من يشكل الائتلاف الحقيقي ضد داعش ؟
الجمل- * ستيفن ماك ميلان- ترجمة: رندة القاسم:
مع حشو الصحف الغربية يوميا بتقارير عن حرب الائتلاف، بقيادة الولايات المتحدة، ضد الدولة الاسلامية (داعش) في الشرق الأوسط، يبدو من المهم الإشارة إلى الطبيعة المضللة لما يسمى الحرب ضد داعش. فالجيش السوري و حزب الله و الحرس الثوري الايراني القوى الأساسية التي تقاتل ضد هذه المجموعة التي خلقها الغرب منذ بدء الحرب بالوكالة على سوريه، اضافة الى مشاركة قوية من قبل الجيش العراقي و فصائل من الحكومة اللبنانيه.
و طالما كانت روسيا ثابتة في محاربتها الإرهاب الدولي و دعمها للقوى التي تقاتل بشكل فعال ضد المجموعات المتمردة ، مع وجود تقارير تشير الى أن القوات الخاصة الروسيه كانت فاعلة في سوريه لتوجيه عمليات مكافحة الارهاب. و مرارا و تكرارا أكد وزير الخارجية الروسي سيرجيه لافروف الدعم لائتلاف ضد داعش، على أن يكون مفوضا من قبل مجلس الأمن في الأمم المتحدة و بالتوافق مع القانون الدولي. هذه هي القوى التي تشكل المقاتلين الحقيقيين ضد داعش، لا الائتلاف ذو القيادة الأميركية، و الذي يعتبر موقفه تجاه داعش موضعا للشك مع استمراره بتمويل المجموعة التي يدعي أنه يحاربها.
و قال ممثل القوات الجوية الإيرانية : "ادعت الولايات المتحدة و ما يسمى الائتلاف ضد داعش بأنهم شنوا حملة على هذه المجموعة الإرهابية و المجرمة، بينما كانوا يمدونها بالسلاح و الطعام و الدواء في منطقة جلاولا (بلدة في محافظة ديالا في العراق) ما يشير بوضوح الى زيف الائتلاف و ادعاءات الولايات المتحدة الأميركيه" .
و يذكر أن ايران نفسها شنت ضربات جوية ضد مواقع داعش ،خارج اطار الائتلاف ذي القيادة الأميركية، في كانون الأول 2014، ما يؤكد سياسية ايران الثابتة في محاربة المتمردين الممولين من الغرب. و منذ سنوات و طائرات الحكومة السورية الحربية تقوم بقصف مواقع لداعش مع كون نظام الأسد يقاتل ضد مجموعات إرهابية ذات رعاية غربية منذ 2011.
ذكر قائد قوة المتطوعين الايرانية أن سفارة الولايات المتحدة في بغداد قاعدة قيادة لداعش، و أن الولايات المتحدة لازالت تدعم مباشرة المجموعة الارهابية: " تدعم الولايات المتحدة مباشرة داعش في العراق، و تلقي الطائرات الأميركية لها المساعدات اللازمة و السلاح ". و عزز الأمر الأخبار القائلة بأن الولايات المتحدة ألقت من الجو أسلحة الى مقاتلي داعش، تتضمن معونات طبية و قنابل يدوية و ذخيرة حربية و أسلحة أخرى. ، مدعية أن هذا غير مقصود نتيجة لخطأ في تحديد منطقة الرمي.
كشف أسير باكستاني من قادة داعش أنه تلقى أموالا نقلت عبر الولايات المتحدة من أجل قيادة عملية لداعش في باكستان تقوم بتجنيد متمردين للقتال ضد النظام السوري. انتقد رئيس المجلس الاسلامي الأعلى في العراق عمار الحكيم الائتلاف بقيادة الولايات المتحدة على موقفه المنافق تجاه داعش، و أكد بأن قوى الائتلاف لم تلعب دورا بارزا في مناطق "حيوية" ذات أهمية استراتيجيه بالنسبة للمجموعة الإرهابية.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عارض الضربات الجوية في سوريه ضد داعش دون موافقة الحكومة السوريه، و أكد وزير الخارجية الروسي لافروف أن استخدام القوة دون اذن الحكومة السوريه مخالف للقانون الدولي.و أشار لافروف أيضا بأنه ان أراد الائتلاف حقا هزيمة داعش فعليه التعامل بشكل كامل مع الجيش السوري و حزب الله و القوات الايرانية الأمر الذي سيضعف داعش بشكل دراماتيكي خلال أسابيع، و لكن الأمر يتعلق بتغيير النظام في سوريه تحت ذريعة محاربة مجموعة ارهابية، و لا يتعلق بالتخلص فعليا من المجموعة.
و وفقا للتقارير يوجد تعاون محدود جدا بين إيران و الائتلاف ذي القيادة الأميركية (في حال وجد)، مع وصف الرئيس الإيراني حسن روحاني الائتلاف المعادي لداعش بال"النكته" لأنه يضم دولا رعت النشاطات الارهابيه. و داعش سوف تزول بعد أن تخدم مصالحهم، أو في حال انقلاب اللاعبين الإقليميين ضد الأجندة نتيجة انعدام الاستقرار السياسي.
حسن نصر الله، قائد حزب الله، شخصية بارزة أخرى شجبت الائتلاف و اعتبره حجة للهيمنة الأميركية على المنطقة. و في مقال نشرته Times of Israel تحت عنوان :"حزب الله يشجب الضربات الجوية على الدولة الاسلامية بقيادة الولايات المتحده" ورد أن نصر الله قال: "نحن ضد الائتلاف الدولي سواء كان ضد النظام أو ضد داعش.. انه فرصه، ذريعة، للأميركيين من أجل السيطرة على المنطقة ثانيه".
صعود داعش نتيجة مباشرة للسياسية الغربية الخارجية في المنطقة التي قدمت التسهيلات و المال و التدريب و السلاح لهذه المجموعات من العصابات الإرهابية لسنوات، اما مباشرة أو عبر قنوات اقليمية (متمثلة بالسعودية و قطر). و هدف داعش الأساسي اسقاط نظام بشار الأسد لصالح قوى الناتو و حلفائهم الاقليميين مثل اسرائيل (و التي تعرف أيضا بالقوة الجوية للقاعدة).
وزير الخارجية الفرنسي السابق رولاند دوما كشف بأنه تم التخطيط للحرب في سوريه قبل عامين على الأقل من اندلاع العنف، و ذكر أيضا أنه اجتمع في المملكة المتحدة مع "مسؤولين بريطانيين رفيعي المستوى" للبحث في امكانية مشاركته في تنظيم غزو للمتمردين في سوريه" ، و رفض دوما المقترح. و رفع مندوب سوريه في الأمم المتحدة، بشار الجعفري، شكوى حول قيام السيناتور الأميركي جون ماكين بالدخول بشكل غير شرعي الى سوريه في حزيران 2013 في انتهاك لسيادة الدولة من أجل اللقاء مع متمردين سوريين ، و التقطت صور لماكين و هو يتحدث مع ما يسمى خليفة داعش، ابراهيم البدري و المعروف أيضا بأبو بكر البغدادي.
الأردن هي الدولة الأخيرة التي انضمت لهذا الائتلاف الكاذب، و هي من الدول التي سهلت صعود داعش عبر السماح بان تستخدم أراضيها من قبل قوات الناتو لتدريب المقاتلين من أجل الحرب في سوريه. و يبدو أنه من أجل الانضمام للائتلاف الذي تقوده الولايات المتحده في حربها ضد داعش، عليك أن تكون أولا متورطا في دعم صعود و نمو هذه المجموعة. و أشار ستوارت ج. هوبير في مقال له نشر في 21st Century Wire الى أن الحكومة الأردنيه قد تكون مشاركة في تدريب مقاتلي داعش ذاتهم الذين أحرقوا طيارها حيا.
على الأرض تدور حرب حقيقية بين قوات الائتلاف و داعش أودت بحياة جنود من الائتلاف، و لكنها حرب مصنعة حيث يسيطر الإستراتيجيون الكبار في الناتو على طرفي الصراع. بلغت كلفة الجانب الصريح من هذه العملية، الواقعة على عاتق دافعي الضرائب الأميركيين من الثامن من آب 2014 حتى الثلاثين من كانون الثاني الماضي، 1،5 مليار دولار (أي 8،4 مليون دولار يوميا) وفقا لوزارة الدفاع الأميركية، و مع ذلك تذهب أموال أكثر في بالوعة هذه الحرب المزيفة. و يمكن أن توفر الولايات المتحد على نفسها ثروة كبيرة و الكثير من سفك الدماء لو أنها ببساطة توقفت عن تمويل و خلق ارهابيين مخبولين في المقام الأول.و لكن بالطبع الصناعة العسكرية ستكون أقل ثراء لو حصل هذا، اضافة الى انعدام الحجة لوجود دولة مشرفة في الغرب .
و من الصعوبة بمكان معرفة الى متى سيستمر الائتلاف الذي تقوده الولايات المتحدة باتباع هذه السياسة المنافقة ضد داعش، و لكن مع قيام معظم وسائل اعلام التيار الرئيسي بالمشاركة في نشر كذبة الائتلاف المعادي لداعش، فاني لن ألتقط أنفاسي أبدا...
*كاتب مستقل و باحث و محلل جيوسياسي
عن مجلة New Eastern Outlook الالكترونيه
الجمل
إضافة تعليق جديد