من سقف العالم إلى الكارثة التي تنتظر الدراما السورية

13-02-2007

من سقف العالم إلى الكارثة التي تنتظر الدراما السورية

اتسم اللقاء الذي جمعنا بالمخرج نجدت أنزور والزميل الأديب حسن .م يوسف بالصراحة وكشف معلومات مهمة تخص مسيرة ومستقبل الدراما السورية.

وضم هذا اللقاء الذي حدث يوم الجمعة 9/2/2007 في صيدنايا عدداً من زملاء المهنة منهم: علي حسن ـ وسهام طلب، دينا حجازي، وحضره أيضاً صاحبة مجلة الاقتصاد العالمي وعدد من المشتغلين في الحقل الدرامي، ويمكنني القول إن هذا الحوار كان حصيلة عدد من الأسئلة التي شارك فيها ماذكرت من أسماء. ‏

البداية كانت مع الزميل حسن .م يوسف. ‏

ہ ما هي قصتك مع فكرة هذا العمل «سقف العالم» ‏

ہہ بدأت الحكاية منذ عام 1982 حيث سافرت في مهمة صحفية الى فنلندا وكتبت من وحي هذه الرحلة عدة مقالات سميتها «سقف العالم» وبعد حين قال لي أحد الأصدقاء بأن ثمة عربياً سافر الى تلك البلاد قبلي بـ «1080» عاماً وكان اسمه احمد بن فضلان، فبدأت بالبحث عن قصة هذا الرجل فعثرت على رسالة محققة من قبل السيد أحمد دهمان في مجمع اللغة العربية ـ فقرأت المخطوط واكتشفت أن هذا المخطوط قد لايكون غايتي لأنه يبدأ بـ قال: أحمد بن فضلان وعادة يبدأ المسلمون العرب مخطوطاتهم بالبسملة وثم : هذا كتاب فلان الخ.. ثم اكتشفت أن مقاطع من هذا المخطوط موجودة في معجم البلدان لياقوت الحموي وغيره من المؤرخين كالإدريسي. ‏

وبالمصادفة أيضاً كنت في زيارة للصديق الطبيب مازن علوش فعثرت في مكتبته على كتاب أجنبي اسمه «أكلة لحوم البشر» وحين طلبت هذا الكتاب منه قال لي خذه. فقد كتبه اميركي اسمه «مايكل كريشتون» وهذا الكتاب كان مخطوطاً لرحالة عربي اسمه أحمد بن فضلان الذي أرسله الخليفة المقتدر سفيراً الى بلاد الصقالبة البلغار التي تقع على شاطئ الفولغا في روسيا. وكان هذا الكتاب ضائعاً. ‏

ولم يبق منه سوى عدة ترجمات. الى أن جاء باحث نرويجي اسمه «فراوس دولوس» فكرّس حياته لهذا المشروع. فجمع كل الترجمات الموجودة. 
 واعاد إحياء المخطوط من جديد ومع بداية نشره لعدة فصول من هذا الكتاب مات هذا النرويجي، فجاء الأميركي «كريشتون» وأخذ كل شغل النرويجي وأعاد صياغة الكتاب على شكل رواية. ‏

المهم ـ يضيف حسن ـ راسلت عدة جامعات ومراكز بحوث للحصول على هذا المخطوط فأرسلت احدى الجامعات ذلك المخطوط لي فاكتشفت أنه هو ذاته المخطوط الذي حققه الباحث أحمد دهمان والمخطوط موجود في مدينة «قم» فنمت لدي رغبة لتأليف كتاب تحت عنوان «رحلتان الى سقف العالم» وبدأت بترجمة الكتاب وحين سمع بالقصة الصديق نجدت أنزور طلب مني تحويل ذلك المشروع الى سيناريو لإنجازه درامياً لاسيما أن الضجة التي أحدثتها الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للاسلام كانت في أوجها، فقال أنزور لي: إنجاز مسلسل عن هذا الموضوع سيترك ضجة كبيرة.. وبالفعل وقعت العقد مع أنزور وبدأت بالكتابة وحين بدأ بعمله «المارقون» طلب مني التوقف عنه مؤقتاً لأنجز له «ثلاثيتين» في عمله وفعلت ذلك، وبعد ذلك تابعت الكتابة في سقف العالم. ‏

ہ ما هي قصة أحمد بن فضلان محور هذا المسلسل؟ ‏

ہہ قبل وصول أحمد بن فضلان الى بلاد الصقالبة تتم مهاجمته من قبل التتار. فيلجأ هذا السفير الى مستعمرة للشماليين المعروفين باسم «الفايكنز» وآنئذ يتركه التتار وشأنه، ومع وصوله الى هذه المستعمرة يتبين أن الملك يحتضر ويحدث حوار بين رسول قادم من مملكة «روفكار» مع صاحب الشأن من مستعمرة الشماليين، ويظهر أن هذا الرسول يطلب النجدة لأن مملكتهم تتعرض لهجوم من شر لايسمى. ‏

يقرر الشماليون وحسب رأي العرّاف تشكيل مجموعة من «13» محارباً كان ابن فضلان واحداً منها حيث يذهب معهم عنوة أي «يتم اختطافه» ورقم «13» جاء لأن شهور الشماليين في العام كانت حسب التقويم القمري 13 والشهر 13 يعتبر سحرياً لأنه ليس دائماً كاملاً. ‏ المهم ابن فضلان يصير شمالياً ويخوض معهم المعارك ويتصرف مثلهم خلاصة الأمر ـ أنا ككاتب للسيناريو اشتغلت على التفاصيل وقرأت كثيراً عن «الفايكنز» وعن وحوش الضباب وهي مخلوقات تأكل لحوم البشر واكتشفت أن الفايكنز وصلوا الى قلب أوروبا. ‏

واحتلوا جزءاً من فرنسا وأعطاهم الملك الفرنسي منطقة «اقليم النورماندي» ليكونوا حاجزاً ضد أبناء قومهم. ‏

ہ هل سيحمل العمل بعداً أسطورياً؟ ‏

ہہ الأسطورة رؤية شعرية للواقع يمتزج فيها الحقيقي بالخيالي. ‏

سيتضمن العمل بعض العناصر الأسطورية لكن ذلك لن يلغي دقة الملاحظة عند ابن فضلان الذي يكتب ويوثق بشكل منطقي ودقيق.. فحين يصف موقع أحد البيوت بأن طوله «30» خطوة تثبت التنقيبات الأثرية دقة ماوصفه ابن فضلان. ‏

ہ لنجدت أنزور تجربة مع الفانتازيا، ألا تخشى ككاتب للعمل أن يقع العمل في تفسير «الفانتازيا»؟ ‏

ہہ الفانتازيا هي الخيال، وليس عندي شيء ضد الفانتازيا، أنا ضد عدم الاقناع في الفن، يتضمن العمل الكثير من الغرائب فحين يدخل المحاربون الى أحد البيوت الذي صمم على شكل زورق مقلوب يكتشفون أن عتبته واطئة ويتم تفسير الأمر على الشكل الآتي: ‏

يضطر الداخل الى الانحناء فإذا كان صديقاً فهذا يدل على احترامه لأصحاب البيت وإن كان عدواً سينحني ليقطع رأسه. ‏

وابن فضلان ملاحظ دقيق فهو يصور هؤلاء القوم وهو يأكلون اللحم النيء لأنهم غير قادرين على اشعال النار مخافة أن تنطفئ الجمرة المحمولة ضمن سلة كبيرة.. أهم مافي الفن الإمتاع والاقناع فإذا فقد الفن هذين العنصرين سقط. ‏

ہ لماذا يحب المشاهد الأعمال الاسطورية ويُؤخذ بها كلياً؟ ‏

ہہ لا أحب هذا النوع من الاسئلة لأنه يحمل جوابه في داخله، فقد تم ضمن هذا السؤال تصنيف المتفرجين في سلة واحدة، العمل الملحمي يملك تصوراً جليلاً للواقع والدراما في أرقى تعريفاتها هي كما قال: هيتشكوك «الحياة وقد اقتطعت منها اللحظات المملة» ‏

ہ ما هو الخط المعاصر في العمل ومتى يبدأ؟ ‏

ہہ يبدأ هذا الخط في يوم نشر الرسوم الكاريكاتورية في تلك الصحيفة الدانماركية. وفي هذا الخط تمت تسمية الشخصيات بأسمائها الصريحة. ولعلمكم فإن المحرر الثقافي في هذه الصحيفة يهودي أوكراني ويقيم علاقة مع أشد المحافظين عداوة وكرهاً للعرب وهو دانييل بانيز.. ولوغو الصحيفة يتضمن النجمة السداسية. ‏

-‏ مع وصول المخرج نجدت أنزور تحول الحوار الى القضايا الاخراجية في هذا العمل «سقف العالم» لكن أنزور وقبل الخوض في تفاصيل عمله ألقى معلومة مهمة للغاية تخص قراراً سعودياً سرياً اتخذ لمحاربة الدراما السورية، سيتم تنفيذه على الشكل التالي: فهناك شركة إعلانية سعودية مسيطرة على توزيع الاعلانات في العالم العربي، والمعروف أن الإنتاج الدرامي السوري الخاص بحاجة مطلقة للتوزيع حتى يعيد رأسماله ويربح أيضاً. هذه الشركة تشترط على الأعمال السورية أن يتم خلطها بعناصر مصرية وعلى الدراما المصرية خلطها بعناصر سورية حتى تفقد الدراما السورية هويتها وخصوصيتها وتصير دراما هجينة بالتالي.. ما يحدث هو جزء من الحصار السياسي على سورية فانتشار الدراما السورية في كل بيت عربي وعلى كل الشاشات فيه عنصر سياسي. ومع نجاح الدراما السورية وتدهور شعبية الدراما المصرية تم اتخاذ هذا القرار. ‏

ويتابع انزور: لقد التقيت مع السيد د. محسن بلال ـ وزير الإعلام ـ وشرحت له ما يحدث في المطبخ العربي السعودي ضد الدراما السورية، ووضحت كل المخاطر التي تتهدد هذه الدراما ـ فأبدى تعاونه معنا وقال: وضحوا لنا ما تريدون وسنعمل ما بوسعنا عمله» لذلك هناك ضرورة لتشكيل هيئة لحماية الدراما السورية وظيفتها رعاية الدراما وإزالة العقبات من أمامها. ‏

ورأى أنزور أن القطاع العام السوري يجب أن يأخذ دوره ليكون رافداً للدراما السورية، ولابد له أن يشجعها ويسوقها، ولاشك في أن إنتاج أعمال سورية ضخمة وناجحة، وحمايتها هو خط الدفاع الأول ضد المشروع الآخر وهذا الحل ضرورة لإفشاله ولا بد أيضاً لوسائل الإعلام الوطنية من لعب دور في هذا الموضوع. على الأقل كي يشعر الطرف الآخر أن الناس ليست نائمة. ‏

وفي هذا السياق تساءل أنزور: لماذا يذهب النجوم السوريون الى مصر للعمل؟ بالتأكيد الجواب يقع في سياق ما يحدث من حصار طبعاً: يضيف أنزور هذه الشركة الاعلانية تضع شروطها على أصحاب الأعمال السورية فإن رضخوا ومرروا ما تريده، فالأمر يمشي وإذا لم يرضخوا فسوف يحاربون ولن تعرض أعمالهم على الشاشات المهمة؟.. ‏

وفي السياق ذاته انتقد أنزور المؤسسات الرسمية في سورية لأنها لم تقدم الدعم للدراما وقال: لقد استثمرت المؤسسات الرسمية نجاح الدراما. وتلك التسهيلات الاجرائية البسيطة التي قدمت لأهل الدراما كل حكومات الأرض تقدمها لأهل الفن. ‏

ويتابع: لقد نهضت الدراما السورية على أكتاف أفراد ولم تنهض على أكتاف مؤسسات. والمطلوب أن ينتبه المسؤولون في سورية لما يحدث حولهم فنحن نعيش داخل المنزل الدرامي العربي وها نحن ندق ناقوس الخطر ووضح أنزور ان الموسم الرمضاني السوري الماضي أنتج فيه /45/ عملاً سورياً ولا تعرض المحطات العربية سوى عشرة أعمال وأقل، وفي رمضان القادم سيكون هناك /20/ عملاً ولن يعرض منها على الشاشات المهمة سوى /4/ أعمال وقد لا يشعر أحد بالخطر حتى تقع الكارثة، ورمضان قادم وسوف نرى؟.. ويتعرض عمل أنزور «سقف العالم» الى محاولة اختراق حقيقي من قبل هذه الشركة الاعلانية.. وثمة تهديد صريح إما تخضع لشروط الشركة وإما ستحارب. ‏

وبعد ذلك أجاب أنزور على عدد من الأسئلة المتعلقة بنص حسن.م يوسف، فقال: النص مصوغ بطريقة جديدة ويتمنى أي مخرج العمل فيه ويتيح للمخرج قراءة ما بين السطور وهو بعكس تلك النصوص الصماء التي ترسم كل حرف للمخرج وأعتقد ان هذه الفسحات ستنعكس على الرؤية البصرية وسيكون هناك في العمل لمسة بصرية جديدة، ووضح أنزور: أن أعمال الديكور ينجزها د. أحمد معلا، وناصر جليلي.. وتصميم المعارك تم توكيله لمدرب شارك بأفلام حازت على جوائز عالمية، وهناك طاقم فني وتصويري وانتاجي في العمل مهم. ويصور العمل في عدة أماكن في العالم. ‏

ومن الممثلين السوريين هناك: منى واصف ـ غسان مسعود ـ سلاف فواخرجي.. ‏

وفي سياق الحوار تحدث حسن .م يوسف عن الوجه الآخر لأنزور وهو طاغية في عمله ويقوم بخدع مدروسة ليضبط العاملين في مكان التصوير فقد قام أنزور بتوجيه صفعة لأحد العاملين معه، الشبيه بالعملاق، في إشارة لبقية العاملين لينضبطوا حسب ما يريد كمخرج. ‏

مصطفى علوش

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...