من هو وسام الحسن و هل بدأت نيران "الفتنة الثانية" بالإشتعال؟
الجمل- قسم الترجمة:
انفجار مهيب يهز العاصمة بيروت عصر يوم الجمعة بالرغم من أنه ناشئ عن قنبلة تزن 50كغ فقط لكن تبعات وخسائر هذا الانفجار لم تقف عند حجم الانفجار (المادي) أو الدمار الذي أحدثه في المكان و الخسائر البشرية، إلا أن تأثيره في الأحداث الجارية في بلاد الشام لن تقل عن قوة انفجار نووي. هذا الانفجار الذي أطلق عليه الخبراء اسم "الفتنة الثانية".
انفجار ساحة "ساسين" في منطقة الأشرفية الواقعة في شرق بيروت والذي أدى إلى مقتل 8 أشخاص من بينهم "وسام الحسن" أحد زعماء تيار 14 أذار وجرح العشرات.
سنبحث الموضوع من زوايا متعددة وما سيتبع هذا الأمر من تعقيدات سياسية على الساحة الداخلية اللبنانية وعلى صعيد المنطقة.
أولاً: هذا الانفجار بات يعرف بـ"الفتنة الثانية" بعد وقوع "الفتنة الأولى":
وقعت "الفتنة الأولى" بعد اغتيال "رفيق الحريري" رئيس الوزراء اللبناني الأسبق في شباط 2005 وبعد التهاب وتأجج تبعات هذه الحادثة. قامت المحكمة الدولية بتوجيه أصابع الاتهام إلى سوريا وحزب الله وفي النهاية خلص الأمر إلى نشوب حرب الـ 33 يوم مع الكيان الصهيوني. وبعد سنوات عدة مع بث صور لطائرة تجسس إسرائيلية من مكان الانفجار بات واضحاً أن تل أبيت تقف وراء هذا العمل ولها دور مباشر فيه.
على ما يبدو الآن ونظراً لإخفاق مثلث "الغرب-الوهابية-الصهيونية" في إسقاط حكومة الرئيس بشار الأسد وصل هذا المثلث إلى نتيجة مفادها أنه بإيجاد فوضى في لبنان ربما بإمكانهم استهداف عقبتهم الاستراتيجية المتمثلة في سوريا وبذلك يتخلصون من الحكومة السورية ويشغلون حزب الله ويورطونه في نزاع داخلي أو بهجوم خارجي، في حين حذر السيد حسن نصر الله منذ مدة قريبة من مؤامرة تحاك من قبل الاعداء لإيجاد فوضى داخلية في لبنان.
ما يحدث الآن شبيه بما حدث قبل 7سنوات مضت، حيث استغل الكيان الصهيوني وعملائه في داخل لبنان حادثة اغتيال الحريري أيّما استغلال وسوف يستغلون هذا الانفجار بقدر الإمكان. يجب التريث الآن لنرى إذا كان سيتسبب هذا الانفجار في تشجيع الكيان الصهيوني على ارتكاب حماقة جديدة وبالطبع سيواجه بحملة مضادة من قبل دول محور المقاومة والجراح الدائم لهذه الغدة السرطانية، أو ربما هناك خيارات أخرى أمام الطرفين.
ثانياً: تم اختيار مكان الانفجار في الأشرفية شرق بيروت بدقة عالية حيث تعتبر منطقة الأشرفية منذ قرون مهد الكنائس التاريخية يقطنها المسيحيون المارونيون منذ سنوات طويلة وتسيطر عليها القوات اللبنانية بزعامة "سمير جعجع".
تنفيذ هذا الانفجار الإرهابي في هذه المنطقة يمكن أن يسوق الرأي العام وتفكير الناس العاديين إلى توجيه الاتهام لحزب الله وسوريا اللذان يقفان في الطرف المقابل للقوات اللبنانية. وعلى ما يبدو منذ مدة وُضع "سمير جعجع" تحت ضغط سياسي كبير من قبل الجماعات المارونية الأخرى بعد عودته إلى سياساته القديمة، حيث يسعى مجدداً عبر استغلال تصاعد وتيرة الأعمال الإرهابية الفتنوية لحجز مكان الصدارة لنفسه بين منافسيه السياسيين.
ثالثاً: منذ مدة هددت الجماعة الإرهابية –السلفية المعروفة بـ"الجيش الحر" بأنها ستقوض أمن بيروت وتنشر الفوضى فيها. "فهد المصري" أحد قادة المجموعات الإرهابية التابعة لما يسمى "الجيش الحر" في لقاء له مع صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية قال: إذا أراد حزب الله أن يدعم الحكومة السورية سننقل الاشتباك من سوريا إلى بيروت. هذه التصريحات لم تطبق حتى الآن لكن واضح من هي الأيادي الخفية التي تقف وراء ما يحدث.
توصل الإرهابيين السلفيين والوهابيين الناشطين داخل سوريا من جهة والغرب والكيان الصهيوني من جهة أخرى إلى اتفاق حول موضوع نقل الفوضى وتقويض الأمن داخل بيروت وهذا يعكس تحول أمني خطير جداً حيث بدأ منذ مدة بالتزامن مع عبور ومرور الإرهابيين السلفيين المسلحين من الحدود الشمالية للبنان إلى سوريا وبالعكس ومع وقوع هذا الانفجار أصبح الوضع متأزم جداً.
رابعاً: وقوع هذا الانفجار الإرهابي يتزامن مع المناورة المشكوك فيها ويمكن أن يسّرع من وتيرة تأزيم التحولات العسكرية والأمنية الجارية في المنطقة. حيث بدأ الكيان الصهيوني استعداداته الميدانية لإجراء المناورة العسكرية المشتركة مع أمريكا والتي من المقرر أن تجري قريباً.
خلال الأيام الأخيرة قدم إلى الأراضي المحتلة فرق من الجنود الأمريكيين ومن المقرر أن يصل تعداد القوات الأمريكية المرسلة إلى إسرائيل في الأسبوع القادم حوالي 4.000 مقاتل.
كما أنه تم استقدام آلات الحرب الأمريكية من الأسطول السادس المستقر في البحر الأحمر إلى المنطقة لحماية هذه المناورة.
المصادر السياسية المتابعة لهذه المناورة قلقة من جعل إجراء هذه المناورة المشتركة ذريعة لتوجيه ضربة لسوريا وللمنشآت النووية الإيرانية ولحزب الله اللبناني. وأعلنت هذه المصادر: ستشمل هذه المناورات إحداث منظومات صاروخية دفاعية من طراز "باتريوت" لتشكيل القبة الحديدية بهدف حماية الأراضي المحتلة من هجمات الصواريخ المختلفة. ويتزامن موعد هذه المناورة مع استخدام إسرائيل لطائرة استطلاع حديثة قادرة على الطيران لمسافات بعيدة وعلى حمل صواريخ.
وكشف الصهاينة عن طراز جديد من مقاتلات F-16 قادرة على الطيران لمسافات بعيدة وتستطيع الوصول لأهداف بعيدة المدى أيضاً. وترجح هذه المصادر احتمال قيام إسرائيل بتوجيه ضربة لحزب الله أكثر من توجيه ضربة لسوريا وإيران لأن وبحسب ادعائهم بأن القدرة الصاروخية لحزب الله ليست من النوع الذي يمكن تجهيز رؤوس الصواريخ بطريقة اتوماتيكية وتزويدها بإحداثيات الهدف بل هي صواريخ تطلق من مكان محدد وليست قادرة على الاستهداف الدقيق.
خامساً: انفجار الأشرفية الإرهابي حدث في ظروف يرى فيها مثلث "الغرب-الوهابية-الصهيونية" نفسه في وضع ضعيف جداً في المنطقة. حيث يعاني آل سعود من حالة اضمحلال داخلي وانهيار سياسي واجتماعي وخصوصاً مع تزايد سوء الحالة الصحية للملك السعودي عبدالله والنزاع الدائر بين الأمراء السعوديين من جهة وتصاعد وتيرة الاحتجاجات السياسية والاجتماعية في الداخل من جهة أخرى. كما باءت كل مساعي الحكومة التركية بالفشل بعد عام ونصف على ممارستها ضغوطات سياسية وعسكرية وأمنية واجتماعية على الحكومة السورية وتعمل الآن على طرد عناصر ما يعرف بـ "الجيش الحر " من أراضيها.
كما تقف الحكومة الأردنية حالياً على أعتاب السقوط، والضغوطات الداخلية ورطت الأمير الشاب لهذا البلد في مأزق سياسي كبير.
ولم تجدي نفعاً كل أنواع الضغوطات السياسية والدعائية والاقتصادية والعقوبات ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بالنسبة لدول مجلس التعاون وخاصة قطر والبحرين واللتان تعتبران من أهم الجهات الفاعلة والمتآمرة ضد محور المقاومة وسوريا فقد منيت مساعيهما بخسائر متواصلة ووجدوا أنفسهم قد خسروا مبالغ ضخمة جداً في هذا السياق كما أنهم يواجهون داخلياً ثورات واحتجاجات شعبية. وفي هذه الظروف ليس هناك من طريق أفضل أمام مثلث الشؤم هذا سوى نقل نيران المعارك السورية إلى لبنان باعتباره الجار الرئيسي والحليف لسوريا ولن يتحقق هذا الكابوس سوى باغتيال "وسام الحسن".
من هو وسام الحسن:
لقي العميد "وسام الحسن" رئيس فرع أمن المعلومات في قوى الأمن الداخلي مصرعه في الانفجار عصر أمس الأول (الجمعة) في منطقة الأشرفية شرق بيروت.
يبلغ الحسن 43 عام متزوج وله ولدان شغل منصب مدير المراسم في مكتب رئاسة الجمهورية خلال فترة تولي "رفيق الحريري" رئاسة الوزراء في لبنان والذي قضى في شباط 2005.
تسلم الحسن في 12شباط 2006 رئاسة شعبة المعلومات التابعة لقوى الأمن الداخلي التابعة بدورها لوزارة الداخلية اللبنانية.
هو من جملة المسؤولين الأمنيين اللبنانيين الذين كُلفوا بمهمة توقيف القادة الأمنيين الأربعة في لبنان ومجموعة مسلحة تابعة لتنظيم القاعدة في 2005، الأشخاص الذي اتهمتهم المحكمة الدولية باغتيال رفيق الحريري. تمت ترقية العقيد الحسن في 2007 إلى رتبة عميد بعد اعتقال الأشخاص المتهمين ولدوره في كشف جريمة "عين علق". تسلم منذ عام 2006-2010 فرع المعلومات والأمن اللبناني. وقبل استهدافه في انفجار الأشرفية كان عائداً لتوه من سفر خارجي.
العميد "وسام الحسن" أحد زعماء تيار 14أّذار الموالي للغرب والذي يترأسه "سعد الدين الحريري" رئيس الوزراء اللبناني الأسبق.
عُرف عن الحسن أنه من الوجوه المؤثرة في الفضاء السياسي اللبناني ومن المعارضين لمحور المقاومة في المنطقة ويقف ضد الحكومة السورية. ويعد من المعارضين السياسيين لتيار 8 أذار بشكل عام ويقف في مواجهة حزب الله بشكل خاص وقام باتخاذ إجراءات مرات عدة ضد زعماء هذا التيار الذي يهيمن على البرلمان والحكومة بأغلبية.
وحول نشاطات الحسن خلال العام والنصف الماضيين هناك وثائق مؤكدة تشير إلى أن الحسن كان من الشخصيات اللبنانية التي زودت وبشكل علني وواضح السلفيين التكفيريين بالمعدات العسكرية والأسلحة وقاموا بإرسالهم إلى سوريا وحثهم على القتال ضد الحكومة السورية.
جند الحسن 10.000 شاب سلفي تكفيري في منطقة "وادي خالد" في شمال لبنان لإرسالهم مستقبلاً للقتال في سوريا في حال تزلزل النظام في هذا البلد. كما يشاع أن "وسام الحسن" يتلقى أوامره من "سعد الحريري" حيث تجمعهما علاقة ضيقة جداً ودائماً يتشاوران مع بعضهما حول مستقبل النظام في سوريا.
أخر لقاء للحسن مع رئيس وكالة الاستخبارات الأمريكية CIA:
قبل مدة قام وسام الحسن بزيارة سرية إلى أمريكا التقى خلالها "ديفيد بتراوس" رئيس الاستخبارات الأمريكية. في هذا اللقاء طمئن بتراوس وسام الحسن أنه بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية سيضاعف البيت الأبيض من حجم الدعم العسكري للمجموعات المسلحة في سوريا. وأكد بتراوس على حتمية سقوط النظام السوري في أخر المطاف وبحث مع الحسن دور لبنان في سوريا بعد بشار الأسد.
كما أكد بتراوس على دور مؤسسة قوى الأمن الداخلي اللبناني في تقديم المساعدة والدعم للمعارضة السورية المسلحة وكذلك تزويد المجموعات الإرهابية "الجيش الحر" بالأسلحة وفي هذا السياق قدمت وكالة الاستخبارات الأمريكية مبالغ مالية لـ"وسام الحسن" لتنفيذ هذه المهمة .
الحسن وطائرة الاستطلاع أيوب:
بالرغم من أن وسام الحسن خلال مدة عمله اتخذ مراراً إجراءات ضد المقاومة لكن على ما يبدو كان لبعض وسائل الإعلام بقصد أو بغير قصد دور في المؤامرة التي يحيكها الكيان الصهيوني لإشعال نيران "الفتنة الثانية" في لبنان. حيث قامت خلال الأيام الأخيرة ببث برامج موجهة ساعية إلى إيجاد حالة مواجهة بين وسام الحسن وبين حزب الله. مثال على ذلك ادعت بعض المصادر الإخبارية اللبنانية قبل يومين بأنه على أثر تحليق طائرة الاستطلاع التابعة لحزب الله المسماة "أيوب" فوق أجواء الأراضي الفلسطينية المحتلة وقيامها بتصوير دقيق لمواقع استراتيجية تابعة للكيان الصهيوني، قام "وسام الحسن" بتزويد وكالة الاستخبارات الأمريكية والموساد بمعلومات تتعلق بالطائرة "أيوب".
وفق هذا التقرير اتهم الحسن الجيش اللبناني بتهيئة الاجواء لحزب الله لإدخال هذه الطائرة إلى لبنان عن طريق مطار بيروت.
كما أكدت المصادر الإعلامية اللبنانية أنه كان من المقرر أن يجتمع "وسام الحسن" مع ضباط في الموساد للتشاور حول طائرة حزب الله بهدف وضع برامج واتخاذ خطوات ضد المقاومة وضد الحكومة السورية.
وجاء في تقرير أخر: هناك معلومات تشير إلى أنه تم عقد اجتماع في الدوحة ضم "سعد الحريري" و "أمير قطر" وأحد الوزراء المقربين من رئيس الوزراء الإسرائيلي في الحكومة الإسرائيلية وتم التباحث وتبادل وجهات النظر حول أخر الأوضاع الجارية في سوريا وتقرر عقد اجتماعات دورية سرية وشهرية بين أمير قطر وسعد الحريري ووسام الحسن وأحد الوزراء الصهاينة وأحد ضباط الموساد للتنسيق في الأعمال والإجراءات ضد سوريا.
مجموع هذه الأخبار والتقارير بالإضافة إلى الأخبار المتناقلة عن تبعات أخبار انفجار الأشرفية تصدرت برامج وسائل الإعلام في العالم، وهذا يشير على وجود سيناريوهات خطيرة جداً وضعها محور الغرب- العرب- الصهيونية ويسعى إلى تنفيذها بشكل سريع.
لذلك تستدعي الظروف الحالية أن تمتنع وسائل الإعلام والخبراء من التصريح وإبداء وجهات النظر دون حساب ويتطلب الأمر رصد دقيق وسريع للتحولات واتخاذ إجراءات مناسبة في الوقت الراهن، وفي النهاية كم من مرات قام الجّراح (محور المقاومة) بإفشال هذه السيناريوهات الخطيرة.
المصدر: مشرق نيوز
التاريخ:20/10/2012
الجمل: قسم الترجمة
إضافة تعليق جديد