من هوالجاسوس أليستر كروك وما هي مهمته التفاوضية مع الحركات الإسلامية

الجمل: كشفت التقارير والتسريبات أن اتصالات الخبير البريطاني أليستر كروك مع حزب الله وحركة حماس وبعض الحركات الإسلامية الأخرى الناشطة على جبهة الصراع العربي – الإسرائيلي هي بالأساس جهود يقوم برعايتها جهاز المخابرات الخارجية البريطاني (MI-6).
* تحركات أليستر كروك: الخلفيات والطبيعة:
شهدت منطقة الشرق الأوسط وتحديداً شرق المتوسط المزيد من التحركات الدبلوماسية المكثفة التي تميزت بالطابع منخفض الشدة لجهة السرية وتفادي الأضواء الإعلامية.
نفذت هذه التحركات مجموعة من الخبراء الغربيين وعلى وجه الخصوص في أروقة العاصمة اللبنانية بيروت، وتشير التسريبات بأن الخبير البريطاني كروك كان هو العقل المدبر والمخطط الذي يقف وراء هذه التحركات.
تقول المعلومات أن كروك البالغ من العمر 59 عاماً ظل عميلاً للمخابرات الخارجية البريطانية لفترة طويلة شملت 30 عاماً قضاها في الشرق الأوسط تعرف خلالها على كل ملفاته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية إضافة إلى النجاح في بناء شبكة واسعة من العلاقات مع زعماء الحركات السياسية فيه.
أشارت التسريبات أن كروك يقوم حالياً بالإشراف على تنفيذ مخطط اتصالات تحتية منخفضة الشدة واسعة في منطقة الشرق الأوسط  ويستخدم مؤسسة «منتدى الصراع» كغطاء لتحركاته، وتشير المعلومات إلى أن لجنة أمناء المنتدى تضم طائفة من الشخصيات التي وصفتها المصادر الصحفية والمخابراتية بأنها "شخصيات غير عادية". المعلومات المتوافرة عن المنتدى تشير إلى الآتي:
• شعار المنتدى: «الإنصات إلى الإسلام السياسي والتعرف على المقاومة».
• مدير ومؤسس المنتدى: أليستر كروك ومارك بيري.
• مجلس المستشارين: اللورد ألديراديس – غيفري أرونسون – ميلت بياردين – موازام بيف – إيسلينغ بيرني – روبرت سيتوايند – توم كلارك – جولييت كراولي بيك – غراهام فوللر – عباس الجنابي – بوبي موللر – اسماعيل بطل – غابرييلي ريفكيند – د. عزام التميمي – بول وودوارد – المستشار أيمن محمد.
• برنامج المنتدى: يتضمن تغطية الأنشطة الاتية:
- مركز حوارات روبرتس.
- برنامج الاقتصاد الإسلامي.
- برنامج الخطاب العام والإعلامي.
هذا، ومن خلال التدقيق في هذه النقاط نلاحظ الآتي:
• بالنسبة لمؤسس المنتدى أليستر كروك تقول المعلومات أنه بالإضافة إلى عمله مع المخابرات البريطانية فقد ظل ناشطاً في المجالات الآتية:
- إجراء الاتصالات السرية مع الحركات الإسلامية المسلحة وغير المسلحة.
- العمل كمندوب لجهاز المخابرات البريطاني الخارجي لجهة القيام بتمرير إمدادات الأسلحة للحركات المسلحة الأفغانية خلال الحرب ضد السوفييت.
- تنظيم الحوارات غير الرسمية بالنيابة عن الحكومة الأمريكية والاتحاد الأوروبي مع كل من حزب الله وحركة حماس عام 2005.
- تولى منصب المستشار الخاص لشؤون الشرق الأوسط لدى مفوض الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا خلال الفترة من 2001 إلى 2003.
- تحريك جهود الوساطة التي أدت إلى فك الإسرائيليين حصارهم عن كنيسة بيت لحم.
- تحريك جهود الوساطة التي أدت إلى وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس والجهاد الإسلامي عام 2003.
- عضوية لجنة تقصي الحقائق التي عينها الرئيس بيل كلينتون والتي ترأسها السيناتور جورج ميتشل وأعدت التقرير عن جذور وأسباب الانتفاضة الفلسطينية.
- إعداد التقارير والتحليلات والتخمينات لجهاز المخابرات البريطاني في المجالات المتعلقة بالصراعات في كل من إيرلندا وجنوب إفريقيا ونامبيا وأفغانستان وكمبوديا وكولومبيا.
- العمل كمنسق مشارك في العديد من مفاوضات إطلاق سراح الرهائن.
• بالنسبة لمارك بيتي الذي يتولى مهام المدير المشارك في المنتدى نلاحظ ما يلي:
- عمل لفترة طويلة محللاً للشؤون العسكرية والمخابراتية وشؤون التمرد المسلح والدبلوماسية السرية في العديد من المؤسسات والمنشآت ذات الطبيعة الخاصة لجهة العلاقة مع السلطات البريطانية والأمريكية.
- أعد الكثير من البحوث والدراسات والأوراق البحثية لصالح وكالة المخابرات المركزية الأمريكية التي ظلت تقوم بنشرها ضمن دورياتها ونشراتها الداخلية حصراً.
- الظهور بشكل منتظم كمحلل سياسي في برامج شبكات التلفزيون والفضائيات ذات العلاقة بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية والمخابرات البريطانية.
* ماذا يقول آخر التقارير عن تحركات أليستر كروك:
نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية تقريراً مطولاً اليوم عن تحركات أليستر كروك حمل عنوان «جاسوس سابق يجلس مع الإسلاميين والغرب» تضمن النقاط الآتية:
• ترغب إدارة أوباما في التفاهم والحوار مع إيران وترغب وزارة الخارجية البريطانية في إجراء الاتصالات مع حزب الله.
• شهدت بيروت خلال الأعوام القليلة الماضية العديد من جلسات التفاهم والحوار السري الخافت بين عناصر الحركات الإسلامية وبعض الأطراف الغربية.
• أشرف عميل المخابرات البريطانية السابق كروك على تنظيم اللقاءات والتفاهمات مع الحركات الإسلامية في بيروت وظل لفترة 30 عاماً يعمل لجهاز المخابرات البريطاني في الشرق الأوسط وباكستان وأفغانستان.
• يوجد قدر كبير من التطابق بين توجهات منتدى الصراع وتوجهات الرئيس أوباما إزاء الشرق الأوسط.
عموماً، نلاحظ أن قيام صحيفة نيويورك تايمز بكشف حقيقة تحركات منتدى الصراع ومديره أليستر كروك جاءت بشكل متزامن مع تقارير وردت في مجلة كومنتري الأمريكية التابعة لصقور المحافظين الجدد التي خصصت عدداً كاملاً حمل عنوان «إسرائيل تحت الخطر»شارك في إعداده كبار صقور المحافظين الجدد وعلى وجه الخصوص السفير الأمريكي السابق في الأمم المتحدة جون بولتون واليهودي الأمريكي بودو فيتز  الذي يعتبر من أبرز مؤسسي جماعة المحافظين الجدد.
شنت مجلة كومنتري حملة شديدة ضد توجهات الرئيس أوباما وتجدر الإشارة إلى أن حملة المجلة في الوقت الذي ركزت فيه على تصريحات أوباما ومواقفه الشخصية فإنها في الوقت نفسه أكدت ضرورة اعتماد توجهات خبراء اللوبي الإسرائيلي الموجودين في الخارجية الأمريكية والبيت الأبيض ومنهم دنيس روس وفيلتمان وشابيرو للقيام بالآتي:
• تركيز الجهود لحسم أزمة الملف الإيراني.
• إعطاء إسرائيل الفرصة لمعالجة الأزمة الفلسطينية باعتبارها أزمة إسرائيلية داخلية.
وأشارت التحليلات والمعلومات التي أوردتها مجلة كومنتري إلى ضرورة توظيف فعاليات مؤتمر الإيباك السنوي الذي سيعقد بعد بضعة أيام من أجل الآتي:
• حشد الدعم من أجل دفع الكونغرس الأمريكي إلى إصدار قانون جديد يفرض المزيد من الضغوط على إدارة أوباما إزاء مفاوضاتها وتفاهماتها مع إيران.
• حشد الدعم من أجل دفع الكونغرس الأمريكي إلى إصدار قانون جديد يفرض على إدارة أوباما الالتزام بالعقوبات ضد الشركات والمنشآت الأوروبية التي تتعامل مع إيران.
وأضافت التحليلات إلى أن قيام نيويورك تايمز بكشف تحركات أليستر كروك كانت بسبب تطابق تصريحات المبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط والتي أفادت أن ما قامت به الحكومة البريطانية من تفاهمات ومفاوضات مع الجيش الإيرلندي السري تعتبر نموذجاً للاحتذاء به للتفاهم مع الحركات الإسلامية  المسلحة.
حتى الآن وبرغم الشكوك وحالة الإبهام المتعلقة بخلفيات جهود أليستر كروك وجورج ميتشل في الشرق الأوسط فإن اللوبي الإسرائيلي بادر إلى إجهاض هذه الجهود عن طريق توجيه الضربة الاستباقية مخافة أن تتطور الجهود بشكل لا يمكن السيطرة عليه خاصة وأن مجرد التفاهم والحوار مع سوريا وحزب الله وإيران وحركة حماس أصبح ينطوي على تهديد ينذر بالخطر ضد إسرائيل.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة