من نبيل الملحم إلى وليد جنبلاط: استمع أيها الصغير
الجمل- نبيل الملحم: السيد وليد جنبلاط:
أستعير عنواني السابق:" استمع أيها الصغير"، من كتاب نشره الألماني وليهام رايش مطلع الثمانينات، وأظن أنك مهتم بالشأن الثقافي، حتى ليتبادر الى متابعيك، أنك قادر على قيادة اوركسترا سمفوني، بذات القدرة التي تستطيع فيها قيادة فرقة دبكة شعبية، وسأعتذر مقدما منك ومن القراء، على اللهجة التي أكتب فيها، فالسباحة في بحر المهاترات، لايجوز أن تكون في تداول الرأي العام، لولا :" الضرورات التي تبيح المحظورات"، وهي قاعدة قانونية وفقهية إسلامية حسب ظني، وقد بتنا مرغمين على الاحتكام إليها، بعد تراكم سياسات لاتخصكم ، بقدر ماتنسحب على مجموعة بشرية ، كانت وقود احتراق وربما ستبقى الى ذلك، على الأقل بفعل انتسابكم إليها، دون النظر إلى مقتضيات الأمة التي تتجاوز فضائل الأمزجة، والرغبة، والاحتقانات الشخصية ، كما الحسابات التي لاتتجاوز بوابة البيت ، فيما بيت الطائفة، وأعني الطائفة الدرزية قد بات مهب الرياح.
السيد الصغير:
سأعرفك بنفسي أولا :
أنا علماني ، لاديني، قرأت ما يكفي لأكون متذوقا للغة.. قرأت القرآن والكتب المقدسة بما فيها (المنفرد بذاته)، كذلك أبو العلاء المعري والمتنبي، واستمعت بما يكفي لأكون متذوقا للموسيقى، من التخت الشرقي وصولا الى آخر انجازات ورثة ألفيس بريسلي، وتجولت بما يكفي لأستطلع أحوال أنفاق القطارات وأنام على أرصفتها، كما عرفت فنادق النجوم الخمسة ولا شك بأنني تعاطيت مع أفخم أنواع العطورات ، بما لايسمح لك أن تتهمني أنني واحد من رعاياك، مع أنني درزي جدا، عرفت التوحيد من رياضيات فيثاغورت الى حكمة بهاء الدين، وعلى الرغم من علمانيتي، فانني أصلي لهما وعليهما، لأنهما انجاز انساني، قدما للبشرية ماسمح لهما بأن يكون مافبلهما غير مابعدهما، وسأعترف أيضا، أنني وبالرغم من الصلاة عليهما، فانني أختنق اذا لم يكن خياري عربيا اسلاميا، على الأقل كرد فعل غرائزي يسمونه حب البقاء، رد فعل هو ناتج صراع الحضارات الذي قادة صاموئيل هنتنغتون فلسفيا، وحصدته صديقتكم السيدة كونداليزا رايس سياسيا ، عداك عن الضرورات الأخرى ومنها أنني لا أستطيع ازاحة جبل لبنان من شرق المتوسط، كما ليس بوسعي أن أجعل جبل العرب السوري، زقاق من أزقة وول ديزني الأمريكية، وأيضا:
- لا أستطيع أن أنكر على سلطان الأطرش أنه قاد معركة استقلال سوريا عن اللعبة الانكليزية – الفرنسية، ولا على حسن نصر الله أنه العين التي قاومت المخرز الاسرائيلي، وربما الأهم من هذا وذاك، أنني سأكون شديد البراغماتية في رسالتي اليك، بصفتك قد خرجت من الحلم الفلسفي والثوري الى حسابات ليتك تحسبها.
السيد الصغير:
من حقك الاختلاف مع حسن نصر الله، ومن حقك الاختلاف مع سوريا، وسأبتعد في المسافة أكثر:
من حق أي عاقل الاختلاف مع أي من العقلاء، يعني من حق قيادات في حزب الله أن تختلف مع قيادات من حزب الله، ومن حق السوريين الاختلاف مع قياداتهم، ومن حق الصحابة الاختلاف مع رسول الله، ومن حق الله الاختلاف مع ملائكته ( ومازلنا نحصد اختلاف الله مع منتوجه ابليس) ، ولكن حين ندرك حقائق الاختلاف فأولها شرف الاختلاف، ولاحقها أسئلة من نوع :
- الى أي مدى يصل الاختلاف؟ والى أية نتائج سيقود؟ وماهي اللغة التي ينبغي اعتمادها كتعبير عن الاختلاف؟
كل مجموعة 14 آذار اختلفت مع سوريا ومع حسن نصر الله، وربما يكون سعد الحريري أكثر المختلفين اختلافا مع سوريا، ومن ثم أمين الجميل وسمير جعجع، وغسان تويني وغيرهم
غسان تويني اختلف مع النظام في سوريا، ومع اختلافه مازال مقرا أن سوريا هي البعد الحيوي للجغرافية اللبنانية، وأن لبنان هي البعد الحيوي للثقافة السورية، وحين يحكي يسمح للجميع بمن فيهم خصومه الإصغاء إلى مايقول، على الأقل كونه غلب العقل على الشهوة.
دعنا نقدر احتقاناتك على النظام في سوريا، ونشرعن مالايشرعن في تجريحك بحسن نصر الله وهو سيد، نال السيادة بالشهادة لا بالعمامة.
دعنا نقدر احتقاناتك ثانية ونقول:
حين تكون الشخص المسؤول عن عمل عام، تختلف لحظتك عن لحظات رداء المنامة، فاللحظة على منبر الخطابة غير اللحظة التي تكون فيها وليد – الفرد في سرير.. هناك أنت مسؤول عن مصير طائفة، وفي المكان الآخر أنت المسؤول عن أوامر غرائزك، والمسافة شاسعة مابين اللحظتين وبين .............. المنبرين.
ماهو مصير طائفتك على ضوء منبرك الخطابي الذي لم يتعطل؟
أدخلت طائفتك في محور : يستظل بـ " السني"، ويمتد الى اليهودي، بمواجهة محور مسيحي – شيعي، فتعال نحسبها:
المحور المسيحي -الشيعي، وعلى مآخذكم ومآخذنا عليه، مازال محورا عربيا، تمثيله يتجلى في عقائدية حسن نصر الله (وقد خاض معركته بالنيابة عن القدس لا بالنيابة عن طهران)، وتمثيله:
- في الحسابات العاقلة لسليمان فرنجية الذي لم يتلطخ ثوبه بالدم اللبناني وهو من يعلم جيدا أن اسرائيل لاتليق بمسيحيي الشرق العربي، فالمسيحي الذي يخون لن يغفر ذنبه، ولهذا لم يضع يده بيد الاسرائيلي.
المحور الثاني سعد الحريري أولا ، وهو بفعل مصالحه ورساميله ، المتحركة والمجمدة، المرئية ومافوق المرئي، العقارية والرقمية الفلكية، لارب له" ألم نكن ماركسيين ذات يوم أيها البيك؟)، واليهودي ثانيا، والثاني لارب له منذ قارون خاطف الثور الذهبي الى موسى وقد شقت عصاه البحر .
كليهما : الحريري السني ( ولزاما علينا التعجب)، واليهودي الدافع على الطرف الآخر من لبنان، كليهما يدفعان باتجاه استثمار الطائفة الدرزية نحو اسرائيل، وهذا استخلاص سيأتي ميكانيكيا نحاول توضيحه لاحقا، ولو أنكم لاتحتاجون الى ايضاح، على الأقل بعد النتائج المرتقبة لسلوكك السياسي، وللتحولات المحتملة في الصيغة اللبنانية ، وهي صيغة رجراجة شديدة الانزلاق.
الطائفة السنية، حاضنة واسعة، مرنة، متسامحة، والابن الضال ان عاد اليها يعود اليها مستقبلا بالورود والرياحين، وهذا ماسمح للسنة العرب ، نسيان قفزة الرئيس الراحل أنور السادات نحو اسرائيل، ولكن دعنا نفترض أن ذات الخطوة، وبذات التفاصيل، وبنفس الدوافع، وبدقة الظرف، دعنا نفترض أن ذات الخطوة قام بها الرئيس الراحل حافظ الأسد، وهو المسلم العلوي؟ هل كان بمقدور الطائفة السنية التسامح معه؟
- أظن كما تظن أنت ... لا
كانت الخيانة ستلحق بشخصه وطائفته مادام على الأرض أرض ومادامت القيامة لم تقم
عسكري من دروز اسرائيل، ربما تناول فطيرة في بيت درزي من جبل لبنان ابان الاحتلال الاجتياح الاسرائيلي للبنان.. مازالت فطيرته لعنة على الدروز ، وعلى شهدائهم وأحيائهم، حكمائهم وقاطعو الطريق، فكانت الفطيرة أقوى من الدم، فأي فطيرة تعد لطائفتك ياسيد وليد، أو ياوليد بيك؟
في الحسبة النهائية، وفي صراع الحريري مع الحكومة السورية، سينتهي الصراع بتسوية ما، تسوية ملامحها بـ :
- تسوية قد تقودها الولايات المتحدة
- قد تقودها لعبة المصالح فالحريري بياع شراء
- قد تقودها التوازنات الدولية والاقليمية
وكما تعلم فالعباءة السورية واسعة وقادرة على الاحتواء
فرقاء 14 آذار الآخرين، قد يذهبون في ذات الاتجاه، أي نحو مصالحة ما مع سوريا، ولأسباب تعلمونها أكثر مني وانا المواطن التائه فيما أنت الزعيم
كل فرقاء 14 آذار تركوا بوابة للعودة.. الجميع ترك شعرة معاوية، باستثنائكم
- ماذا لوحصلت تسوية مابين هؤلاء الفرقاء، أو بعض من فرقاء الفريق ودمشق؟
الوحيد الذي أغلق باب العودة الى غير عودة هو أنت، وقد امتلأت بخطاب الغرائز حتى أنستك استحقاقات الغرائز مطالب العقل.
خاصمت الرئيس بشار الأسد شخصيا
وحالفت الرجل الأكثر احتقارا لسوريا وناسها، ويصح القول معكوسا: الرجل الأكثر انحدارا في نظر الشعب السوري وأعني عبد الحليم خدام، مع أنه (خدام) هو أكثر من أهان سوريا ولبنان، وان نبتت الديمقراطية في رأسه بين ليل وضحاه
حالفت معارضات سورية، من قياس خدام، بفارق الحجوم، فهل تشعر بالعزة الوطنية حين يكون حلفاءك من نوع فريد الغادري وعبدو الديري على سبيل المثال؟
حسنا، هذه تفاصيل ، دعنا نبقى في السؤال:
- ماذا لو ردمت الفجوة مابين فريق 14 آذار وسوريا؟
السؤال مشروع والافتراضات في السياسة مشروعة..
- ماذا لوحدث ذلك؟
لو حدث ذلك، وقد ترحب به سوريا، فالوحيد الذي لايمكن للقيادة السورية التصالح معه هو أنت، وحين سيكون ذلك ستكون النتائج:
- عزلتك لبنانيا
و........... بطبيعتك، وهي طبيعة شديدة التعقيد كما شديدة التعلق بالأضواء، لن تقبل الهزيمة والانسحاب الى قيلولة الاعتزال.. الطبيعي أن تذهب الى البعيد أو مايسمونه أن : تقفز الى الامام
- ما بعيدك في هكذا حال؟
لا شك أنه الاسرائيلي، والاسرائيلي الذي سيكون (بعيدك) لن يكون قريبا، لا اليوم ولا في الغد ولا بعدهما من الدم العربي أو الاسلامي ، ولكن انتبه أيها الصغير :
- لن يكون أمامك الا هذا الخيار
سيكون هذا خيارك فاختر ماتشاء، ولكن هل هذا هو خيار الدروز؟
هل هذا هو خيار سميح القاسم وسمير القنطار؟
هل هذا هنو خيار شباب بيصور الذين قاتلوا الاسرائيلي عام 82 حتى التراب؟
هل هذا هو خيار دروز الجولان وقد رفضوا الهوية الاسرائيلية والشايكل الاسرائيلي والخندق الاسرائيلي ومازالوا ينشدون لسوريا الأم؟
هل كان هذا خيار شكيب أرسلان الذي دمج نفسه بالخيار العربي الاسلامي مطلع القرن العشرين، بصحبة مجموعة من رموز النهضة وهم من طائفة الدروز (الموحدين) ؟
ثم ، هل سيقبل بك الاسرائيلي وانت : عار على طائفتك وعار منها؟
هل قبلوا بسئ الذكر سعد حداد؟
استمع أيها الصغير:
دع الدروز الى خيارهم الذي رسموه، لقد اختاروا حسن نصر الله وان كانت ميليشياتك تعيقهم عن الكلام.
الجمل
إضافة تعليق جديد