مصير الحوار الوطني التونسي يُحسم اليوم: السيناريوهات تتعدد ومخاوف من الفشل والأسوأ

14-12-2013

مصير الحوار الوطني التونسي يُحسم اليوم: السيناريوهات تتعدد ومخاوف من الفشل والأسوأ

تنتهي اليوم مهلة العشرة أيام التي أعلنتها المنظمات الراعية للحوار الوطني في تونس، ليخرج بعدها الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل حسين العباسي معلناً إما التوافق وإما الفشل. سيناريوهات عديدة واردة، يحمل بعضها مقومات تحصين السلم الاجتماعي، فيما قد تقود أخرى إلى منزلقات خطيرة.
ووسط الركود الذي ساد الساحة السياسية التونسية منذ بداية الشهر الماضي بعيد تعليق الحوار الوطني، أعلن حسين العباسي، مساء أمس الأول، «توصلنا إلى اتفاق سيُعرض غدا (أمس)»، رافضاً التصريح باسم مرشح رئيس الحكومة الحاصل على توافق الأطراف، ليتسرب في ما بعد اسم مصطفى الفيلالي، وهو شخصية وطنية يبلغ من العمر 92 سنة، كان مقرباً من مؤسس الجمهورية التونسية الحبيب بورقيبة ويعد علماً من أعلام الحركة الوطنية التونسية والاستقلال.
لكن بعد ساعات من هذا الإعلان، رفض الفيلالي ترشيحه، ليعيد النقاشات إلى دائرة الخلافات.
وفي ظل هذه التطورات، وفي صورة المشهد العام، فإنّ «حركة النهضة» أعادت طرح مرشحها أحمد المستيري، وهو شخصية وطنية عرفت بمناصرتها للديموقراطية، لكن رُفض سابقاً نظرا لتقدمه في السن.
إلا أنّ رئيس مجلس شورى الحركة فتحي العيادي قال إنه بعد طرح اسم الفيلالي لتولي المنصب لم يعد عامل السن سبباً وجيهاً لرفض المستيري، فيما أعربت مكوّنات «جبهة الإنقاذ الوطني» المعارضة رفضها لهذا المقترح.
من جهته، قدم حزب «نداء تونس»، المعارض والمنضوي تحت «جبهة الإنقاذ»، مرشحاً جديداً، وهو حبيب الصيد الذي كان وزيراً للداخلية في حكومة الباجي قائد السبسي الأخيرة.
وإزاء رفض الفيلالي، يصبح التساؤل حول ما سيلي أكثر إلحاحاً، خصوصاً مع اقتراب انتهاء المهلة التي ضربها الرباعي الراعي للحوار الوطني، والتي تنقضي اليوم.
وفي هذا الصدد، اعتبر رئيس مجلس شورى «حركة النهضة» فتحي العيادي، أنّ الجميع ماضون في الحوار وأن ثقافة التحاور أصبحت مهيمنة على الأطراف السياسيين، معبراً عن أمله أن يعلن الاتحاد العام التونسي للشغل عن التوافق على مرشح. وأضاف أنه «لا خشية من إخفاق الحوار».
بدوره، أشار المتحدث باسم «حزب المسار الديموقراطي»، المعارض سمير بالطيب،  إلى سيناريو وارد إثر انتهاء المهلة وفي حال فشل الحوار الوطني. ووصف بالطيب ذلك بسيناريو «(رئيس الحكومة علي) العريض و(رئيس الجمهورية المنصف) المرزوقي».
وأوضح أنه من الوارد أن يتم اختيار علي العريض مرشحا وأن يزكيه رئيس الجمهورية ويمنحه المجلس التأسيسي الثقة، حيث تملك «حركة النهضة» الغالبية اللازمة لذلك.
بموازاة ذلك، أكد بالطيب أن حزبه، وهو أحد مكونات «جبهة الإنقاذ»، سيحاول جاهداً تأطير أي تحركات شعبية أو احتجاجية قد تأتي ردا على إخفاق الحوار الوطني.
من جهته، أكد عضو المكتب التنفيذي لـ«نداء تونس» خميس قسيلة أنّ فشل الحوار سيعني تجسيد تصريحات رئيس الحكومة الحالية علي العريض، الذي أكد في مناسبات عدة أن حكومته باقية وستقود بقية المرحلة الانتقالية.
وبانتظار ما ستؤول إليه الساعات المقبلة، فإنّ السيناريو الأسوأ والأكثر خطورة، في حال الفشل النهائي للحوار، سيتمثل في مرور التهديدات الإرهابية إلى مرحلة الفعل، وهو ما قد ينذر باغتيال سياسي جديد وقريب يعيد إنتاج الصراع السياسي ويخلط كل الأوراق.
وأعرب عضو المكتب السياسي لـ«الحزب الجمهوري» المعارض رابح الخرايفي، عن تخوفه من أن «يكون الاغتيال الثالث وشيكاً وقد ينفذ بعد فشل الحوار»، مضيفاً أن الاغتيال «من المستبعد أن يستهدف هذه المرة العائلة اليسارية في تونس بل قد يستهدف قيادات من الصف الأول أو الثاني لحزب حركة النهضة الإسلامية، وهو ما قد يدفع آنذاك بقية أنصار الحركة الإخوانية من أبناء التيارات المتشددة لمناصرة النهضة وتصبح بذلك الوضعية أقرب إلى الفوضى التامة ويستحيل حتى على قيادات النهضة ذاتها السيطرة على الوضع، وبالتالي ستتفكك بعض التحالفات القائمة وتقوم أخرى محلها». وأشار عضو «الحزب الجمهوري» في قراءته للوضع إلى أن السيناريو الدموي وارد، ولذلك وجب التفاف كل الأطراف حول المشاورات ومحاولة إنجاحها وإلا فإن الإرهاب والاغتيالات ستجد منفذاً سهلاً للبلاد.
يكاد الجميع يجزم بأن الرباعي الراعي للحوار الوطني لن يعطي للمتفاوضين مهلة جديدة إذا ما أخفق الحوار الوطني، ولذلك ستصبح البلاد مفتوحة على كل السيناريوهات، من بينها ترك المجال للمنظمات الراعية للحوار الوطني كي تختار الشخصية الوطنية التي ستتولى رئاسة الحكومة.
كما يُتوقع أن تعلو موجة الاحتجاجات وسط التونسيين الذين عبروا بوسائل شتى عن استيائهم من المماطلة لدى السياسيين وإعلاء الحسابات السياسية على حساب المصلحة الوطنية.
وفي هذا السياق، أكد أحمد الصديق، وهو عضو مجلس أمناء «الجبهة الشعبية» المعارضة، أنّ كل الاحتمالات واردة في هذا الظرف، وقال إنّ «الجبهة الشعبية ستسعى لأن لا تكون سبباً في تعطل الحوار، والتزمت منذ مطلع الأسبوع بأن تأخذ منحى جديداً في تعاملها مع الوضع السياسي وهو تقديم تحفظاتها فقط على المرشحين من دون رفضهم حتى لا تفسد التوافقات».
سيكون موقف الرباعي الراعي للحوار الوطني حاسماً اليوم وسيوجه ما تبقى من المرحلة الانتقالية إما بالتوافق على شخصية وطنية أو نحو مواصلة الحكومة الحالية لأشغالها في ظل الظرف الراهن، لكن لا أحد ينفي إمكانية اندلاع الاحتجاجات على فشل الطبقة السياسية في حل الأزمة السياسية.

امينة الزياني

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...