مصر على "القائمة السوداء" لـ"منظمة العمل الدولية"

13-06-2013

مصر على "القائمة السوداء" لـ"منظمة العمل الدولية"

سنتان فقط قضتهما مصر بعيداً عن قائمة "منظمة العمل الدولية"، للدول المخالفة لاتفاقيات العمل الدولية، والمعروفة إعلامياً بـ"القائمة السوداء".
يوم الجمعة الماضي، أُعلن في جنيف، حيث ينعقد مؤتمر العمل الدولي الثاني بعد المئة، عن إدراج مصر مجدداً على هذه القائمة، لتصبح ضمن أسوأ خمس دول لا تحترم اتفاقيات دولية وقعت عليها، وخصوصاً تلك المتعلقة بالحريات النقابية وحق العمال في تنظيم أنفسهم بحريّة في نقابات مستقلة وديموقراطية.امرأة مصرية تسير أمام لافتات لحملة "تمرد" لعزل الرئيس محمد مرسي في القاهرة أمس الأول (أ ب)
ورصد قرار إدراك مصر على "القائمة السوداء" عدداً من الأسباب لهذا الإجراء، أهمها استمرار العمل بالقانون رقم 35 لسنة 1976 (قانون النقابات) سيئ السمعة، والذي تحظر مواده على العمال تنظيم أنفسهم بحرية في نقابات مستقلة، وتجبرهم على الاشتراك في اتحاد عمالي وحيد هو "الاتحاد العام لنقابات عمال مصر"، مع خصم الاشتراك إجبارياً من الرواتب. وأكّد القرار تعارض هذا القانون مع الاتفاقيتين الدوليتين 87 و98 اللتين وقعت عليهما مصر، واللتين تتيحان التعددية النقابية.
أمر آخر رصده القرار، وهو ارتفاع وتيرة مواجهة الاحتجاجات العمالية وعودة أساليب قمع التحركات العمالية، التي وصلت إلى حدود الفصل عن العمل وإلقاء القبض على العشرات من القيادات النقابية المستقلة والحكم على المحتجين بالسجن لسنوات.
وكانت "منظمة العمل الدولية" رفعت اسم مصر عن القائمة في مؤتمرها السنوي الذي عقد في العام 2011، وذلك بعدما أطلقت الحكومة المصرية إعلان الحريات النقابية في عهد وزير العمل والهجرة الأسبق أحمد حسن البرعي، الذي قدم خلال فترة ولايته مشروع قانون للحريات النقابية، إلا أنه لم يقر حتى الآن.
وتعد مسألة التعددية والحرية النقابية واحدة من أهم قضايا الحركة العمالية المصرية، حيث ظل "الاتحاد العام لنقابات عمال مصر" مهيمناً على الحركة النقابية منذ تأسيسه في العام 1957.
وتحالف هذا الاتحاد مع نظام بعد نظام، وحكومة بعد حكومة، بعيداً عن أي دفاع حقيقي عن مصالح العمال، ليفقد بالتدريج شرعيته بالنسبة إلى العمال.
وتغير المشهد النقابي خلال السنوات الأخيرة مع تصاعد موجة الاحتجاجات العمالية، حيث بدأ تأسيس النقابات العمالية المستقلة من قلب الاحتجاجات، فكان تأسيس النقابة المستقلة للعاملين في مصلحة الضرائب العقارية في العام 2008، لتكون أول نقابة مستقلة بعيداً عن سيطرة الاتحاد العام الموالي للحكومة.
"الاتحاد المصري للنقابات المستقلة"، الذي تم تأسيسه بعد "ثورة 25 يناير"، اعتبر في بيان له أن قرار "منظمة العمل الدولية" جاء نتيجة حتمية لسياسات حكومة "الإخوان المسلمين" التي طالما حذر منها، مؤكدا أن العودة إلى "القائمة السوداء" سبقها كثير من الإجراءات التي حذر من خطرها على وضع مصر الدولي.
وحمّل الاتحاد المستقل رئيس الجمهورية محمد مرسي ورئيس حكومته هشام قنديل ووزير القوى العاملة مسؤولية الرجوع بمصر إلى الوراء، وما يتبعه ذلك من مخاطر على مناخ الاستثمار في مصر، معتبراً أنه "إذ ليس العمال بإضرابهم من يدفعون المستثمرين إلى الهرب، بل الظلم والإصرار على قانون عمل منحاز ضد العمال، والإصرار على عدم تقنين أوضاع النقابات المستقلة، أداة التفاوض والتهدئة الوحيدة بين أطراف العملية الانتاجية".
وأضاف الاتحاد المستقل، في بيان، أن "ارتفاع وتيرة الاعتصامات والاضرابات التي تعم مصر حالياً خير دليل على فشل حكومة الإخوان المسلمين تجاه العمال وحقوقهم".
المنسق العام لدار الخدمات النقابية، كمال عباس، تحدث إلى "السفير" عن قرار المنظمة الدولية، موضحاً أن حالة مصر ستناقش اليوم خلال اجتماع لجنة المعايير والاتفاقيات الدولية. وأضاف "سيكون على ممثلي الحكومة المصرية خلال الاجتماع الرد على الانتقادات التي قُدمت لمصر، وتقديم تعهدات واضحة ومقترنة بتوقيت محدد بخصوص كيفية الاستجابة لمطالبات المنظمة بتعديل الأوضاع المجحفة للعمال".
وأشار عباس إلى أنه "في حال موافقة اللجنة، فإنها ستعطي الحكومة المصرية فرصة لمدة 6 أشهر للاستجابة لمطالبات المنظمة، وستتابع أداءها طوال هذه الفترة لضمان التزامها بالخطة التي تم الاتفاق عليها لرفع اسمها من القائمة السوداء".
من الضروري هنا توضيح أن وضع مصر على القائمة السوداء يمكن أن تكون له تبعاته الاقتصادية، بحسب ما أكد رئيس مركز الدراسات الاقتصادية في "أكاديمية السادات للعلوم الإدارية" الدكتور إيهاب الدسوقي، في تصريحات صحافية.
وقال الدسوقي إن وضع مصر في القائمة السوداء من شأنه أن يزيد من المشاكل الاقتصادية التي تواجهها، حيث يمكن أن يؤثر على التدفقات الاستثمارية الخارجية الى مصر، ويزيد من حجم قلق المستثمرين الأجانب ويخلق حالة من عدم الارتياح لاتخاذ قرار بالاستثمار في مصر.
وأوضح الدسوقي أن تلك الخطوة يمكن أن تؤدي إلى حرمان مصر من نظام الحصص العالمي المتبع في التعاملات التجارية الدولية، بالإضافة إلى احتمالات رفع قيمة الجمارك على الصادرات والواردات الدولية.
قرار المنظمة الدولية ربما يكون جرس إنذار لحكومة "الإخوان"، وربما يدفعهم إلى إعادة النظر في سياساتهم تجاه الحركة العمالية، وإن كان من غير المتوقع أن يدفعهم إلى إعادة النظر في سياساتهم الاقتصادية التي يدفع العمال ثمنها كما دفعوه في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك.

دنيا جميل

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...