معهد واشنطن: سوريا مستعدة الآن للعب دور إيجابي في مستقبل العراق
الجمل: نشر معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، ورقة الرصد السياسي رقم 1193، التي أعدها المحلل سيزويكاز، والتي حملت عنوان (العلاقات السورية- العراقية: فصل جديد؟).
يقول سيزويكاز: بدأت سوريا والعراق منذ شهرين طوراً جديداً في علاقاتهما، وذلك باستئناف روابطهما الدبلوماسية وزيارات وزير الخارجية السوري –السيد- وليد المعلم إلى بغداد، والرئيس العراقي جلال الطالباني إلى دمشق، وفي الوقت نفسه، على أية حال، واصلت واستمرت الولايات المتحدة الأمريكية انتقاد سوريا لعدم كفاية رصد ومراقبة حدودها مع العراق، وفي الوقت الذي أبدت فيه سوريا رغبتها بالاشتراك والمساعدة حول العراق، فقد أنهت سوريا سياسة الباب المفتوح إزاء اللاجئين العراقيين، واضعة مصالحهم جانباً في هذه المرحلة الجديدة من العلاقات الثنائية.
تناول سيزويكاز العلاقات السورية- العراقية من خلال ثلاث نقاط، يمكن استعراضها على النحو الآتي:
* التحركات على الجبهة الدبلوماسية: بعد تبادل الزيارات بين البلدين، وإرجاع العلاقات الدبلوماسية، تم التوقيع على اتفاق تعاون يسري لفترة خمسة أعوام، ونصت بنود هذا الاتفاق على الآتي:
- تبادل المعلومات المتعلقة بالعمل ضد الإرهاب والجريمة المنظمة بما في ذلك التهريب، والمستندات المزورة.
- الرصد والمراقبة الشديدة للحدود المشتركة.
- تدريب وحدات القوات الخاصة العراقية.
ولكن السؤال الأكثر أهمية، يتعلق بالمدى الذي بالنسبة إليه سوف تستطيع الحكومة السورية القضاء على حركة المقاتلين الأجانب وانتقالهم من سوريا إلى داخل العراق، وهو السبب الذي تستند إليه إدارة بوش بالاستمرار في انتقاد النظام السوري.
زيارة جلال الطالباني لدمشق، كانت الأولى من نوعها لرئيس عراقي منذ حوالي 30 عاماً، وكان يرافق طالباني في هذه الزيارة التي استمرت ستة أيام:
• أعضاء ينتمون إلى كل الكتل البرلمانية العراقية.
• ممثلين لـ:
- جيش المهدي التابع لمقتدى الصدر.
- فيالق بدر في التابعة للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، الذي يقوده عبد العزيز الحكيم.
وتجدر الإشارة إلى أن الزيارة أعقبت إعلان الرئيس بوش لاستراتيجية الإدارة الأمريكية الجديدة إزاء العراق التي أكدت على زيادة القوات الموجودة في العراق بحوالي 21500 جندي أمريكي.
وبرغم أن استراتيجية بوش قد تخلت وتجاهلت توصية لجنة بيكر- هاميلتون (مجموعة دراسة العراق) القائلة بضرورة إشراك سوريا في الملف العراقي، فإن زيارة جلال الطالباني إلى دمشق قد أوضحت أن العراق مايزال مهتماً برؤية ما إذا كانت سوريا سوف تقوم بدور فاعل إيجابي أم لا.
وقد توصلت زيادة طالباني إلى أن: يصدر الطرفان بياناً مشتركاً يؤكد ويشدد على مصالحهما الأمنية المشتركة، وإدانتهما المشتركة لكل أشكال الإرهاب ضد العراقيين والبنى التحتية وأماكن العبادة والمؤسسات العسكرية والمدنية.. والتزم الطرفان بهدف إنهاء الوجود العسكري الأجنبي في البلاد –العراق-.
كذلك وقّع المسؤولون السوريون والعراقيون، خلال الزيارة على عدد من الاتفاقيات حول المسائل الاقتصادية، والمالية، والنفطية. وفي الوقت نفسه توصل وزراء الداخلية إلى اتفاقيات تبادل تسليم المتهمين. وبرغم أن العراق يرى أن الأمن يمثل الأساس للنمو السياسي والاقتصادي، فقد دفع السوريون من أجل (مظلة) سياسية اقتصادية تقود إلى تحقيق الأمن. وقد كان (غصن الزيتون الذي قدمه طالباني إلى سوريا) يتمثل في إدانته ورفضه لقانون اجتثاث البعث في العراق، ومقابلته للقيادة الإقليمية –يقصد القومية- في دمشق، وإعلانه أنه مستعد لكي يتعاون مع البعثيين العراقيين الذين عملوا ضد نظام الرئيس الراحل صدام حسين.
ويخلص سيزويكاز في تحليله إلى القول بأنه على خلفية الأداء السوري حتى اللحظة، فإن رغبة سوريا في اتباع وتقفي هذه الاتفاقيات سوف تكون المفتاح الرئيسي الذي يتوجب اتباعه. كذلك أشار سيزويكاز إلى حديث السيد الرئيس بشار الأسد مع –شبكة- إيه.بي.سي نيوز والذي قال فيه: إن سوريا ليست اللاعب الوحيد، ولكنها اللاعب الرئيسي في المسألة العراقية. وعلّق سيزويكاز قائلاً: إن على سوريا أن توضح للمجتمع الدولي بأنها تنخرط بنشاط وفعالية في تعزيز وتقوية استقرار وأمن العراق. ويقول الكاتب أيضاً: إن سوريا قد قامت بعدة تصريحات حول المسألة منذ عام 2003، ولكنها لم تقم بإنجاز تغيير ملحوظ على الأرض.
* اللاجؤون: يقول سيزويكاز: إن سوريا بعد اللقاءات الدبلوماسية الرفيعة المستوى، قامت بفرض القيود على منح تأشيرة الفيزا للاجئين العراقيين، بإبدال فترة الثلاثة أشهر بفترة 15 يوماً، يمكن تجديدهاً لمرة واحدة، وحصراً إذا كان طلب التجديد مدعوماً بالمستندات. كذلك علقت سوريا الرحلات الجوية العراقية إلى دمشق.
أما على الدباغ، الناطق باسم الحكومة العراقية، فقد أدان الإجراءات السورية الجديدة، متهماً سوريا بأن نصف التفجيرات وعمليات القتل التي تتم في العراق، تتم بواسطة متطرفين عرب يدخلون عبر سوريا. وفي 5 شباط الجاري تظاهر حوالي 200 لاجئ عراقي خارج مكاتب المفوضية السامية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، وحالياً يقوم أنطونيو غونيريز مفوض الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بجولة إقليمية، يمر خلالها على دمشق لمناقشة أزمة اللاجئين العراقيين.
يقول سيزويكاز: إن ضوابط الفيزا السورية الجديدة، تمثل تغيراً جذرياً في السياسة، خاصة وأن سوريا خلال السنوات الماضية كانت تسمح للعراقيين بالعيش في المدن والقرى السورية، وحق الخدمات العلاجية والتعليمية. ومن ثم يقول سيزويكاز بأن الموقف الآن بات مختلفاً عما كان عليه لحظة وقوع الغزو في آذار 2003م.
* الاستنتاج: وفي نهاية التحليل يقول سيزويكاز: إن إعادة استئناف سوريا لعلاقاتها الدبلوماسية مع بغداد بعد حوالي ما يقرب من الربع قرن، يمكن أن يشير إلى أنها أصبحت مستعدة للعب دور إيجابي في مستقبل العراق. كذلك يقول سيزويكاز نفهم أن الصحافة الحرة الممنوحة للاجئين العراقيين الذين يعيشون في العاصمة سوف لن يكون ممكناً الاحتفاظ بها أو الإبقاء عليها، طالما أن مواردها التي تعتمد عليها سوف تتضاءل إلى الانتهاء.
كذلك يقول سيزويكاز بأن ضبط قيود الفيزا الجديدة يشير إلى طور جديد من العلاقات السورية- العراقية. ويختتم سيزويكاز استنتاجه قائلاً: إن ما تقوم به سوريا سوف يوضح مدى جديتها في المساعدة على استقرار العراق.
وعموماً نقول: السياسة علم سلوكي، والتحليل والتقييم السليم يقوم حصراً بالاستناد على مفاضلة دوائر صنع القرار السياسي بين البدائل المتاحة، ومدى فعاليتها في تحقيق وإنجاز الأداء السلوكي السياسي السليم، وعلى ما يبدو فإن سيزويكاز المحلل السياسي بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى التابع للوبي الإسرائيلي قد بدا متفائلاً هذه المرة، واستخدم تفاؤله في إلقاء المسؤولية بالكامل على سوريا باعتبار أنه يتوقف عليها وحدها التعاون لإيقاف (نصف عمليات العنف) التي تحدث في العراق. ولكن ما هو جدير بالملاحظة يتمثل في تجاهل المحلل السياسي الكبير سيزويكاز للحقائق الآتية:
- إن العنف السياسي استناداً إلى كل مؤلفات العلوم السياسية، يمثل ظاهرة ترتبط بالاختلالات الهيكلية والوظيفية، وهذه الاختلالات برزت وتطورت داخل العراق، بسبب دور الاحتلال الأمريكي الجائر، ودور الأطراف العراقية (المتعاملة) مع الاحتلال مثل جماعة أحمد الجلبي وغيرها.. وبالتالي لما كان القضاء على الدخان، يتم بالتعامل مع النيران التي ينطلق منها، فإن على المحلل السياسي الكبير سيزويكاز وعلماء معهد واشنطن أن يفهموا بأنه يجب البحث عن معالجة مسببات العنف داخل العراق، وليس خارجه.
- إن تعاون سوريا في أمن واستقرار العراق، يقوم على أساس الاعتبارات الأخلاقية والإنسانية والقومية العربية، والروابط التاريخية الممتدة لآلاف السنين، وبالتالي فإن هذا التعاون لا يمكن أن يكون موازياً وجارياً على نسق التعاون الذي يقوم به أحمد الجلبي وجماعته، فسوريا تتعاون من أجل استقرار وأمن العراق، ولكنها لا يمكن أن تكون (متعاملاً) في خدمة الاحتلال، لأن ذلك يضر بأمن واستقرار العراق..
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد