مفاوضات لإبعاد «النصرة» عن الجنوب... و الجيش يتابع تقدمه في ريف الرقة
تفرض اتفاقات وقف إطلاق النار المتعددة نفسها على معظم جبهات الميدان السوري، وخاصة في الجنوب، حيث تشهد مدينة درعا هدوءاً لافتاً بالتوازي مع معلومات تتحدث عن وصول دفعات من القوات الروسية التي ستشغل مهمات لمراقبة «منطقة تخفيف التوتر» هناك.
ومع استمرار المحادثات غير المعلنة الهادفة إلى وضع تفاصيل اتفاق الهدنة الروسي ــ الأميركي، تشير المعطيات إلى وجود اجتماعات موازية تشهدها مدينة درعا، تناقش مصير «هيئة تحرير الشام» في تلك المنطقة. الاجتماعات التي تحدثت عنها عدة مصادر معارضة، تعد انعكاساً لواحد من البنود المفترضة التي تم الحديث عنها ضمن الاتفاق، وهو تفريغ المنطقة من المقاتلين غير السوريين والتركيز على «محاربة الإرهاب». ومع وجود «الهيئة» الوازن على عدد من جبهات درعا، وبالنظر إلى ما لعبته خلال معركة «الموت ولا المذلة» الأخيرة التي تم التمهيد لها بانتحاريين من «الهيئة»، لن يكون من السهل إرغامها على القبول بحلول تطيح وجودها بالمطلق من الجنوب السوري. في المقابل، لا يمكن للجانب الأميركي أن يضمن وفق اتفاق رسمي موقّع مع أطراف دولية، كامل فصائل الجبهة الجنوبية، بما فيها «تحرير الشام» التي يصنفها إرهابية.
وتتركز المقترحات المطروحة على «الهيئة» وفق ما تنقله مصادر معارضة، على حلّين رئيسيين؛ أولهما، مغادرة عناصرها إلى مدينة إدلب، وهو حل يتطلب تنسيقاً مسبقاً مع السلطات الرسمية في دمشق. وثانيهما، حل «الهيئة» تشكيلها في الجنوب وانضواء مقاتليها ضمن الفصائل المسلحة الموجودة هناك، وغير المصنفة إرهابية. ويتسق ما يشهده الجنوب مع باقي المعطيات من المناطق السورية الأخرى، إذ وافق «جيش الإسلام» في غوطة دمشق الشرقية قبل أيام على مبادرة «المجلس العسكري في دمشق وريفها» المعارض، لحل الخلاف مع كل من «هيئة تحرير الشام» و«فيلق الرحمن». وتنص المبادرة التي طرحت مطلع الشهر الجاري، على حل جميع التشكيلات العسكرية في الغوطة، والتفاهم بهدف «تشكيل نواة لجيش وطني موحد». وبالتوازي، كشفت «حركة أحرار الشام» عن استعدادها للعمل في الشمال السوري تحت «إدارة موحدة»، في الوقت الذي تخوض فيه اشتباكات ضد «هيئة تحرير الشام»، وبعد أسابيع على اعتمادها «علم الجيش الحر» إلى جانب شعارها، وإعلانها عن اعتماد «القانون العربي الموحد» في القضاء.
ويأتي ما سبق في وقت أعلن فيه المبعوث الأممي إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، عقب انتهاء جولة جنيف الأخيرة، أن هناك توقعات بأن تتخذ الأمم المتحدة موقفاً واضحاً من قضية مكافحة الإرهاب، موضحاً، أول من أمس، أن الأخيرة «أصبحت القضية الرئيسية المطروحة للمناقشة على أعلى مستوى ممكن في أي مكان». ورأى أن «أفضل ضمانة ضد الإرهاب (في سوريا)، هي التوصل إلى حل سياسي متفق عليه من خلال عملية انتقالية يقودها السوريون استناداً إلى القرار الأممي 2254»، مشيراً إلى أنه شرح خلال لقاءاته الوفد الحكومي أن «محاربة الإرهاب تكون فقط ضد المنظمات المصنفة إرهابية من قبل الأمم المتحدة».
ويبدو حرص دي ميستورا على تحديد مفهوم «الإرهاب» كنقطة مركزية لإبقاء التوازن في الحوار ضمن جنيف، إذ إن الالتزام بتصنيف الأمم المتحدة يغلق المجال أمام الوفد الحكومي لرفض التعاون مع الوفود المعارضة بدعوى «ضمّها إرهابيين»، وكذلك يغلق الباب أمام مطالبات المعارضة المتكررة بانسحاب القوات الإيرانية وحزب الله من سوريا. وفي السياق نفسه، أكد مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والأفريقية، حسين جابري أنصاري، أول من أمس، أن وجود قوات بلاده في سوريا جاء بدعوة رسمية من الحكومة، موضحاً خلال لقائه المبعوث الرئاسي الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرينتيف، أن هذه الاتفاقات بين إيران وسوريا ليست مرهونة بموافقات إقليمية أو دولية.
في غضون ذلك، يتابع الجيش السوري وحلفاؤه تقدمهم في ريف الرقة الجنوبي، بالتزامن مع تنشيط لمحور البادية القريب من حدود دير الزور الإدارية الجنوبية. وسيطروا أمس على قرية زملة شرقية ومحطة ضخ الزملة وحقول غاز الخلاء والزلمة وحقل نفط الفهد، في ريف الرقة الجنوبي. ويأتي ذلك بعدما استعادوا، أول من أمس، السيطرة على عدد من القرى هناك، إلى جانب حقول الوهاب ودبيسان والكبير النفطية وعدد من الآبار. أما في ريف حمص الشرقي القريب من حدود دير الزور، فقد استهدف سلاح الجو السوري آليات لتنظيم «داعش» وعربات مدرعة، في محيط منطقة حميمة وشرق منطقة الكدير.
الأخبار
إضافة تعليق جديد