معركة إدلب: استنزاف على أبواب حلب
تتحول محافظة إدلب إلى منطقة حصار واستنزاف للمجموعات المسلحة بعدما كانت قاعدة أساسية لتثبيت وجودها في الشمال السوري.
وصارت محافظة ادلب هدفا وقاعدة استراتيجية للمجموعات المسلحة، كونها تقع بين محافظة حلب جنوبا وريف اللاذقية شرقا وحماة شمالا، وجميعها بالقرب من الحدود التركية.
ومع قرب دخول محافظة اللاذقية ضمن تصنيف المناطق الخالية من المجموعات المسلحة، تتجه الانظار نحو ريف إدلب، وتحديدا جبل الزاوية وجسر الشغور، المتداخلان مع ريف اللاذقية، في شمال غرب محافظة إدلب.
وشكّل موقع جبل الزاوية بالنسبة للمجموعات المسلحة منطقة مهمة لتأمين الدعم اللوجستي من الحدود التركية وقاعدة أساسية لضرب ريف اللاذقية، وقد شهد الجبل معارك قتال بين «الاخوة»، حين قامت «جبهة النصرة» بطرد «جبهة ثوار سوريا»، وبعد اتهام قائد «جبهة ثوار سوريا» جمال معروف «جبهة النصرة» بأنها على تعاون مع تنظيم «الدولة الاسلامية».
وتشكل سلسلة جبل الزواية امتداداً لقرى سهل الغاب الواقعة في الريف الشمالي الغربي لمحافظة حماة.
واذا كان جبل الزواية يشكل وجهة اساسية نحو ريف اللاذقية وسهل الغاب، فإن منطقة جسر الشغور، في شمال ادلب، تعتبر ممرا أساسيا نحو حلب وريفها الجنوبي الغربي.
وتكتسب جسر الشغور أهميتها، من رمزيتها اولا، كونها شكلت محطة أساسية منذ بداية الازمة في سوريا، بدءاً بالمجزرة الشهيرة التي تعرض لها جنود الجيش السوري والتي حملت اسم احد رفاقهم («أبو يعرب»)، وصولا إلى تحرير الجنود السوريين المحتجزين في مشفى جسر الشغور.
اما الأهمية الثانية فتكمن في موقعها الجغرافي الواصل إلى ريف حلب الجنوبي ما يجعل الوصول إليها من جهة ريف اللاذقية بالتوازي مع التقدم المستمر لوحدات الجيش السوري في الريف الحلبي، طوقاً يدفع المسلحين للتوجة نحو الداخل الادلبي.
وتعد سيطرة الجيش السوري على تلال جبل الروس وكنسبا الخطوة الاولى باتجاه المنطقتين الواقعتين في شمال غربي ادلب.
ومن جهة الجنوب، تشكل المعارك في ريف حماة الشمالي مدخلا للوصول إلى قلب محافظة ادلب. وعمل «جيش الفتح» على فرض سيطرته على منطقة سهل الغاب كونها تشكل بوابة نحو الساحل السوري وحماه.
ومنذ انطلاق العملية العسكرية المشتركة الروسية ـ السورية، توجه التحالف نحو مناطق قرى اللطامنة وكفرزيتا وجب الاحمر أهم المعاقل للمسلحين في شمالي حماة، وهي الواقعة الى الشمال من منطقتي حلفايا ومحردة. وقد استعاد الجيش السوري السيطرة على قرى المصاصنة والبويضة ومعركبة التي حاولت المجموعات المسلحة السيطرة عليها بعد هجومها من محور معان غداة إعلانها «معركة تحرير ريف حماة الشمالي».
ويسعى الجيش السوري للوصول إلى بلدة خان شيخون معقل «جبهة النصرة» في ريف حماة، وتتواجد الوحدات العسكرية حاليا في بلدة مورك الواقعة الى الجنوب من خان شيخون، وتسعى للتقدم باتجاه الشمال بحيث يصبح الجيش السوري على خط تماس مباشر مع ريف إدلب الجنوبي.
أدرك «جيش الفتح» خطورة العملية العسكرية المشتركة في ريف حماة، فأعلن في تشرين الأول الماضي «غزوة حماة» للسيطرة على المحافظة، لكنه فشل في تحقيق أهدافه، وبقي متواجداً في المناطق الريفية.
و «جيش الفتح» هو تحالف يضم مجموعات مسلحة أبرزها «أحرار الشام» و «جبهة النصرة» و «جند الأقصى» و «جيش السنة» و «فيلق الشام» و «لواء الحق» و «أجناد الشام».
وتعتبر محافظة إدلب المعقل الاساسي لهذه المجموعات. وكان الهدف الأول لـ «غزوة حماة» السيطرة على المدينة بالذات، ومن ثم السيطرة على المناطق الواقعة تحت سيطرة الجيش السوري في ريف حلب وحماة وصولا إلى محافظة اللاذقية.
وسيطر «جيش الفتح» في شهر نيسان في العام 2015 على مدينة جسر الشغور ومعسكر معمل القرميد في محافظة ادلب. ولكنه، بعد ذلك، بدأ يواجه مصاعب كبيرة، حيث اعلن «فيلق الشام انسحابه من التحالف العسكري، وأصبح الميدان يفرض جدلا على القيادات في تحديد الاولوية في المعارك، فإما أن يكون التوجه للقتال نحو الجبهات مثل ريف حماة الشمالي، وبين ريف حلب الجنوبي لمنع تقدم وحدات الجيش السوري، او التراجع نحو محافظة ادلب وتحصين المواقع لعدم سقوطها.
ومع سيطرة المجموعات المسلحة على محافظة إدلب، بدأت الاستعدادات لعملية عسكرية باتجاه حلب، فتم إنشاء «غرفة عمليات فتح حلب»، وذلك بمشاركة فصائل عدّة أبرزها «الجبهة الشامية» و «أحرار الشام» و «فيلق الشام» و «كتائب ثوار الشام» و «جيش الإسلام» وتجمع «فاستقم كما أمرت» و «كتائب فجر الخلافة». ودعت الغرفة باقي الفصائل في حلب للانضمام إليها بهدف توحيد القوى العسكرية في كيان واحد.
اختلف الامر بين نيسان في العام 2015 يوم تم إنشاء الغرفة، وبين شباط في العام 2016، بعد شهور من انطلاق العملية العسكرية، فأصبحت المجموعات المسلحة أبعد ما تكون عن إنشاء غرفة عمليات عسكرية يكون عنوانها حلب، حتى باتت في حاجة إلى غرف عمليات تؤمن بها وجودها ومواقعها منعا لسقوطها.
وسام عبد الله
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد