الأعمى هناك بين أبناء الطائفتين"- على حد تعبيره.
أما مسلسل (الملف) الذي ألفه عباس الحربي ويخرجه علي أبو سيف فيتحدث عن المواطن العراقي الذي يشكل دائماً النقطة الأضعف في الواقع العراقي المأساوي، كما أنه المتهم والمظلوم دائماً في بلده وفي خارج بلده، فمعاناته الطويلة والمريرة منذ سنوات لا زالت مستمرة وكل ما قيل عن مبادرات لمسح دموعه وإنهاء معاناته بات كلاماً ذهب أدراج الرياح.
ومن المتوقع أن تقوم الدراما العراقية هذا الموسم بتصوير ما يزيد عن عشر أعمال تلفزيونية لصالح محطات عراقية داخل الأراضي السورية، وكل هذه الأعمال تتحدث في مضمونها عن معاناة الإنسان العراقي اليومية من جراء الاحتلال والسلطة.
علي محمد طه
المصدر: العربية نت
إضافة تعليق جديد